واشنطن: يجد دونالد ترامب نفسه تحت وابل من الانتقادات من مقاتلين قدامى في الجيش الأمريكي لـ”تخليه” عن الأكراد حلفاء أمريكا، بسحب قواته من شمال سوريا، ما أفسح المجال لأنقرة لشن هجوم عليهم.
وأطلقت تركيا الأربعاء هجوما بعد ساعات على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن “خمسين جنديا أمريكيا غادروا” المنطقة السورية الحدودية مع تركيا، ما ظهر بمثابة تراجع عن دعم الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة تهديدا لها.
واتهم القائد السابق للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال جوزف فوتيل الرئيس الأمريكي بالتخلي عن حلفاء يشكلون القسم الأكبر من قوات سوريا الديموقراطية التي كان دور حاسم في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
وكتب الجنرال الذي تقاعد هذا العام “سياسة التخلي هذه قد تقضي على معركة دامت خمس سنوات ضد تنظيم الدولة الإسلامية وستضر فعليا بمصداقية الأمريكيين في كل المعارك المقبلة التي سنحتاج فيها إلى حلفاء أقوياء”.
وذكر في مجلة “ذي أتلانتيك” بأن “قوات سوريا الديموقراطية حررت عشرات آلاف الكيلومترات المربعة وملايين الأشخاص من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية. وخلال هذه المعارك خسرت 11 ألفا من مقاتليها”.
وأشار الى مقتل ستة جنود وموظفين مدنيين أمريكيين اثنين في هذه المعركة.
وأعلن دونالد ترامب منذ زمن أنه يريد إنهاء التدخل الأمريكي في سوريا. وأكد أيضا أن بلاده لا تستطيع التحكم بالحقد القائم بين الأتراك والأكراد.
وألمح الأربعاء إلى أنه ساعد الأكراد بما يكفي بإنفاق “مبالغ كبيرة” لتزويدهم بالسلاح. وأضاف: “نحن نحب الأكراد”.
ورغم حجج الرئيس، اعتبر القائد السابق للقوات البرية الأمريكية في أوروبا مارك هرتلينغ أن قرار دونالد ترامب “ينذر بكارثة مقبلة على الولايات المتحدة”.
وكتب على تويتر: “الأكراد ضمن قوات سوريا الديموقراطية – حلفاؤنا السابقون الموثوقون في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية – يتعرضون لهجوم من تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي”.
وأضاف: “العواقب على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ستدوم طويلا وستكون على حساب أمان أوروبا والعالم”.
وقال مسؤولون في البنتاغون إن الأكراد كانوا مدربين بشكل أفضل من الجنود الأتراك أو العراقيين مثلا لشن حملات لاستعادة مدن مهمة كانت بأيدي تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال النائب الديموقراطي روبن غاليدو المحارب السابق في العراق “عندما انهار الجيش العراقي، كان الأكراد من وقفوا في وجه هجوم تنظيم الدولة الإسلامية على حضارتنا، لم نواجههم نحن ولا الأتراك”.
وتابع في تغريدة على تويتر: “التخلي عن الأكراد تذكير آخر بأن (أمريكا أولا) تعني (أمريكا وحدها)”.
وأقام البعض مقارنة مع الحروب السابقة التي تخلى فيها الأمريكيون عن حليف ليجد نفسه منفردا في مواجهة تحديات، منها حكومتا لاوس وجنوب فيتنام في السبعينات.
ورأت السناتورة الجمهورية مارثا ماكسالي الطيارة السابقة في سلاح الجو الأمريكي التي خدمت في الشرق الأوسط في ست مهام، أن القرار بإفساح المجال لتركيا لشن هجوم “سيء جدا”.
وصرحت لإذاعة “فوكس”، “قوات سوريا الديموقراطية وحلفاؤنا الأكراد هم من دفع ثمنا باهظا. هم الذين أطاحوا بخلافة” تنظيم الدولة الإسلامية.
ورغم كل شيء، يدعم البعض في المؤسسة العسكرية الرئيس في رغبته سحب القوات الأمريكية من نزاعات لا تنتهي.
وقال دان كالدويل من لوبي “كونسرند فيتيرانز فور امريكا” إن ترامب يرغب فقط في وضع مصالح بلاده أولا.
وصرح: “ليس من مصلحتنا أن نجد أنفسنا وسط نزاع قديم بين تركيا وأكراد سوريا كان موجودا قبل تنظيم الدولة الإسلامية والحرب الأهلية في سوريا”. (أ ف ب)