الناصرة ـ ‘القدس العربي’ نقلت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية باللغة العبرية، عن مصدر أمني في تل أبيب قوله إن الجيش وأجهزة الأمن في الدولة العبرية، يقومون عن كثب بمتابعة التطورات الجارية في مصر، وتحديدا في شبه جزيرة سيناء، على حد تعبيره.
وتابع المسؤول عينه قائلاً إن التنسيق مع الجيش المصري وأجهزة الأمن المصرية، ما زال مستمرا، مشيرا إلى أن التحدي المتمثل الآن أمام الجيش المصري هو محاربة تنظيمات الجهاد العالمي، والتي زادت نشاطاتها في الأسبوع الأخير بسيناء، لافتًا إلى أن التقديرات تشير إلى أن الجيش المصري سيتصرف بشكل حاسم لاستعادة النظام وتثبيت الاستقرار في سيناء، على حد وصفه.
وبحسب المسؤول عينه، فإن ما حدث في مصر، أي عزل مرسي من الرئاسة، هو ضربة مؤلمة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وقدر أنْ تواصل حركة حماس الحفاظ على الهدوء خدمةً لمصالحها.
على صلة بما سلف، نقلت صحيفة ‘معاريف’ العبرية عن مصادر أمنية في تل أبيب وصفتها بأنها رفيعة للغاية قولها إن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية قامت بتركيب الخطوط العريضة لشخصية عبد الفتاح السيسي، قبل عدة أشهر ومن ملامحها الأساسية أنه بارد الأعصاب، وطني مصري مخلص، يعرف كيف ومتى يتخذ القرارات وقائد، لافتةً إلى أن الجنرال المصري ليس معروفًا للجمهور في إسرائيل، ولكن بموازاة ذلك، فهو معروف لقسم كبير من جنرالات جيش الاحتلال وقادة إسرائيل العسكريين، وذلك منذ إشغاله منصب قائد المخابرات الحربية، على حد قول المصادر عينها.
وساقت الصحيفة العبرية قائلةً إنه لم يهبط على منصب القائد العام كشهب جاء من السماء بل جاء من أسفل السلم العسكري حيث تربى داخل مؤسسة الجيش وتدرج على سلمها وصولا لهذا المنصب الأرفع والأعلى، وبدأ حياته في قوات المشاة وتدرج ليصل في سن الـ 58 عاما إلى منصب قائد القوات المسلحة ووزير الدفاع بعد أنْ عينه في هذا المنصب الرئيس السابق محمد مرسي ذاته ليحل مكان طنطاوي، الذي سبق له وأنْ اعتبر السيسي مؤيدًا ومتعاطفًا مع الإسلام السياسي، وبشكل خاص مع الإخوان المسلمين، ولكن المعطيات الجديدة، أضافت الصحيفة العبرية، أكدت على أنه أولاً هو إنسان وطني، قبل أنْ يكون صاحب أي موقف سياسي.
وتابعت الصحيفة قائلةً، نقلاً عن المصادر عينها، إنه بحسب التقديرات الإسرائيلية لو قُذر لمرسي أن يبقى فترة أطول في الحكم لأطاح بجميع جنرالات الجيش المصري ولأصدر قانون يتماشى مع قناعاته، كما أنه لم يكن يتورع عن تأسيس ديمقراطية على غرار ديمقراطية حماس في غزة، مشددةً على أنه عاجلاً أمْ أجلاً، كان سيتحدى اتفاقية السلام مع الدولة العبرية، وطالب بتعديل بنودها، ولم تستبعد التقديرات الإسرائيلية أنه كان سيذهب إلى أبعد من ذلك، ويقوم بالمطالبة بإلغائها، وبالتالي فإنه من هذه الناحية، تابعت المصادر، لا يوجد لإسرائيل سببًا حقيقيا واحدا يجعلها تأسف على ذهاب مرسي وسلطة الإخوان المسلمين، مع ذلك، لفتت إلى أن السؤال الأهم الذي خيم على مكاتب القيادة العامة للجيش الإسرائيلي في تل أبيب هو من سيحل مكان الإخوان المسلمين في الحكم؟ ولكن الجيش الإسرائيلي أوْ الأجهزة الأمنية لم تتجرأ على إعطاء الجواب مبررة ذلك بأن الوضع في مصر معقد ومُركب للغاية، على حد قول المصادر.
وساقت الصحيفة قائلةً إن الانطباع القاطع لدى كبار القادة العسكريين والأمنيين في تل أبيب هو أن السيسي يتمتع بعامود فقري منتصب، وهو تعبير عبري يستخدم للدلالة على الصلابة والحسم، مشيرةً إلى أنه شخصية لا تعرف التردد ولا يخاف مطلقًا المواجهة حتى مع مرسي نفسه، والجيش المصري تحت قيادته، وبموافقة مرسي حافظ على علاقات تنسيق مقبولة ووثيقة مع إسرائيل طيلة العام الماضي، وهو التنسيق الذي اعتبرته الدولة العبرية أفضل مما كان عليه في عهد مبارك. وشددت المصادر عينها على أن الأيام والأسابيع الماضية كانت حاسمة بالنسبة لمصير مصر، لكن في تل أبيب يرون الصورة بكاملها من الثورات المتتالية في مصر والإحداث الجارية في وسورية وليبيا وتونس واليمن وصولاً إلى المظاهرات الأخيرة في تركيا ضد رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، والخطر المحدق بالنظام الأردني، وهذه الأحداث تُعتبر وفق التقييمات الإسرائيلية جزءا من الصورة الكاملة التي ستميز المنطقة، غير المستقرة أساسا.
ولفتت الصحيفة العبرية إلى أن جميع الأبحاث والدراسات الإسرائيلية التي نُشرت خلال العام الجاري وما قبله أكدت أن حالة عدم الاستقرار ستستمر عقدًا كاملاً، وفي بعض الأحيان، فإن هذه الأمور قد تجلب للدولة تطورات ايجابية منها على سبيل الذكر لا الحصر، ضعف الرئيس الأسد، وسقوط الإخوان المسلمين في مصر، ولكن بموازاة ذلك، قالت المصادر الأمنية في تل أبيب، إن المخاطر أيضا موجودة، منها أن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط أدى إلى تخفيف الضغط الدولي عن إيران، التي ترفض التنازل عن برنامجها النووي.
وخلصت ‘معاريف’ العبرية إلى القول إنه في ظل أجواء الفوضى العارمة السائدة إقليميًا يمكن وصف إسرائيل بجزيرة مستقرة أو جزيرة الاستقرار، لكنها استدركت مذكرة بما كان قد صرح به قبل حوالي الشهر الجنرال أمير أيشيل، قائد سلاح الجو الإسرائيلي، الذي قال إن الحرب قد تندلع في كل لحظة، وهناك خطر داهم وحقيقي في المنطقة الشمالية حيث هددت سورية بمهاجمة إسرائيل إذا ما شنت هجمات أخرى ضدها، على حد تعبيره.
من ناحيته، رأى المحلل لشؤون الشرق الأوسط في إذاعة الجيش الإسرائيلي، جاكي حوغي أن عزل مرسي ليس قضية شخصية، ذلك أنه ممثلاً للمؤسسة الدينية برمتها، وممثلو هذه المؤسسة الرئيسيين هم جماعة الإخوان، الذين بحسبه توصلوا لاتفاق غير معلن بعد عزل مبارك مع الجيش، بموجبه يتم تقاسم السلطة، وبحسب هذا الاتفاق فقد تم فصل السلطات، حيث تولى الجيش مهمة إدارة الشؤون الأمنية والخارجية، في ما مُنح الإخوان رئاسة الجمهورية، ولكن الخلافات بينهما تفاقمت، وما كان السيسي ليقدر على عزل مرسي قبل سنة، لأن الإخوان كانوا يتمتعون بشعبية واسعة، وخلص المحلل حوغي إلى القول إن مرسي اختفي، ولكن الإخوان ما زالوا موجودين، وهذه الحركة ستُواصل وبجرأة تحدي النخب السياسية في مصر، ذلك أن صراع العمالقة بين المؤسسة الدينية وبين المعسكر الأخر بدأ قبل نحو 100 عام، وما زال مستمرًا وسيبقى مستمرًا في المستقبل، على حد تعبيره.
هذه فرصة العمر لاستئصال شأفة عصابة حماس الارهابية