القاهرة ـ «القدس العربي»: تخترق ذاكرة ملايين العرب والمسلمين هيئة البطل الفلسطيني محمد الضيف، إذ تقارن الجماهير بين المجاهد الذي تقول إسرائيل إنه بعين واحدة وساق واحدة، وحكام يملؤون الدنيا ضجيجا ولا نشاط يذكر لديهم سوى التجسس على شعوبهم وإحصاء أنفاسهم على مدار الساعة.
أعاد محمد الضيف الاعتبار للمدرسة العسكرية العربية، وأعاد للأذهان سير البطولات التي حدثت في صدر الإسلام والتابعين، وعقد خطباء مقارنة بين محمد الضيف ورموز من الصحابة أبلوا بلاء حسنا في المعارك الكبرى، ومن هؤلاء عمرو بن الجموح الصحابي الذي كان أعرج شديد العرج، لكنه أصر على المشاركة في موقعة أحد، رغم رفض أولاده وقال النبي صلى الله عليه وسلم عقب استشهاده: “كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنّة) رواه أحمد وحسنه الألباني في كتابه “أحكام الجنائز”. ومن تجليات “طوفان الأقصى” عودة الاعتبار للجهاد في سبيل الله وتضافر الشعور الجمعي بالمسؤولية في تحرير فلسطين ووسم المهرولين والمطبعين بسمات الخيانة لقضية المسلمين والعرب الأولى. وقال طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، إن المقاومة الفلسطينية في عملية “طوفان الأقصى” استلهمت روح نصر 6 أكتوبر وعبور جيش مصر العظيم. وردّ عما إذا كانت المقاومة تتوقع هذا الرد العنيف من قبل الاحتلال، موضحا أن الاحتلال عوَّد الفلسطينيين على القتل والإرهاب، سواء في غزة أو الضفة الغربية منذ ما قبل عملية طوفان الأقصى. وأشار إلى أن المواطن الفلسطيني كان يموت إما بالقصف أو الحصار. وشدد على أن المقاومة قالت كلمتها واختارت الموت عن طريق المواجهة، مؤكدا أن الكلفة المؤلمة التي يتكبدها الفلسطينيون ستكون ثمنا للتحرر. ولفت إلى نماذج إقليمية تاريخية مثل مصر والجزائر، تكبدت فيها شهداء كُثرا من أجل الوصول إلى التحرُّر.
وقال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إن الأزهر حريصٌ على استضافة الطلاب الوافدين ويوفِّر لهم الرعاية الكاملة التي تساعدهم على تحصيل العلوم والمعرفة في أروقة المعاهد والجامعة الأزهرية، مشيرا إلى أن الأزهر يخصِّص 267 منحة دراسية لطلاب إندونيسيا، ولديه ما يقارب 12 ألف طالب وطالبة إندونيسيين يدرسون في مختلف المراحل التعليمية في الأزهر الشريف. وأضاف فضيلته خلال استقباله الشيخ حسن عبد الله سهل رئيس مؤسسة معهد السلام التعليمية في كونتور في إندونيسيا، والدكتور أحمد محمد تيجاني رئيس مؤسسة الأمين الإسلامي التعليمية في رندوان مادورا في إندونيسيا، أن الأزهر يعتز بعلاقاته التاريخية المتينة مع إندونيسيا؛ علماء وباحثين وطلابا، وأنَّه يعول على طلابه وخريجيه الإندونيسيين لنشر منهجه الوسطي المستنير في إندونيسيا ودول جنوب شرق آسيا بشكلٍ عام، وأن هؤلاء الخريجين هم قوة الأزهر الناعمة وسفراؤه في إندونيسيا. ومن التقارير الاجتماعية: قال نادي نجيب سكرتير شعبة الذهب في الغرفة التجارية سابقا، إن أقل سعر للشبكة في مصر في الوقت الحالي في حدود 20 إلى 30 ألف جنيه، وهي عبارة عن دبلة ومحبس فقط، أما إذا كانت الشبكة متوسطة فتتجاوز الـ70 ألف جنيه. وكشف عن أن عدد المقبلين على شراء شبكة في الفترة الأخيرة بسيط للغاية مع ارتفاع سعر الغرام منه، فمتوسط سعره حاليا هو 2200 لعيار 21، والبعض أصبح يلجأ لبدائل للذهب مثل الفضة أو الذهب الصيني أو شراء أثاث للبيت.. ومن أخبار الراحلين: توفيت ناهد الصباح الإعلامية في قطاع الأخبار في ماسبيرو، إثر حادث أليم. وكان آخر منشور للإعلامية ناهد الصباح، كتبته على صفحتها على “فيسبوك”: “صباح الخير، قولوا يا رب، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا”.
السيسي غاضب
وفقا لمحمد أبوبكر في “مصراوي”، كشف مجدي الجلاد رئيس تحرير مجموعة أونا للصحافة والإعلام عن الأسباب الحقيقة لحزن وغضب الرئيس السيسي في قمة “القاهرة للسلام”، إن الإجابة عند الجميع بأن كلمات الزعماء والوفود الغربية في القمة جاءت صادمة، وإن كانت مُتسقة مع موقفهم المعلن، وعدم الاتفاق حول صدور بيان ختامي عن هذه القمة كان أحد الأسباب. أكد الجلاد، أن هناك حالة قلق شديدة لدى القيادة المصرية بناء على معلومات مؤكدة توفرت للدولة المصرية في الملف الحالي للحرب الدائرة في غزة، والمعلومات نقلا عن مصدرين بارزين حول ما وصل لمصر من معلومات، وتتمثل في رفض مصر بشكل تام على لسان رئيسها تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وجزء منهم إلى الأردن، وكانت مصر واضحة في رفضها وأسبابها معروفة للجميع. وأشار إلى أن ما يحدث في الإدارات الغربية بزعامة وقيادة أمريكا، هو ما يثير قلق القيادة المصرية ولا بد أن يثير قلقنا جميعا، وأن نتخذ وقفة واحدة كشعب، موضحا أن هناك خطة سرية توافق عليها البيت الأبيض مع دولة الاحتلال، والإدارة البريطانية وأوروبا، وهي أنه إذا كانت مصر قد رفضت التهجير المؤقت طوعا، فليكن قسرا. وقال الجلاد إن الخطة تعتمد على الاجتياح البري للكيان الصهيوني لغزة يكون عنيفا حتى يؤدي لتهجير أكبر قدر ممكن من المدنيين من غزة نحو سيناء، وبالنسبة لهم ذلك يعني وضع مصر أمام موقف صعب جدا على أرض الواقع، بأن الأحداث التي تحدث في الميدان تقود إلى الهدف نفسه الذي كانوا يرغبون به “طواعية، أو بالاتفاق”. وأضاف الجلاد: “المحور الثاني يضمن عدم جر مصر إلى حرب أو مواجهة حقيقية مع إسرائيل؛ لأن خسائرها فادحة على الجميع؛ ولأن مصر ليست أي دولة أو أي جيش، والمحور الثالث، استغلال الأزمة الاقتصادية الحادة في مصر؛ للضغط عليها لقبول الأمر الواقع، مع مميزات وإغراءات خاصة بالديون وغيره. وأوضح أن هناك دولة عربية ثالثة تمتلك إمكانيات وموارد مالية كبيرة كانت من ضمن الدول التي تحاول الضغط على مصر الأيام الماضية للقبول بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء مع منحها مميزات مالية واقتصادية كبيرة.
النغمة المطلوبة
لم يصدق كارم يحيى في “المشهد” أن تصل الأمور حد اعتقال شباب مصري خرج للتضامن مع غزة وكل فلسطين، في مواجهة محرقة التطهير العرقي الصهيونية الجديدة. وهل كان يرد على البال أو الخاطر أن يجري رسميا أو ما أشبه، استدعاء المصريين وغضبهم المقموع للنزول للشوارع بعد تلويح رئيس الدولة بالملايين في حضور المستشار الألماني. ثم يجري اعتقال العديد من الشباب من الشوارع أو بيوتهم في الفجر، لأنهم في نظر جهة أو جهات ما لم يلتزموا “بالنغمة المطلوبة”. لست في حاجة لأقول كغيري من صحافيين ومراقبين داخل مصر وخارجها إنه بئس محاولة استغلال غضب المصريين لأشقائهم من أجل أهداف أخرى دعائية داخلية. وكأنها لا سمح الله فرصة جاءت فوق طبق من دماء الأطفال الفلسطينيين كي يتبارى منافقو كل سلطة وحاكم في حشد الناس كالقطيع في خدمة “دولة الشخص”، وعبر مشاهد وقاموس ينفر الإنسان الحر، ومثل هذه الأفاعيل لا يعرفها إلا تاريخ النظم الديكتاتورية والفاشية، ولا تنطلي على عاقل هنا أو في الخارج كونها مسرحية رديئة الإخراج والتمثيل، تسيء إلى مصر الدولة والشعب، ولنضال ممتد ضد الصهيونية وإسرائيل، منذ نهاية القرن التاسع عشر. وأيضا لدماء شهدائنا مدنيين وعسكريين على أيدي آلة إرهاب الدولة الإسرائيلية. خروج المصريين من أجل آلام ونضالات الشعوب، خاصة العربية وشعب فلسطين، وضد التطبيع وأي اتفاقات مع الكيان الصهيوني أو لصالحه، كانت وتظل وفي الأساس عفوية، أكبر من أي سلطة أو حاكم أو هيئة سياسية أو دينية، وأرقى من أي حسابات سياسية مصلحية شخصية أو جماعية.. وبروباغندا متخلفة مفضوحة. أفرجوا عن أبنائنا، وكفى ما قد تمنحونه لأعدائنا من مبرر للإيغال في دمنا وحقوقنا والسخرية منا، وهم يقولون: “انظروا أولا.. كيف يعاملهم حكامهم ويعتدون عليهم؟ وشكرا أنهم يعملون على حمايتنا منهم”. وللأسف، بدلا من الإفراج عن الآلاف من أبناء مصر من معتقلي وسجناء الرأي المشهود لهم بإسهاماتهم من أجل قضية فلسطين وإغاثة شعبها ومكافحة إسرائيل والتطبيع معها، ينضم إليهم آخرون من الشباب الوطني على هذا النحو وفي هذا السياق. وبدلا من اتخاذ خطوات عملية ممكنة لنصرة غزة وفلسطين، ننزلق إلى هذه التطورات الداخلية المحزنة.
عار بايدن
من المهازل بالغة الفجاجة والوقاحة وفق رأي محمد بركات في “الأخبار” أن تتقدم الولايات المتحدة الأمريكية لمجلس الأمن بمشروع قرار يطالب المجلس، بالنص على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.. في الوقت ذاته الذي تمارس فيه إسرائيل أبشع عمليات القتل والإرهاب ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتقتل في كل يوم المزيد من الأطفال والنساء والشيوخ، دون رادع أو مانع. ومن الواضح أن السبب والدافع وراء الإقدام الأمريكي على هذه الخطوة بالغة الفجاجة والاستفزاز، هو السعي الأمريكي لإعطاء إسرائيل مشروعية رسمية بقرار دولي من مجلس الأمن، يحميها ويحصنها ضد أي محاولة عربية أو غير عربية لإدانتها على ما تقوم به من أعمال وممارسات عدوانية على الفلسطينيين وما ترتكبه من جرائم ضد المدنيين في الأراضي المحتلة. وللأسف لم يعد هناك مجال كبير أو صغير للشك في الاستعداد الكامل من جانب الولايات المتحدة للإقدام على أي عمل يؤكد دعمها الكامل والتام لإسرائيل، حتى لو كان هذا العمل يثير الاستهجان والرفض والدهشة أيضا من كل الدول العربية أو غيرها. وقد ظهر هذا جليا وسافرا خلال المواقف الفجة التي قامت بها الولايات المتحدة لإظهار وتأكيد انحيازها التام للكيان الصهيوني منذ بدأ العدوان الغاشم على غزة من خلال الهرولة المتسارعة من جانب كل القيادات الأمريكية لإعلان ذلك الانحياز. وأحسب أن نظرة مدققة لما قام به الرئيس الأمريكي نفسه، وحرصه الشديد لإعلان التأييد التام لإسرائيل ووقوفه معها ودعمه لما تقوم به وما ستقوم به من هجوم وغزو واجتياح وتدمير لغزة وإبادة لأهلها، تعطينا فكرة واضحة عن الموقف الأمريكي وحقيقته وأهدافه غير الخفية، بل المعلنة في سفور تام. وفي هذا السياق أحسب أيضا أن في المواقف العملية الواضحة التي اتخذتها الولايات المتحدة منذ بدء اشتعال الموقف في غزة من الاستنفار التام للقوات الأمريكية في البحر والجو، والقواعد الأمريكية في الشرق الأوسط، وإرسالها العاجل للبوارج وحاملات الطائرات إلى منطقة البحر المتوسط، لدعم ومساندة إسرائيل وتوفير الحماية لها، دليلا واضحا لا يحتاج إلى تأكيد على مدى وعمق الانحياز الأمريكي لإسرائيل، الذي كان ولا يزال حقيقة مؤكدة، يجب أن تكون دائما معلومة وواضحة لنا ونحن نسعى لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة العربية والشرق أوسطية.
في خدمة الكيان
مع دخول الحرب في غزة أسبوعها الثالث، تستعد إسرائيل للدفع بقوات الاحتياط لبدء الهجوم البري، بعد أن تأخذ الضوء الأخضر من الرئيس الأمريكي جو بايدن؛ خاصة بعد أن أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أن الرهائن (240 رهينة) لن تمنعنا من الاجتياح فعلينا أن نعتبرهم شهداء. تابع عبد العظيم الباسل في “الوفد”: خلال هذا التوقيت يدور في أروقة مجلس الأمن طلب أمريكي بإصدار مشروع قرار يحظى بأغلبية (9 من 15) يعطي لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها؛ لتبرير استمرار عدوانها على قطاع غزة انتقاما من قتلة النساء وقاطعي رؤوس الأطفال كما أشيع من قبل الإعلام الإسرائيلي الكاذب. والغريب أن يأتي ذلك بعد أن رفض مجلس الأمن القرارين الروسي والصيني؛ بالوقف الفوري لإطلاق النار حماية للمدنيين، بينما يستعد للموافقة على القرار الأمريكي، ويبارك ذلك ويدعمه موقف معظم الدول الغربية؛ التي حضرت مؤتمر القاهرة للسلام حين طالبت معظمها بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؛ وتناست أن هذا الدفاع يكون مشروعا إذا كان عن أرضها وليس خارج حدودها ضد شيوخ وأطفال ونساء على أرض غزة. في الحقيقة أن تسييس المنظمات الدولية بدا واضحا بسوء استخدام حق (الفيتو) لتعطيل وقف إطلاق النار، والسماح بالتصعيد الإسرائيلي؛ من خلال الدعم الأمريكي السياسي والعسكري والاقتصادي لإلصاق تهمة الإرهاب بجميع فصائل المقاومة الفلسطينية. إن الغطرسة الأمريكية لن تستمر طويلا في ظل ازدواجية معايير القرار الأمريكي؛ حين يعتبر حق الإسرائيلي مقدسا، بينما الفلسطيني ليس له الحق في الحياة يرفض ذلك شباب الحزب الديمقراطي، ومعهم الكثير من الأمريكيين الذين بدأوا يتساءلون عن جدوى دعم إسرائيل بـ13 مليون دولار يوميا؟ كما تناول ذلك العديد من الكتاب ومن أبرزهم توماس فريدمان؛ الذي أكد أن بايدن ذهب إلى تل أبيب؛ ليثبت للوبي اليهودي في واشنطن أنه يدعم إسرائيل، ولا يطالب بإيقاف الحرب. وتبقى الرؤية الصائبة في خريطة الطريق الآمنة التي طرحها الرئيس السيسي ولخصها في لاءات ثلاث: لا للتهجير.. لا لاستهداف المدنيين.. لا تفريط في الأمن القومي المصري؛ وباختصار شديد لا لتصفية القضية الفلسطينية.
نوايا خبيثة
لكي يضمن الرئيس الأمريكي بايدن تمرير الكونغرس لما يريد من ميزانية استثنائية لتمويل الحرب، جمع بين إسرائيل وأوكرانيا في اقتراحه الذي يصل إلى رصد أكثر من مئة مليار دولار منها وفق ما أكد جلال عارف في “الأخبار” أكثر من 14 مليارا لإسرائيل ليحصل على موافقة الجمهوريين لكن السؤال سيبقى: وهل ستكون «حرب الإبادة» التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين أقل فشلا؟ وهل سيكون الثمن الذي تدفعه أمريكا بسبب انحيازها لإسرائيل ومشاركتها في المسؤولية عن هذه الحرب أقل من ثمن الفشل الأمريكي الممتد في كل حروبها الحديثة.. من فيتنام إلى العراق وأفغانستان والبقية تأتي في فلسطين، نقول ذلك ونحن ندرك أن ما يجري من تآمر سيكون مجاله أكبر من فلسطين، وسيشمل المنطقة كلها. فليس منطقيا أن تحشد أمريكا حاملات طائراتها والآلاف من جنودها وتستنفر كل قواعدها العسكرية في المنطقة، وكل حلفائها شرقا وغربا.. لكي تحمي إسرائيل «النووية»، من «حماس»؟ هذا استهزاء بالعقول. فلا يمكن لأمريكا أن تغامر بأن تكون شريكا فاعلا على الأرض في حرب تكلفها الكثير ماديا وعسكريا، إلا إذا كان هناك هدف تراه أساسيا لتعزيز وجودها في المنطقة ونفوذها في العالم. قيادات إسرائيل المهزومة سياسيا وعسكريا تقول إنها ستغير خريطة الشرق الأوسط طبعا.. لم يكن ممكنا سماع ذلك إلا مع تأييد أمريكي بلا حدود، وبوارج وحاملات طائرات تحرس سواحل إسرائيل، و«كونغرس» يتسابق أعضاؤه لإرضاء «اللوبي» الصهيوني طلبا للدعم والتمويل، رغم أن الاستطلاعات تقول إن 80٪ من الديمقراطيين و50٪ من الجمهوريين ضد حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين، وبينما ظلت واشنطن تتردد لفترة طويلة في إرسال السلاح الأمريكي إلى أوكرانيا، فإن الموقف يختلف مع حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل على الشعب الفلسطيني. حاملات الطائرات جاءت للمنطقة فورا، وآلاف الجنود الأمريكيين، والآن تعلن واشنطن عن إرسال أحدث أنظمتها الصاروخية والمضادة للصواريخ، وتؤكد أنها ستنتشر في كل أنحاء الشرق الأوسط. كل هذا الحشد لا يمكن أن يكون فقط لمساعدة إسرائيل على مواجهة حماس، أمريكا تعرف جيدا أن إيران لن تتدخل مباشرة في الحرب.. ومع ذلك تستمر في حشد قواتها، وتطلق يد إسرائيل للمزيد من القتل والدمار.. بينما حشد مدمراتها وصواريخها وحاملات طائراتها يقول غير ذلك.
سلالة يهوذا
بنو إسرائيل المذكورون في القرآن الكريم هم سلالة نبي الله يعقوب (إسرائيل)، وبحسب التوراة، كما أخبرنا الدكتور صلاح الغزالي حرب في “المصري اليوم”، فإن هذا الاسم يعني مصارع الرب، أما اليهود الذين ذكرهم القرآن الكريم، والذين خانوا عهد الرسول الكريم (ص)، في المدينة المنورة، فهم من سلالة يهوذا، أحد أبناء إسرائيل (يعقوب)، وهم الموجودون الآن في إسرائيل.. وهناك فرق بين اليهودي الذي يدين باليهودية والصهيوني، وهو مَن يدعم الأيديولوجيا التي تؤيد تأسيس حكم يجمع شتات اليهود من جميع أنحاء العالم لاستيطان أرض فلسطين بالقوة وإقامة دولة مزعومة تسمى زورا إسرائيل.. وقد بدأت الصهيونية كحركة سياسية في أوروبا أواخر القرن التاسع عشر.. وعلى الجانب الآخر فإن اسم فلسطين يُطلق على أرض كنعان، نسبة إلى الكنعانيين، الذين استوطنوها في الألف الثالثة قبل الميلاد، وهم من العرب الذين هاجروا من جزيرة العرب، وأنشأوا مدنا كثيرة، منها أريحا وأسدود وعكا وغزة وغيرها، ويُقال إن اسم فلسطين يُقصد به الأرض الساحلية في الجزء الجنوبي من سوريا حتى سيناء جنوبا وغور الأردن شرقا. وكما نعلم، ويعلم العالم كله – مهما ادّعَى النسيان- فإن هذه الشرذمة من الصهاينة اليهود قد استولوا بالقوة على أرض فلسطين في عام 1948، مستغلين وضع الجيوش العربية الضعيف، ومستندين إلى بريطانيا، التي وعدهم رئيس وزرائها بلفور بإقامة وطن لهم، حين قال إن حكومة صاحبة الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917، كما أعلنت عصبة الأمم (الأمم المتحدة حاليا) في يوليو/تموز 1921 مشروع الانتداب البريطاني على فلسطين، الذي نتج عنه الاحتلال بالقوة، والذي استُكمل في عام 1967. وإذا استعملنا اللهجة الطبية، أستطيع القول إن ما حدث في فلسطين يتشابه مع الإصابة الطفيلية، فالطفيل علميّا هو كائن حي يعيش على كائن حي آخر أو في داخله، ويستفيد منه، وهو ما حدث..
العالم خذلهم
لا يتصور الدكتور صلاح الغزالي حرب، أن عاقلا واحدا في مصر لم يشعر بالفخر والفرحة والسعادة وهو يرى جيش الاحتلال يذوق طعم الهزيمة، بعد أن ذاقها بقوة على يد الجيش المصري من قبل، كما ذاقت المخابرات الإسرائيلية طعم الفشل والعار، بالإضافة إلى أسر عدد من المدنيين والعسكريين، في سابقة لم تحدث من قبل.. وهو إحساس متوقع ونتيجة منطقية للاستفزاز غير المسبوق للدولة العبرية وعمليات القتل والخطف والاعتقال وتدنيس المسجد الأقصى وغيرها من المآسي، خاصة مع وجود السفاح بنيامين نتنياهو، الذي صورت له أحلامه أن القضية الفلسطينية في طريقها إلى النسيان، كما قال في الأمم المتحدة مؤخرا، معتمدا على اعتراف بعض الدول العربية بإسرائيل.. ولكن، وعلى الجانب الآخر من الصورة، وهو الوجه السلبي لما حدث، فإن الثمن الذي دفعته مدينة غزة كان فادحا، بعد أن حطمت الآلة العسكرية الإسرائيلية البنية التحتية، وفجّرت الكثير من المباني، وسوّتْها بالأرض، وراح ضحية ذلك الآلاف من الضحايا، ومنهم ما يزيد على 1500 طفل، في مجزرة متوحشة تعبر بوضوح عن عقلية صهيونية فاجرة.. وفي رأيي ورأى الكثيرين أن حماس قد أخطأت خطأ فادحا في تقدير رد فعل جيش الاحتلال بما يملكه ماديّا من ترسانة سلاح أمريكية وأوروبية، ومعنويّا من كراهية وحقد لأهل فلسطين.. ومن الملاحظات الواضحة عن ردود أفعال العالم من حولنا، فقد كان غريبا ومريبا هذا الاندفاع الواضح والفاضح لأمريكا والدول الأوروبية وغيرها من الدول الأخرى، إلى حد أن بعضها منع مواطنيها من التعاطف مع فلسطين مثل ألمانيا، كما أرسلت بريطانيا سفينة عسكرية محملة بما تحتاجه إسرائيل، ولم تكتفِ بالعار الذي تجلى في صورة وعد بلفور، الذي يقف وراء هذا الاحتلال، أما أمريكا فكان موقفها مخزيا ومحزنا، ولا يليق بأمة تتشدق دوما بحقوق الإنسان والديمقراطية.
أمر غريب
يبدو غريبا على حد رأي الدكتور وحيد عبدالمجيد في “الأهرام” هذا الانشغال البالغ بالمسؤولية عن قصف مستشفى الكنيسة المعمدانية في قطاع غزة الثلاثاء الماضي. أسبوعُ كامل ولم يزل الجدال مستمرا حول من قصفه، وكأن هناك شيئا في غزة المنكوبة لم، أو لن، يُقصف. ربما كان مفهوما هذا الانشغال لو أن قصف المستشفى المُشار إليه اعتداءٌ عابر لا قبله ولا بعده. أما وأنه ليس إلا حِمة واحدة من حِمم نارٍ تتدفقُ من أعلى فوق رؤوس الآمنين وبيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم ومساجدهم وكنائسهم, وكل ما يتعلق بحياتهم، دون توقف طول 17 يوما، فلِم هذا التركيز عليه كما لو أن قصفه أمر عَجَبُ لا مثيل له، أو يندر مثله منذ بدء العدوان الإجرامي؟ وإذا كان مجرمو الحرب لا يُخفون أن هدفهم هو تدمير قطاع غزة وإلقاء الروع في قلوب ساكنيه، اعتقادا منهم في إمكان تهجير أكبر عددٍ منهم وتصفية قضية فلسطين، فأي معنى يبقى لسؤالٍ عمن قصف، أو يقصفُ هذا الموقع أو ذاك؟ سؤالُ يُجيب الواقع عنه دون حاجةٍ إلى تحقيق أو استدلال. فلا حصانة لحجرٍ أو بشر في غزة من قصف المستشفى المعمداني هو من دمر، ويُدَّمرُ طول الوقت بلا وازع أو رادع، ويجدُ في الغرب من يشبهونه إجراما فيساندونه لارتكاب مزيد من الجرائم التي يُحجمُ كثيرُ من وحوش الغابة عما يُعادلُها في بيئاتهم. وربما كان جائزا أن يُثار السؤال لو أن الجيش الصهيوني الرعديد يواجهُ جيشا يملك طائراتٍ وغيرها من أسلحة الجيوش النظامية. أما وأنه يرتكبُ جرائمه في سماءٍ مفتوحة تُعربدُ فيها طائراته وتُقذفُ صواريخها بكثافةٍ لا سابق لها من حيث عددها والدمار الذي تُسبَّبه في اليوم الواحد، فلا محل لمثل هذا السؤال. مستشفى المعمداني ليس وحده الذي يُستهدف. قُصفت مستشفياتُ أخرى، واستُهدف محيطُ عددٍ أكبر، فخرجت ثلاثةُ من الخدمة كليا، وتضرر أكثر من 20 حتى الآن. كما تنتظر مستشفياتُ دورها الذي يبدو قريبا، مثل مستشفى الشهيد كمال عدوان شمال القطاع بعد أن طلب المجرمون إخلاءه لقصفه. والحالُ أنه عندما يفوقُ الإجرام أي خيال، فلا عَجَبَ ولا عُجَاب.
العالم لن ينقذهم
بعض العرب يسأل: متى يتحرك المجتمع الدولي لوقف المجزرة التي تنفذها دولة الاحتلال الإسرائيلي بحق السكان المدنيين في قطاع غزة ولهؤلاء يقول عماد الدين حسين رئيس تحرير “الشروق”، إنه لا يوجد مصطلح دقيق اسمه المجتمع الدولي. هو مصطلح فضفاض لأنه يفترض أن العالم كله ـ أو على الأقل القوى الكبرى والفاعلة فيه ـ يتفق على موقف واحد بشأن قضية معينة، وهو أمر مستحيل تماما. وعلى سبيل المثال يندر أن تتفق الدول الخمس الكبرى الأعضاء في مجلس الأمن على أي موقف موحد في القضايا والأزمات الكبرى، وبالتالي يستحيل صدور قرار ملزم من مجلس الأمن طبقا للفصل السابع من الميثاق، وحتى إذا صدر أحيانا فإنه يحتاج إلى إرادة وآليات للتنفيذ. وبالتالي لا يوجد مصطلح دقيق اسمه المجتمع الدولي في مثل هذا النوع من القضايا، والأدق هو وجود خلافات وانقسامات دائمة بين غالبية القوى العالمية الكبرى لأن مصالحها ومواقفها متباينة ومتناقضة بحكم حالة التنافس الدائم بينها بحثا عن النفوذ والسيطرة. السؤال الثاني يردده بعض العرب بحسن نية شديد وهو: إذا كانت أمريكا ثم بريطانيا قد أرسلت حاملة طائرات ووفرت كامل الدعم لإسرائيل في عدوانها على غزة، فلماذا لا تقوم روسيا والصين وإيران وتركيا وبقية الدول العربية والإسلامية بتقديم الدعم العسكري المضاد للمقاومة الفلسطينية لتمكنها من التصدي للعدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة التي يشنها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول؟ الإجابة ببساطة أن لكل دولة أولويات مختلفة، وعلى سبيل المثال فإن الصين تتحمل بصبر استراتيجي غير مسبوق انفصال تايوان عنها منذ عام 1949. ولا تتخذ إجراءات ضد أمريكا ردا على دعهما لتمرد هذه الجزيرة على البر الصيني، خصوصا إمدادها بالأسلحة المتقدمة والصين أيضا لم تعلن رسميا تأييدها للغزو الروسي لأوكرانيا رغم علاقتها المتميزة مع موسكو، والسبب أن مصالحها مع أمريكا والغرب لا تزال هي الأهم. إذا كانت هذه هي سياسة الصين فالمؤكد أنها لن تتدخل لمحاربة إسرائيل من أجل عيون العرب.
صراع مفتوح
الأمر نفسه من وجهة نظر عماد الدين حسين ينطبق على روسيا، فهي مشغولة أساسا بالمعركة في أوكرانيا. صحيح أنها تؤيد غالبية المواقف العربية، لكنها مثلا لا تتصدى للمقاتلات الإسرائيلية التي تهاجم وتعتدي على الأهداف السورية كل أسبوع تقريبا منذ سنوات، رغم وجود قواتها في سوريا دعما لنظام الرئيس بشار الأسد. والدولتان روسيا والصين تستفيدان كثيرا من معركة غزة لأنها تجعل أمريكا والغرب ينشغلان عنها. تركيا وهي دولة إقليمية كبرى وتعلن ليل نهار دعمها لفلسطين، لكنها، لم ولن تخاطر بقطع علاقاتها القوية مع إسرائيل، وأقصى ما فعلته طوال العشرين عاما الماضية هو الشجب والتنديد ثم سحب سفيرها من إسرائيل، حينما هاجمت القوات الإسرائيلية السفينة التركية «آفي مرمرة» في 31 مايو/أيار 2010، وأصابت عشرات المتضامين مع غزة. ربما تكون إيران هي الدولة الأكثر دعما عسكريا وماليا للمقاومة الفلسطينية، لكن في النهاية أيضا لها حسابات معقدة كثيرا، فهي مثلا تتعرض لضربات إسرائيلية كثيرة في سوريا، ولا تستطيع الرد المباشر، وهي تدرك أنها ربما تكون غير جاهزة الآن للدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل والغرب. والأمر نفسه ينطبق على سوريا دولة المواجهة التي تحتل إسرائيل جزءا من أرضها وهو هضبة الجولان، فتجد سوريا نفسها منشغلة بالصراع ضد المعارضة وضد قوى إرهابية متعددة مدعومة من تركيا وأمريكا، فإذا كانت غير قادرة على صد الهجمات الإسرائيلية على أراضيها كل يوم، فهل تدخل المعركة دفاعا عن غزة أو فلسطين؟ بقية الدول العربية خصوصا المؤثرة منها دخلت في اتفاقيات سلام وتسوية وتطبيع مع إسرائيل ابتداء من مصر عام 1979 والأردن 1994 والسلطة الفلسطينية 1993 واتفاقيات إبراهام مع المغرب والسودان والإمارات والبحرين ابتداء من 2020، وهي تقول إنها انتهجت الطريقة السلمية للتسوية مع إسرائيل، وإن حماس وبقية فصائل المقاومة لا تستشيرها حينما تشن عمليات ضد إسرائيل، وبالتالي فلا يمكن أن تورطها في حرب أو صراع مفتوح. هذه هي الصورة الواقعية على الأرض، وقد تكون صادمة للكثيرين، لكن علينا ألا ننساها ونحن نفكر في تصورات أو حلول عاطفية.
غضب مشروع
الغضب من محمد صلاح بسبب تأخر موقفه تجاه ما يحدث في غزة له أسبابه من وجهة نظر عبد اللطيف المناوي في “المصري اليوم”: إذا ما أخذناه على مستواه الظاهري، فصلاح هو فخر العرب، هو الصورة الأهم للمواطن العربي في أوروبا، ربما منذ سنوات طويلة، الشخص الناجح الهادئ الصبور الوفي الذي لا يكل في اجتهاده أو سعيه للأفضل له وللفريق الذي يلعب له، حتى لو لم يكن الفريق مصريا. أما على المستوى الخفي فإن الغضب ربما كان زائدا عن الحد، لأنه حتى عندما تحدث في الفيديو الذي أصدره، تمت مهاجمته بقسوة، بل واتهمه البعض بأنه كان «مائعا» في موقفه، فلم يدن المجازر الإسرائيلية صراحة، ولم يبدِ موقفا واضحا مساندا تجاه الفلسطينيين، وهذا المستوى في التعامل مع صلاح ربما لم يكن لائقا أبدا، بسبب قيمته التي قد يكون الكثير من أصحاب هذا المستوى لا يعرفونها أصلا. لا أدعي معرفتي بما يضمره من استمروا في الهجوم على صلاح حتى بعد الفيديو، كما إنني غير مقتنع بفكرة أن هذا الهجوم ممنهج ومدفوع لصالح أشخاص أو جهات بعينها، ولكن ما أناقشه الآن هو قدرة البعض العجيبة على فصل صلاح باعتباره «فخر العرب» – كما يصفونه- عن العالم الذي استطاع أن يعيش فيه، ويلاقي داخله كل هذا النجاح.
شكرا باسم
تابع عبد اللطيف المناوي دفاعه عن فخر العرب: ما أناقشه هو القدرة الغريبة على مقارنة محمد صلاح بباسم يوسف بعد مداخلته مع الإعلامي بيرس مورغان، وهي التي جعلت البعض يسحب لقب «فخر العرب» منه ويعطيه لباسم، وذلك بعد أن انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لاثنين (صلاح وباسم)، وفى التعليق جملة: «محمد صلاح متصور مع فخر العرب»، وهو ما رد عليه باسم يوسف بمنشور بالغ الأهمية والدقة والدلالة. واسمحوا لي أن أستعين بتحديث كتبه باسم على منشوره المهم هذا فيقول: «أنتم مش عارفين الدنيا في العالم بره، العالم العربي كانت مشحونة قد إيه. صورة تانية خالص غير اللي واصلة للعالم العربي. الرواية المتصدرة كانت مُرعبة وكان من المستحيل الدفاع عنها تحت أي مسمى، لدرجة أن مجرد التعاطف مع المدنيين في حد ذاته يساوي إنك موافق على ذبح الأطفال، تاني أنتم مش عارفين الصورة هنا إيه. في إنكلترا الصورة مشحونة أكتر من أمريكا. محمد صلاح لو كان طلع وقال الرسالة اللي في الفيديو اللي مش عاجب ده كان زمانه اندبح». باسم يوسف تحدث بالمنطق وبالعقل، فصلاح لاعب كرة في النهاية، لا يتدخل في السياسة، احتفاله بالكريسماس ليس رسالة سياسية، بل هو نشاط إنساني. تعزيته في موت ملكة إنكلترا هو أيضا فعل إنساني وليس سياسيا. مقارنة فيديو صلاح بلقاء باسم ظالمة، لأن الكلام ليس عمل صلاح، مثلما أن لعب الكرة ليس عمل باسم. قصف الجبهات ليس عمل صلاح، كما أن إحراز الأهداف ليس عمل باسم. ولكننا يبدو أن آفة حارتنا ليست النسيان كما قال نجيب محفوظ، بل إنها هدم أي قيمة ناجحة، بدلا من الحفاظ عليها.