مستبدلاً بـ”النووي الإيراني” “النصر المطلق”.. هكذا يتلاعب نتنياهو بمصير إسرائيل وفقاً لأهوائه

حجم الخط
0

تقف إسرائيل الآن على مفترق طرق حاسم. نتائج أفعالها (أو إخفاقاتها) ستحسم مصيرها، خيراً أم شراً، وجوداً أم عدم وجود. للأسف، هذا المنحى ليس في صالحنا. إذا لم ينهض شعب إسرائيل من النوم، وإذا لم يجر تغييراً لاستبدال المستوى السياسي والأمني الفاسدين، فلن نبقى على قيد الحياة. الشعار الفارغ “تدمير حماس بشكل مطلق” الذي بناء عليه يقود المستوى السياسي والأمني الحرب، سيؤدي إلى أننا سنفقد المخطوفين والإنجازات العسكرية في قطاع غزة واقتصاد إسرائيل والدول الصديقة لنا في العالم والأمن الاستراتيجي للدولة.

في فترة حكم نتنياهو الطويلة بصفته رئيساً للحكومة، كان مهووساً بالمشروع النووي الإيراني. رأى أن أمن إسرائيل متعلق بالنووي الإيراني. لم يستبعد استخدام أي وسيلة للدفع بخطته، حتى بثمن المس بالعلاقات مع الرئيس الأمريكي في حينه، براك أوباما. كرئيس للحكومة، لم يهمه قط التسلح الهائل بسلاح تقليدي – مئات آلاف الصواريخ والقذائف والمسيرات لإيران ووكلائها حول حدود إسرائيل. قضية إعداد الجيش لهذا التهديد، الذي قد يدمر الدولة، مرت من فوق رأسه.

في فترة حكمه، استثمرت مليارات الشواكل في المناورات لسلاح الجو، بما في ذلك مناورات مشتركة مع الجيش الأمريكي، حول مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. كان نتنياهو مستعداً لتدمير علاقاته مع الحزب الديمقراطي ورئيسه كي لا يسمح بعقد الاتفاق النووي. وها هو الآن، في ظل الحرب في غزة، تتقدم الأحداث بوتيرة سريعة نحو القنبلة النووية بدون إزعاج. ولكن صوت نتنياهو اختفى.

يبدو أن التهديد النووي لإسرائيل، الذي كان شعاراً أمنياً طوال حكمه، اختفى. وجاء بدلاً منه “تدمير حماس بشكل مطلق”، وهذا شعار لا أساس له؛ لأنه يكرره يومياً وتحول إلى الموضوع الأمني الوحيد الذي ينشغل به. يطرح سؤال مرة أخرى: هل من الممكن أنه يهمل نتنياهو التهديد الاستراتيجي الأخطر على دولة إسرائيل من أجل “تدمير حماس بشكل مطلق”، ثم يتعامل معه وكأنه غير موجود؟ في نهاية المطاف، حتى لو بقيت حماس قائمة وسليمة ودون أن يلحقها أي ضرر، فتهديدها لإسرائيل لا يقارن مقابل التهديد الوجودي، النووي والتقليدي، لإيران ووكلائها. النتيجة بسيطة وصادمة؛ فنتنياهو يختار التهديدات على إسرائيل حسب مصالحه الشخصية، ومستعد أيضاً للقضاء على هذه التهديدات الاستراتيجية الكبيرة، وكل ذلك للحفاظ على حكمه.

للأسف، المستويان السياسي والأمني يسيران في أعقابه مثل قطيع، لهم عيون لا يرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها. ينشغلون بالبقاء الشخصي بعد فشل 7 تشرين الأول 2023 بسبب خطيئتهم. بالنسبة لهم، إطالة مدة الحرب باسم شعار “تدمير حماس المطلق” تسمح بتأخير الأمر الذي لا مفر منه. ويفضلون البقاء على حساب أمن الدولة ومواطنيها. ويقودوننا نحو الهاوية. 

 إسحق بريك

هآرتس 2/4/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية