مستقبل «داعش»

حجم الخط
0

إن صور الطائرات الصغيرة الامريكية بلا طيارين التي تهاجم داعش علامة ايجابية في الطريق الى اعادة مشاركة الولايات المتحدة في المنطقة محاولة أن تزيل أضرار انهيار السنوات الاخيرة، لكن ذلك الهجوم قد يفضي الى النتيجة العكسية مرة اخرى.
إن للعملية الامريكية عيبين جوهريين الاول أنها لا تشتغل إلا بالاهداف غاية لها، فيُشك أن يفضي ذلك الى نقض داعش نقضا تاما؛ والثاني أنه ليس لها الآن أية خطة لترتيب اقليمي جديد يضمن الاستقرار.
إن الخطأ الوحيد السافر الذي اخطأته داعش الى الآن هو تحديها امريكا بالقطع المعلن للرؤوس وهو ما جر الرئيس اوباما الى التدخل، لكن داعش هي أول من تفهم خطأها وهي تغير في هذه الايام توجهها الاستراتيجي كليا.
أُعيد نقل حركتها من الشرق الى الغرب أي من العراق الى سوريا والى الشمال الى الحدود التركية، والتوغل العميق في داخل لبنان حيث قدرة الحلف على التدخل أقل وقدرتها على الاختفاء وحفظ قوتها أكبر.
إن الدخول الى لبنان سيضعضع الجبهة السورية كثيرا لأنه سيوجب على نصر الله أن يعيد جزءا كبيرا من قواته لحماية لبنان وبذلك ستضعف الجبهة في سوريا وتحرز داعش تفوقا آخر في ساحة الاسد.
إن نقائص الهجوم الامريكي يمكن أن تفضي الى ثلاث نتائج الاولى أن تنجح المنظمة من غير دخول بري في البقاء بل أن تخرج أعظم قوة بعد أن «حاربت الغرب كله». والثانية هي إحداث فوضى على الارض والفوضى مستنبت خصب للارهاب والتحول الى شبه الصومال. والثالثة أن الايرانيين وحزب الله سيستغلون حقيقة أن داعش ستضعف للسيطرة على المناطق «الموبوءة» في غرب العراق وشرق سوريا ويحققون بذلك خطة «الممر» المتصل بين طهران وبيروت. ولا يجوز أن ننسى أنه يوجد في الخلف من ذلك على الدوام نوع من «المصالحة» السياسية التي اصبحت موجودة بين واشنطن وطهران وتُستغل لمطالب في الشأن الذري، وهذه نتيجة استراتيجية ستحسن مكانة ايران بصفتها من القوى الاقليمية الكبرى وتكون اسوأ كثيرا من الوضع الحالي.
ما زال للولايات المتحدة وقت لاختيار استراتيجية تغاير «الاحتواء»: وهي الاعتماد على منظومة الدول والعناصر المستقرة في المنطقة حولنا والجمع بينها على نحو يحوي المنطقة «الموبوءة» في الوسط ويحاصرها. والغاية هنا هي أن يُمنع في مرحلة الهجوم وبعدها انتشار داعش واعادة بنائها.
تتطلب هذه الخطوة تجنيد تركيا وتعزيز حدودها الجنوبية التي يمر منها الى داعش مجندون واموال. وينبغي التعجيل بمنح كردستان استقلالها بالفعل واعادة بناء جيش العراق (وهو أمر سيحتاج الى ثلاث سنوات على الاقل) في الجنوب، وينبغي تقوية الحدود الاردنية ايضا.
لكن أهم اللبنات هي تغيير التصور الامريكي بشأن سوريا وادراك أنه لم يعد الحديث هنا عن اصلاح نظام الاسد واستبداله بآخر. فالتفكير في اعادة سوريا الى سابق عهدها بمساعدة معارضة ضعيفة سيفضي بلا شك الى خطأ كخطأ العراق، ومستقبل سوريا منقسم فهناك سوريا الصغيرة التي يسيطر عليها العلويون، وشمال كردي موحد وشرق الدولة باعتباره «سوريا الجديدة» لعناصر المعارضة.
ويجب على اسرائيل أن تحاول التأثير في تقديرات استراتيجية الحلف على أن تطور بموازاة ذلك ردا لها هي نفسها. كفكرة انشاء شريط امني جديد في هضبة الجولان يشبه ذاك الذي كان في جنوب لبنان ليكون شريطا في العمق يمكن أن يصبح «مصفاة» لمنع التوغل والزيادة في جمع المعلومات الاستخبارية في داخل المنطقة وقاعدة لتنفيذ اجتياحات وعمليات في العمق لمواجهة اطلاق نار غير مباشر قد يحدث من عمق سوريا على اسرائيل. ونتعلم من دروس الماضي أن من المرغوب فيه بناء ذلك دون وجود مادي للجيش الاسرائيلي، لكن بالاعتماد على القوة المحلية في المنطقة.
لكن قبل كل شيء وكي نصرف الانتباه المطلوب الى ما يجري في الشمال، من المهم جدا أن نرزم فصل غزة في الجنوب كما ينبغي وهو شيء يقتضي قرارات سياسية ثقيلة الوزن مع حماس.

٭جنرال احتياط
يديعوت 23/9/2014

اسرائيل زيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية