يبدأ الأمني يرتفع عندنا على نحو عام، عندما تقرأ جهة مختصة، كسلاح الجو، مثلا، الخريطة بمنظار مصالحها الضيق. فحينما يحس سلاح الجو بانه مهدد بشراء العدو وسيلة قتالية ما، عندها تشعر هيئة القيادة العامة بالضغط. فتنكمش هيئة القيادة العامة ويصاب الساسة بذعر وينتقل ذلك من ثَم الى تصريحات هوجاء والى عناوين صحافية. يكفي احتمال تهديد كي يضيء سلاح الجو الاسرائيلي مصابيح الانذار. قبل نحو من ثلاث سنوات أعلن عاموس يدلين رئيس أمان آنذاك، الذي كان عاملا في سلاح الجو، ان ما اشترته سورية في مجال السلاح الجوي سيؤدي بسلاح الجو الاسرائيلي الى مرتبة ادنى كانت له في حرب يوم الغفران، ويمكن أن يحدث هذا ايضا عندما يباع سلاح امريكي الى دولة عربية صديقة. حينما يكون وزير الدفاع ورئيس الوزراء ووزراء المجلس الوزاري المصغر اناسا ذوي تجربة، تكون وجهة نظرهم الاستراتيجية واسعة بقدر كافٍ، وعندهم ما يكفي من الثقة بالنفس لاعتراض تجارب من هذا النوع. ولكن حينما يكون الحديث عن مجموعة جديدة نسبيا تبدأ النزوات بالعمل وهكذا نصل الى تهديدات متبادلة بالحرب بين اسرائيل وسورية، بسبب شراء صواريخ اس 300 وهي وسيلة قتالية عمرها عشرون سنة. يا للعجب، ان صاروخ الساحل باش بحر ‘ياخونت’ الذي حصلت عليه سورية من روسيا تهديد اكبر لاسرائيل من صواريخ اس 300. فـ’ياخونت’ هو صاروخ بحري شديد الدقة، يستطيع أن يصيب كل هدف استراتيجي في دولة اسرائيل. واسرائيل لا تهاجم هذه الصواريخ في سورية، لان هذا الهجوم قد يوجه اليها على الفور اصبع الاتهام، أي انهم يعلمون ههنا متى لا يتعدون الحدود، لكن بشأن اس 300 فقط اصيب شخص ما عندنا بالبلبلة. ان أمر صفقة الصواريخ لسورية يظهر بمواقع الانترنت الروسية على ألسن خبراء عسكريين اسرائيليين، وبالتقارير السنوية الرسمية لاتحاد الماز آنتييه، الذي يصنعها ويطورها. وتبين هذه التقارير المنشورة ان الاتحاد لم يكن يطور في السنوات الاخيرة وسائل قتالية لدول اجنبية، ومع ذلك فان الصفقة السورية لا تشتمل على شراء منظومات حديثة من الاتحاد. هذه في حقيقة الامر صفقة مع الجيش الروسي، فالجيش الروسي يستبدل بالمنظومة اس 300 منظومة صواريخ اس 400 المتقدمة. وما يخرج من الخدمة يباع لدول كسورية، بيد أن ايقاع ونوعية انتاج الاتحاد الصناعي الماز أنتييه مشكلان جدا. ويوجد تأخر كبير في تسليم الجيش الروسي البطاريات الجديدة. ولهذا اذا لم يصدر الرئيس بوتين امرا مباشرا الى الجيش ليترك بطاريات اس 300 لصالح سورية فلن يرى السوريون هذه الصواريخ في المستقبل القريب. تقول الانباء المنشورة في روسيا ان السوريين سيحصلون على ست منظومات مركبة من ستة رادارات وست قاطرات قيادة. وفي كل منظومة اثنتا عشرة قاعدة اطلاق. فستستلم سورية في الحاصل العام 144 صاروخا أي صاروخين لكل قاعدة اطلاق. والحديث عن منظومات كبيرة غير منظمة، كل صاروخ منها طوله 9 امتار ويزن طنين. ان احتمال ان تغيب هذه المنظومة عن نظر الاقمار الصناعية التجسسية الغربية التي تدور حول الكرة الارضية مرة كل بضع ساعات كل يوم هو احتمال منخفض جدا. والحديث الى ذلك كما قلنا آنفا عن منظومات قديمة عمرها عشرون سنة. نشر في الماضي ان سلاح الجو الاسرائيلي تدرب في قبرص وجزيرة كريك بتعاون مع سلاح الجو اليوناني، الذي يستعمل بطاريات اس 300. وبهذا يحل لنا ان نفرض ان هذا ليس سلاح مفاجأة لاسرائيل. يبدو ان احدا ما عندنا يخشى ان يكون الذعر من الـ ‘اس 300’ قد استنفذ نفسه ولهذا ينشئ الان عناوين صحافية تدور حور تسليح سورية بعشر طائرات ميغ 29. وينبغي ان نفرض أنهم في سلاح الجو اصبحوا أكثر سعادة شيئا ما لان الاسد قد اشترى آخر الامر شيئا ذكيا. لان سلاح الجو الاسرائيلي افضل في مجال اسقاط الطائرات.