مسلسل «مدينة النارنج» تمرد على النمط الكلاسيكي للدراما العربية

حجم الخط
0

تونس – «القدس العربي» حصدت أعمال فنية إذاعية وتلفزيونية عربية العديد من الجوائز الهامة في ختام «مونديال القاهرة للأعمال الفنية والإعلام»، الذي ينظمه الاتحاد العام للمنتجين العرب تحت شعار «خلي بالك على بلادك… الارهاب عدو بلادك»، بمشاركة نخبة من الفنانين والإعلاميين العرب.
وقد برزت بعض الأعمال في هذه الدورة لما قدمته من رؤى وتصورات فنية متميزة وجديدة على الساحة عموما. ولعل أهمها المسلسل الكوميدي «زنوبيا والصمرقع (مدينة النارنج)» للمخرج السوري كارو أرارد، الذي كان بمثابة التجربة الفريدة من نوعها.
فبعد النمطية الكلاسيكية في الأعمال التلفزيونية العربية حاول المخرج السوري خلق نموذج فني جديد محمل بأفكار متميزة. ويبدو أن النقاد قد استساغوا هذا التغيير وتقبلوا المولود الأول لهذه التجربة دون التوجه نحو التضييقات والرفض الذي ألفناه دائما على الساحة الفنية العربية مع كل محاولة تجديد يقدم عليها المبدعون الشباب.
ولهذا حصد المسلسل ثلاث جوائز ذهبية في «مهرجان مونديال القاهرة للأعمال الفنية والإعلام»، حيث حصل المخرج «كارو أراراد» على جائزة أفضل مخرج، ومحمد أمين على جائزة أفضل منتج منفذ والممثلة ليلى سلمان على جائزة أفضل ممثلة.
ويبرز الوجه الجديد في هذا العمل أساسا على مستوى التقنية، إذ تعودنا أن تقوم الدراما أساسا على فكرة التماهي بين المتلقي والشخصيات، أي أن يصدق المشاهد للحكاية المصورة إلى درجة تفاعله الكامل معها من خلال البكاء والتعاطف أو الغضب والانفعال بالإعتماد على أنماط فنية مختلفة ومتطورة جدا بالنسبة للدول الغربية وأمريكا. ومسلسل «مدينة النانرج» حاول خلق نمط جديد يقترب به أكثر من المشاهد تجسد من خلال دخول كادر تصوير المسلسل إلى قلب المشهد.
فالمخرج مثلا في هذا العمل لا يتسمر وراء عدسته إنما يتحرك أمامها أيضا، وحوار الشخصيات مع المخرج أو المخرج المنفذ التي تعودنا مرورها على الشاشات على أنها أخطاء وعثرات هي في هذا المسلسل ليست خطأ ولا عثرة، وإنما لقطة أصيلة من المشهد. وهذه التقنية تسمى في عالم السينما بـ»الماكينغ أوف» وقد استخدمها المخرج التونسي النوري بوزيد سابقا كمحاولة للهروب من قمع الرقابة أثناء تصويره لفيلم يطرح قضية جريئة قبل الثورة.
وقد أعرب المخرج كارو أرارد لـ»القدس العربي» عن سعادته بالجوائز التي حازها العمل، مشيرا إلى أن البعض قد يأخذ على العمل أنه غير مقبول بالمنطق السائد، ولكنه مصر على المواصلة في هذا الخيار، لأن الهدف الأول من وراء عمله هو الخروج على المنطق السائد والثورة على النمط الكلاسيكي في الدراما على حد قوله.
ومسلسل مدينة النارنج هو فنتازيا تاريخية تتحدث عن مدينتين متحاربتين هما مدينة النارنج ومدينة الإفرنج، حيث تعيش المدينتان حالة تجسس دائمة وترصد وتخطيط للنيل الواحدة من الأخرى، وهذا أول ما يسخر منه العمل ويثور عليه من خلال إبراز مدى تفاهة فكرة الحروب من أساسها بين الشعوب، والسخرية من فكرة العسكرة والجاسوسية والمؤامرات. وفي ذروة الشكل التاريخي للحكاية تدخل التقنية لتتمرد على التاريخ من خلال ظهور مفاجئ لجوال أو سيارة أو من خلال اللغة التي تتحول فجأة من الفصحى «المقعرة» إلى اللهجة المحكية، بل وأحيانا إلى لغات أخرى غير عربية. كما أن الحكاية تثور على نفسها من خلال عدم تبنيها للمشكل الدرامي الواضح والمعقد وبالتالي هي غير محتاجة لحل دراماتيكي. والتقى في هذا العمل عدد من نجوم الدراما العربية، حيث حضر لبنان وسوريا وتونس ومصر والعراق والبحرين والأردن وسلطنة عمان والكويت والسعودية.

من فاطمة البدري:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية