ربما مثّل هروب الأميرة هيا بنت الحسين زوجة حاكم دبي الشيخ محمد بين راشد آل مكتوم، ملفا ساخنا تم تداوله عبر وسائل الإعلام الرسمية ومنصات التواصل الاجتماعي، ومن المؤكد إنه لن يكون الملف الأخير في مسلسل هروب الاميرات، فقد سبقته حوادث هروب وتمرد قامت بها أميرات من الاسر الحاكمة العربية، وبالتأكيد ستتبعه حالات هروب، طالما بقيت الظروف التي تعيشها القصور الملكية على ما هي عليه.
ولطالما مثلت الحياة الخاصة للأسر الملكية مصدرا مهما لمتعة متابعة الأخبار وتداول قصص النميمة، سواء في الصحافة أو أحاديث الناس المتداولة، وهو أمر طبيعي في العديد من دول العالم، أما العائلات الملكية العربية فربما كانت لها خصوصيتها القائمة على تحدر هذه العائلات من بيئات تقليدية، تفرض عليها التمسك بانماط سلوكية محافظة، فكل ممالك الشرق العربي متحدرة من بيئات الجزيرة والخليج العربي، وحتى عائلة محمد علي باشا الذي كون سلالة ملكية حكمت مصر لقرن ونصف القرن، كانت متحدرة من بيئات تقليدية ذات نمط حياة سائد حينها في الدولة العثمانية وهوامشها.
وبالعودة الى قصة الأميرة هيا، المتحدرة من العائلة الهاشمية الملكية، التي كانت تحكم الحجاز والعراق والأردن، والتي لم يبق من أثرها اليوم الا العائلة الملكية الاردنية، فالاميرة هيا ابنة الملك الحسين بن طلال، وشقيقة الملك عبد الله الثاني، سيدة ذات توجهات حداثية غير خافية على أحد، أكملت دراستها الجامعية العليا في اوكسفورد في بريطانيا، وظهرت أميرة وسيدة مجتمع راق من الطراز الاول، وعندما تقدم لها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد إمارة دبي حينها، نظر البعض إلى الأمر على انه زواج سياسي تقليدي بين عائلتين حاكمتين. ففرق السن بين الاثنين كبير جدا يصل الى ربع قرن، كما أنها الزوجة السادسة في سجل زيجات الشيخ الخليجي، الذي له من زيجاته السابقة حوالي 20 ولدا وبنتا بعضهم مقارب لعمر الأميرة الهاشمية.
لكن الذي طفا على سطح العلاقة بين الاثنين الجانب الناعم من العلاقة الذي صور علاقة الشيخ الفارس الشاعر بالاميرة الفارسة المتفتحة العصرية، والإشادة بزواج أنتج ولدا وبنتا، وعلاقات ممتازة واستثمارات بين دبي وعمّان، حتى ظهرت على الساحة مؤخرا أخبار هروب الاميرة هيا مع ولديها الى المانيا اولا، ومن ثم الاستقرار في لندن ورفع دعوى في المحاكم البريطانية لطلب الطلاق والاحتفاظ بالولدين والمطالبة بعدم التعرض من طرف الزوج الشيخ وحكومة بلاده.
الحياة الخاصة للأسر الملكية مصدر لمتعة متابعة الأخبار وتداول قصص النميمة، سواء في الصحافة أو أحاديث الناس المتداولة
الجانب الرسمي لإمارة دبي، ولدولة الامارات العربية تكتم على الموضوع ومازال، ولم يظهر من الازمة إلا قصيدة تنضح بالمرارة والألم والحسرة، نشرها الشيخ محمد بن راشد، بدون إشارة واضحة الى اسم المرأة المقصودة، إلا ان الكل قرأها على انها موجهة لزوجته الاميرة هيا، التي هربت بولديها. كما كان الموقف الرسمي الاردني مشابها للموقف الاماراتي، إذ اعلن القصر الملكي في عمّان رسميا في بيان يشير الى عمق العلاقات الاخوية بين البلدين، بدون الاشارة للازمة، وإن العلاقات بين البلدين ما زالت وطيدة. وقد سبقت هذه الحادثة حوادث مشابهة سابقة وفي البيت الاميري الحاكم في دبي، إذ سبق ان هربت اثنتان من بنات الشيخ محمد بن راشد، لكن عمليتي الهروب باءتا بالفشل وانتهتا نهايات عنيفة بحسب التسريبات. ويتذكر الكثيرون الضجة التي أحدثها هروب الشيخة لطيفة ابنة محمد بن راشد عام 2018، إذ فضح فيديو سجلته الشيخة الهاربة وسربته الى منصات التواصل الاجتماعي تحدثت فيه عن تخطيطها للهرب من دبي. كما حكت في الفيديو المسرب تفاصيل هروب شقيقتها الأكبر شمسة عام 2000 في بريطانيا، وكيف تم اختطافها وإعادتها قسراً إلى دبي. وذكرت الشيخة لطيفة تفاصيل عن محاولات هرب نفذتها وهي مراهقة لكنها فشلت، وكشفت النهايات العنيفة التي انتهت بها محاولات شيخات من العوائل الحاكمة في الإمارات عندما تفشل محاولات هروبهن فيكون نصيبهن الضرب والتعذيب والحبس، لتنتهي بوصف والدها حاكم دبي بأنه رجل «لا يهمه سوى نفسه وصورته».
كما أثار هذا الموضوع في أذهان المتابعين قصصا مختلفة مشابهة، ربما كانت الاقرب منها قصة الاميرة السعودية مشاعل بنت فهد بن محمد آل سعود التي ارتبطت عام 1977 بعلاقة حب عندما أرسلتها أسرتها إلى لبنان لتدرس هناك مع ابن أخ السفير السعودي في بيروت حينها، وحاولت الهروب معه متخفية بزي رجالي لتنتهي قصة هروبها نهاية مروعة، عندما اكتشفت وألقي القبض عليها ونفذ بها حكم الاعدام، هذه القصة التي تسربت للاعلام الغربي واستثمرها مخرج بريطاني صنع منها فيلمه الوثائقي «موت أميرة» الذي قامت ببطولته الفنانة المصرية سوسن بدر، التي أدت مشاهد تمثيلية تحاكي الأحداث الحقيقة لحياة الاميرة المقتولة، فقامت الدنيا، وأثار الفيلم أزمة دولية بين المملكة السعودية والمملكة المتحدة، سحبت بموجبها السعودية سفيرها في لندن آنذاك، وطردت السفير البريطاني من أراضيها، وكادت الأزمة أن تقطع العلاقات نهائيا بين البلدين.
أما القصة المشابهة في تاريخ العوائل الملكية للدول العربية فكانت قصة الأميرة فتحية الابنة الصغرى للملك فؤاد الأول وشقيقة الملك فاروق، التي سافرت مع والدتها الملكة نازلي عام 1946 في جولة أوروبية لتبعتد عن مصر نتيجة توتر علاقات الملكة الام مع الملك فاروق. أثناء هذه الجولة تعرفت الملكة وابنتها الاميرة الشابة على شاب مصري قبطي من أصل متواضع من صعيد مصر هو رياض غالي الموظف الصغير في القنصلية المصرية في مرسيليا، لتولد علاقة حب ممنوعة بين أميرة مسلمة ورجل قبطي من العامة او «البرنسيسة والافندي» كما سماهما الكاتب صلاح عيسى في كتابه عن هذه العلاقة. جن جنون القصر الملكي المصري، لكن أمام إصرار الملكة نازلي لم يجد الملك فاروق والنحاس باشا رئيس الوزراء حينها أمامهما، إلا حرمان الملكة الام والاميرة فتحية فؤاد من كل مميزاتهما وألقابهما الملكية. تزوجت الاميرة فتحية رياض غالي عام 1950 ثم اعلنت تنصرها بعد ذلك، لكن غالي كان طامعا في ثروة الملكة وابنتها، وسرعان ما سيطر على هذه الثروة بتوكيلات عملت له ليضارب بها في بورصات لوس انجلس التي انتقلت العائلة للعيش فيها. وفي ديسمبر 1976 وبعد انفصال الاميرة والافندي، استدرج رياض غالي الاميرة فتحية الى شقته وأطلق خمس رصاصات على رأسها فأرداها قتيلة في الحال، ثم حاول الانتحار، الا انه فشل في ذلك، ونتيجة أصابته في الرأس أصيب بالشلل، وحكم عليه بالسجن 15 عاما وتوفى في سجنه عام 1987.
وقد سبقت قصة الأميرة المصرية وتداعياتها العنيفة في مسلسل هروب الأميرات هروب الأميرة العراقية عزة الابنة البكر للملك فيصل الاول، وشقيقة الملك غازي في يونيو 1936، التي هربت مع نادل إيطالي مسيحي، كان يعمل في أحد الفنادق اليونانية في رودس، بعد أن قامت بينهما علاقة حب سريعة وعنيفة، وقد فشلت محاولات أختها الاميرة راجحة التي كانت بصحبتها ومن معهما من الموظفين في تلافي الفضيحة التي وقعت، والتي كادت تطيح بالحكم الملكي في العراق، حتى ان بعض الباحثين بالغوا في هذا الامر، وربطوا بين انقلاب الفريق بكر صدقي وهروب الاميرة عزة وزواجها من مسيحي واعتناقها الديانة المسيحية. لم يدم زواج الاميرة عزة سوى ثلاث سنوات تطلقت بعدها بعد أن قضى زوجها على كل مدخراتها، لتقضي سنوات طويلة من التشرد والعوز والذل، تعتاش على المعونات الحكومية متنقلة بين إيطاليا وبريطانيا وقبرص، حتى رق لها قلب عمها الملك عبد الله بعد عدة وساطات، فسمح لها ان تقيم في القدس اولا، ثم انتقلت بعدها الى عمان، وأصيبت بالسرطان عام 1960 ، وعندما نقلت الى لندن للعلاج توفيت هنالك وتم نقل جثمانها لتدفن في المقبرة الملكية في عمان.
كل الاميرات الهاربات اللواتي مثلن قمة جبل الجليد من حكايات «حرملك» القصور الملكية العربية، كن في الواقع ضحايا صراع نمطين من الحياة، الاول الذي فرض عليهن سياقات حياة محافظة، والثاني الذي تفتحت عليه عقولهن ليشاهدن عالما يفور بالتغيير، والويل كل الويل لمن سقطت منهن في مطب النزاع بين التوجهين .
كاتب عراقي
*اعتقد ان الإعلام هو الذي ضخم سالفة
هروب الأميرة(هيا ) من دبي.
*من حقها الطلاق وحضانة الأولاد.
وسوف تحصل عليهما (ان شاءالله).
دع الخلق للخالق
قال (ص) لامرأة تريد الخلع: “أتردين عليه حديقته (مهرها)ُ؟ قالت: نعم، قال (ص) لزوجها: اقبل الحديقة وطلقها”. فلا تجبر امرأة على استمرار زواج إن كان الوضع غير مناسب بل يمكنها خلع زوجها وهذا مطبق بالأردن شرعاً وقانوناً منذ سنين ويحق له أن يطلب منها إعادة مهر وهدايا وتنازل عن نفقة عليها وبحال وجود أطفال يتاح لها حضانتهم وتحصيل نفقة الحضانة طالما لم تخل بشروطها ولم تتزوج ولم ترتكب عمل مشين يتيح للزوج حضانتهم وبالتالي أفضل لأي أردنية مغتربة بوضع غير مناسب أن تعود للأردن وتطلب من قاضي شرعي الخلع من زوجها
ااوجزت وابدعت ايها الكاتب العراقي شكرا
رغم الجاه والثروة والمجد لكن الحرية ليست لها ثمن، لهذا فأميرات القصور العربية بالمشرق العربي كمثل الطائر في القفص الذهبي الذي يتمنى الخروج منه ليسبح في الفضاء.
مقال مثير للاهتمام .. ومعلومات عن هروب أميرات أسمع بها للمرة الأولى، فعلاً نمط الحياة المحافظة الذي تعيش وفقاً الأميرات أو أفراد أي عائلة ملكية هو نمط يقيد الحريات ولا يسمح لأفراد العائلة المالكة بالتصرف كما يريدون ويقعون في هذا الازدواج عندما يرون ما هية الحياة الحقيقة خارج أسوار القصر. تعريف الأميرة بالنسبة لي هي الفتاة التي تملك حرية التصرف بحياتها بدءاً من تخصصها الجامعي إلى اختيار شريك حياتها، ليست الفتاة التي بمحض الصدفة والكثير من الحظ وُلدت في قصر ملكي!
شكراً لصاحب المقال
نعم صح كلامك م في حاجة تجبرها كل بل خيار ه هو
الامير هيا ما شاءالله جميله وشخصيه م فيها كلام اصلو الله يديها الصحه والعافيه وطول العمر في الحياء