مشايخ سنّة يعترضون على توقيع وزير الداخلية أول عقد زواج مدني في لبنان

حجم الخط
1

بيروت- ‘القدس العربي’: لم يمر توقيع وزير الداخلية اللبناني مروان شربل أول عقد زواج مدني في لبنان مرور الكرام لدى بعض الطوائف اللبنانية وتحديداً السنيّة، حيث ردّ المدير العام للأوقاف الإسلامية الشيخ هشام خليفة على اعتبار ان خطوة وزير الداخلية خطوة تاريخية بقوله ‘ان هذه الخطوة تاريخية في تحدي الوزير لمشاعر المسلمين والمسيحيين ايضاً’، لافتاً الى ‘ان توقيع الوزير وضع اول إسفين في ضرب شرع الله تعالى’.
واضاف خليفة متوجهاً الى شربل ‘هذه اللحظة تاريخية لأنك بتوقيعك ستساعد الناس على التخلي عن دينهم وشرعهم، ولأنك حققت ضربة ضد الاسلام لم تحققه لا الشيوعية ولا الإلحاد ولا العلمانية’، واعتبر ‘أنّ ما حصل يؤكد أنّ المسلمين في لبنان يتعرضون من أبناء وطنهم لحرب عدائية ضد وجودهم ومشاعرهم وضد دينهم’، مشيراً الى ‘ان من يقود هذه الحملة هم وزراء ورؤساء’.
ورأى ان ‘هذا هو ثمن اختلافنا، وهذا هو ثمن تحطيم هيبة المرجعيات فلا يعود لها حساب’، سائلاً ‘اين الجماعات والجمعيات والأحزاب والقبضايات والهيئات الاسلامية الشجاعة الناصرة لدين الله تعالى؟ أين هم؟ اين حميتهم؟ اين غيرتهم ؟ اين أسود السنّة؟’.
كذلك، اعتبر عضو قيادة ‘جبهة العمل الإسلامي’ في لبنان وعضو مجلس أمناء ‘حركة التوحيد’ الشيخ شريف توتيو أن ‘توقيع وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل أول عقد زواج مدني هو تحد صارخ للمرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية على حد سواء’. ورأى ان ‘هذا التوقيع على هذا العقد هو هرطقة دستورية’.
واعتبر ان ‘هذا التوقيع وما حصل هو هجمة شرسة ضد الدين الإسلامي وضد كل الرسالات السماوية’، داعياً حكومة تصريف الأعمال بشخص رئيسها ميقاتي الى ‘عدم التهاون بهذا الأمر وعدم تمرير هذا المشروع الفتنوي لأن لبنان بحاجة اليوم إلى مشاريع وطنية وحدوية جامعة، لا مشاريع فتنوية ممزقة ومفتتة للنسيج الوطني’، مطالباً الدولة برمتها بـ’تحمل المسؤولية وسحب التوقيع والمشروع الذي ستكون له عواقب وخيمة وارتدادات سلبية نحن في غنى عنها جميعاً’.
اما الطوائف الاخرى المسيحية والشيعية والدرزية فلم يصدر عنها أي ردود فعل، فيما اعتبر متحدث بإسم الكنيسة المارونية تعليقاً على موقفها ممن يعقد الزواج المدني ‘أن الكنيسة معلّمة ومرشدة وتعتبر الزواج سراً مقدساً’.
وكان حلم خلود سكرية ونضال درويش عقدا قبل اشهر أول زواج مدني في لبنان، لكن حملة عنيفة قامت ضد تسجيله رسمياً في الاحوال الشخصية من قبل مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ولم يلقَ الموضوع تأييداً من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لكن الامر عاد ليُترجم قراراً رسمياً على سجلات الاحوال الشخصية في وزارة الداخلية اللبنانية، على مسؤولية الوزير مروان شربل الشخصية، وهي سابقة في تاريخ العمل الاداري في لبنان.
فقد وقع شربل عقد زواج خلود ونضال واشترط عليهما ‘عدم تغيير طائفتيهما والتزامهما قانون الاحوال الشخصية المعمول به في كل ما يتصل بمفاعيل هذا الزواج في حالات الارث والطلاق والاولاد، لان لا وجود في القانون للطائفة 19 ممن لا ينتمون الى طائفة، وذلك ضماناً لحقوقهما وحقوق اولادهما الى حين صدور قانون مدني للاحوال الشخصية ينظم الزواج المدني الاختياري واستتباعاته’.
واذ تمنى شربل ان يفتح هذا التوقع ثغرة في جدار الطائفية العمياء في لبنان، فقد استند في قراره الذي اتخذه على مسؤوليته الشخصية الى آراء عدد من القانونيين والحقوقيين الذين كان كلفهم درس القضية منذ عقد زواج نضال وخلود، وهو العقد الذي تحول الى قضية خلافية على مستوى الوطن بين رؤساء الطوائف الروحية من جهة وبعض هيئات المجتمع المدني والمنظمات الشبابية من جهة اخرى، نظراً الى حساسية الملف وتداخل الاعتبارات الروحية والدينية والعوامل المدنية والادارية، مما دفع الفريق الشبابي الى تنظيم تظاهرات واعتصامات، مطالباً باقرار قانون مدني للاحوال الشخصية ينظم الزواج المدني الاختياري ما دامت الدولة تعترف بأي زواج يجري خارج لبنان مما يضطر الراغبين في الاقدام على الخطوة الى السفر لعقد الزواج في احد البلدان التي تشرّع هذه الخطوة.
ويعتبر نضال وخلود الثنائي اللبناني الذي تجرأ على تسجيل هذا النوع من الزيجات في لبنان اذ أودعا اوراقهما المنظمة لدى كاتب العدل في لبنان في سجلات المديرية العامة للاحول الشخصية، من دون الاستناد الى زواج مدني في الخارج في تاريخ 10/1/2012، مع تأكيدهما ضرورة التنفيذ، بعدما ردته المديرية في حينه وبقيت قضيتهما عالقة حتى توقيع الوزير.
وكانت الهيئة الاستشارية العليا في وزارة العدل اصدرت رأيها وأيدت القرار الصادر عام 1936 الذي ينظم الاحوال الشخصية ويسمح لمن لا طائفة له بالزواج. وتمنى وزير العدل شكيب قرطباوي على شربل اكمال الخطوة والسير برأي الهيئة، مع الاشارة الى ان نضال وخلود سبق ان عقدا زواجهما قبل خطوة الزواج المدني وحصّنا وضعهما العائلي بحسب القانون القائم والساري حالياً.
وقد اعتبر الزوجان ان توقيع العقد هو ‘انتصار’ و’خطوة تاريخية’.
وقال درويش ‘ان زواجنا هو اول انتصار للدولة المدنية في لبنان التي نحلم بها جميعاً، دولة الانسان المواطن’. وقالت سكرية الحامل في شهرها الرابع ‘هذه اول خطوة تاريخية’ في ما خص الزواج المدني.
وهنأ رئيس الجمهورية ميشال سليمان المؤيد لاقرار الزواج المدني، الزوجين الشابين. وكتب على حسابه الرسمي على تويتر ‘مبروك تسجيل زواج خلود ونضال المدني’.
وليس ثمة قانون للزواج المدني في لبنان. لكن خلود ونضال المسلمين، ارادا تحدي هذا الحظر، فتقدما من سجل النفوس واقدما على شطب مذهبيهما، وهي مسألة بات في امكان اللبنانيين القيام بها بعد اقرار قانون بهذا المعنى العام 2011. ثم اوكلا ملفهما الى محام كوّن ملفاً قانونياً بعد الاستناد الى مرسوم يعود الى العام 1936 خلال الانتداب الفرنسي، وفيه اشارة الى الزواج المدني الفرنسي.
وبموجب ذلك، اعتبر المحامي طلال الحسيني انه يحق لخلود ونضال اللذين شطبا المذهب، الزواج مدنياً، وهو ما قاما به وطلبا من وزارة الداخلية مطلع العام الجاري توقيعه.
وكان رئيس الجمهورية الاسبق الياس الهراوي طرح العام 1998 اقرار قانون ‘الزواج المدني الاختياري’، لكن المشروع لم يجد طريقه الى الاقرار بسبب حملة شرسة شنت عليه لا سيما من المرجعيات الدينية، ورفض الرئيس رفيق الحريري توقيعه رغم نيله ثلثي مجلس الوزراء.
وتنظم كل طائفة من طوائف لبنان ال18 احوال افرادها الشخصية. وغالبا ما يتعرض الراغبون بالزواج من مذهبين مختلفين لضغوط اجتماعية. ورغم ذلك، تكثر الزيجات بين اشخاص من طوائف مختلفة، ان عبر تغيير مذهب احد الشريكين او الانتقال الى بلد آخر، وغالبا قبرص المجاورة، لعقد زواج مدني يعترف به القانون اللبناني متى عقد في الخارج.
ومع الاعتراف بالزواج المدني في لبنان بات بإمكان اللبنانيين أن يقولوا لقبرص التي لطالما استضافت الراغبين بالزواج من لبنان ‘وداعاً’.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد:

    حبذا لو ان رجال الدين يصمتوا فهم سبب تخلفنا ونحن بامس الحاجة الى اتتاتورك عربي لتهذيب هذا الدين وفهم العربان له

إشترك في قائمتنا البريدية