بغداد ـ «القدس العربي»: استذكر الأكراد في العراق، الخميس، مرور الذكرى السنوية الـ35 على حادثة قصف النظام السابق مدينة حلبجة في إقليم كردستان العراق بالسلاح الكيميائي، الذي أسفر عن سقوط خمسة آلاف قتيل من أهالي المدينة والقرى التابعة لها، وفيما جدد المسؤولون الأكراد، مطالبهم للحكومة الاتحادية في بغداد، لإنصاف ذوي الضحايا، عدّ رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، القرار الاتحادي الأخير القاضي بتحويل المدينة إلى محافظة، «واجبا أخلاقيا» فيما تعهّد بإنصاف المدن «المحرومة والمظلومة» في عموم البلاد.
وتسبب القصف الكيميائي في الأشهر الأخيرة من الحرب الإيرانية ـ العراقية (1980-1988) بمقتل أكثر من 5 آلاف شخص من أهالي حلبجة، كما أصيب أكثر من 7 آلاف آخرين، ومات الآلاف من المدنيين في السنة التي تلت القصف نتيجة المضاعفات الصحية وبسبب الأمراض والعيوب الخلقية، وما يزال الكثير من الضحايا مفقودين، حسب تقارير.
ووجد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، في ذكرى الحادثة، فرصة، لمطالبة الحكومة الاتحادية في بغداد بـ»البدء في عملية تعويض حلبجة».
وقال في «تغريدة» له عبر حسابه الرسمي في «تويتر» إن »جريمة قصف حلبجة بالأسلحة الكيمائية من قبل أكثر الأنظمة وحشية في العصر الحديث ستبقى إلى الأبد في ذاكرتنا» معتبراً أن «من واجب الحكومة العراقية أن تبدأ عملية تعويض حلبجة».
«المزيد من الخدمات»
أما رئيس الإقليم، نيجيرفان بارزاني، فرأى أن المدينة وأهلها «في حاجة إلى المزيد من الخدمات» متفقاً مع زعيم الحزب الديمقراطي في أهمية الإسراع بتعويض ذوي الحضايا.
وقال، حسب بيان صحافي، إن «القصف الكيميائي لحلبجة وصمة خزي وعار على جباه المجرمين، وهو عالمياً هوية وشاهد على مظلومية شعب كردستان، ففي دقائق معدودات سلبت هذه الجريمة الروح من أكثر من خمسة آلاف إنسان بريء ومن الطبيعة وكل شيء، كما أصيب آلاف آخرون وتشردوا، لكن هذه الجريمة عجزت عن سلب شعب كردستان إرادته الحرية».
ورأى أن بإحياء ذكرى هذه الفاجعة، «يذكّر شعب كردستان الأجيال الحالية وكل العالم بالتضحيات التي قدمها في سبيل الحرية، كما يضع العالم في مواجهة واجب أخلاقي وإنساني يقضي بتفعيل كل الجهود كي لا تتكرر جريمة مماثلة في أي مكان آخر».
وقدم رئيس إقليم كردستان، شكره الحكومة الاتحادية، وكل الجهات المعنية في العراق وإقليم كردستان، على «إكمال إجراءات تحويل حلبجة إلى محافظة» مؤكداً أن «حلبجة والحلبجيين بحاجة إلى المزيد من الخدمات من كل الجوانب، ويجب أن لا يكون هناك تقصير في هذا، ويجب تعويضهم وفقاً لقرارات المحاكم والقانون».
كما أعرب عن أمله بـ»مستقبل أفضل للأجيال المقبلة، خصوصا مع مواصلة العمل والجهد بإصرار من أجل توحيد الصفوف والتلاحم الذي هو حامي المكاسب والحقوق الدستورية والكيان الاتحادي لإقليم كردستان».
السوداني اعتبر تحويل المدينة إلى محافظة «واجبا أخلاقيا»
كذلك، كشف رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، عن بحثه مع رئيس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني، خلال زيارته الأخيرة إلى أربيل، سُبل تعويض أهالي المدينة المتضررة، بفعل سياسات النظام السابق.
واستذكر، حسب بيان صحافي، بـ»كل إجلال وإكبار، شهداء حلبجة الأبرار الذين أُزهقت أرواحهم جرّاء القصف الكيميائي، في أبشع جريمة يندى لها جبين الإنسانية، حيث ستظل ذكراهم خالدة مخلّدة في ضمائر ووجدان الشعب الكردستاني والبشرية جمعاء».
وقال: «بينما نحيي هذه الذكرى الأليمة، نثمّن موقف الحكومة الاتحادية في إقرار حلبجة محافظة رسمية التي كان برلمان كردستان قد أقرّها قبل سنوات عديدة».
وشدد على وجوب أن «تتحمل الحكومة الاتحادية مسؤوليتها الأخلاقية في تعويض عوائل وذوي شهداء حلبجة والمؤنفلين وجميع ضحايا النظام البعثي ومن تضرر على يديه، تعويضاً مستحقاً ومنصفاً، حسبما نص عليه الدستور».
وتابع: «لقد أكدنا على أهمية تنفيذ المادة الدستورية المتعلقة بذلك خلال الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء الاتحادي إلى إقليم كردستان».
وأشار إلى إنه «على الرغم من مضي 35 عاماً على ارتكاب هذه الجريمة السافرة، إلّا أنه من المؤسف أن جراح وآلام أسر الشهداء وكلّ ضحايا الهجوم الكيميائي على حلبجة، لم تلتئم بعد، وما زالت معاناة ضحايا جرائم النظام العراقي السابق وفظائعه حاضرة ولم تنتهِ».
وزاد: «انطلاقاً من كونه واجباً يقع على عاتقنا جميعاً، وبالأخص الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي، فإن ذلك يتطلب دعمنا ومساعدتنا، لنتمكن من تقديم كل ما يستحقه أهالي حلبجة الصامدين والمضحين من خدمات وإعمار مدينتهم، مدينة الشهداء والمنارة الإشعاعية الثقافية ومدينة العلماء والحكماء والعارفين البارزين في كردستان».
وشدد على ضرورة «الحكم النزيه والنقي، بعيداً عن التدخلات الشخصية والحزبية، وعدم منع الدوائر الرسمية من أداء واجبها في سبيل تقديم أفضل الخدمات إلى أهالي حلبجة المظلومين».
يأتي ذلك في وقتٍ أقام فيه إقليم كردستان، صباح أمس، وقفة حداد على ضحايا القصف الكيميائي الذي تعرضت له محافظة حلبجة قبل 35 عاماً، بحضور رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني.
وأقيمت الوقفة في شارع حلبجة، في مدينة أربيل، عاصمة كردستان، بحضور محافظها أوميد خوشناو، والمديرين العموميين في المحافظة.
في العاصمة الاتحادية بغداد، تعهد رئيس الحكومة بـ»إنصاف» المدن المظلومة والمحرومة، فيما اعتبر أن القرار الاتحادي بتحويل حلبجة إلى محافظة «واجب أخلاقي».
وقال السوداني في «تغريدة» له، «نستذكر اليوم واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية ألا وهي فاجعة حلبجة التي ارتكبها النظام الديكتاتوري البائد» مؤكداً في الوقت ذاته إن «قرارنا في مجلس الوزراء بالتصويت على مشروع القانون الذي يقضي بتحويل المدينة المضحية إلى محافظة هو واجب أخلاقي قبل أي شيء».
وأضاف: «نسعى دوماً لإنصاف المدن المظلومة والمحرومة وهذا من صلب أولويات حكومتنا».
ضحايا الظلم
كذلك، وجه رئيس الجمهورية، عبد اللطيف جمال رشيد، دعوة الى حكومتي بغداد وأربيل بشأن حلبجة.
وقال في بيان رئاسي، إنه «في الذكرى (35) لمجزرة حلبجة الإجرامية أوكد تعاطفي مع ضحايا الظلم الكبير الذي وقع على أبناء المدينة».
وأضاف: «ليطمئن شهداء حلبجة، ولتلتئم كل الجراح، وسنبقى دائما أوفياء لتلك التضحيات الزكية، حيث نؤكد استعدادنا لتقديم المساعدة إلى مدينة حلبجة الحبیبة» مؤكداً أن «مجزرة حلبجة وقصفها بالأسلحة الكيميائية تسببت في جراح خطيرة للإنسانية بأسرها، وقد نحتاج إلى وقت طويل حتى تلتئم تلك الجراح».
وزاد «بهذه المناسبة، أهنئ أبناء حلبجة الكرام في مناسبة إصدار الحكومة الاتحادية قرارا بتحويلها إلى محافظة» داعياً حكومة إقليم كردستان، وبرلمان الإقليم، والأحزاب السياسية، إلى «توحيد الجهود لتنفيذ واستكمال الإجراءات القانونية لتصبح حلبجة محافظة».
ودعا أيضا، إلى «معالجة أوجه القصور في إدارة مدينة حلبجة من أجل جعل هذه المدينة نموذجية تقدما وتطورا ومكانة».
وذكر أن «مأساة حلبجة واستذكارها تحثنا للمضي قدما نحو خدمة المدينة وأسر الضحايا من خلال بذل المزيد من الجهود لتضميد الجراح وإزالة آثار الدمار».