إسطنبول – “القدس العربي”: تصاعد في الأيام الأخيرة الجدل حول مشروع “قناة إسطنبول” لدرجة غير مسبوقة حيث فتح الباب واسعاً أمام النقاش حول أهمية المشروع ومكاسبه الاستراتيجية والتخوفات من تأثيره على العلاقات بين تركيا وروسيا ومستقبل اتفاقية مونترو وما قد يحمله ذلك من تحولات دولية كبيرة.
لكن النقاش حول المشروع الضخم بين سكان المدينة الأكبر في تركيا التي يقطنها قرابة 16 مليون نسمة، يتمحور حول زوايا أخرى تتعلق بالجوانب الإيجابية والسلبية للمشروع على المدينة من نواحي حياتية وبيئية واقتصادية، حيث ينقسم السكان بين مؤيد ومعارض بشدة للمشروع وذلك في ظل نقص بالمعلومات التقنية والمهنية التي تناقش الموضوع بعيداً عن التجاذبات السياسية بعدما تحول المشروع إلى أبرز ملفات التجاذب السياسي بين الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم من جانب وبين أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول وحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة من جانب آخر.
والسبت، أصدر 104 أميرال متقاعد من القوات البحرية التابعة للجيش التركي بياناً حذروا فيه الحكومة من تنفيذ مشروع قناة إسطنبول أو المساس باتفاقية مونترو التي تنظم حركة مرور السفن عبر المضائق بين البحرين الأسود وبحر مرمرة، في خطوة غير مسبوقة أثارت ردود فعل واسعة من الحكومة والجيش وحزب العدالة والتنمية الحاكم بعدما اعتبر بأنه بيان يحمل “بصمات الانقلابيين”.
وتعقيباً على التطورات الأخيرة، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، إن حكومته أوشكت على إتمام الاستعدادات اللازمة من أجل مشروع شق قناة إسطنبول، وقال: “أكملنا إلى حد كبير استعداداتنا لشق قناة إسطنبول التي تعتبر من أكبر مشاريع البنية التحتية وأكثرها استراتيجية في بلادنا”، مضيفاً: “”قناة إسطنبول ستكون متنفسًا جديدًا للمنطقة، وأنه من المخطط أن يبلغ طولها 45 كلم، وعمقها 21 مترا، وعرضها الأقصى 275 مترا”، وأشار إلى أنه من المزمع وضع حجر الأساس للمشروع، في صيف العام الجاري.
ونهاية الشهر الماضي، أقرت الحكومة التركية، خطط شق “قناة إسطنبول” وهو مشروع ضخم لشق قناة مائية تربط بحر مرمرة بالبحر الأسود على موازاة مضيق البوسفور الذي يعتبر أيضاً أحد أهم ممرات التجارة البحرية العالمية، وتقول الحكومة إن القناة التي سيكلف إنشائها نحو 75 مليار ليرة (9.2 مليار دولار) ستخفف حركة الملاحة في مضيق البوسفور، أحد أكثر الممرات البحرية ازدحاما في العالم، وستمنع حوادث مماثلة لتلك التي حدثت مؤخراً في قناة السويس.
وترى شريحة من المواطنين الأتراك المؤيدين المشروع من جانب يتعلق بالسيادة التركية وتعزيز المكانة الاستراتيجية للبلاد ويخوض آخرون في تفاصيل تتعلق بإلغاء اتفاقية مونترو والتحرر من قيود سابقة فرضتها الاتفاقيات الدولية، ويعتبرونها مشروع تاريخي وجريء ويستحق الدعم ويؤكدون وقوفهم إلى جانب أردوغان الذين يرون فيه الزعيم الذي يحاول الانتفاض على الاتفاقيات والقيود الدولية التي فرضت سابقاً على البلاد، من وجهة نظرهم.
كما يؤيد آخرون المشروع من منطلقات اقتصادية، حيث يرون أن المشروع سوف يفتح أفق كبيرة لمدينة إسطنبول من خلال العوائد الكبيرة التي ستجلبها القناة من مرور السفن ومن خلال إحياء مناطق واسعة على ضفتي القناة وبناء مشاريع سكنية وتجارية واسعة هناك ستجعل من إسطنبول مركز تجاري عالمي أهم مما هي عليه الآن.
في المقابل، تعارض شريحة كبيرة أيضاً المشروع وبقوة، لمنطلقات أبرزها ما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، حيث يرون أن إقدام الحكومة على مشروع يرونه غير هام سيكلف خزينة الدولة 75 مليار دولار في هذه الظروف سوف يزيد من الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها الدولة وبالتالي المواطنين ويتوقعون أن تبعات اقتصادية سلبية سوف تنعكس عليهم كمواطنين نتيجة تنفيذ المشروع.
وتنطلق شريحة أخرى في معارضتها للمشروع من زاوية المخاطر البيئية حيث يقولون إن المشروع يهدد إسطنبول من جوانب مختلفة معبرين عن صدمتهم من مشروع سوف يربط مياه بحرين مياههما مالحة وستمر من بحيرة مياهها عذبة، وستمر من وسط المدينة بعمق 21 متر، معتبرين أن المشروع سيشكل كارثة بيئية على المدينة ومستقبل الحياة فيها. كما يربط آخرون بين قناة إسطنبول وخطر الزلازل المحدق بإسطنبول ويعبرون عن خشيتهم من أن شق قناة إسطنبول ربما يعزز فرص حصول زلزال مدمر في المدينة، وهي تكهنات يبدي الخبراء حولها آراء متضاربة جعلت من تقييمها العلمي أصعب من أي وقت مضى في ظل تسخير أي معلومة في هذا الإطار للتجاذبات السياسية الداخلية.
وإلى جانب التجاذبات المعلوماتية والسياسية والحديث عن المخاطر أو المكاسب السياسية والبيئية والاقتصادية، يبدي مواطنون خشية كبيرة حول تأثير المشروع على حياتهم اليومية ومستقبلهم حياتهم في المدينة، ويتساءل مواطن “كيف سيتم تقسيم إسطنبول مرة أخرى؟!” ويقول آخر “إسطنبول مقسومة لشقين آسيوي وأوروبي بفعل الطبيعية وهذا جعل الحياة أصعب في المدينة، فكيف ستكون الحياة لو قسمت إسطنبول لثلاثة أجزاء بفعل الإنسان؟”، ويقول ثالث “احتاجت تركيا لخمسين عام تقريباً لبناء 3 جسور ونفق عبر مضيق البوسفور لتسهيل الحياة التي ما زالت صعبة ومزدحمة فكيف سيتم شق المدينة مرة أخرى ووصلها عبر سلسلة جسور وأنفاق وكم سيحتاج ذلك من سنوات؟”.
وفي تناقض آخر يسيطر على المشهد، يرى مواطنون أنهم وقفعوا ضحايا كون أراضيهم وقعت في قلب مشروع القناة وسيضطرهم هذا الوضع للتنازل عنها للدولة، معتبرين أن ذلك سيكلف خسائر كبيرة رغم تعهد الدولة بتعويضهم بشكل كامل، في المقابل يحتفي آخرون بأن أراضيهم وقعت على ضفتي القناة وسيكون لها مستقبل زاهر سيرفق قيمتها ربما لعشرات الأضعاف، في صورة تضفي مزيداً من التناقض والتعقيد على المشهد العام للمشروع ومستقبله وبالتالي مستقبل المدينة التي تعتبر واحدة من أهم وأكثر مدن العالم ازدحاماً.
تم طرح المشروع قبل مجيء الرئيس رجب طيب اردوغان سبع مرات منذ السلطان سليمان القانوني إلى عام 1994 من قبل بولنت أجاويد زعيم حزب اليسار الديمقراطي قبل الانتخابات المحلية و لم ينفذ المشروع !
لو لم يكن لأردوغان سوى هذا المشروع لكفى أن يتخلد أسمه مع السلطان محمد الفاتح و سليمان القانوني و بدون مبالغة المشروع يستحق أن يسمى بمشروع ( العصر ) مشروع ناجح 200% بالإمكان تغطية تكاليفه خلال سنتين بالكثير و اتحدى أن يأتي خبير إقتصادي يزعم بأنه سيفشل بالمختصر المفيد العالم بات أكبر من ?
ما أجمل هذا الرجل …… سبحان الخالق !
يا ريت فى العالم الاسلامى اكثر من اردغان واحد حتى تعيش هذه الامة بعزة وكرامة و سؤدد.