مصادر أمنية: الجيش المصري ليس جاهزا للتعامل مع أهم تحديين تفريق المظاهرات ولجم الإرهاب بسيناء

حجم الخط
0

الناصرة ـ ‘القدس العربي’ من زهير أندراوس: ما زال الإعلام العبري في إسرائيل على جميع مشاربه يُسلط الأضواء على مجريات الأمور في مصر، فقد نشرت صحيفة ‘هآرتس’ العبرية في عددها الصادر أمس الاثنين خبرا لمراسلها للشؤون السياسية، باراك رافيد، اقتبس فيه ما نشرته صحيفة ‘نيويورك تايمز’ الأمريكية والتي قالت نقلاً عن مسؤول إسرائيلي رفيع في تل أبيب، إن الدولة العبرية على وشك البدء بحملة إعلامية ودبلوماسية في الولايات المتحدة وأوروبا تدعو فيها إلى تقديم الدعم للنظام المصري المؤقت المدعوم من قبل الجيش.
وتابع المسؤول عينه إن السفراء الإسرائيليين في واشنطن ولندن وباريس وبرلين وبروكسل، وعواصم أخرى، سوف يجتمعون مع وزراء الخارجية في هذه الدول لمناقشة ذلك، لافتًا إلى أنه في الوقت نفسه فإن إسرائيل ستضغط على الدبلوماسيين الأجانب فيها، وتقول لهم إن الجيش المصري هو الأمل الوحيد لمنع فوضى أخرى في القاهرة، على حد تعبيره.
ولكن مسؤولا إسرائيليا عالي المستوى قال لصحيفة ‘هآرتس’ إنه خلافًا لما نُشر في الصحيفة الأمريكية فحتى الآن لم تُصدر الخارجية الإسرائيلية تعليمات للسفراء الأجانب الذين يخدمون في الدولة العبرية، وشدد على أن التعليمات الرسمية لجميع الدبلوماسيين الإسرائيليين في جميع أصقاع العالم هي المحافظة على إيقاع منخفض جدًا بالنسبة للأحداث في مصر، وعدم المبادرة لعقد لقاءات أوْ توجيه رسائل تتعلق بمصر، ولكنه بالمقابل أكد على أن السفراء تلقوا تعليمات بالإجابة على استفسارات من الدول التي يخدمون فيها حول المسألة المصرية، على حد وصفه.
في سياق ذي صلة، رأى المحلل للشؤون العسكرية في صحيفة ‘هآرتس’ ان الجيش المصري ليس جاهزًا لمواجهة التحديين الأساسيين اللذين عليه أنْ يواجههما: المظاهرات الصاخبة في القاهرة وفي العديد من المحافظات المصرية، كما أنه ليس جاهزا لمواجهة الجهاديين الذين يتخذون من شبه جزيرة سيناء مرتعًا لهم للقيام بعمليات عسكرية ضد الجيش المصري، مشددا على أنه بحسب الاستخبارات الإسرائيلية فإن الحديث يدور عن شبكة واسعة جدًا لتنظيم القاعدة الإرهابي، كما أشار إلى أن الجيش المصري يتدرب منذ سنوات على مواجهة جيش نظامي، ولكن هذا الجيش ليس موجودًا، لأنه منذ توقيع اتفاق السلام المسمى كامب ديفيد بين تل أبيب والقاهرة، فإن خطر المواجهة العسكرية بين الجيشين الإسرائيلي والمصري شبه معدوم.
كما أوضح أن الجيش المصري هو الركيزة الأساسية لأنظمة الحكم المتعاقبة منذ ثورة الضباط الأحرار في العام 1952 وحتى عهد مبارك، مشيرًا إلى أن جميع الرؤساء المصريين من جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك وصلوا إلى سدة الحكم من الجيش، خلافًا لمحمد مرسي المعزول، كما أكد على أن الرئيس المخلوع مبارك أرسل قوات الجيش عشية الإطاحة به إلى الميادين في القاهرة لقمع الاحتجاجات الشعبية، ولكن الشعب أكد للجيش بأنه معه ضد مبارك، الأمر الذي دفع الجيش إلى مطالبة مبارك بالتنحي.
في السياق ذاته، كشف مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع المستوى، النقاب عن أن المنظومة الأمنية الإسرائيلية تشعر بالقلق البالغ إزاء تدهور الوضع الأمني فى شبه جزيرة سيناء، موضحا أن سيناء تحولت في الفترة الماضية إلى بقعة تحوى جماعات جهادية تشبه أفغانستان جديدة، على حد قوله.
وقال الجنرال يسرائيل زيف الرئيس السابق لهيئة العمليات بالجيش الإسرائيلي لقد أصبحت سيناء مشكلة خطيرة من الناحية الأمنية، زاعما بأنها أصبحت إقليمًا لا يمكن السيطرة عليها. وأضاف في تصريحات له نقلتها القناة العاشرة بالتليفزيون الإسرائيلي: إن التهديد ضد إيلات يزداد يوما بعد يوم، وبدا ذلك واضحاً خلال الأيام الماضية عندما سقط صاروخ على المدينة’، مؤكدا على أن الجيش المصري يسعى إلى القضاء على الإرهاب. وزاد أن الواقع الجديد في سيناء يشابه إلى حد كبير الوضع الذي كان قائما في أفغانستان، ففي سيناء العديد من الجماعات الجهادية التي تملك السلاح، وتهدف إلى تنفيذ عمليات ضد إسرائيل. وأشار التليفزيون إلى أن مدينة إيلات تشهد في الفترة الحالية ركودا في الاقتصاد في أعقاب الهجمات المتكررة عليها بالصواريخ، لافتا إلى أن المدينة شهدت هبوطاً في الاقتصاد بنسبة 30 بالمئة خلال الفترة الماضية.
من ناحيته قال عمير راببورت، المختص بالشؤون العسكرية لصحيفة ‘معاريف’ العبرية إن الدولة العبرية والولايات المتحدة ساعدتا النظام الجديد في القاهرة لاستعادة السيطرة على سيناء، مؤكدا أن القوات المسلحة المصرية لا تزال تعمل مع إسرائيل للحد من نفوذ مقاتلي القاعدة في رفح ومنع هروبهم لقطاع غزة.
وأضاف راببورت أن الاهتمام المصري واضح للغاية ومنع مرور الجهاديين ممن يأتون من قطاع غزة لمؤازرة هؤلاء الذين يقاتلون القوات العسكرية المصرية في سيناء. وأشار المحلل الإستراتيجي إلى أن مصر وإسرائيل لا تعترفان صراحة بالتعاون الأمني غير المسبوق بين الجانبين، فكلتاهما تنكران التقارير بشأن قيام طائرة بدون طيار تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية بقتل خمسة من مقاتلي تنظيم القاعدة، وتدمير منصة لإطلاق الصواريخ في موقع شرق سيناء، وخلص إلى القول إنه على أية حال، فإن التوترات في جنوب إسرائيل ستبقى على الأقل حتى نهاية الصيف، على حد تعبيره.
أما المستشرق الإسرائيلي، البروفيسور إيال زيسر، فقال في مقال نشره في صحيفة ‘إسرائيل اليوم’ أمس الاثنين إن حركة يبد الإخوان في مصر أخطأت في قراءة الخارطة السياسية، وبالأساس خطيئة الغرور عندما ظنت أن الله قد اختارها فعلا للحكم، بالمقابل فان المؤسسة المصرية، خاصة الجيش المصري بقيادة وزير الدفاع الحيوي عبد الفتاح السيسي، استفاقت من الضربة التي تلقتها مع الإطاحة بالرئيس المخلوع مبارك.
وزاد زيسر قائلاً إن الجيش المصري انتقل عمليًا من لعب دور الوسيط بين الحركات الوطنية الفاعلة على الساحة المصرية، إلى دور الحاكم الفعلي، مشددا على أن الأهم أن الجيش لم يلجأ إلى محاورة الإخوان، بل على العكس من ذلك، يقوم بضربهم بقبضة من حديد وإعادتهم إلى وضعهم، كما كان في عهد مبارك، على حد قوله. وبرأيه فإن اندلاع الحرب الأهلية في مصر ليست واردة، فمن ناحية الإخوان لم يتمكنوا من تجنيد الجماهير للمظاهرات، كما كانوا يتوقعون، الأمر الذي يجعل من مهمة السيطرة على المظاهرات سهلة، كما أن المبادرة اليوم بيد الجيش وقوى الأمن التي تفرض هيبتها على جميع محافظات الدولة المصرية، على حد قوله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية