الرباط – «القدس العربي»: أكدت مصادر دبلوماسية عربية في الرباط أن دورة جديدة للمائدة المستديرة حول نزاع الصحراء وترعاه الأمم المتحدة، ستعقد خلال شهر آذار/ مارس القادم، على أن تسبقها لقاءات ثنائية تعقد في برلين، في وقت عين الأمين العام للأمم المتحدة قائداً جديداً لبعثتها المنتشرة بالمنطقة منذ 1991.
وقالت تقارير إن هورست كوهلر، الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء الغربية، أكمل اتصالاته مع أطراف النزاع الصحراوي تحضيراً للقائها الثاني بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2440 الصادر في نيسان/ أبريل 2018، بإعادة إحياء عملية الاتصال والمفاوضات بين الأطراف، وبعد مشاوارات نجح كوهلر في عقد اللقاء الأول على شكل طاولة مستديرة شارك فيها على مستوى وزراء الخارجية كل من المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا، في الأسبوع الأول من كانون الأول/ ديسمبر الماضي في جنيف السويسرية.
واعتبر المغرب مشاركة الجزائر على قدم المساواة مع بقية الأطراف في الطاولة المستديرة مكسباً، لأنه يؤكد أن الجزائر هي الطرف الرئيسي في النزاع، فيما تعتبر الجزائر مشاركتها، أسوة بمشاركة موريتانيا، كونهما طرفين معنيين بالنزاع.
وحصل كوهلر على دعم وتزكية مجلس الأمن الدولي، في دورة اجتماعات خاصة بالصحراء عقدت شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، وشجعته على مواصلة اتصالاته، وعلى ضوء ذلك قرر كوهلر أنه سيعقد في برلين لقاءات ثنائية قبل لقاء جنيف الثاني، ستهم «الطرفين»، في إشارة إلى المغرب وجبهة البوليساريو.
وقالت التقارير إن المبعوث الدولي أجرى اتصالات مع جميع الأطراف المشاركة الأسبوع الماضي، تحضيراً لجولة المفاوضات الجديدة، وذلك على هامش قمة الاتحاد الإفريقي التي عقدت في أديس أبابا، وذلك رغم عدم اجتماع الآلية الجديدة التي أحدثها الاتحاد لتتبع الملف، وعدم صدور أي قرارات جديدة عن القمة تهم الصحراء.
وأعلن كريستيان باك، مدير الشرق الأدنى ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الألمانية، أنه التقى أول أمس الأربعاء، بالعاصمة الألمانية برلين، «كولين ستيوارت» رئيس بعثة المينورسو، تاكيداً لاهتمامها ودعمها المسلسل الأممي تحت إشراف المبعوث إلى الصحراء، الألماني هورست كولر (الرئيس الألماني الأسبق)، ويطرح الاهتمام الألماني الأخير بقضية الصحراء، والذي تجلى في استقبال برلين لهورست كولر، استفهامات كثيرة حول الأدوار التي تود ألمانيا أن تلعبها في نزاع الصحراء بعد سنوات من تجاهلها للملف.
وتقول أوساط مغربية إن دخول ألمانيا على خط النزاع في الصحراء يتماشى مع رغبة الجزائر التي لا تخفي ترحيبها بهذا الاهتمام، رغبة منها في خلق توازن في الموقف الأوروبي خاصة في ظل الدعم القوي لفرنسا للموقف المغربي.
وقال بيان للأمم المتحدة إن «الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عين الأربعاء، الجنرال دو ديفيزيون الباكستاني ضياء الرحمان قائداً جديداً لبعثة المينورسو» وذلك خلفاً للجنرال الصيني شياو جون وانغ، الذي تنتهي مهمته يوم الأحد الماضي 17 شباط/ فبراير الجاري، وشكر غوتيريش «الجنرال الصيني على عمله الجيد وأدائه المثالي ومساهمته في عمل المينورسو».
وراكم الجنرال الباكستاني ضياء الرحمان 30 سنة من الخبرة في القيادة العسكرية الوطنية والدولية، بما في ذلك قيادة التشكيلات العسكرية للعمليات والإشراف على التعيينات على مستوى القيادة والقيادة العليا. كما يتمتع بالعديد من الخبرات في مجالات القيادة وإدارة الموظفين والاتصال والعمليات، خاصة كمراقب عسكري في بعثة منظمة الأمم المتحدة السابقة في الكونغو الديمقراطية (مونيسكو) وشغل ما بين سنتي 2015 و2016، منصب الممثل الوطني الرئيسي في القيادة المركزية الأمريكية في فلوريدا. وتقلد مؤخراً منصب قائد لواء مشاة ما بين 2016 و 2017 وقسم مشاة منذ سنة 2017.
وتنتشر بعثة السلام بالصحراء الغربية (مينورسيو) منذ 1991 بعد اتفاق المغرب وجبهة البوليساريو على وقف إطلاق النار واستعداد الأمم المتحدة لتطبيق ما عرف بمخطط ديكويلار (الأمين العام الأسبق) الذي تبناه مجلس الأمن في قراره رقم 690، لتسوية النزاع عبر سلسلة إجراءات تبدأ بوقف إطلاق النار رقم 1 وتتوج بإجراء الأمم المتحدة استفتاء للصحراويين ليقرروا مصيرهم في دولة مستقلة أو الاندماج بالمغرب.
وكان مجلس الأمن الدولي منذ 1991 حتى نيسان/ أبريل 2018 يمدد ولاية البعثة لمدة سنة، إلا أنه في قرار 2440 وبناء على إصرار أمريكي حدد الولاية بـ 6 أشهر انتهت في 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2018 حيث مددها إلى 30 نيسان/ أبريل 2019.
وتتولى القوات العسكرية في بعثة «المينورسو» مراقبة وقف إطلاق النار بالمنطقة، والحد من خطر الألغام والذخائر غير المنفجرة، والتحقق من تخفيض عدد القوات المغربية في الإقليم، ورصد مرابطة القوات المغربية وقوات جبهة البوليساريو في المواقع المحددة، وتهدف مدنياً إلى بذل الجهود اللازمة مع الطرفين للإفراج عن كل الأسرى في الصحراء الغربية، والإشراف على تبادل أسرى الحرب والإعداد التقني للاستفتاء.
ويوجد المقر الرسمي للبعثة في مدينة العيون كبرى حواضر الصحراء ومكتب بتندوف، جنوب غرب الجزائر، حيث مقر قيادة جبهة البوليساريو ومخيمات اللاجئين الصحراويين، وتوزع عناصرها الأمنية والإدارية بكل من السمارة وأوسرد، مناطق تفاريتي وميجك وبيير لحلو، في المنطقة العازلة المعروفة وراء الحزام الأمني.
وبعد إنشاء «لجنة التحقق من الهوية»، التابعة لبعثة الأمم المتحدة لإجراء الاستفتاء في المنطقة، انضاف إلى مهامها تنفيذ برنامج تحديد هوية الناخبين المؤهلين وتسجيلهم و»تنظيم استفتاء حر ونزيه وكفالة إجرائه وإعلان نتائجه».
ويقع تمويل عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام ضمن مسؤولية جماعية تقع على عاتق جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وكل دولة من الدول الأعضاء ملزمة قانوناً بدفع حصتها في تكاليف حفظ السلام، وذلك وفقاً لأحكام المادة 17 من ميثاق الأمم المتحدة، ويساهم المغرب في ميزانية البعثة بحوالي 3 مليون دولار.
ويتولى الدبلوماسي الكندي، كولين ستيواري، رئاسة البعثة المينورسو منذ 2017 خلفاً للرئيسة السابقة للبعثة، كيم بولدوك، فيما سيتولى الجنزال ضياء الرحمن قيادة القوات العسكرية في البعثة التي بلغ عدد أفرادها، حتى آذار/ مارس الماضي 715 فرداً، بينهم 470 مدنياً، فضلا عن 245 عسكرياً، ويحتل المنتمون إلى بنغلاديش أكبر عدد من المشاركين في البعثة بـ27 شخصاً، يليهم المصرون بـ17 عنصراً، ثم الباكستانيون بسبعة عناصر، إلى جانب جنسيات أخرى، ويوجد ضمن أعضاء بعثة «المينورسو» جنود ورجال شرطة وتقنيون يتقاضون تعويضات، لكنّ بينها أيضاً متطوعين يبلغ عددهم 16 فرداً.
وبلغت الخسائر البشرية وسط أفراد بعثة المنيورسو، إلى حدود آذار/ مارس الماضي، 16 شخصاً، بينهم 6 عسكريين، كما توفي أكبر عدد من الضحايا بالبعثة بسبب حوادث.
فيما بلغت ميزانيتها السنوية خلال الفترة 52 ملياراً و519 مليون دولار، وهو ما كانت تثيره الولايات المتحدة من ارتفاعها، خاصة في مرحلة جمود عملية التسوية السلمية للنزاع.
وكان توتر في العلاقات بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة السابق بأن كي مون بسبب وصفه لوجود المغرب بالصحراء بالاحتلال أدى إلى طلب المغرب سحب العناصر العسكرية (76 عنصراً) في بعثة المينورسيو وإعلانه وقف مساهمته المالية في ميزانيتها، إلا أنه عاد ووافق على انتشار فقط 25 عنصراً منها.