رغم أن عملية طوفان الاقصى في تشرين الاول/أكتوبر الماضي كشفت هشاشة إسرائيل على كافة الصعد، لكن ثمة عوامل جعلت إسرائيل قوة منفلتة خارجة عن القانون الدولي، فارتكبت بحق الشعب الفلسطيني عملية إبادة جماعية مكتملة الأركان بحق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وصولاً إلى المشهد الماثل للعيان والمتمثل باستمرار عمليات المجازر الإسرائيلية والتقتيل وكم الأفواه على امتداد فلسطين التاريخية .
نظم الغرب
على عكس تصريحاتها عن حل الدولتين وغيرها من مسكنات تحاول بها لجم الرأي العام الداخلي والعالمي المناهض لإسرائيل، بدت تصرفات إدارة بايدن غير مسبوقة في مستوى الدعم الذي قدمته واشنطن لإسرائيل في حربها ضد المدنيين الفلسطينيين.
هذا الدعم تجسد ليس فقط في رفض الدعوات لوقف إطلاق النار، بل وصل إلى حد تزويد إسرائيل بالذخيرة والأسلحة بشكل يومي.
هذا النهج ليس بجديد على السياسة الأمريكية، إذ يتبع بايدن خطى الإدارات الأمريكية السابقة منذ تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948. بل يمكن القول إنه منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أظهرت إدارة بايدن مستوى استثنائياً ومتطرفاً من الدعم لإسرائيل، شمل الجوانب العسكرية والدبلوماسية وحتى العاطفية والسياسية.
السياسة الأمريكية
يعتقد البعض أن هذا الدعم لم يختلف كثيراً عن السبعين عاماً الماضية، يرى آخرون أن الأسلوب الذي يُقدم به هذا الدعم قد تغير.
يُعد نهج بايدن استمراراً للسياسة الأمريكية التقليدية تجاه إسرائيل والفلسطينيين، والتي تميزت بثباتها عبر العقود، سواء في الإدارات الجمهورية أو الديمقراطية.
وقد لعبت النظم الغربية الوازنة في إطار العلاقات الدولية دوراً جوهرياً في إنشاء إسرائيل عام 1948 واستمرارها كدولة مارقة على حساب الشعب الفلسطيني ووطنه التاريخي فلسطين ، وذلك عبر الدعم ، الذي تمثل بدايةً بالتحالفات العسكرية والاقتصادية مع دول مثل فرنسا وألمانيا الغربية، وكذلك الدعم البريطاني في المجالات الدبلوماسية والسياسية، كان حجر الأساس الذي قامت عليه إسرائيل.
وهذا يعتبر عاملا جوهريا في قوة إسرائيل وخاصة على الصعيد العسكري.
خطابات بائسة
على عكس انحياز شعوب العالم وخاصة الإسلامية والعربية إلى جانب الحق الفلسطيني، لم ترق خطابات النظم الحاكمة إلى مستوى التحدي ومواجهة سياسات الاحتلال الإسرائيلي ، وتوضح ذلك خلال المجازر وعمليات الإبادة الجماعية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي على امتداد فلسطين وخاصة في قطاع غزة من تشرين الاول /أكتوبر المنصرم .
وعلى الرغم من تضمين القرارات الصادرة عن الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي الذي يضم خمسا وخمسين دولة بنود هامة حول القضية الفلسطينية ، إلا أن هناك تراجعاً واضحاً عن شعار التحرير إلى شعار إزالة آثار العدوان الإسرائيلية ، وعلى سبيل المثال تكررت البنود الخاصة في القدس خلال المؤتمرات في إطار البيانات الختامية، وأصبحت بمثابة جزء من خطابات روتينية من دون جدوى، ومن دون دعم مادي ومعنوي يرقى إلى حجم التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني لمواجهة هجمة التهويد المنظمة حيث لا يمر يوما دون إعلان المؤسسات الإسرائيلية عن نشاط استيطاني في مدينة القدس ومناحي الضفة الغربية .
والثابت أن صمت النظم العربية والإسلامية عن المجازر وتكميم الأفواه الإسرائيلية والإبادة الجماعية في مناحي فلسطين ، يعتبر بحد ذاته عاملاً حاسماً لاستمرار إسرائيل بنهجها الإجرامي بحق الشعب الفلسطيني على مدار الساعة وعدم معاقبتها.
كاتب فلسطيني مقيم في هولندا