غزة – “القدس العربي”: علمت “القدس العربي” من مصادر سياسية مطلعة في مدينة رام الله، أن هناك “تحركات حقيقية” على الأرض، تقوم بها عدة أطراف من بينها عربية، بدعم من الإدارة الامريكية، تجاه إطلاق مخطط سياسي جديد بهدف وضع حد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعد أن تعهدت إدارة الرئيس جو بايدن، باتخاذ “خطوات ملموسة” لتصليح العلاقات التي تأثرت مع الجانب الفلسطيني، بسبب قرارات الإدارة السابقة.
ومن مكان قريب تشترك القيادة الفلسطينية، في المشاورات والاتصالات التي تجريها كل من القاهرة وعمان، ضمن “مجموع ميونخ” التي تضم أيضا كل من فرنسا وألمانيا، والهادفة لوضع مخطط بالشراكة مع عدة أطراف دولية، في مقدمتها الإدارة الأمريكية واللجنة الرباعية.
وهناك يدور الحديث، عن وجود أفكار متقدمة، يجري بلورتها من قبل المجموعة، وبدعم من الطرفين الغربيين لعلاقتهما المباشرة بالملف الفلسطيني كونهم من دول الجوار (مصر والأردن)، تهدف إلى وضع مخطط شامل لعملية سلام ذات مغزى.
ما علمته “القدس العربي”، أن تلك المجموعة نشطت خلال الأشهر الماضية، لإطلاق المشروع السياسي الجديد، بعد ان فشل مخطط الإدارة الامريكية السابقة المعروف باسم “صفقة القرن”، وقد عقدت لقاءات عدة لوزراء خارجية مصر والأردن، وبمشاركة وزير خارجية فلسطين، وقد قطعت تلك المشاورات شوطا طويلا في البحث، لكنها توقفت بسبب الانتخابات الإسرائيلية، فيما عاد طرح الملف من جديد على الطاولة، بدعم من الإدارة الأمريكية، بعد التوتر الميداني الذي شهدته الضفة الغربية، مركز حكم السلطة، وما تلاه من اندلاع حرب جديدة ضد غزة.
وخلال العدوان على غزة، جرى التأكيد على ضرورة نزع فتيل الانفجار، من خلال عملية سياسية تلاقي قبول من الفلسطينيين، بعد الصدمات التي تلقوها من إدارة ترامب، حيث عقد في تلك الفترة لقاء في العاصمة الفرنسية باريس ضم الرئيس الفرنسي والمصري والملك الأردني، تلا زيارة قام بها وزير خارجية ألمانيا إلى تل أبيب ورام الله.
وبما يشير إلى تلك التحركات، ومحاولات (المحور العربي) المتمثل في مصر والأردن وفلسطين، عقد خلال اليومين الماضيين لقاءات في عمان بين وزيري خارجية مصر والأردن، قبل أن يقوم وزير الخارجية المصري سامح شكري بزيارة رام الله ولقاء الرئيس عباس، ليتلوه بيوم واحد، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ليعقد اجتماع مماثل، تركز على تنسيق المواقف، قبل وصول وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى رام الله، للقاء الرئيس عباس أيضا عصر الثلاثاء، في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول أمريكي إلى الضفة، منذ أن قطعت العلاقات في عهد ترامب.
وفي هذا السياق، تؤكد المصادر السياسية الرفيعة في رام الله، أن هناك حالة من الانسجام الكبير في المواقف تجاه حل الصراع، مع كل من مصر والأردن، وقد أكد الصفدي خلال زيارته لرام الله على ضرورة الإسراع بالانتقال لحل سياسي وفق قرارات الشرعية الدولية، ليؤدي ذلك إلى إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، فيما أكد شكري على وجود تنسيق وثيق بين مصر والسلطة الفلسطينية من أجل تحقيق الغاية بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس، وأكد أيضا أنه يجري البحث عن “إطار حقيقي للعودة للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفق الشرعية الدولية”، مشيدا بموقف الإدارة الأمريكية، تجاه القضية الفلسطينية، وقال إنه “إيجابي”.
وخلال لقاء الوزيرين المصري والأردني قبل التوجه إلى رام الله، أكدا أنه يجري العمل مع الشركاء خصوصا الولايات المتحدة- من أجل إيجاد آفاق لحل دائم وعادل للقضية الفلسطينية، باعتبار أنه بدون ذلك الحل “ستتكرر أعمال العنف والمأساة وما يعانيه الشعب الفلسطيني”، وأكد شكري أن الإدارة الأمريكية الحالية أبدت إقرارا بجدوى وأهمية تفعيل حل الدولتين، والعمل من أجل نيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.
وحسب المعلومات المتوفرة، فإن ما نقل للقيادة خلال الزيارات الكثيرة التي شهدتها رام الله، من مسؤولين دوليين وعرب، اشتمل على تأكيدات على أن “حل الدولتين” هو الحل الذي ستستند إليه أي عملية سلام أو مخطط لإنهاء الصراع، وهو أمر جرى بحثه أيضا بين الوزراء العرب وبين نظيرهم الأمريكي، وحتى خلال اتصالات بايدن مع العديد من المسئولين في الشرق الأوسط، وهو أمر نقل بشكل مباشر إلى القيادة الفلسطينية.
كما جرى التأكيد على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة على أساس خطوط الرابع من يونيو 1967 وقرارات مجلس الأمن الدولي.
وفي إطار التحركات الجارية، لا يستبعد أن يجري عقد اجتماع موسع يضم أعضاء اللجنة الرباعية الدولية التي تضم أمريكا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، مع “مجموعة ميونخ”.
وفي هذا السياق نقل وزير الخارجية الأمريكي، خلال لقائه بالرئيس عباس وعدد من المسؤولين الفلسطينيين في رام الله، تلك التطمينات، والمواقف الأمريكية الجديدة المغايرة لتلك التي تبنتها إدارة ترمب، وأساسها أن “حل الدولتين” هو أساس التحرك السياسي القادم.
وعلمت “القدس العربي”، أن بلينكن وعد خلال زيارته لرام الله، بأن تتخذ إدارته “خطوات ملموسة” في الوقت القريب، بهدف الدفع باتجاه تحسين العلاقات مع الجانب الفلسطيني، بما في ذلك استئناف الدعم المالي.
وفي خضم ما عرض سواء المعلن في التصريحات، أو تلك الوعود التي قدمت في الخفاء، طلبت القيادة الفلسطينية من إدارة بايدن أن يكون من ضمن “الخطوات الملموسة”، وبشكل عاجل إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وكذلك السماح بإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطيني في واشنطن، وهما اللذان أغلقا بقرار من ترامب، ضمن خطواته المجحفة ضد القضية الفلسطيني.
وفي هذا السياق، أكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ، أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، حول إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية تمثل “قرار سياسي يعد الأهم من بين القرارات التي اتخذتها الإدارة الجديدة، ورسالة واضحة بأن القدس الشرقية جزء من الأراضي المحتلة عام 1967″، مشيرا إلى أن الإعلان عن إعادة فتح السفارة الأمريكية في القدس الشرقية “يعني ضمنا ومضمونا انهيار صفقة القرن التي حاولت الإدارة السابقة تمريرها، ويشكل أرضية صالحة لإعادة العلاقة الطبيعية مع الولايات المتحدة الأمريكية وأن تكون طرفاً فعالاً ومؤثراً في إطار الرباعية الدولية للتوجه لمفاوضات تستند لقرارات الشرعية الدولية”.
وبين الشيخ أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أكد سعي إدارته بكل الجهود إلى فتح أفق سياسي جديد يرتكز على أساس الشرعية الدولية وحل الدولتين، كما وأدان سياسة الاستيطان، وسياسة الخطوات الأحادية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية، وقال الشيخ:” هذه المكالمة كانت أرضية للبدء بالضغط الأمريكي والمجتمع الدولي على الحكومة الإسرائيلية لوقف إجراءاتها في القدس”.
وخلال زيارة رام الله، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أن بلاده ترغب في “إعادة بناء” علاقتها مع الفلسطينيين، وستسعى لإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، بلينكن مؤكدا أن “حل الدولتين” هو “السبيل الوحيد” لحل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال “أنا هنا للتأكيد على التزام الولايات المتحدة بإعادة بناء العلاقة مع السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني. علاقة مبنية على الاحترام المتبادل وأيضا على القناعة المشتركة بأن الفلسطينيين والإسرائيليين يستحقون على حد سواء إجراءات متساوية من ناحية الأمن والحرية والفرصة والكرامة”، متعهدا بالمساعدة في إعادة قطاع غزة المحاصر، لافتا إلى أنه سيبلغ الكونغرس بنية إدارته تقديم 75 مليون دولار كمساعدات للتنمية والمساعدة الاقتصادية للفلسطينيين في 2021، وقال إنهم سيقدمون أيضا 5,5 ملايين دولار كمساعدات عاجلة لقطاع غزة و32 مليون دولار لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.
يشار إلى أن بداية التحركات السياسية تعود إلى شهر يناير الماضي، أي بعد تسلم إدارة بايدن مهام عملها، عندما عقد اجتماع لوزراء خارجية السلطة الفلسطينية ومصر والأردن، تلاه لقائهم المشترك مع الرئيس عباس الفتاح السيسي، ليعقد في تلك الفترة اجتماع آخر لوزراء خارجية “مجموعة ميونخ”، التي تضم مصر والأردن وفرنسا وألمانيا، والتي لا تمانع القيادة الفلسطينية، أن يكونا شركاء مهمين في رعاية أي عملية سياسية تنطلق، بمشاركة اللجنة الرباعية، لكسر احتكار رعاية المفاوضات على الأمريكان، خاصة بعد التجربة المريرة التي شهدتها السنوات الـ 25 الماضية، والتي كان أكثرها غلطة على الفلسطينيين تلك التي كانت في حقبة ترامب.
يجب على الإدارة الأمريكية إيجاد خطة لمغادرة المحتل الإسرائيلي لفلسطين.
بمعنى كم عدد البواخر والطائرات التي سيتم بها إجلاء الصهاينة من فلسطين وكم يلزم ذلك من وقت ثم إعداد مخيمات لهم في المرافئ والمطارات الأمريكية إلى حين توزيعهم على المدن الأمريكية والأمر نفسه بالنسبة للدول الأوروبية.
كان على اللوبي الصهيوني أن يقرأ لهذا حسابا بدلا من بنائه مستوطنات لهف نتنياهو أموالها.
في النهاية سوف لن يبقى أي صهيوني على أرض فلسطين.