مصاص الدم وهاتك عرض القبيلة… وإنريكو ماسياس يقتل الفلسطينيين ويمشي بجنازة العرب!

هل تنفع التمائم الخماسية والسداسية وتحمينا من الوحوش التي تطل بين الفينة والأخرى لتروع المجتمع بأكمله ولتزرع الفاجعة في قلوب الأهل. من أين تطل هكذا مخلوقات بلا ملامح ولا آدمية، ما الذي يدخلها لحي من أحياء تمنغست، آنكوف، الجزائرية، ليس بغرض السطو أو السرقة، لكن لاغتصاب طفلة لم تتجاوز السنتين!
من أين خرج مصاص الدم هذا وهاتك عرض القبيلة كلها. مريم. كلنا مريم وهل تخلصنا الشعارات من هكذا أفعال مقرفة حد التقيؤ، لننظر في مرايا الثكالى والضحايا، لننظر من حولنا، أين هي الضوابط وسلطة المجتمع الرقابية ومختلف السلط المدنية والسياسية؟
ثم لماذا نتشدق بسطوة القبيلة، التي تظهر في أوقات الرخاء وتقسيم الغنائم فقط، لماذا اختفت كل الضوابط، دينية ودنيوية، ما سبب هذا الانحدار القيمي والأخلاقي، وماذا بقي من ميزات المجتمعات التي تنعت بالتقليدية فقط من مجرد هيئتها الخارجية وأطباقها التقليدية؟!
إلى متى توقفنا مآسي الاغتصاب حتى في المجتمعات، التي كنا نعتقد أنها في منأى من شرور الذئاب، نظرا للعلاقات المتسامحة السامية بين الرجال والنساء؟
يعلق الناس تمائم، دخلت في لا وعيهم، عيونا زرقاء وخرزا وأيادي لفاطمة الزهراء وخمّيْسة من بيض النعام أو الصدف، لعل وعسى تدفع عنهم كل ذلك الأذى.
لكن الأذى أصبح يدخل من كل المنافذ، هل يعجز المجتمع عن ايجاد الجاني وتحديد هويّته؟ أرجو أن منتوج صيني أو من الساحل الافريقي. لنتنفس الصعداء ونقول: ليس منا ولن يكون من قام بهذا الجرم. وإلا لا قدّر الله وكان الجاني منا، ساعتها، تتعطل الحواس ونقرأ ياسين على مصابنا الجلل في قيمنا. ونقيم الحداد على آدميتنا؟!

رشق رجال الأمن بالأزهار
والساسة بالأشواك

كذلك تداولت وسائل التواصل الاجتماعي صورة صاحبة الخمار البني التي فعلت فعلتها بصاحب البدلة الزرقاء، شاب يافع ماذا عساه يفعل وهو قتيل ثغرها المبتسم وجميل لحظها. لقاء صدفة خير من ألف ميعاد وكأنه يعرفها منذ زمن طويل. ابتسامته تشكل صورة القرن، كما علق أحد المتابعين، وهناك من كتب شعرا جميلا عنها. صورة هزت المتابعين واخرجتهم من قوقعة هذا القرن الذي هزمته البذاءات والعنف والدموية.
خلف ألبسة وخوذة القمع، ومن وراء زجاج يحميه إن رمته بحجر، انساق لترميه بعتاب وحب. أيا كان هذا الحب وهذه المعرفة التي تبدو عميقة، تلتقي فيها الأرواح بحكمة إلهية. بينهما عبارة حب في زمن الكاشير. عبارة بائسة ليست في حسابات أصحاب الصورة، ولا ترقى لتعبر عن اللقطة هذه. وما دور الكاشير في صورة الشابة التي تهدي أحد عناصر الأمن قرنفلا أبيض ناصعا لا تشوبه شائبة؟ عندما يتسامح أبناء الوطن الواحد لا يصبح لـ”اليونيفورم” معنى وتسقط كل الأفكار المسبقة على المظاهر، وتبرز القيم الدفينة فينا، وكل ما نتمناه أن تعود المحبة وتكتسح الأماكن والقلوب.
الكل أجمع على هذه الصور أنها تعبر عن الحراك السلمي، الذي نجح في إخراج كبتنا السياسي والعاطفي، وفي تواصلنا في الشارع، الذي حرمنا منه طويلا، والصراخ والكلام بصوت أعلى. الله يديم رسائل ومسيرات السلام والبناء، وعلى أمل أن يفهم أصحاب البطون، التي لا تشبع، أن عليهم اتباع حمية إلى الأبد، لأن زمنهم قد ولّى. فهنيئا لمن خرج يحمل قلبه بين كفيه ويحمل وطنه في كل ذرة من جسمه.

إنريكو ماسياس عار
على الفن وعلى الإنسانية

إنريكو ماسياس، قيثارة مضرجة بدماء أطفال فلسطين، جاء لينظفها في المغرب، غير آبه بما أسماه تصريحات إرهابية، تلك التي أرسلتها له منظمات حقوقية وثقافية وسياسية مغربية ترفض قدومه وهذا منذ شهر، أي منذ الاعلان عن مجيئه ليغني في عيد الحب. يقتل القتيل ويمشي في جنازته!
كيف يرحب بمن لا يخفي مواقفه المخزية والمساندة للجيش الاسرائيلي ودمويته، وهو عضو في أحد أبشع فصائل هذا الجيش، وقيادته حملات تبرع لصالح إسرائيل، ضاربا عرض الحائط مشاعر العرب والمسلمين بما يقترف في فلسطين من قتل وتدمير وتشريد، ونهب فلذلك جاءت تصريحاته في الإعلام الفرنسي بأنه مع إسرائيل بجسده وروحه، فلمن يغني وأي القلوب ستتفاعل مع أغانيه؟!
لا للتطبيع مع الصهاينة، المغرب أرض حرة وماسياس يطلع برة. هكذا استقبل المغاربة في الدار البيضاء الزيارة غير المرغوبة فيها لانريكو ماسياس اليهودي الجزائري المولد.
جاء ليغني في الرابع عشر من الشهر الجاري هذا “الفلنتينو” المسن الذي لا تليق به الورود ولا القلوب الحمراء، بل لعاب أغانيه ونوتاته عبارة عن عظام أطفال مطحونة وأجساد مسنين مهشمة، صولفاج تشابكت عليه اعتقالات الأطفال والعجزة ومداهمة الديار والأسلاك الشائكة على كل المنافذ والطرقات.
هو صوت رنان وجزء من العصابات الصهيونية، التي تعيث فسادا في هذا العالم، والتي تزيد من أسوار العزل بين البشر، واغتصاب التاريخ والجغرافيا والنصوص. كان على حكومة المغرب أن تستقبله بمذكرة اعتقال باعتباره مجرم حرب، هكذا تفاعلت إحدى السيدات الحقوقيات المناهضة للتطبيع، والتي قالت إن المجتمع المغربي لا يرغب في زيارته وهو قاتل الأبرياء والداعم للجيش الاسرائيلي وللصهيونية، مجرم حرب ولا يمكنه أن يغني للحب، وأضافت أنهم كمنظمات رافضة للتطبيع سيتصلون بالمنظمين لإلغاء الحفل وبوزير الثقافة للاستفسار، لأنه إذا غنى في المغرب سيكون ذلك عارا على كازا بلانكا وعلى المغرب. أضافت نفس المتحدثة .
وفعلا، لم يكن مجرد كلام. دخل المغرب مختالا، لكن نفذ المحتجون تهديدهم بالتظاهر واحتشد الكثير من المناضلين في الأحزاب والمنظمات والجمعيات أمام قاعة “ميغا راما”، منددين بهذا المغني الصهيوني، وبأن لا توجد مشاكل للمغاربة مع اليهود، بل “مشاكلنا مع الصهاينة المساندين بالمال والروح للجيش الإسرائيلي المغتصب للأرض ولحق الحياة. وبأن ماسياس بوق الدعاية الصهيونية في أوروبا. ومنخرط في وحدة عسكرية من أشرس الوحدات، التي تداهم البيوت وتعتقل وتقتل الأطفال، والتي يطلق عليها حراس الحدود. ومتى كانت للصهاينة دولة هناك وحدود؟
التطبيع الفني إهانة لمشاعر المغاربة، ودعوة المتظاهرين للإسراع بإخراج قانون تجريم التطبيع إلى حيز الوجود. التطبيع ينخر في مجتمعاتنا كما ينخر الدود في جثة هامدة.
ماسياس في العقد الثامن من عمره، الذي بني على إبادة الآخرين، ما زال يشحذ الرأي العام والهمم في استقباله في بلدان المغرب العربي، وكان قد أثار موجة بين مؤيد ومعارض عندما أبدى رغبة شديدة في أن يزور الجزائر ومسقط رأسه قسنطينة، لكن هناك من خيب أمله ولم يدخل الجزائر الرافضة للتطبيع شعبا وحكومة، رغم أن البعض اعتبروه جزائريا فوق العادة ومحبا للجزائر. وبحجة تناغم العيش المشترك بين الجزائريين واليهود والحنين لذلك الماضي، الذي لم يعد يشبه ما كان في أي من تفاصيله. ها هو، ولأنه لم يستطع أن يشبع من عنب الجزائر يغادر لوجهة أخرى والتي أيضا واجهته بعنب مر.
من يشاهد المظاهرات ليست المليونية، ولكنها مظاهرة نخب واعية بشعارات قوية وترديد أغاني الشيخ إمام يشعر بقشعريرة لم يكن قد شعر بها منذ زمن طويل، زمن التضامن المطلق مع القضية الفلسطينية، في زمن تتجيش فيه الشعوب بالآلاف والملايين من أجل كرة قدم بين الأحياء والبلدان الشقيقة، ولا تحرك هذه الجيوش ساكنا لدعم كبرى القضايا! ويمكن لأي مشاهد أن يخرج بنتيجة أن مظاهرات ذات نوعية وشعارات مبنية لا تحتاج للآلاف بل يكفيها المئات أو العشرات. في كل مرة نكسب معارك صغيرة، نخسر مئات القضايا الكبيرة.

كاتبة من الجزائر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول صوت من مراكش:

    للاسف يا اخت هناك لوبي قوي عندنا يعتبر التطبيع مع الصهاينة

    قمة التسامح و الانسانية تشابهت عليهم الابقار و صار المجرم

    عندهم نبيلا شكرا للصامدين هنا و تعسا للقناة السطايل

    تحياتي

  2. يقول غادة .الشاويش_بيروت سابقا_عمان الان!:

    سيدة مريم تحية السحر لقلمك المناضل العنيد في مكافحة الشر صدقيني لقد دمعت عيناي وانا اقرا مقالك وخاصة الشق الاخير المتعلق بفلسطين كنت اظن وانا الجريحة التي سفك الاحتلال دمي ذات مسيرة على الشيك الحدودي واستشهد ستة ان طغاة العالم غطوا على طغيان الصهاينة كنت غارقة بالهم وانا ارى صور قادة العدو تملا جزيرة العرب كنت مهمومة حقا ان تكون روح الرفض موؤودة قتلت بذنب هواها المقدسي فاذا بارواح المغاربة تحمي قدسية التضحية وطهارة الالم وعدالة القضية التي نحمل على اكتافنا لن تسقط بنادقنا اختي الغالية مريم ولن نردم خنادقنا فمعنا قلوبكم المغاربية الجميلة واقلامكم التي لم توفر طلقة ولل اقول كلمة في رفض صديد مقرف هو هذا الارهابي الراقص على جراحنا احببت كل سطر في مقالك وتابعي الطلقات ايتها الحرة
    غادة جريحة فلسطينية ممتنة من كل اعماقها لقلمك الشريف

  3. يقول رشيد رشيد:

    بارك الله تعالى كاتب المقال….وبارك االله في الشعب المغربي وبارك الله في النخبة المغربية التي لها علم وفطنة ووعي رفيع بقضايا العالم وخاصة قضايا المسلمين…وما رفضهم ان تطع قدما هذا الصهيوني بامتياز لارض المغرب الزكية الا دليل على الانفة والنبل العالي لجوهر ولب الشعب المغربي

  4. يقول بديار بديار:

    لك اسمى تقدير وفائق الاحترام ايتها الكاتبة الذكيةمريم بوزيد سبابو

  5. يقول سليم نزال:

    مقال رائع .كل التقدير و الاحترام

  6. يقول عبدالله الفارسي:

    بوركت أناملك أستاذه مريم .. مقال اكثر من رائع
    حفظك الرحمن .

  7. يقول أبو يعرب طجعان:

    لم نسمع ولم نشاهد أية حشود أو جماهير في المغرب أو الجزائر ترفض قدوم هذا المغني اليهودي المدافع عن الجيش الإسرائيلي٠ مازال المعادين هم فقط بعض الثوريين اليساريين الفولكلوريين أصحاب الشعارات القومية من إنتاج المدرسة البعثية المنتهية صلاحيتها٠

  8. يقول Fadwa:

    the Arabs have sold their Palestinian cause since OSLO …. there are only fries to eat …..

  9. يقول عاطف - فلسطين:

    كل الاحترام.

إشترك في قائمتنا البريدية