مصدر لـ «القدس العربي»: إجلاء مئات المدنيين من شرقي سوريا و400 من مقاتلي تنظيم «الدولة» باقون في آخر جيب له

هبة محمد
حجم الخط
0

الباغوز- دمشق – «القدس العربي»: خرجت 46 شاحنة على الأقل الاثنين محملة بالمئات من النساء والأطفال والرجال من جيب تنظيم الدولة المحاصر في شرق سوريا، في دفعة هي الثالثة في غضون أسبوع، ما من شأنه أن يقرّب قوات سوريا الديمقراطية من حسم معركتها ضد الجهاديين.
وتنتظر هذه القوات انتهاء اجلاء المدنيين، لاتخاذ قرارها باقتحام الجيب المحاصر داخل بلدة الباغوز، في حال عدم استسلام مقاتلي التنظيم، تمهيداً لإعلان انتهاء «خلافة» أثارت الرعب على امتداد سنوات. وعند نقطة الفرز المخصصة لتفتيش الخارجين، على بعد أكثر من 20 كيلومتراً شمال الباغوز، شوهدت 46 شاحنة تشقّ طريقها في منطقة صحراوية، محملة بالمئات من النساء المنقبات مع أطفالهن ورجال غطوا وجوههم بكوفيات. وبدت الشاحنات مكتظة بركابها الذين غطت الغبار ملابسهم، وبينهم عدد من الجرحى، اصطحب أحدهم عكازيه بينما جلس آخر على كرسي نقال. وجلس عدد من الرجال على سطح الشاحنة بينما وقفت النساء بشكل متراص داخل مقطورتها.

عبر 46 شاحنة تقلهم وبينهم 11 طفلاً إيزيدياً من «أشبال الخلافة»

وتوقع مدير المكتب الإعلامي لـ»قسد» مصطفى بالي لفرانس برس صباح أمس الاثنين «خروج عدد كبير من المدنيين اليوم» من الباغوز، حيث يُحاصر التنظيم في نصف كيلومتر مربع، آملاً أن تكون هذه «الدفعة الأخيرة». وتقدر قوات سوريا الديمقراطية أنّ «نحو خمسة آلاف شخص» كانوا موجودين داخل الجيب صباحاً استناداً إلى معلومات جمعتها من الذين تمّ إجلاؤهم مؤخراً. وخرج نحو خمسة آلاف شخص على دفعتين الأربعاء والجمعة، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الجهاديين، وصلوا إلى مخيم الهول شمالاً بعد خضوعهم لعملية تفتيش وتدقيق في هوياتهم، بينما تمّ نقل الرجال المشتبه بانتمائهم للتنظيم المتطرف إلى مراكز اعتقال. وقبل وصول الشاحنات، بدت نقطة الفرز خالية إلا من مخلفات من خرجوا في الأيام السابقة كالبطانيات وعبوات المياه البلاستيكية ومعلبات طعام فارغة وثياب مرمية.

مساعدات عاجلة

واعتقلت «قسد» خلال المعارك التي خاضها المئات من المقاتلين الأجانب غير السوريين والعراقيين من جنسيات عدة أبرزها البريطانية والفرنسية والألمانية. وطالبت مراراً الدول المعنية باستعادة مواطنيها لمحاكمتهم لديها. ويثقل تدفق المزيد من الأشخاص من جيب التنظيم كاهل الإدارة الذاتية الكردية ومنظمات الإغاثة. وقال عمر»لا يتحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته في الوقت الحاضر تجاه الأعداد الكبيرة من الخارجين من جيب داعش.. سواء بالنسبة للحاجات اليومية أو الاهتمام وإعادة تأهيل الأطفال لأننا وحدنا لن نتمكن من فعل ذلك». وأضاف «لا تؤمن المنظمات الدولية أكثر من 5 في المئة من احتياجات المخيمات والمعتقلات».
ويكتظ مخيم الهول الذي يؤوي أكثر من 45 ألف شخص، حسب لجنة الإنقاذ الدولية، مع وصول المزيد من الأشخاص إليه. ويضم قسماً خاصاً بعائلات الجهاديين الذين خرجوا من جيب التنظيم في ريف دير الزور الشرقي، بالإضافة إلى آلاف العائلات التي فرّت منذ 2017 من معارك ضد التنظيم على جبهات عدة. وحذّرت الأمم المتحدة الجمعة من «الحاجة الماسة إلى خيم إضافية ومواد غير غذائية ومياه ومستلزمات صحية ومواد تنظيف».

«أشبال الخلافة»

وعلمت «القدس العربي» أن من بين المفرج عنهم من الباغوز 11 طفلاً إيزيدياً، ممن اختطفهم التنظيم أثناء هجومه على جبال سنجار شمالي العراق، حيث كان التنظيم قد جندهم ضمن ما يسمى بأشبال الخلافة كقوة يستخدمها لارتكاب الأعمال الإرهابية. وحسب مصادر مسؤولة من قوات سوريا الديمقراطية «قسد» لـ»القدس العربي» لا يزال مئات المقاتلين وكذلك عدد من المدنيين الذين يتخذهم التنظيم كدروع بشرية محاصرين في الانفاق ضمن ما تبقى من المساحة الصغيرة التي يسيطر عليها المختبئين الرافضين للاستسلام في بساتين بلدة الباغوز، وذلك وبالتزامن مع محاولات دفع هؤلاء المقاتلين إلى الاستسلام عبر المفاوضات غير المباشرة عن طريق قيادات عشائرية من المنطقة، وإيجاد التحالف الدولي ممرات إنسانية لإنقاذ المدنيين المحاصرين.
النائب في «هيئة العلاقات الخارجية في مقاطعة كوباني» السابق، ادريس نعسان أوضح أن أعمار الأطفال الذين بحوزة التحالف الدولي و«قسد»، تتراوح ما بين 10 سنوات و15 سنة، جميعهم كرد عراقيون من اتباع الديانة الإيزيدية، مؤكداً لـ»القدس العربي» نقل الأطفال الـ 11 من أطراف الباغوز إلى مكان آمن في شمال سوريا، لم يسمه، من اجل «معالجتهم ومساعدتهم للتخلص من الفكر التكفيري الجهادي الذي زرعه التنظيم فيهم ليعودوا أطفالاً اسوياء مثل اقرانهم الآخرين».
وحول هوية الأطفال وذويهم قال المتحدث إنه تم تغيير أسمائهم الحقيقية وكناهم بأسماء تتناسب مع فكر التنظيم وإيديولجيته، ولذلك يتم الآن التحقق من أسمائهم الحقيقية لمعرفة عائلاتهم وهذا يتطلب تعاوناً بين التحالف الدولي و»قسد» والجهات المسؤولة في الحكومة العراقية، مطالباً «المجتمع الدولي بالمساعدة من اجل إعادة هؤلاء الاطفال إلى بلدهم وتوفير الرعاية ومستلزمات ووسائل الدعم النفسي في شمال سوريا والعمل على دمجهم في مؤسسات تربوية وتعليمية».
وقدر الباحث السياسي ادريس نعسان عدد المقاتلين المحاصرين في الباغوز بـ 400 مقاتل، لافتاً إلى ان أعداد المدنيين غير واضح إلى الآن، ولكنهم يقدرون بالمئات أيضاً، وقال «بلا شك هناك عائلات مازالت مرتهنة لدى تنظيم الدولة كدروع بشرية وبالتالي هناك أطفال ونساء». حيث تتوقع «قسد» السيطرة الكاملة على آخر معاقل تنظيم «الدولة» في قرية الباغوز شرق دير الزور خلال أسبوع.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 500 شخص خرجوا خلال الساعات الماضية من عوائل عناصر تنظيم «الدولة»، حيث جرى نقلهم إلى الأراضي العراقية، لافتاً إلى ان العملية تمت بعيداً عن عدسات الإعلام، لترتفع اعداد الخارجين خلال الأيام الماضية إلى 1400 بينهم 82 من عناصر التنظيم، مشيراً إلى ان الخارجين الذين وثقهم المرصد منذ الأول من كانون الأول/ديسمبر بلغ عددهم 47450 وهم من جنسيات مختلفة سورية وعراقية وروسية وصومالية وفلبينية وغيرها من الجنسيات الآسيوية والغربية.
من جهة أخرى قُتل قيادي وثلاثة من مرافقيه من فصيل «جيش الثوار»، المنضوي ضمن تحالف سوريا الديمقراطية «قسد» التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية، جراء حادث سير في مدينة «منبج»، بريف حلب الشرقي، مساء الأحد. وأفادت مصادر إعلامية محلية أن َّ «حسام الجاسم» أحد قياديي فصيل «جيش الثوار» قُتل جراء حادث سير أثناء عودته من دير الزور إلى منطقة منبج على طريق «تل تمر»، مضيفة أن ثلاثة من مرافقي القيادي قُتلوا أيضاً جراء حادث السير ذاته عُرف منهم محمد الصدير وأحمد الخلف.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية