قامت الحكومة المصرية بخفض جزئي لدعم المواد البترولية الذي يكلف الدولة نحو عشرين بالمئة من الميزانية العامة، ضمن اجراءات للتقشف تستهدف خفض العجز في الميزانية الى نحو عشرة في المئة من اجمالي الناتج القومي.
وبالرغم من اشادة بعض الخبراء الاقتصاديين بالقرار باعتباره «خطوة ايجابية وبيانا واضحا للنوايا لاصلاح الاقتصاد»، الا ان القرار كرس مخاوف من ان العهد الجديد ينحاز عمليا ضد اصحاب الدخل المحدود او الثابت لمصلحة الاغنياء، بعد ان اثبت التطبيق العملي للزيادة خلال اليومين الماضيين فشل الحكومة في الوفاء بوعودها بشأن حماية الفقراء من ارتفاع كبير في اسعار السلع الاساسية.
وبات واضحا ان الحكومة لم تستعد لمواجهة عواقب زيادة اسعار الوقود، وانها لا تملك اي آليات حقيقية لضمان عدم استغلال التجار والشركات الكبرى للقرارات لفرض زيادات غير مبررة على المواطنين، باستثناء مناشدات ساذجة الى رجال الاعمال، وزيارات ميدانية قام بها مسؤولون لمتابعة تنفيذ القرارات.
وتوقع وزير التخطيط أشرف العربي ان يرتفع معدل التضخم بسبب هذه القرارات من ثمانية بالمئة حاليا الى خانة العشرات، فيما توقع خبراء ان الزيادة قد تحدث تغييرا هيكيليا في المجتمع، اذ ستدفع جزءا كبيرا من الطبقة المتوسطة للهبوط الى الطبقة الفقيرة.
وهكذا فان المواطنين من متوسطي الحال والفقراء الذين يفترض ان يستهدف اي اصلاح اقتصادي تحسين احوالهم هم من سيضطرون الى «شد الاحزمة» لتمويل الاجراءات الحكومية، بالاضافة الى دفع فاتورة الاخطاء الناجمة عن العشوائية في تطبيقها. ولكن من يعرفون الواقع في مصر يدركون ان الفقراء الذين يقتربون من نصف السكان لا يستطيعون ان يتحملوا مزيدا من المعاناة، وان بعض هؤلاء بدأ بالفعل في الحديث عن «ثورة جديدة» بحثا عن العدالة الاجتماعية المفقودة.
وبالفعل فان العهد الجديد اصبح يواجه مزيدا من الضغوط للتعامل بشفافية في هذا الملف الحرج بالنظر الى بعده السياسي، وارتباطه في اذهان المصريين بانتفاضة الخبز التي كادت تطيح نظام الرئيس الراحل انور السادات في العام 1977، لولا تراجعه عن قرارات زيادة الاسعار. وعلى الحكومة ان تجيب عن اسئلة محددة تتعلق بمحاباة الأغنياء في «روشتة الاصلاح االاقتصادي»، كما بدا واضحا في نسب الزيادة باسعار الوقود، حيث زادت اسعار السولار الذي يسمى في مصر بـ «وقود الفقراء» بنسبة ثلاثة وستين بالمئة، فيما لم تتجاوز في البنزين 95 اوكتين الذي تستخدمه السيارات الفارهة نسبة السبعة في المئة.
ويؤكد خبراء اقتصاديون ان نحو ثمانين بالمئة من اجمالي دعم الدولة للطاقة مازال يوجه الى غير المستحقين، وهم حسب تقديرات حكومية حوالي اربعمئة فرد فقط من اصحاب المصانع والشركات الكبرى التي تشتري الطاقة بالسعر المدعوم (من اموال الفقراء) في انتاجها المخصص للتصدير، وهكذا تبيع منتجاتها باسعار عالمية محققة ارباحا خيالية بسبب انخفاض سعر الطاقة محليا.
واذا كانت الحكومة ستحصل على واحد وخمسين مليار جنيه (نحو سبعة مليارات دولار) من جيوب الفقراء بالقرارات الاخيرة، فماذا تنتظر لكي تحصل على مثل هذا المبلغ او ضعفه من ارباح (المحظوظين الاربعمئة) اذا كانت هناك عدالة؟ وهل سيشعر المواطنون بتحسن في الخدمات حقا بعد وعود رئيس الحكومة بتخصيص اثنين وعشرين مليارا منها الى الصحة والتعليم؟
اما الهدف من الاسراع باصدار هذه القرارات فليس «انقاذ مصر من الافلاس» كما قال رئيس الحكومة، وان كان محقا في تحذيره من خطورة الحالة الاقتصادية، لكن استغلال عدم وجود برلمان يراقب ويحاسب، وكذلك حقيقة ان عمر هذه الحكومة لا يزيد عن ستة شهور، بالتالي ينطبق عليها المثل الشعبي المصري (يا رايح كتر من الفضايح).
ان الاستمرار في هذه السياسة الاقتصادية التي تكيل بمكيالين، وتفتقد القدرة على توفير شبكة امان للفقراء حتى وان صدقت نواياها وهي تسعى الى الاصلاح، لايمكن الا ان يولد طاقة متنامية من الغضب الشعبي التي قد تنفجر على هيئة «ثورة جياع» في وجه النظام في اي وقت، حتى اذا كان يظن انه يتمتع ببعض الشعبية حاليا.
فهل سيدرك النظام قبل فوات الاوان انه يحتاج الى مراجعة سريعة لسياساته الاقتصادية انصافا للفقراء الذين كانوا دائما وقود كل الثورات والتحولات التاريخية في مصر؟
رأي القدس
هذا ليس إصلاح بل إنتقام ضد الشعب المصري من النظام السابق وهذا ما تفعله الأنظمة العربية بالشعوب اذا أسقطتها أو مازالت تحاول أن تسقطها (الأسد أو نحرق البلد).
الى الاخ عصام احمد كيف عرفت ان المعلقين غير المصرين يتمنون ثورة جياع لمصر ؟؟؟ الا تعلم ايها الاخ الحبيب انه يوجد ملاين المصرين يتمنون ثورة جياع في مصر بل اكثر من ذلك يتمنون انهيار مصر وها هم يقتلون ابناء مصر بالمتفجرات والفاعلين هم من ابناء مصر الاقحاح عيب يا حبيبي هذا الكلام كلنا اخوان
الحمد لله رب العالمين على نجات تعليق واحد من الاعدام برافو برافو برافو
الى الاخ عصام :
أؤكد لك ان هناك العديد من الافراد في جميع الدول العربية والإسلامية يتمنون الخير لمصر اكثر من الكثير من المصريين الا من رحم ربي
وإنكم تزحفون وراء السيسي زحفا الذي أعماكم عما اقترفت يداه الملطختان بدماء الابرياء.