مصر: اعتراضات على تعديل البرلمان قانونا يسمح بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: وافق البرلمان المصري، الإثنين، بصورة نهائية، على إجراء تعديلات على قانوني مكافحة الإرهاب والعقوبات، تستهدف تغليظ عقوبات تصوير جلسات المحاكم التي تنظر الجرائم الإرهابية، فيما أعلن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، رفضه مشروع تعديل القانون المقدم من الحكومة، الذي يقضي بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري في حالة الاعتداء على المنشآت العامة التي تحميها القوات المسلحة.
وقال إن نوابه في البرلمان، اعترضوا على التعديلات المقدمة من الحكومة على قانون حماية المنشآت العامة.

«وضع استثنائي»

وحسب بيان الحزب، قال النائب فريد البياضي، عضو مجلس النواب عن الحزب، في الجلسة العامة للمجلس:» مع كل احترامي وتقديري للقوات المسلحة، ولدورها الذي نفتخر به في حماية الوطن، وإن كنت لا أعترض على قيام القوات المسلحة بحماية المنشآت، مع ملاحظة أن هذا الوضع يجب أن يكون مؤقتا، إذ أن هذا هو دور الشرطة، إلا أنني حتى لو كنت أغرد خارج السرب، ورغم أنني متأكد أن الأغلبية ستوافق، إلا أنني إرضاء لضميري وللتاريخ يجب أن أعترض على محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، لأنه وضع استثنائي، وغير مقبول في الأعراف والدساتير الدولية، حتى لو كانت هناك مادة في الدستور تستند إليها الحكومة».
وأعطى مثالا بمد حالة الطوارئ، وقال إنها «كانت دستورية، وعلى الرغم من ذلك، كانت وضعا استثنائيا وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي ذلك، عندما قرر عدم مد حالة الطوارئ، لما تشهده البلاد من استقرار أمني، وإن إقرار مثل هذا القانون الآن يتناقض مع هذه الحالة التي تشهدها البلاد، ويعطي صورة سلبية غير حقيقية عن مصر في الداخل والخارج».
وزاد: «إطلاق لفظ المنشآت العامة، وهو لفظ غير محدد، وواسع يجعل أي منشأة في مصر بما فيها الطرق ومحطات البنزين داخل هذا القانون وهناك حالات لمواطنين أتلفوا أعمدة إنارة بدون قصد نتيجة حوادث تصادم، وتمت إحالتهم للنيابة العسكرية، كما أن التعديل يقر هذا الوضع بصفة دائمة بعد أن كان وضعا مؤقتا لمدة عامين ثم 5 أعوام والآن تريد الحكومة إقراره بصفة دائمة».
واختتم البياضي، كلمته قائلا: «نظرا لمخالفة هذا القانون للأعراف الدولية، وتناقضه مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ومع قرار الرئيس بإلغاء حالة الطوارئ نظرا لوضع الاستقرار الذي تشهده البلاد، وللصورة السلبية التي سيصدّرها هذا القانون للخارج والداخل، ولنفس الأسباب التي رفضت لأجلها مد حالة الطوارئ من قبل، أرفض مشروع هذا القانون».
كما رفضت النائبة مها عبد الناصر، عضو الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي تعديلات القانون، محذرة «من التوسع في محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري». وتساءلت عن «مفهوم المنشآت العامة والحيوية المقصود بها في القانون، وإن كان يدخل في سياقها الطرق الجديدة التي تديرها القوات المسلحة». وقالت: «لست ضد محاكمة أي شخص يعتدي على منشأة أو يدمر طريقا» ولفتت إلى «بعض المشادات التي حدثت بين مواطنين وعاملين في محطة بنزين وطنية تابعة للقوات المسلحة التي نتج عنها إحالة مدنيين للمحاكمة العسكرية».
ورد مساعد وزير الدفاع للشؤون الدستورية والقانونية، اللواء ممدوح شاهين، على اعتراضات نواب الحزب المصري الديمقراطي، وقال إن «القوات المسلحة مارست دورا في حماية المنشآت العامة والخاصة منذ 2011 والظروف تستلزم أن القوات المسلحة تستمر في دعم الشرطة في حماية المنشآت».
الناشر المصري هشام قاسم انتقد التعديلات التي وافق عليها مجلس النواب، وكتب على صفحته الرسمية على «فيسبوك»: «وفقا لهذا التعديل، يمكن أن يحاكم المواطن أمام القضاء العسكري بسبب مشاجرة في قطار سكة حديد، أو إلقاء كيس قمامة فوق أحد الكباري».
وتابع: «مع تسليمي بأن هناك انفلاتا في السلوك العام، إلا أني اعتقد أن مصر أصبحت دولة فريدة من نوعها بتقنين المحاكمات العسكرية لجرائم لا تمت بصلة للجيش والمؤسسات التابعة له أو الأمن القومي، ومن الممكن أن تكون الخطوة التالية هو قيام البرلمان بإلغاء القضاء المدني». واختتم ساخرا: «كل الشكر للبرلمان العظيم ومساهمته الجليلة لتحويل مصر إلى قاعدة عسكرية بدلا من دولة مدنية».
وفي جلسته أول أمس، وافق مجلس النواب على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 136 لسنة 2014 في شأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية. ونصت المادة الأولى من مشروع القانون على أن «يستبدل بنص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 136 لسنة 2014 في شأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، بالمادة الأولى: مع عدم الإخلال بدور القوات المسلحة في حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها، تتولى القوات المسلحة وأجهزة الشرطة والتنسيق الكامل معها في تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية بما في ذلك محطات وخطوط الغاز وحقول البترول وخطوط السكك الحديد وشبكات الطرق والكباري وغيرها من المرافق والممتلكات العامة وما يدخل في حكمها». فيما جاءت المادة الثانية: «تخضع الجرائم التي تقع على المنشآت والمرافق والممتلكات العامة والحيوية المشار إليها في المادة الأولى من هذا القانون لاختصاص القضاء العسكري».

تغليظ عقوبات تصوير جلسات المحاكم التي تنظر الجرائم الإرهابية

كذلك، وافق مجلس النواب المصري أمس، بصورة نهائية، على إجراء تعديلات على قانوني مكافحة الإرهاب والعقوبات، تستهدف تغليظ عقوبات تصوير جلسات المحاكم التي تنظر الجرائم الإرهابية، وإفشاء أسرار الدولة.

مطالبة بإلغائه

وعلى الرغم من مطالبة منظمات حقوقية بإلغاء قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2015، بعد قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإلغاء مد حالة الطوارئ أواخر الشهر الماضي، باعتبار أن القانون يفرض إجراءات استثنائية، تقدمت الحكومة بمشروع قانون بشأن تعديل بعض أحكامه تستهدف تغليظ العقوبات فيه. وينص مشروع القانون على تعديل المادة 36 بحظر تصوير أو تسجيل أو بث أو عرض أي وقائع من جلسات المحاكمة في الجرائم الإرهابية، إلا بإذن من رئيس المحكمة المختصة، على أن يعاقب بغرامة لا تقل عن مئة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمئة ألف جنيه كل من خالف هذا الحظر ويحكم بمصادرة المضبوطات.
وكان نص المادة في القانون: «يحظر تصوير أو تسجيل أو بث أو عرض أي وقائع من جلسات المحاكمة في الجرائم الإرهابية إلا بإذن من رئيس المحكمة المختصة، ويُعاقب بغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مئة ألف جنيه كل من خالف هذا الحظر».
كما تضمن مشروع القانون، تعديل المادة 53 من القانون، ليكون: «لرئيس الجمهورية، متى قام خطر من أخطار الجرائم الإرهابية أو ترتب عليها كوارث بيئية، أن يصدر قرارا باتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام، بما في ذلك إخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجول فيها، على أن يتضمن القرار تحديد المنطقة المطبق عليها لمدة لا تجاوز ستة أشهر، وكذا تحديد السلطة المختصة بإصدار القرارات المنفذة لتلك التدابير».
لم يكن قانون مكافحة الإرهاب الوحيد الذي طالته تعديلات تغلظ العقوبات على المواطنين، حيث وافق مجلس النواب أمس أيضا، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات.
وتتضمن التعديلات تغليظ عقوبة إفشاء أسرار الدفاع عن الدولة، لحماية الأمن القومي للبلاد.
ويتضمن مشروع القانون تعديل نص المادة (80 أ) من قانون العقوبات بتشديد العقوبة على إفشاء أسرار الدولة، لتصبح الغرامة من 5 آلاف حتى 50 ألف جنيه، بدلا من الغرامة الحالية التي تتراوح بين 100 حتى 500 جنيه، مع الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على 5 سنوات.
وتشمل الجرائم المنصوص عليها في المادة: «إفشاء أسرار الدولة المصرية، والحصول بأي وسيلة غير مشروعة على سر من أسرار الدفاع عن البلاد، أو إفشائه لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها، وإذاعة سر من أسرار الدفاع عن البلاد، واستخدام وسائل التراسل مع جهة أجنبية، وتنظيم واستعمال أي وسيلة من وسائل التراسل بقصد الحصول على سر من أسرار الدفاع عن البلاد أو تسليمه أو إذاعته».
كما تضم الجرائم: «استخدام الإحصاءات لصالح دولة أخرى، وجمع الاستبيانات أو الإحصاءات أو إجراء الدراسات لأي معلومات أو بيانات تتعلق بالقوات المسلحة أو مهامها أو أفرادها الحاليين أو السابقين بسبب وظيفتهم دون تصريح كتابي من وزارة الدفاع، واستخدام وسائل الخداع خلال الحرب، فإذا وقعت الجريمة في زمن الحرب أو باستعمال وسيلة من وسائل الخداع أو الغش أو التخفي أو إخفاء الشخصية أو الجنسية أو المهنة أو الصفة أو بأحدى وسائل تقنية المعلومات، أو كان الجاني من ضباط القوات المسلحة أو أحد أفرادها أو من العاملين المدنيين لديها كانت العقوبة السجن، ويعاقب بالعقوبة نفسها في الشروع في ارتكاب هذه الجرائم».
ورفض النائب محمد عبد العليم داودو مشروع القانون، مؤكدا أن التعديلات تقيد عمل الباحث والصحافي في أداء مهمته. وأضاف: «أنا ضد أي إخلال بالأمن القومي، واحترم القوات المسلحة حتى لا يزايد علينا أحد».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية