ليس هذا ما تمناه المصريون في احتفالهم بمرور ثلاث سنوات على ثورة التحرير. فقد فكروا في اشياء جميلة كثيرة وفكروا في الاساس في مستقبل وردي ونماء جديد ورفاه وديمقراطية. وفكروا في الاساس في الديمقراطية. احتفل العالم كله مع مصر في 2011. وتأثر العالم كله بالنموذج المصري. ودهشت وسائل الاعلام العالمية من التغيير السريع في دولة عربية فيها 85 مليون من السكان. وكانت هناك اسباب كثيرة للقلق لكن العالم يفضل الاحتفال لا القلق. بعد أن مضى مبارك تحطم المستقبل الوردي وسيطرت الفوضى على بلاد النيل، ومنذ ذلك الحين تبحث مصر عن وجهة، عن كل وجهة ممكنة. فقد حل محل الديمقراطية الموعودة حكم ذوي اللحى الذي لم يثبت أكثر من سنة (محمد مرسي). وأدرك المصريون الحيرانين أن الخلاص لن يأتي من الليبراليين الضعفاء الذين لا ناصر ولا قاعدة لهم من ابطال الثورة ولا من الاخوانالشديدي الوطأة، بيقين، ولهذا عادوا الى الخطة القديمة الصالحة التي كانت ذات مرة، أعني الجيش. من كان يصدق أن ميدان التحرير الذي سمعته أكثر من مرة يطلب رحيل المشير الطنطاوي، أصبح يطلب فريقا آخر (السيسي) لمنصب رئيس مصر القادم؟. لم تتخيل مصر في اكثر السيناريوهات سوادا أن تشهد في يوم الاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة التحرير سلسلة عمليات لحركات سلفية، واعمال شغب دامية في أنحاء الدولة. لا شك في أن السلفيين من جهة والاخوان المسلمين من جهة اخرى وهم ابطال أول انتخابات حرة في مصر (لمجلس الشعب وللرئاسة) يطلبون ما يستحقونه، أي الحكم. طلب الشعب الديمقراطية فحصل على الانتخابات، بيد أن صناديق الاقتراع أعادت مصر الى القرن السابع لا الى عصر التنوير. لم يعد المصريون اليوم يحلمون بالديمقراطية بل بالاستقرار. وهم يأملون أن ينجح السيسي في وضع حد للوضع السيء الذي دُفعت اليه مصر، مع اقتصاد منهار واستثمارات لا تأتي وصفر من السياح تقريبا. سُلب الشعب المصري ثورة التحرير مرتين، فليس من العجب أن تكون كلمة الديمقراطية مسلية اليوم لأن الذي يطلبونه هو الاستقرار. ولا أفضل من الجيش المصري ليمنح الشعب الاستقرار.