في البداية أنوه إلى أخبار تواترت رددتها مصادر موثوقة تؤكد بلورة مبادرة مصرية بشأن سوريا.. وهناك ما يشبه الإجماع بأن المبادرة لم تلق اعتراضا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فضلا عن قبول أطراف وازنة في الحكم السوري، وبين المعارضة الداخلية والخارجية، وتبدو درجة الصحة في هذه الأخبار المتواترة عالية، وقد لاحظت في الأيام الأخيرة تناول الصحف المصرية للشأن السوري بنَفَس مختلف، حمل ودا وتقديرا للأشقاء السوريين، وهو ما غاب منذ زمن، ومثل هذا الدور مطلوب؛ ليعيد للعرب قدرتهم السابقة في التفاهم وحل مشاكلهم فيما بينهم. وما زال موقف الجامعة العربية غير واضح، وكانت قد وعدت بتسليم مقعد الحكومة السورية في الجامعة للمعارضة.
والدور المصري؛ المطلوب عربيا وافريقيا ودوليا، يخفف من التوتر، ويساعد في التهدئة، فالأطراف كافة في حاجة لالتقاط الأنفاس وهي تواجه خطر التقسيم ومشاكل التدخل الزائد في شؤون المنطقة، وتكتمل هذه المبادرة بمبادرة أخرى موازية؛ تعزز وتحيي المصالحة الفلسطينية؛ الملحة في ظروف التصدي للعدوان الصهيوني الدإئم، واستمرار «التهويد» وتغيير معالم المسجد الأقصى والمدينة المقدسة، وحصارها بمزيد من المستوطنات حولها!.
إذا كان العمل الدبلوماسي المصري انتقل نقلة صوب الاهتمام بالشأن العربي والإقليمي، فالعمل الحكومي فشل على مستوى الداخل، وبقي أدنى من الطموح الوطني، وزاد من مناهضته لبناء «حكم رشيد»، وأداؤه يعادل أداء «حكومة بول بريمر» في العراق بعد الاحتلال الأنكلو أمريكي مباشرة.. فقضى على الدولة وتولى تصفيتها، وأبقى منها أحوزة جغرافية على شكل «كانتونات» طائفية ومذهبية وعرقية؛ متقاتلة متحاربة. وهو ما يبدو من انحيازات إبراهيم مِحلِب.
وبعض هذا يتضح من خلال معالجة موضوع «الحرب النفسية»؛ وهي ليست جديدة، فمنذ ستين عاما أو يزيد انطلقت «إذاعة مصر الحرة» عن طريق أولاد أبو الفتح (محمد وأحمد) ملاك صحيفة «المصري» الوفدية، وبتمويل المخابرات البريطانية والأمريكية، وبذلت محاولات مستميتة لتغيير الرأي العام وتأليبه من مطلع خمسينات القرن الماضي وإلى منتصف السبعينات منه. وما زالت تلك وصمة عار في جبين أسرة كانت وطنية وعريقة يوما؛ أساء إليها بعض أبنائها بدعمهم للعدوان الثلاثي وتهليلهم لضرب مدينة بورسعيد الباسلة في 1956.
وسجل التاريخ حملات «راديو إسرائيل» ولعبها على وتر هزيمة نفسية فشلت فيها، وروح معنوية استمرت عالية، في تلك الفترة، وللأسف، فمن قوى اليسار من خارت قواه وتحول إلى مُوَلّد نشط في ماكينة «الحرب النفسية» الجبارة. ومن يطالع الصحف القديمة يكتشف ما قام به خالد بكداش زعيم الحزب الشيوعي السوري، وحملته الضارية ضد الجمهورية العربية المتحدة وقيام دولة الوحدة المصرية السورية، من إذاعة «براغ» عاصمة تشيكوسلوفاكيا السابقة، ووجد التأييد والدعم من شيوعيين عراقيين وجماعات شيوعية مصرية. كان هذا على سبيل المثال لا الحصر.
ولم تفت «الحرب النفسية» من عضد مواطني ذلك الزمان، ولم تترك تأثيرا عليهم، فمصر الفتية كانت قادرة على التحدي والمواجهة بما لديها من أنصار ومؤيدين يكشفون لها مرامي تلك الحروب، وشنت حربا دفاعية مضادة أفشلت ما استهدفه مشعلو «الحرب النفسية»، وشد الإعلام الوطني انتباه المواطنين، واستطاع تعبئة الأمة العربية وتحصينها، فتوفرت لها مناعة امتصت ضربات الاحتلال، وساعدتها في تحدي الاستعمار والاستيطان، وشد ذلك من أزر المجاهدين بين جبال الأوراس ومدن وقصبات الجزائر، وأعاد الملك محمد الخامس ملك المغرب إلى عرشه، بعد عزله من قِبَل سلطات الاحتلال الفرنسي؛ عقابا له على دوره الوطني، واستبدلته بمحمد بن عرفه..
وحصل المغرب على استقلاله واسترد مدينة «طنجة»، وكانت مقرا لبن عرفه بعد خلعه فاضطر (بن عرفة) إلى مغادرتها إلى مدينة «نيس» الفرنسية في مسكن وفرته السلطات الفرنسية له ولأسرته، وبعد رحيل محمد الخامس ظل بن عرفة منفيا ورفض الحسن الثاني عودته إلى المغرب، فعاش بعيدا حتى توفي عن تسعين عاما في تموز/يوليو 1976 ودفن في فرنسا!.
استمر تأثير «الحرب النفسية» محدودا إلى ما بعد حرب 1973؛ حتى أن ما تحقق قبلها من «خداع استراتيجي» للعدو ضاع مع وقف إطلاق النار، وتعرضت مصر لـ»هزيمة نفسية» وسياسية أمام واشنطن ولندن وتل أبيب؛ وجعلت من أمريكا «ولي أمر» تملك كل الأوراق التي تنازلت عنها.
وتمددت «الحرب النفسية» واتسعت مجالاتها الأخرى؛ وبسكوت المدافع، سقطت مواقع مصرا؛ واحدة تلو الأخرى؛ في الاقتصاد والسياسة والثقافة والعلوم والتعليم والصناعة والتعدين والطاقة النووية والصحة والرعاية الاجتماعية، وهذا كوّن مواطنا مشوها؛ ضاعت هويته وانتزعت جذوره وطمس تاريخه، وأصيب في ذاكرته الوطنية والتاريخية، وبدأ كثير من الشباب في ممارسة «حربا نفسية» على ذاته وضد شعبه، ومع ذلك التشوه عادت ظاهرة «القابلية للاستعمار» والعيش في كنف التبعية، وبالتدريج تراجعت الثقة في النفس وقل استشعار الخطر!! واشتدت الفتن والحروب الداخلية والبينية، وصار الشباب وقودا لها وانخرط كثير منهم في صفوف الإرهاب. وسقط في شراك «التدمير الذاتي»، وقبول العيش في محيط تحميه منظومة الاستبداد والفساد والتبعية، التي ترسخت إبان حكم مبارك وابنه، وما زالت قائمة وقوية؛ وتمد ذلك الشباب بمبررات القتل والخراب والتدمير والانتحار.
وحين جاد الزمان بـ»صحوة» ثورية ووطنية كبرى مرت سريعا كأنها حلم، وتردت الأوضاع وزادت سوءا، وأخذت في التفاقم مع كل حكومة تتشكل بعد 25 يناير 2011، وكأنها مكلفة بمهمة واحدة؛ هي مناهضة المنتجين وصناع الحياة؛ فلاحين وعمال وصغار كسبة وموظفين وشرائح غير محظوظة من أكاديميين وطبقة وسطى، والتضييق عليهم وزيادة معاناتهم، وتحميها قابليتها غير المتوقعة للعمل في خدمة الاستعمار الاقتصادي المعروف بـ«الاستثمار الأجنبي»، والرضوح لشروطه وقيوده، وكأن مصر وطن للعجز والتسول!
وكم عرضنا من وقائع ومعلومات على هذه الصفحة تؤكد ذلك؛ آخرها قرار رفع أسعار السماد، واكتشف الفلاحون أنه خدمة للمحتكرين وكبار التجار.
أجهزة الدولة وسلطاتها ومسؤوليها «على دين حكومتها»؛ تقرر حرمان المتفوقين من أبناء الشعب من العمل بالسلك الدبلوماسي والنيابة والقضاء؛ وليس هناك وصف لهذا إلا «تمييز عنصري» أشبه بما كان في جنوب افريقيا تحت حكم المستوطنين البيض، وما هو كائن بفلسطين تحت وطأة الاستيطان والاحتلال الصهيوني.
وتجرأ «المجلس الأعلى للقضاء» ورفض قبول أولئك المتفوقين بالنيابة ووظائف القضاء، مشترطا حصول الأب على شهادة جامعية، وضرب عرض الحائط باحتجاجات المستبعدين من التعيينات بالمخالفة للدستور. أليس هذا انحطاطا أسست له منظومة التعليم الأجنبي والخاص «الاستثماري» الوافد والمحلي، وقلدته أندية كبرى. ووصل الأمر حد قيام المدارس والجامعات الأجنبية والخاصة بعقد اختبارات لذوي التلميذ قبل الموافقة على قبوله بالحضانة والمدرسة والجامعة الخاصة.
وعن نفسي سعيت للانضمام لنادي في ضاحية أسكنها بالقرب من القاهرة، وسئلت عدة أسئلة اشتممت منها ذلك التمييز البغيض؛ بين غير حملة المؤهلات والحاصلين على مؤهلات متوسطة وبين حملة الشهادات العليا، ولما رفضت الانضمام قال الرجل: «معندكش مشكلة فأنت من حملة الشهادات العالية» قلت المشكلة في عقليتكم العنصرية!.
والدرس الذي لم تتعلمه حكومة «التمييز العنصري» هو أن الشعب يثور لشعوره بالظلم الاجتماعي والحرمان الاقتصادي والإقصاء السياسي، ومن يمقت الشعب لهذه الدرجة عليه أن يرحل ويترك البلاد لأهلها الطيبين، وإلا بقيت مصر «على كف عفريت»!
٭ كاتب من مصر يقيم في لندن
محمد عبد الحكم دياب
دعني أبدأ فيما يا محمد عبدالحكم دياب عن مفهوم “الخداع الاستراتيجي” كونه مفهوم استخباري وناصري بامتياز، قام باعتماده ونشره وتزويقه والعمل به في مصر محمد حسنين هيكل، بدل سيّد قُطب الذي رفض التعامل به، فتم استبداله بمحمد حسنين هيكل ووضع سيد قطب في السجن وتلفيق قضايا دخل على ضوئها عدة محاكمات صورية، توسط له الرئيس العراقي عبدالسلام عارف مرتين الأولى قبلها جمال عبدالناصر، فأطلق سراحه، وفي الثانية تم رفض وساطته فتمّ اعدام سيد قطب.
نجح محمد حسنين هيكل من صناعة اسطورة جمال عبدالناصر من خلال مفاهيم “الخداع الاستراتيجي” بتبديل مفهوم السرقة والتعدي على حقوق المواطن تحت عنوان “التأميم والإصلاح الزراعي والإصلاح الصناعي والإصلاح التجاري” واستطاع الضحك على الناس في زمن جمال عبدالناصر لعدم وجود العولمة وأدواتها.
وكما ذكر سليم عزوز في جريدة القدس العربي بعدة مقالات، حاول محمد حسنين هيكل إعادة القصة من جديد مع عبدالفتاح السيسي بداية من خطاب عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، ولكن ما فات محمد حسنين هيكل أنَّ في عصر العولمة لن يستطيع التحكم بالمعلومة كما كان يستطيع أيام ديمقراطية جمال عبدالناصر.
من وجهة نظري الثنائي جمال عبدالناصر ومحمد حسنين هيكل كانا سبب استعباد وذل وفقر وضياع وتدمير وتفريق الشعب في العالم العربي، والمأساة الحقيقيّة بحجة التطوير والوحدة العربية، وسبحان الله حالما خرجا من واجهة النخب الحاكمة في وادي النيل، استطاع العرب والمسلمين لأول مرة أن يتعاونوا وينجحوا وينتصروا في حرب عام 1973، فلكي يستطيع العراق تسخير كل امكاناته للحرب في الجبهة السورية أو الجبهة المصرية، كان يجب على شاه إيران رضا بهلوي، أن يوقف شحنات السلاح للأكراد في شمال العراق، وكان يجب أن يتعاون مع الشيخ زايد والملك فيصل في موضوع مقاطعة بيع النفط للدول التي تدعم الكيان الصهيوني، وبالفعل حصل ذلك، وكان من نتيجة ذلك توقيع اتفاقي الصلح مع الأكراد عام 74 ومع الشاه وايران عام 76 والتي وقعها صدام حسين.
ومن وجهة نظري لا أنا ولا أنت ولا الإخوان ولا داعش يمثل الإسلام، فالإسلام يمثله القرآن والسنّة فقط، فهما مثل دليل استخدام الحياة الإنسانية، التي أرسلها الله كخالق لنا، من خلال آخر رسول أو نبي له محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أراد استخدام الحياة بطريقة سليمة وبدون أخطاء يلتزم بالتعليمات الواردة في دليل الاستخدام، أمّا من يُريد أن يعمل فيها فتك من خلال الديمقراطية أو الديكتاتورية أو العلمانية أو الليبرالية أو الرأسمالية أو الإشتراكيّة أو بقية الأفكار الناتجة عن الفلسفة إن كانت زرادشتية أو اغريقية أو بوذية، فذنبه على جنبه، هو حر فهو من سيحاسب عليها يوم الدين ولست أنا.
ما رأيكم دام فضلكم؟
الخداع الإستتراتيجي أحد أوجه الحرب النفسية
– إلباس إنقلاب ثوب الثورة
– إيهام الشعب بأن المشكل في أداء الحكومة و إغفال مراكز القوة التي تتحكم في مفاصل الدولة
-إلهاء الناس عن مشاكلهم الحقيقية عبر إفتعال حروب وهمية @محاربة الإرهاب @
– تقسيم المجتمع إلى ملائكة و شياطيين
– ترحيل أمال الشعب و أحلامه إلى المستقبل @ عائداث قناة السويس الجديدة ستحل مشاكل مصر الإقتصادية@