من بين كمّ الأخبار الهائل الذي يصلنا من مصر خبر صغير عن حدث صغير لكنه ملفت للنظر ويستوقف المتابع لما يجري هناك. بضعة عشرات من ثوار التحرير رأوا ان يسيروا بإتجاه السفارة الأمريكية يطالبون دولتها بوقف دعم الإرهاب في بلادهم ووقف المعونة.
في المقابل شريط الأخبار المتواصل ينبئنا من جهته بتواصل اعتصام ساحة رابعة وخيم ساحة التحرير الرمضانية السمحاء. كما يخبرنا عن شبه ثورة وشبه انقلاب لشبه دولة. تحدثنا التحاليل عن شبه حيرة الأميركي حول التعامل مع فشل الإخوان في حكم البلاد التي تسلموا مقاليدها بواسطة صناديق الإقتراع.
تحدثنا المقالات عن الدستور العتيد وأعضاء لجانه الجديدة. وعن المساعدات المالية الخليجية التي هطلت كالمطر المبارك بعد صلوات استسقاء طويلة وشبه يائسة. تقول التحليلات أن السعودية تثأر بذلك من الدور القطري السابق. تحدثنا أيضاً عن وصول بيرنز مساعد وزير الخارجية الأميركي وتصريحه ‘المطمْئِن’ بأن ‘مأساة سوريا لن تتكرر’.
خلاصة التحليلات أن الشعوب العربية التي أنفت حكم العسكر وطريقته الاستبدادية قد تمكنت من الإنتفاض عندما توافرت وسائط الثورة الواصلة حديثاً : مواقع التواصل الإجتماعي. المشكلة إذن محصورة في الاستبداد العسكري خصيصاً والفايسبوك. لم يشر أحد الى استبداد آخر ومن نوع طائفي أو قبلي يطال دول غير محكومة بالجزمة العسكرية. على أي حال لم يصل الإنتفاض إجمالا إلى هذه الدول ربما لعدم وصول مواقع التواصل إليها بعد. من يدري ؟
سردية مسيطرة في غالبية وسائل الإعلام العربية والعالمية مقتنعة بأن الربيع العربي نتاج الاستبداد العربي العسكري منه على وجه الخصوص. وسيلته وسائط التواصل الحديثة. وكل إشارة إلى اسباب اخرى ربما تكون وراء نزول ملايين الشباب إلى الشوارع مرفوضة سلفاً من غير شكر احياناً.
لكن مجيء ‘الإخوان المسلمين’ إلى السلطة بواسطة الديمقراطية وبواسطة عمليات إنتخابية نزيهة بشهادة الجميع وعلى رأسهم أم الديمقراطية في العالم الولايات المتحدة الأمريكية، ثم سقوطهم بعد فشلهم السريع والذريع قد ساعدا في إثارة الشكوك والحيرة في مدى صحة المقولة المسيطرة. لن ندخل هنا في بازار النقاش حول ما إذا الإخوان قد تعرضوا إلى مساعدة ما خفية ساهمت في تقصير عمرهم الإنتخابي. ولا يهمني أن أجادل المجادلين حول الصراع الخفي بين الوهابيين والإخوان. فلذلك وقته.
على اي حال ما يهمنا من ذلك هو أن مجرد القبول بوجود أدوار خارجية سواء كانت إقليمية أم دولية فعّالة في مصر وفي كامل المنطقة هو بالواقع قبول بدحض جزء كبير من السردية السائدة حول جذورالربيع الحقيقية. وأخبار الحصار الإقتصادي والمالي الذي تعرض له الإخوان في مصر إبان ولاية محمد مرسي من قبل أل الخليج وآل صندوق النقد الدولي أشهر من أن تعرّف. من منا لا يعرف أن صندوق النقد اشترط على مرسي قبول رفع الدعم عن السلع الأساسية ورفع الضرائب لكي يوافق على قرض بقيمة 4.5 مليار دولار. ومن منا لا يعرف أن خوف مرسي والإخوان من ردة فعل الشارع قد جعلهم يترددون في القبول لا الرفض المطلق.
من منا لا يعرف اليوم أن مصر تواجه أزمة إقتصادية عميقة؟ وان ترك الحبل على غاربه قد يدفع بالربيع العربي الى التحول الى ثورة؟ نعم ثورة. وان ‘الناشطين’ على الفايسبوك قد يتركون المكان لـ’مناضلين’ على الأرض. وان ‘إرحل’ قد تتحول إلى المطالبة بنظام جديد فعلي وبالعودة الى اصطفاف عربي واضح. هطول الأموال لم يكن بريئاً من هذا التخوف اساساً. وإلا لما كان هذا التسرع.
هناك تركيز غريب سيطر منذ عامين على كافة الموجات الإعلامية كان يريد ان يقول أن الربيع لا علاقة له بأحوال الناس المعيشية ولا بدولتهم المستلبة للخارج سياسياً واقتصادياً. تركيز يريد ان نصير ‘سوقاً’ فقط بلا حدود ولا دولة. أن نقتنع بأن السوق تحررنا وتثرينا وتغنينا عن التعب والأرق وعن التفتيش عن وسائل عيش فعلية تمنحنا أمننا الغذائي أقله.
‘إلعب معنا في العملات واربح وتحرر’ يقول الإعلان الذي نقرأه كل صبيحة ومساء على صفحات شاشاتنا وصحفنا. أما وقد رأينا ما حدث وما يحدث مع الدول التي ‘لعبت’ فطارت من القمة والثراء لكي تحطّ في المديونية والأزمات الإقتصادية والإجتماعية فهو ربما سبب كافٍ لكي نتوقف قليلاً ونستوضح الأمر.
إن تدخل الجيش الأطلسي بالذات لإسقاط الإستبداد في ليبيا وتدخل الجيش السعودي لعدم إسقاط الإستبداد في البحرين وتدخل الجيش مرة جديدة لحماية ثورة الشعب في مصر بعد تدخل زميله لإسقاط بن علي في تونس وحماية الجيش لاتفاق اليمن وهطول المطر المالي الخليجي على مصر حالياً لهي أسباب كافية لكي نلحظ جذوراً متعددة للازمة لا تنحصر حتماً في عامل الإستبداد العسكري. يظهر الجيش في مجتمعاتنا وكما تشير عوداته ‘المرغوبة’ والمطلوبة من قبل الجماهير وكأنه المنقذ من حروب المجتمع على نفسه لا المستبد الذي تخافه البشر.
عودة الجيوش الى لعب ادوار رئيسية يشير إلى محاولات إقليمية واضحة تستهدف العودة وبسرعة الى الإستقرار. شراء للوقت. فاستمرار الأزمات السياسية يقود حتماً إلى استمرار وتصاعد الأزمات الإقتصادية والإجتماعية والدفع بالمزيد من الناس الى الساحات والاصطدام بالحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها طويلا. شبه دولة لشبه اقتصاد لشبه ثورة لشبه انقلاب لا يولد حرية ولا يمكنه ان يولد عملاً لملايين المنتظرين. والعقدة في ‘السوق’ والسوق له ‘أربابه’ كما كانت تقول جدتي. فهل اكتشف متظاهرو السفارة الأميركية أرباب السوق الحقيقية في مصر اليوم ؟ وهل يشكلون خميرة الثورة لا الربيع ؟
الأكيد ان ‘الحرب لسه في أول السكة’.
بالأدلة الموثقة ..الجارديان: مذبحة الساجدين كانت “هجومًا منظمًا”
نشرت: الجمعة 19 يوليو 2013 عدد القراء : 4013
مفكرة الإسلام : أثبتت الجارديان البريطانية في تحقيقٍ استقصائي وثقته بالأدلة, أن مجزرة الساجدين أمام الحرس الجمهوري كانت هجوما منظما على المتظاهرين السلميين وأنه لا دليل على ما أشاعه الجيش المصري.
وقالت الصحيفة إن تحقيقها حول المجزرة التي قتل فيها أكثر من 100 شهيد من مؤيدي الشرعية ونحو ألف مصاب، انتهى إلى أنه “لا دليل على اتهام القوات المسلحة لإرهابيين، بالهجوم على قوات الجيش المرابطة بالقرب من دار الحرس الجمهوري”.
وأكدت الجارديان أن “التحقيق الذي أجراه محررها باتريك كينجسلي، وشمل 31 مقابلة مع ناجين من الحادث وشهود عيان ومصادر طبية فضلا عن تحليل الفيديوهات التى وثقت الحادث، أشار إلى رواية جديدة، تفيد بأن قوات الأمن شنت هجوما منظما على مجموعة من المتظاهرين السلميين والعزل”.
وأوضحت الصحيفة :”أن الجيش رفض طلبها بإجراء مقابلات مع الجنود الذين تواجدوا في مكان الحادث”.
فيما نشرت الجارديان تصريحا لأحد سكان المنطقة المحيطة بالحرس الجمهوري باعتباره شاهد عيان على ماحدث حيث قال:”العديد من المدرعات المحملة بالجنود وصلت إلى مكان الحادث في تمام الـ3.20 فجرا، وتوقفت على بعد مائة متر من دار الحرس الجمهوري”.
وأكد :” لقد كان المتظاهرين يصلوا، وجاءت قوات الأمن ببطئ واستهدفتهم بإطلاق القنابل المسيلة للدموع، قبل أن تطلق طلقات نارية لا أعلم نوعها , وقد شاهدت الحادث كاملا، ولم يحدث أي استفزازات من قبل المتظاهرين أو وجود دراجات نارية في المكان كما أشيع”.
في حين نقلت الجارديان قول أطباء المستشفي الميداني القريبة من رابعة العدوية مؤكدين “أن أول قتيل وصل إليهم في تمام 3.45