القاهرة ـ «القدس العربي»: انطلقت، الأحد، فعاليات قمة مؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي (كوب 27) في مدينة شرم الشيخ المصرية، وسط تصاعد الانتقادات لملف حقوق الإنسان، خصوصا مع تصعيد علاء عبد الفتاح إضرابه عن الطعام، وتوقفه عن شرب المياه.
وسلّم رئيس «كوب 26» البريطاني ألوك شارما، رئاسة الدورة الـ27 من مؤتمر المناخ لوزير الخارجية المصري سامح شكري.
وقال شارما، خلال حفل الافتتاح: «عدم القيام بشيء أمر سيشلنا، لذا فهذا المؤتمر لا بد أن يكون مؤتمر الأعمال الملموسة في مجال التغيرات المناخية».
فيما بين وزير الخارجية المصري، في كلمته، أن «العالم لا يملك ترف الاستمرار في نهج استقطاب جهود مكافحة تغير المناخ». وأضاف: «الوضع المناخي الحالي يدعونا إلى تحرك دولي عاجل».
وحذر الأمين التنفيذي لتغير المناخ في الأمم المتحدة سيمون ستيل، من «التقاعس» عن الحد من الاحترار العالمي.
وقال خلال الافتتاح إنه لن يكون «وصياً على التقاعس» عن هدف خفض انبعاثات الاحتباس الحراري بنسبة 45 ٪ بحلول عام 2030 للحد من الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات أواخر القرن التاسع عشر.
وشدد «سنحاسب الناس سواء كانوا رؤساء أو رؤساء وزراء أو رؤساء تنفيذيين» مشيرا إلى أن «جوهر التنفيذ هو أن يبذل الجميع ما في وسعه كل يوم لمعالجة أزمة المناخ».
وأوضح أن 29 دولة فقط من أصل 194 قدمت خططًا محسنة على النحو الذي دعا إليه مؤتمر كوب26 في غلاسكو العام الماضي.
ومن المتوقع أن يتعلق أغلب التوتر المحيط بـ «كوب27» بالخسائر والأضرار وصناديق التعويضات التي تقدمها الدول الغنية للدول المنخفضة الدخل، والمعرضة لأكبر مخاطر التغير المناخي، والتي لم يكن لها يد تذكر في الانبعاثات الضارة التي أدت لارتفاع درجة حرارة الأرض، وفق ما ذكرته وكالة رويترز.
وتشارك حوالى 200 دولة في المؤتمر، بعد عام قاس شهد كوارث مرتبطة بتقلبات الطقس جعلت الحاجة ماسة إلى إجراءات ملموسة.
ويلتقي أكثر من 100 من قادة الدول والحكومات يومي الإثنين والثلاثاء في قمة من شأنها إعطاء دفع لهذه المفاوضات التي تستمر أسبوعين.
ويغيب عن القمة الرئيس الصيني شي جينبينغ، في حين يحضر الرئيس الأمريكي جو بايدن في محطة سريعة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، بينما التعاون حيوي بين أكبر دولتين ملوثتين في العالم اللتين تشهد علاقتهما توترا شديدا، إلا أنهما قد يلتقيان في بالي في الأسبوع التالي على هامش قمة مجموعة العشرين.
تصعيد
وفي المؤازرة، صعّد علاء عبد الفتاح، إضرابه عن الطعام الذي بدأه قبل سبعة أشهر، إذ امتنع عن شرب المياه، تزامنا مع انطلاق المؤتمر، حسب شقيقته سناء.
وحذرت الأمينة العامة لمنظمة «العفو الدولية» أنييس كالامار القاهرة في مؤتمر صحافي الأحد من أنه «لم يعد هناك الكثير من الوقت، 72 ساعة على الأكثر لإطلاق سراحه. إذا لم تفعل (السلطات المصرية) ذلك، فإن موته سيكون خلال مناقشات مؤتمر كوب27».
وسيحضر المؤتمر رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، الذي «يتعين عليه أن يفهم (مدى) إلحاح الأمر لأنه بعد مؤتمر المناخ سيكون قد فات الأوان» حسب ما قالت شقيقة علاء عبد الفتاح.
ويعد من أيقونات ثورة عام 2011 في مصر، التي أسقطت حسني مبارك. ويحمل الجنسية البريطانية، إلى جانب المصرية.
وكتب سوناك في رسالة وجهها إلى سناء، السبت وكشف عنها أمس الأحد أن «مشاركة المملكة المتحدة في كوب27 تمثل فرصة جديدة للتطرق إلى قضية شقيقك مع السلطات المصرية».
وأضاف «نحن ملتزمون كلياً بحل هذه القضية» مؤكداً أن علاء عبد الفتاح «لا يزال أولوية بالنسبة للحكومة البريطانية، سواء كناشط في مجال حقوق الإنسان أو كمواطن بريطاني».
« رايتس ووتش» تؤكد فرض السلطات وضع كاميرات وميكروفونات في كل سيارات الأجرة
وسجن علاء عبد الفتاح (40 سنة) الذي صدر حكم حسبه خمس سنوات في نهاية 2021، في عهد كل الرؤساء خلال السنوات العشر الأخيرة.
في منتصف تشرين الأول/اكتوبر، قالت سناء إن شقيقها «أصبح نحيفا للغاية وآخر مرة رأته والدتي كان يشبه الهيكل العظمي».
وعبرت الناشطة المدافعة عن البيئة، غريتا تونبرغ، على تويتر عن تضامنها مع عبد الفتاح، فيما قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن السلطات المصرية تراقب عن كثب المشاركين في كوب27.
وأفادت بأن «السلطات فرضت وضع كاميرات وميكروفونات في كل سيارات الأجرة».
كما وفرت السلطات تطبيقا على الهواتف لمتابعة أنشطة كوب27 ولكن هذا التطبيق «يطلب أن يسمح له صاحب الهاتف بالوصول الى الكاميرا والميكروفون وموقع الهاتف، وهي معلومات يمكن نقلها لطرف ثالث» حسب المنظمة.
وأعلن حقوقيون ونشطاء دخولهم في إضراب عن الطعام لمدة يوم واحد تضامناً مع عبد الفتاح.
وقالت صفحة «الحرية لعلاء عبد الفتاح» على «فيسبوك»: «دعوة لإضراب جوع تضامني لمدة 24 ساعة مع علاء عبد الفتاح».
وتابعت: «ابتداء من 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 مع بدء مؤتمر المناخ في شرم الشيخ، صعد علاء عبد الفتاح إضرابه عن الطعام الذي بدأه في 2 أبريل/ نيسان 2022 للامتناع عن شرب المياه».
وحذرت 6 منظمات حقوقية من تداعيات استمرار تعنت السلطات المصرية في الإفراج عن عبد الفتاح، في ظل تصاعد التحذيرات بشأن تدهور حالته الصحية والتهديد الشديد على حياته.
وتضمنت قائمة المنظمات الموقعة على البيان كلا من المفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومركز النديم، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان.
وشددت المنظمات في بيانها، على أن تعنت السلطات المصرية خلال الثلاث أعوام الأخيرة في مواجهة مطالب علاء عبد الفتاح وأسرته بأبسط حقوقه القانونية، يجسد «عمق أزمة حقوق الإنسان في مصر خلال العقد الأخير، حيث تعرض علاء عبد الفتاح للسجن التعسفي لما زاد عن ثلثي العقد الماضي، وخضع لمحاكمات غير عادلة، وتعرض للتعذيب وسوء المعاملة داخل السجن الذي واجه فيه ظروف حبس قاسية وإجراءات انتقامية بالمخالفة للقانون».
معاناة آلاف السجناء
وأكدت أن «قضية علاء عبد الفتاح أصبحت تمثل شاهداً حياً على معاناة الآلاف من سجناء الضمير في مصر، والمعرضين للتنكيل من قبل السلطات المصرية، بسبب التعبير عن آرائهم بشكل سلمي. على مدار الثلاث سنوات الأخيرة سعت السلطات التنفيذية والقضائية لحرمان علاء من حريته، وعزله عن العالم الخارجي والإمعان في التنكيل به داخل السجن وتجريده من أبسط حقوقه المحمية بموجب الدستور والقانون المصري، في ظل غيبة تامة لدور السلطات التشريعية في الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية ومساءلة وزارة الداخلية عن هذا الكم المخيف من الانتهاكات. كما صاحب ذلك التنكيل بمحاميه، المدافع عن حقوق الإنسان، محمد الباقر».
ما يتعرض له عبد الفتاح والآلاف من معتقلي الضمير في السجون المصرية، هو حسب المنظمات «خير دليل على عدم جدية ادعاءات تحسن وضع حقوق الإنسان في مصر. فلا يمكن الادعاء بإحراز تقدم في وضع حقوق الإنسان في مصر في ظل استمرار حبس آلاف من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتجدد حملات القمع والتعنت ضد سجناء الضمير رغم استمرار التحذيرات بشأن خطورة أوضاعهم الصحية. كما لا يمكن ذلك في ظل الرقابة الصارمة على الإنترنت ووسائل الإعلام، بجانب الأوضاع المتردية لحرية الصحافة واستهداف الصحافيين المستقلين».