القاهرة ـ «القدس العربي»: ردّ وزير الري والموارد المائية المصرية، محمد عبد العاطي، الجمعة، على تصريحات وزير الخارجية الإثيوبي، التي اعتبر فيها «بأن هناك مبالغة في الحديث عن تعطيش مصر والسودان بسبب بناء السد الإثيوبي» متهماً أديس أبابا بـ«ترويج معلومات غير صحيحة حول القضية».
وتساءل في تصريحات تلفزيونية، «إذا كانت هناك مبالغة، فلماذا يرفض التوقيع على التعاون بين الدول الثلاث في فترات الجفاف، والجفاف الممتد، والسنين الشحيحة؟ وهذا كان جزءا من اتفاق واشنطن وهم رفضوا ونقضوا اتفاقهم، ولما يكون الجانب الإثيوبي لا يعترف باستخداماتنا الحالية لمياه النهر يبقى فيه سوء نية، وهناك نية مبيتة لأضرار أخرى».
«يدّعون المظلومية»
وأضاف أن «عرض مصر للمعلومات الصحيحة يؤرق الجانب الإثيوبي، لأن الإثيوبيين يرغبون في عرض القضية من وجهة نظرهم فقط ويدعون المظلومية» مشددا على أنه «كان يتبنى الحديث عن المشروعات التنموية في إثيوبيا، لدرجة أن البعض كان يلقبه بـ(الوزير الإثيوبي) ولكن المسؤولين الإثيوبيين يناقضون أنفسهم». وأكد أن «مصر عرضت عليهم حل أزمة الكهرباء، والربط الكهربائي وتقديم الكهرباء لهم في أوقات الجفاف، لأنهم لن يستطيعوا توليد الكهرباء في هذه الفترة، ورغم أنهم يدعون أنهم يرغبون في توليد الكهرباء من أجل توصيلها للفقراء لكنهم وقعوا اتفاقيات مع دول الجوار لتصديرها، وهذا تناقض في التصريحات الإثيوبية».
وتابع: «إثيوبيا تروج معلومات غير صحيحة حول القضية، ويقولون إن نصيبهم صفر من مياه النيل، بينما تحصل مصر على نصيب الأسد، وهذا غير صحيح، بدليل أنهم يخزنون 50 مليار متر مكعب في بحيرة تانا، إضافة إلى المياه في السدود الأخرى، وهم يزرعون 3 ملايين فدان، ومع ذلك يروجون معلومات مغلوطة، بحجة أنهم يدافعون عن أنفسهم وعن دول حوض النيل». وتساءل: «من نصّبهم للدفاع عن دول أخرى ذات سيادة؟» لافتاً إلى أن هناك بحيرة تنجانيقا في إحدى دول حوض النيل فيها مياه تكفي جميع الدول في حال التعاون».
مخاطر انهيار
إلى ذلك، حذرت دراسة علمية حديثة، من مخاطر انهيار سد النهضة الإثيوبي على دولتي المصب، مصر والسودان، بعدما رصدت وجود هبوط في موقع المشروع وسط شكوك تتعلق بأمان السد.
وحللت الدراسة، التي أعدها فريق بحثي يضم وزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي، والدكتور عمرو فوزي بقطاع حماية النيل في وزارة الري إلى جانب 4 باحثين بجامعات وهيئات دولية، نحو 109 مشاهد رأسية من كانون الأول/ ديسمبر 2016 إلى تموز/ يوليو 2021، باستخدام تقنية الأشعة الرادارية. وتشير السلسلة الزمنية الناتجة عن التحليل بوضوح إلى «إزاحة مختلفة الاتجاهات في أقسام مختلفة من السد الخرساني (الرئيسي) وكذلك السد الركامي (السرج أو السد المساعد).
هبوط في موقع السد
ويظهر تحليل البيانات في موقع إقامة سد النهضة «هبوطا غير متسق في أطراف السد الرئيسي، وخاصة الجانب الغربي من السد حيث سجلت حالات نزوح متفاوتة يتراوح مداها بين 10 مم في أعلى السد.
وأكدت الدراسة أن تعبئة سد النهضة تجري بمعدل سريع، دون تحليل كافٍ معروف على التأثيرات المحتملة على جسم الهيكل. وحسب الدراسة، ملء سد النهضة لا يؤثر فقط على هيدرولوجيا حوض النيل الأزرق، وتخزين المياه وتدفقها، لكنها تشكل أيضا مخاطر كبرى في حالة الانهيار، وبخاصة 20 مليون مواطن في السودان، على حوض النيل.
وقال هشام العسكري، أستاذ الاستشعار عن بعد وعلوم نظم الأرض في الولايات المتحدة، وهو الباحث الأول في الدراسة، في تصريحات صحافية، إن هناك إزاحة رأسية غير متساوية في قطاعات مختلفة من السدَّين (الرئيسي والمساعد) وهو ما يظهر وجود هبوط في موقع السد، وبالتالي عدم أمان المشروع.
وأوضح أن الدراسة شملت: السد الخرساني، بطول كيلومترين، والسد الركامي بطول 6 كيلومترات، وأن حجم النشاط الزلزالي أو الفوالق الأرضية تحت هذا السد الأخير «عالٍ جدا» حيث رصدت الدراسة حركات أرضية في الموقع حتى قبل وصول المياه إليه، والتي ستمثل ضغطا على الطبقات الأرضية.
وتوقع أن تتسبب عملية التخزين في «مشكلات» عند وصول المياه إلى حد معين، بين 25 إلى 30 مليار متر مكعب، مشيرا إلى أن انهيار سد النهضة سيتسبب في تداعيات كارثية على السودان بشكل رئيسي، مطالبا المسؤولين السودانيين بالاضطلاع بدورهم لحماية المواطنين السودانيين.
وأكد أن «الأمر خطير» وأن سد النهضة «غير آمن نهائيا» فيما استبعد تنفيذ المشروع كاملا، كما هو مخطط، أو تخزين 74 مليار متر مكعب ووصول المياه حتى السد الركامي كما تزعم إثيوبيا.
وقبل أيام، دعا مجلس الأمن الدولي لاستئناف المفاوضات، بين الدول الثلاث، برعاية الاتحاد الأفريقي.
وتقول إثيوبيا إن السد على نهر النيل الأزرق ضروري لتنمية اقتصادها ولتوفير الطاقة. لكن مصر تعتبره تهديدا خطيرا لإمدادات مياه النيل التي تعتمد عليها بالكامل تقريبا. وتطالب بما تراه حقا تاريخيا في ضرورة الموافقة على مشاريع مائية على طول النهر وفقا لمعاهدة 1929 بين مصر والسودان والتي تُخصص نحو 66 ٪ من تدفق مياه النهر لمصر، و22 ٪ للسودان.
وتتبادل مصر والسودان مع إثيوبيا اتهامات بالمسؤولية عن تعثر مفاوضات السد، يرعاها الاتحاد الأفريقي منذ شهور، ضمن مسار تفاوضي بدأ قبل نحو 10 سنوات، بسبب خلافات حول التشييد والتشغيل والملء. وتقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، بل توليد الكهرباء من السد لأغراض التنمية، فيما تدعو القاهرة والخرطوم إلى إبرام اتفاق ثلاثي ملزم قانونا، للحفاظ على منشآتهما المائية، واستمرار تدفق حصتيهما السنوية من مياه النيل