القاهرة ـ «القدس العربي»: اتهمت مصر إسرائيل بإعاقة دخول المساعدات إلى قطاع غزة، وقال وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، إن استمرار السيطرة العسكرية الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، وتقاعس إسرائيل عن فتح معابرها الأخرى بشكل كامل أدى إلى تقويض عملية النفاذ الإنساني، مشددا على أن هذا أمر ترفضه مصر بشكل قاطع ويعكس إصرارا إسرائيلياً على إعاقة دخول الشاحنات الإنسانية في مخالفة صارخة للقانون الدولي الإنساني.
جاء ذلك خلال استقباله الأسبوع الماضي، سيغريد كاغ كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة لمتابعة سبل التعامل مع الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية اللازمة للتخفيف من معاناة المدنيين الفلسطينيين داخل القطاع.
وقال بيان للخارجية المصرية، إن عبد العاطي أعرب خلال اللقاء عن الحرص على مواصلة التشاور مع المسؤولة الأممية حول تنفيذ ولايتها بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2720 وضرورة العمل على الانفاذ الفوري والمستدام للمساعدات الإنسانية العاجلة للفلسطينيين في قطاع غزة، والضغط على إسرائيل لتحمل مسؤولياتها تجاه المدنيين داخل القطاع وفقاً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وباعتبارها قوة الاحتلال.
وأدان وزير الخارجية المصري، قرار إسرائيل الأخير بالانسحاب من الاتفاق المنظم لعمليات وكالة الأونروا، مؤكداً على أن هذه الخطوة تعتبر تصعيداً خطيراً يستهدف تصفية القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين.
ولفت الوزير المصري، إلى ضرورة العمل على مضاعفة الاستجابة الإنسانية لاحتياجات الفلسطينيين بالقطاع مع دخول فصل الشتاء وفي ظل ما تسببت فيه السياسيات والإجراءات الإسرائيلية من تفشي المجاعة والأوبئة، مشدداً على أن المعدل اليومي لدخول المساعدات الإنسانية غير كاف للتعامل مع حجم الكارثة الإنسانية التي يشهدها القطاع.
واستعرض عبدالعاطي الجهود المصرية خلال الفترة الأخيرة لتحقيق التقارب بالداخل الفلسطيني، مشدداً على موقف مصر الثابت بشأن تمكين السلطة الوطنية الفلسطينية من الاضطلاع بواجباتها في قطاع غزة، وحرص على التأكيد على ثوابت الموقف المصري، وفي مقدمتها رفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وضرورة توحيد الضفة الغربية وغزة تحت قيادة السلطة الفلسطينية باعتبارها وحدة متكاملة من الأراضي الفلسطينية، وأهمية تنفيذ حل الدولتين.
تواصل تداعيات السفينة كاثرين
إلى ذلك تواصلت تداعيات الأنباء عن استقبال ميناء الإسكندرية المصري سفينة محملة بالمواد المتفجرة للاحتلال الإسرائيلي، وانتشار مقطع مصور لسفينة حربية إسرائيلية تمر في قناة السويس، وسط اندهاش واستياء عدد من المصريين الموجودين على ضفة القناة.
وقررت نيابة أمن الدولة المصرية، الأسبوع الماضي إخلاء سبيل الناشط السياسي أحمد دومة بكفالة 20 ألف جنيه، على ذمة القضية رقم 5892 لسنة 2024 حصر أمن دولة عليا.
وقال محامون إن النيابة قررت التحقيق مع دومة في بلاغ مقدم ضده يتهمه بنشر أخبار كاذبة على خلفية حديثه عن السفينة كاثرين التي رست في محافظة الإسكندرية خلال الأيام الماضية، ومرور سفينة حربية إسرائيلية في قناة السويس.
وقال دومة لـ«القدس العربي» إن التحقيقات استغرقت 8 ساعات حول السفينة كاثرين والفرقاطة «ساعر» قبل أن تقرر النيابة إخلاء سبيله بكفالة 20 ألف جنيه، على ذمة القضية بتهم بث وإذاعة أخبار كاذبة في الخارج والداخل من شأنها إضعاف هيبة الدولة والإضرار بالمصالح الوطنية وتكدير السلم العام.
وكانت دينا المقدم، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين في مصر، تقدمت ببلاغ رسمي إلى النائب العام ضد الناشط أحمد دومة، متهمة إياه بنشر شائعات تهدد استقرار الأمن العام وتبث الخوف بين المواطنين، ما قد يلحق ضرراً بالمصلحة العامة.
وطالبت بتشديد العقوبة على دومة، واتهمته بارتكاب جريمة نشر الشائعات في زمن الحرب، استناداً إلى نصوص المواد 102 مكرر و188 من قانون العقوبات.
وقالت إن البلاغ يأتي عقب نفي القوات المسلحة المصرية بشكل قاطع لتلك الشائعات.
وكان دومة انتقد السماح باستقبال السفينة كاثرين، واعتبر السلطة في مصر شريكة في الإبادة في غزة.
وشهدت مصر الأسبوع الماضي ردود فعل واسعة على إعلان حركة مقاطعة إسرائيل «بي دي اس» استقبال ميناء الإسكندرية للسفينة كاثرين التي تحمل مواد متفجرة للاحتلال الإسرائيلي، ما نفاه مصدر رفيع المستوى في حديثه لقناة «القاهرة» الإخبارية، في وقت أعلنت وزارة النقل المصرية أنه تم السماح للسفينة كاثرين برتغالية الجنسية وترفع العلم الألماني بالرسو في ميناء الإسكندرية لتفريغ شحنة خاصة بوزارة الإنتاج الحربي، وأن السفينة تقدمت بطلب رسمي للسماح لها بمغادرة الميناء في اتجاه ميناء حيدر باشا في تركيا لاستكمال خط سيرها. ودومة أحد أبرز رموز ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 الذي قضى في السجن فترة امتدت لما يقرب من العشر سنوات، قبل أن يصدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في آب/أغسطس 2023 قرارا بالعفو عنه.
وصدر حكم بالسجن المشدد 15 عاما، ضد دومة، في القضية المعروفة إعلاميا بقضية «أحداث مجلس الوزراء» التي تعود إلى عام 2011 في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير.
إلى ذلك قال نقيب الصحافيين المصريين خالد البلشي، إن الحدود الشرقية لبلاده تشهد واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية والجريمة الأبشع بحق الصحافة والصحافيين، فيما تقتصر مساندتهم في حدود الكلمات العاجزة أو تحركات لا ترقى لحجم ما يواجهونه من جرم.
وأضاف البلشي في كلمته في افتتاح مؤتمر القاهرة للإبداع بالجامعة الأمريكية الذي حمل عنوان «صحافة الحرب والصراع في العصر الرقمي»: تغل أيدينا جميعا عن مساندة تليق بحجم تضحياتهم لأسباب متباينة بدءا من ازدواجية المعايير وصولا للقهر، والاستبداد، والصمت المفروض قسرا على قطاعات واسعة من ممارسي المهنة.
وتابع: ما يحدث في فلسطين، ولبنان هو جريمة ضد الإنسانية تتطلب إدانتها القوية، ولكن، هل الإدانة كافية؟ أم أن البداية تكون بقراءة المشهد، ومدى انتصارنا جميعًا لقيم مهنتنا لنعمل معًا على تجاوز مسبباته؟ لدينا واجب ملح للتحدث بحزم ووضوح.
وواصل: ما يحدث اليوم في فلسطين يعد أحد أسوأ الحقب في تاريخ الإنسانية، والجريمة الأبشع في التاريخ بحق الصحافة، فالأرقام تقول إن ما يقرب من 20 في المئة ممن ينقلون الحقيقة على الأرض فقدوا حياتهم، وما زال زملائهم يعملون، حيث استُشهد أكثر من 180 صحافيًا وعاملًا بقطاع الإعلام، من بين 1000 صحافي يعملون على الأرض في غزة. هذه الأرقام، لو حدثت في أي مكان آخر، لكانت القضية قد أثارت ضجة عالمية.
ولفت إلى أن الأرقام تشير أيضًا إلى تدمير 73 مؤسسة إعلامية في غزة، وإغلاق 15 مؤسسة في الضفة الغربية، بخلاف تسجيل 902 انتهاك تراوحت بين إطلاق النار، والاحتجاز، ومنع التغطية من قبل الاحتلال ومستوطنيه.
وأكد أنه رغم المخاطر الجسيمة التي تواجههم، أثبت الصحافيون الفلسطينيون أنهم شاهدون على الحرية، يغطون الأحداث بأمانة واحترافية عالية، وهم يواجهون عدوًا فاشيًا يسعى لإسكات الأصوات الحرة.
وتابع: المشهد أيضًا تكرر في لبنان، ولعل استهداف مقر إقامة الصحافيين، الذين يغطون العدوان الإسرائيلي بالجنوب اللبناني خلال نومهم يُظهر بوضوح أن ما يُستهدف هو أكثر من مجرد أرواح الصحافيين؛ إنها القيم والمبادئ التي نؤمن بها.