القاهرة ـ «القدس العربي»: أثار تقرير لشبكة «سي إن إن» الأمريكية اتهم فيه القاهرة بتحريف وثيقة المفاوضات الخاصة بالهدنة في غزة، غضبا رسميا في مصر.
ووفق التقرير فإن مصر خدعت الجميع وحرفت الوثيقة التي وافقت عليها إسرائيل وقدمتها لـ«حماس» لتعلن الحركة موافقتها على نسخة مختلفة تماما من الاتفاق.
«تم خداعنا جميعا»
ونقلت الشبكة عن مصادر مطلعة، أن المخابرات المصرية غيرت من طرفها شروط مقترح وقف إطلاق نار وقعت عليه حكومة الاحتلال في وقت سابق من الشهر الجاري، وأدى ذلك إلى إفشال جهود التوصل إلى اتفاق.
وتابعت أن ما وافقت عليه حركة المقاومة الإسلامية «حماس» لم يكن ما اعتقدت قطر والولايات المتحدة أنه قدّم للحركة للمراجعة النهائية، وأن التغييرات المصرية أدت إلى موجة غضب واتهامات متبادلة بين قطر وأمريكا وإسرائيل وأوصلت المحادثات إلى طريق مسدود.
وقال مصدر أمريكي مطلع للشبكة: «لقد تم خداعنا جميعا».
وتابعت بأن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بيل بيرنز، كان غاضبا ومحرجا، عندما وصلته أنباء تغيير مصر شروط الاتفاق، لأنه لم يكن مطلعا، ولم يخبر الإسرائيليين بها.
وكشفت المصادر بأن الضابط الرفيع في المخابرات المصرية، المسؤول عن ذلك، يدعى أحمد عبد الخالق، وهو النائب الأول لرئيس المخابرات المصرية عباس كامل.
وتابعت أن الضابط أخبر الإسرائيليين بشيء، وأخبر حركة حماس بشيء آخر، وأدرج المزيد من مطالب حركة حماس في الاتفاق، فيما كانت قطر والولايات المتحدة تعتقدان أن مصر قدمت الوثيقة نفسها لجميع الأطراف.
وحسب أحد المصادر: «ما فعلته المخابرات المصرية أمر لا يعقل».
ووفق المصادر فإن قطر قد تلعب دورا أكبر في الجولة المقبلة من المفاوضات، نظرا لقربها من «حماس» رغم تفضيل إسرائيل لمصر.
وردّت مصر على اتهامات الشبكة دون أن تسميها، من خلال مصدر رفيع المستوى تحدث لقناة القاهرة الإخبارية المملوكة لجهاز المخابرات المصري، مؤكدا أن بلاده «تستغرب محاولات بعض الأطراف تعمد الإساءة إلى الجهود المصرية المبذولة للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة».
وزاد: من الغريب استناد بعض وسائل الإعلام لمصادر تطلق عليها مطلعة.
وزاد المصدر: بعض الأطراف تمارس لعبة توالي الاتهامات للوسطاء واتهامهم بالانحياز وإلقاء اللوم عليهم للتهرب من اتخاذ القرارات المطلوبة.
وواصل المصدر: ممارسة مصر دور الوساطة في صفقة وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن في القطاع جاءت بعد طلب وإلحاح متواصل للقيام بهذا الدور، مؤكدا أن ممارسة مصر دور الوساطة في صفقة وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن جاءت نظرا لخبرة وقدرة مصر في إدارة مثل هذه المفاوضات الصعبة.
شائعات
محمود مسلم، رئيس لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام في مجلس الشيوخ المصري وصف ما نشرته «سي إن إن» بالشائعات التي تبثها وسائل الإعلام الغربية للتشكيك في دور مصر وجهود الوساطة التي تمارسها في صفقة وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن».
وزاد: إنها مجرد محاولات لتخفيف الضغط على الحكومة الأمريكية المتهمة في الوقت الحالي بسبب فشلها في الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار.
وتابع في تصريحات متلفزة: نحن أمام حكومة أمريكية مترددة تستيقظ صباحا فتجد الطلاب في الجامعات يتظاهرون من أجل فلسطين، فيما يخرجون ببعض التصريحات مثل ضرورة ضمان الأمن ولن نوافق على اجتياح رفح الفلسطينية، بينما في المساء عندما تذهب إلى مراكز الدراسات والأماكن التي يركز عليها اللوبي اليهودي، تجدها تصدر تصريحات معاكسة تماما لما صدر عنها صباحا لتؤكد دعمها لأمن إسرائيل وأنه مسؤوليتها.
وأضاف: أن الرئيس الأمريكي جو بايدن متردد وغير حاسم فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وأن الحكومة الأمريكية فقدت سمعتها في كل ما كانت تردده أمريكا من حريات وحقوق إنسان وغير ذلك، وأن الشائعات التي ترددها وسائل الإعلام الغربية تستهدف تخفيف الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو الذي يواجه احتقانا داخليا كبيرا ورفضا دوليا، بالإضافة إلى إحالته لمحكمة العدل الدولية، وبالتالي فالخبر يهدف أيضا إلى تخفيف الضغط عليه.
مصر تنفي… وبرلمانيون يتحدثون عن «شائعات وتضليل وأكاذيب»
وأكد أن نتنياهو مجرم حرب مهما فعل، ويواجه الكثير من الضغوط الداخلية والدولية والتي لم تحدث لحاكم إسرائيلي منذ قديم الأزل، قائلاً: اليوم نرى 4 دول تعترف بفلسطين وكذلك قرار الأمم المتحدة، ما يبرهن فشل سياسات نتنياهو وعدم نجاحه في خداع العالم إلا خلال الأسابيع الأولى للحرب على غزة.
فيما أكد النائب محمد رضا البنا، عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، على موقف مصر الواضح والثابت في دعم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وأن القضية الفلسطينية كانت وستظل هي القضية الأم وعلى رأس أولويات الدولة المصرية شعبا وقيادة، مشددا على أن أي محاولات من جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي أو الإعلام الغربي المزيف لتشويه دور مصر في الدفاع عن القضية الفلسطينية هي محاولات بائسة وفاشلة، فالعالم كله يعرف دور مصر الرائد في دعم القضية ودورها الرئيسي المهم والمؤثر في أي مفاوضات تتعلق بالقضية الفلسطينية.
موقف واضح
وقال إن موقف مصر واضح منذ اللحظة الأولى في حرب إسرائيل المستمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على قطاع غزة، لافتا إلى موقف القاهرة الرافض تماما لأي تهجير للفلسطينيين من أراضيهم إلى سيناء أو إلى أي مكان آخر، حفاظا على القضية الفلسطينية وعدم تصفيتها وحماية لأمن مصر القومي، مؤكدا على موقف مصر الثابت وجهودها الكبيرة لوقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، فضلا عن تمسك مصر بضرورة دفع جهود إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، ليحصل الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة.
وأشار إلى أن مصر مستمرة في جهودها الدؤوبة تجاه القضية الفلسطينية لكونها من ثوابت السياسة المصرية، ومواصلة بذل الجهود لاستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، ولن تتوقف عن بذل الجهود على المستويات كافة، من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإنقاذ الشعب الفلسطيني.
وشدد على أن محاولات تعمد الإساءة إلى الجهود المصرية المبذولة للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة هدفها تشويه الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية، ومحاولة إسرائيل وأمريكا التهرب من اتخاذ قرارات بوقف إطلاق النار ووقف الجرائم والانتهاكات التي تمارسها آلة الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ووقف عمليات القتل والتدمير والتخريب في قطاع غزة، مشيرا إلى أن إسرائيل وإعلام الغرب الصهيوني لا يتوقف عن التضليل والكذب ومحاولات تجميل صورة الاحتلال الإسرائيلي أمام الرأي العام العالمي.
كذلك، استنكر أيمن محسب، وكيل لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب، ما وصفه بأكاذيب «سي إن إن «بشأن الوساطة المصرية بين إسرائيل وحماس، مشيرا إلى أن ما يحدث من اللوبي الصهيوني محاولة بائسة لتحميل مصر مسؤولية عدم نجاح مفاوضات التهدئة، وتصاعد الأحداث في قطاع غزة، وتبرئة إسرائيل من مسؤولية التصعيد الذي يشهده القطاع.
وأشار في تصريحات صحافية إلى أن نتنياهو على مرأى ومسمع من العالم تحدث عن أن المفاوضات لا علاقة لها بالعملية العسكرية في رفح، وأن إسرائيل متمسكة باجتياح رفح للقضاء على عناصر حماس، مؤكدا أن ادعاءات الإعلام الأمريكي أصبحت مثيرة للسخرية خاصة أن مصر أكثر الدول المتضررة من هذه الحرب، وأكثر الدول التي تحمل عبء ما يحدث وتسعى منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب لوقف إطلاق النار وإتمام صفقة لتبادل الأسرى والرهائن.
وأكد أن مصر كانت تنسق في كل تحركاتها ومقترحاتها مع جميع الأطراف المعنية وكان هذا هو المبدأ الذي حكم تحرك مصر منذ البداية، فمصر لم تتحرك منفردة بل في إطار أشمل واطلاع الأطراف علي أي تطورات أو مقترحات أولا بأول، مشددا على أن مصر تلعب دور الشريك الكامل وليس فقط الوسيط النزيه وكانت كل مقترحاتها تتم في حضور الأطراف وقبولهم لها، ولم تتم صياغة الرؤية المصرية إلا بعد التشاور مع جميع الأطراف المعنية.
«يفتقر إلى المنطق»
وعلقت النائبة سحر البزار، وكيل لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، على ما نشرته الشبكة الأمريكية، موضحة أن «هذا الادعاء يفتقر إلى المنطق والصحة، ويتسم بنوع من التضليل المعلوماتي».
ونوهت إلى أن الدور المصري في مفاوضات السلام دائماً ما يُحكم بالنزاهة والشفافية حيث إن مصر، عبر تاريخها الطويل، عُرفت بسعيها المستمر للسلام في المنطقة، وهي تعمل كوسيط نزيه بين الأطراف المتنازعة.
وأكدت أن التقرير الذي نشرته «سي إن إن» يعتمد بشكل كبير على مصادر لم يتم الكشف عنها، وهذا يطرح تساؤلات جدية حول مصداقية المعلومات المقدمة، فضلا عن أن الادعاء بأن مصر قامت بتغيير بنود الاتفاقيات دون علم الأطراف الأخرى ليس فقط يتجاهل الجهود المكثفة التي بذلتها الحكومة المصرية لتحقيق التوازن بين مطالب جميع الأطراف بما يضمن إحلال السلام، ولكن غير منطقي ولا يقبله عقل لأن إذا كان هذا الادعاء صحيحاً فمن المنطقي أن تُصدر الأطراف الأخرى المشاركة في المفاوضات، سواء إسرائيل أو حماس أو الوسطاء الدوليون كالولايات المتحدة وقطر، بيانات رسمية تعبر عن اعتراضاتها أو تؤكد هذه الحادثة لأن لا يوجد ما يستدعي الصمت من جانبهم، ولذلك عدم وجود تصريحات رسمية تؤكد هذه الادعاءات، يدعو إلى التشكيك في مصداقية الاتهامات الموجهة إلى مصر ويعزز من فرضية أن الادعاءات المنشورة قد تكون محاولة لتحميل مصر مسؤولية تعقيدات المفاوضات التي هي بطبيعتها شديدة التعقيد وتشهد العديد من التحولات. ولفتت إلى أن الدبلوماسية المصرية معروفة بحرصها على التوصل إلى حلول تراعي مصالح جميع الأطراف بشكل يحفظ لهم كرامتهم ويضمن الأمن والسلام الإقليمي، مؤكدة أن مصر تبذل قصارى جهدها في سبيل تحقيق سلام عادل ودائم يضمن الأمن والازدهار لجميع شعوب المنطقة، وستستمر في جهودها بغض النظر عن الادعاءات غير العادلة، مشيرة إلى أن التزام مصر بالسلام لا يجب أن يُستغل كورقة ضغط في السياسة الإعلامية الدولية، ويجب أن يُنظر إلى جهودها في سياقها الصحيح وبتقدير يليق بتاريخها الطويل في هذا المجال.
جهود قوية
فيما قال النائب تيسير مطر، وهو أيضا عضو مجلس الشيوخ، إن الدولة المصرية بذلت جهودا قوية من أجل وقف إطلاق النار بشكل فوري منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول كما أنها عملت على إدخال المساعدات الإنسانية ليس هذا فحسب بل بذلت جهودا مضنية من أجل التوصل إلى هدنة إنسانية طول الشهور الماضية.
وأوضح مطر، أن الدولة المصرية ومؤسساتها استقبلت وفودا كثيرة من أجل الوصول إلى هدنة، منتقدا محاولات تحميل البعض فشل المفاوضات لمصر، متسائلا:» كيف يكون هناك أطراف كثيرة داخل إطار المفاوضات وتكون مصر هي وراء الفشل».
وقال إن إثارة البعض أقاويل بأن مصر تتحمل فشل المفاوضات هو أمر مثير للسخرية، مشيرا إلى أن قيادات الدولة الفلسطينية أشادوا بدور الدولة المصرية مرارا وتكرارا فكيف لوسيلة إعلامية كـ»سي إن إن» تروّج لمثل هذه الأكاذيب، متسائلا: «لصالح من تعمل سي إن إن؟.
النائب أسامة الأشموني، عضو مجلس النواب، أكد كذلك أن الدولة المصرية هي أكبر داعم للقضية الفلسطينية على مدار تاريخها، ومصر قدمت الغالي والنفيس من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وحقه في استرداد أرضه التي احتلتها إسرائيل، وإقامة الدولة الفلسطينية، ولا يستطيع أحد أن يزايد على دور مصر في الدفاع عن القضية الفلسطينية.
وأضاف: أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تتنفس الكذب ليلا ونهارا وتواصل ممارساتها المضللة وأكاذيبها سواء في تشويه الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق، أو محاولات الاحتلال الإسرائيلي الغاشم أن يلبس ثوب الضحية ويحول المجني عليهم إلى جناة، ولكن ضمير العالم الحر لن يلتفت لمثل هذه الأكاذيب رغم صمت المجتمع الدولي وموقفه المتخاذل إزاء ما ترتكبه إسرائيل من جرائم وانتهاكات وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وإبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة.
دفاع مصر عن القضية
وأشار إلى أن مصر هي أول من انتفضت للدفاع عن القضية الفلسطينية وتبذل جهودا كبيرة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك على كل المستويات، على المستوى الدبلوماسي وعلى مستوى التفاوض لوقف إطلاق النار، أو على مستوى تقديم الدعم والمساعدات الإغاثية والإنسانية لأهالي غزة، وجهود مصر في المفاوضات لوقف إطلاق النار واضحة للعيان وكانت قاب قوسين أو أدنى من نجاح جهود الوساطة إلا أن الطرف الإسرائيلي الذي لا عهد له لا يريد أن يوقف نزيف الدماء في غزة، ويصر على استمرار جرائمه وانتهاكاته للقانون الدولي والإنساني وقتل وتشريد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة حتى حوّل القطاع إلى مكان غير صالح للحياة والمعيشة.
وطالب، بإحالة رئيس الوزراء الإسرائيلي المجرم نتنياهو وقادة إسرائيل إلى المحاكمة كمجرمي حرب ومحاسبتهم على ما ارتكبوه من جرائم وقتل وتخريب ودمار في قطاع غزة.
وفشلت جولة المفاوضات التاسعة التي استضافتها القاهرة في حضور وفود من حركة «حماس» والاحتلال الإسرائيلي ومدير المخابرات الأمريكية وليام بيرنز.
وكانت حركة «حماس» أعلنت موافقتها على المبادرة التي تقدمت بها مصر لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد عرضها على الاحتلال، قبل أن يتراجع الأخير عن موقفه.
ومنذ أشهر، تقود مصر وقطر برعاية أمريكية مفاوضات بين إسرائيل و«حماس» في محاولة للتوصل لصفقة لتبادل الأسرى ووقف دائم لإطلاق النار.