القاهرة ـ «القدس العربي»: رغم التوترات في العلاقات بين مصر وإسرائيل على خلفية سيطرة الاحتلال على محور فيلادلفيا الحدودي ومعبر رفح، تؤكد القاهرة أنها تواصل لعب دور الوساطة مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية لإبرام صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحركة حماس والتوصل لوقف إطلاق النار.
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى ضغط أوروبي من أجل وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي عقده السيسي في القاهرة، مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، أنه «بحث عددا من القضايا الإقليمية مع الرئيس الألماني بجانب أزمة سد النهضة الإثيوبي الذي ترفض أديس أبابا إبرام اتفاق بشأنه مع القاهرة منذ أكثر من عقد».
وأكد السيسي أهمية أن تضغط الدول الأوروبية لوقف إطلاق النار في غزة، مشددا على رفض مصر «استخدام إسرائيل لسلاح التجويع ضد الفلسطينيين».
ولفت الرئيس المصري إلى أن بلاده تعمل مع الولايات المتحدة وقطر من أجل التوصل لاتفاق يحقق الاستقرار وينهي المعاناة في غزة.
نفس الأمر أكده السيسي خلال استقباله وزير خارجية دولة الكويت عبد الله اليحيا، وفق المتحدث باسم الرئاسة أحمد فهمي.
وقال السيسي إن بلاده تواصل جهودها بالتعاون والشراكة مع قطر والولايات المتحدة، لتعزيز فرص التهدئة من خلال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل فوري بقطاع غزة، بما يسمح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى أهالي غزة، وإيقاف التصعيد الإقليمي.
وطبقاً للمتحدث باسم الرئاسة، أشاد وزير خارجية الكويت بالدور المصري المحوري في جهود استعادة الاستقرار بالمنطقة. كما أكد ضرورة تحلي الأطراف كافّة بالمسؤولية، لوقف نزيف الدم، ومنع اتساع نطاق الصراع في الإقليم. إلى ذلك بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجمعة، آخر التطورات في قطاع غزة، والتصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة.
جاء ذلك في اتصال هاتفي تلقاه عبد العاطي، من غوتيريش، وفق بيان وزارة الخارجية المصرية عبر منصة «فيسبوك».
وقال البيان إن الجانبين بحثا «آخر التطورات في قطاع غزة، والتصعيد الإسرائيلي الخطير في الضفة الغربية».
وأكدا «أهمية سرعة وقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية للقطاع، وتسهيل مهام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)». بدوره، أكد وزير الخارجية المصري، خلال الاتصال، على «ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي، وسرعة إيصال المساعدات الإنسانية للقطاع».
وأوضح أنه «لن يتحقق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة بدون الاعتماد على المرجعيات المتفق عليها، وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
من جانبه، أعرب غوتيريش، عن تقديره «لدور مصر وقطر والولايات المتحدة في جهود الوساطة الهادفة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس».
وأعرب عن تطلعه للتوصل لهذا الاتفاق في أقرب وقت ممكن.
تعثر المفاوضات
ومنذ 10 أشهر تقريبا، تتعثر جولات المفاوضات غير المباشرة بين تل أبيب وحماس، جراء إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب على القطاع، وتمسكه بمحوري فيلادلفيا ونتساريم جنوب ووسط القطاع، بينما تطالب حماس بانسحاب إسرائيلي كامل من غزة وعودة النازحين دون تقييد.
وفيما يتعلق بملف المساعدات الإنسانية، فرض الاحتلال الإسرائيلي خلال الأسبوعين الماضيين مزيدا من التضييق على دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبوسالم، فعلى الرغم من انخفاض عدد الشاحنات التي يبلغ الاحتلال الهلال الأحمر المصري بالسماح لها بالتحرك من مدينة رفح إلى المعبر التي باتت لا تتعدى الـ 70 شاحنة يوميا، فإن الاحتلال يعيد عددا منها يوميا دون السماح لسائقيها بتفريغ الشحنة أو المرور إلى القطاع. ومن بين 70 شاحنة مساعدات أرسلها الهلال الأحمر المصري إلى معبر كرم ابو سالم الخميس، سمحت قوات الاحتلال بدخول 12 شاحنة فقط.
وحسب مصادر في الهلال الأحمر المصري، فإن سلطات الاحتلال تطلق حججا واهية لمنع الشاحنات من دخول القطاع، مثل عدم انتظام عملية التعبئة في الشاحنات ما يعيق تفتيشها.
ويضطر سائقو الشاحنات إلى العودة مرة أخرى إلى مدينة رفح وتفريغ حمولة الشاحنات في المخازن اللوجستية التي أقامتها السلطات المصرية في مدينة العريش، بعد انتظارهم لأكثر من 10 ساعات أمام بوابة معبر كرم أبو سالم.
يقول أحد السائقين طلب عدم ذكر اسمه، إن كميات كبيرة من المساعدات تتعرض للتلف خلال الرحلة من العريش إلى معبر كرم أبو سالم والانتظار أمام المعبر بالساعات في ظل ارتفاع درجة الحرارة والعودة مرة أخرى إلى العريش، لافتا إلى أن انخفاض معدل دخول المساعدات أدى إلى تكدس أطنان من المساعدات في المخازن لأسابيع.
وبين المصدر أن حركة المساعدات كانت توقفت الأربعاء الماضي بسبب حادث الدهس بعد أن أعلن الاحتلال وقوع حادث دهس خلال مطاردة مهربين في المنطقة الحدودية مع مصر، فيما سمحت قوات الاحتلال بدخول 60 شاحنة مساعدات الثلاثاء، فيما أعادت 10 شاحنات محملة بمواد الإيواء والخيام والأدوية والمستلزمات الطبية.
أما الاثنين الماضي، فحسب المصدر، سمحت قوات الاحتلال بدخول 35 شاحنة فقط فيما أعادت 35 آخرين دون إبداء أسباب.
والأحد الماضي، سمحت قوات الاحتلال بتفريغ 10 شاحنات فقط من أصل 70 أرسلها الهلال الأحمر المصري إلى معبر كرم ابو سالم تمهيدا لتفتيشها قبل دخولها إلى القطاع.
ويغلق الاحتلال الإسرائيلي أبواب المعبر أمام شاحنات المساعدات يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع بحجة العطلة الأسبوعية.
وقال مصدر أمني مصري مسؤول في معبر رفح، إن حركة المساعدات إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم تراجعت بشكل كبير خلال الفترة الماضية، وإن الاحتلال لم يسمح سوى بدخول 210 شاحنة مساعدات إنسانية خلال الأسبوع الأول من شهر أيلول/سبتمبر الجاري.
شاحنات المساعدات
ويرسل الهلال الأحمر المصري شاحنات المساعدات إلى معبر كرم أبو سالم، طبقا للاتفاق الذي توصل إليه الرئيسان المصري عبدالفتاح السيسي والأمريكي، جو بايدن أواخر شهر آيار/مايو الماضي، على إرسال مساعدات إنسانية ووقود بشكل مؤقت من معبر كرم أبو سالم، لحين التوصل لآلية لإعادة فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني.
وتتكدس شاحنات المساعدات في مخازن مدينة العريش وفي الطريق بين مدينتي العريش ورفح وأمام معبر رفح.
وكانت مصادر في الهلال الأحمر المصري كشفت عن تلف أطنان من المساعدات بسبب طول فترة التخزين والعوامل الجوية، ومع بطء حركة نقل المساعدات إلى القطاع المحاصر، أعلن الهلال الأحمر المصري أواخر تموز/يوليو الماضي توقفه عن استقبال المساعدات من داخل البلاد وخارجها بسبب تكدسها في المخازن.
وفشل الاجتماع الثلاثي الذي استضافته القاهرة في الثاني من شهر حزيران/يونيو الماضي، وضم وفودا أمنية مصرية وأمريكية وإسرائيلية، في الاتفاق على إعادة فتح معبر رفح، وتمسكت مصر بضرورة الانسحاب الإسرائيلي من الجانب الفلسطيني للمعبر حتى يتم استئناف تشغيله.
ومعبر رفح مغلق منذ اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي المحور الحدودي من الجانب الفلسطيني في 7 أيار/مايو الماضي، وكانت مصر أعلنت رفضها التنسيق مع إسرائيل بشأن المعبر، وأوقفت دخول المساعدات لحين انسحاب قوات الاحتلال منه.
وتوترت العلاقات بين القاهرة وتل أبيب بعد اقتحام جيش الاحتلال لمعبر رفح والمحور الحدودي «فيلادلفيا» وتتمسك مصر بانسحاب الاحتلال من الشريط الحدودي، فيما أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكثر من مرة رفضه الانسحاب من المحور الحدودي، تحت زعم تهريب السلاح لحركة حماس من خلاله.
ونفت مصر هذه المزاعم على لسان مصدر رفيع المستوي، قال إن إسرائيل تحاول تبرير فشلها الأمني في قطاع غزة بإطلاق الأكاذيب، فيما قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن الادعاءات الإسرائيلية بدخول السلاح لقطاع غزة من الجانب المصري، ليست إلا مجرد أكاذيب من أجل استمرار التواجد في محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة ومصر. وأضاف عبد العاطي، أن الادعاءات الإسرائيلية جاءت بهدف صرف أنظار العالم عن جرائم الحرب المرتكبة بقطاع في غزة بحق الفلسطينيين.
وصرح وزير الخارجية، أن مصر قامت بإنفاق مبالغ ضخمة من أجل إنشاء سياج أمني وتدمير الأنفاق عند الحدود مع قطاع غزة.
وتوجه أحزاب المعارضة في مصر انتقادات للسلطة فيما يتعلق بملف المساعدات إلى القطاع المحاصر منذ بدء العدوان، ورفضت المعارضة التنسيق بين السلطات المصرية وجيش الاحتلال في دخول المساعدات عبر معبر رفح، حيث قضى الاتفاق بين مصر والاحتلال برعاية أمريكية في البداية بتوجه الشاحنات إلى معبر العوجة للخضوع للتفتيش من قبل قوات الاحتلال قبل عودتها والدخول عبر معبر رفح، وظلت هذه الآلية هي المتبعة حتى سيطرت قوات الاحتلال على المعبر في آيار/مايو الماضي.