مصر: سنة رابعة ثورة

حجم الخط
11

أحيت مصر أمس الذكرى الرابعة لانتفاضة 25 يناير على وقع الاحتجاجات الشعبية على الحكم المصري، فقتل، بحسب آخر المعلومات، 16 شخصا، وأصيب عشرات آخرون، وبذلك يتكرّر مشهد العام الماضي الذي قتل فيه العشرات أيضاً، الأمر الذي يطبع هذه المناسبة العظيمة بروح الكفاح المستمرة، ويذكر بأن قلب الثورة المصرية العظيمة لم يخمد، رغم كل علامات الغطرسة المستفزة التي ترفعها أجهزة «الدولة العميقة»، والتي كان آخرها إعلان براءة إبني الرئيس المعزول حسني مبارك من دعوى «القصور الرئاسية»، فيما يشبه التشفّي الأسود من أرواح آلاف الشهداء المصريين الذين قاتلوا لإسقاط نظام مبارك وابنيه وحاشيته الأمنية.
افتتحت الثورة التونسية مشهد التغيرات الكبيرة في العالم العربي، غير أن الثورة المصرية ألهبت خيال البشريّة عموماً بحفاظها على سلميّتها وبمشاركة كافة فئات الشعب والاتجاهات السياسية المصرية فيها وبوصولها لإسقاط الدكتاتور خلال 18 يوماً فقط، مما جعلها مثلاً يحتذى وأعطى آمالاً كبرى بالتغيير التاريخي في عالم عربي الذي بقي ممتنعاً على انتشار الحداثة والديمقراطية والحكم المدني، تنوء شعوبه تحت أنظمة استبدادية مهولة في طغيانها وفسادها.
استخدمت «الدولة العميقة» المصرية كافة الوسائل لإخماد الثورة، بدءاً من البطش الدمويّ منذ الجمعة الأولى للانتفاضة يوم 28 يناير، مروراً بنشر الفوضى الشاملة في البلد، واستخدام البلطجية في «موقعة الجمل» في 2 شباط/فبراير 2011، ولكنّ أكبر ألعاب هذه «الدولة العميقة» عملياً كانت إزاحة حسني مبارك عن المشهد، والذي كان تراجعاً مدروساً من قبل المؤسسة الأمنية لصالح المؤسسة العسكرية، تم من خلاله إسقاط رأس النظام، للحفاظ على النظام نفسه، ولترتيب الأوضاع بهدوء لتكسير الثورة.
غير أن عودة «الثورة المضادة»، لم يكن محض مخطط تآمريّ دبّج في الظلام، بل كان أيضاً نتاجاً ومحصّلة لأخطاء سياسية كبرى شاركت فيه النخب السياسية المصرية، بدءاً من الإخوان المسلمين، الذين باتخاذهم قرار السيطرة على السلطتين التنفيذية والتشريعية، فتحوا المجال كبيرا لخلق استقطاب شعبي كبير بدأ أولاً بين ممثّل النظام والعسكر اللواء احمد شفيق، وممثل الإخوان المسلمين محمد مرسي.
وما لبث فوز مرسي أن فتح المجال لتحالف موضوعيّ بين الأجهزة الأمنية والكتل الليبرالية والسلفية، مما آذن بانفضاض فئات ليبيرالية وشعبية عن السلطة الجديدة، وبظهور آلية ضخمة انخرط فيها رجال أعمال ودول إقليمية وأجهزة الدولة المصرية العميقة في تعميق الاستقطاب وتحويله إلى عتلة للقضاء على الإخوان كمقدمة للقضاء على الثورة ككل.
بوضع الجيش يده على السلطة مباشرة مع انقلاب 3 يوليو/تموز 2013 أطلقت الثورة المضادة أنيابها الحديدية للبطش بالمعتصمين المصريين في ساحتي «رابعة» و»النهضة» مفترضة، بعقليتها الأمنية القديمة، أنها بذلك تقبر الثورة المصرية، وهو افتراض خاطئ تماماً ولا توجد ملاءة مالية أو سياسية، مهما كان حجمها، قادرة على تغطيته.
نتيجة عمى المصالح الكبير للنخب الليبرالية والسلفية، والتي قبلت قمع الجيش لحرّيات الجميع حين قبلت بذبح الإخوان، دخل المجتمع المصري في دوّامة عنف هائلة، ولكنّه أعاد أيضاً أسئلة الثورة إلى بداياتها، وهي أن لا نظام يقبل بتسليم سلطاته دون عنف.
لكنّ العنف وحده لم يعد قادراً على حماية نظام بعد أن ذاق الشعب طعم الحرية.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    حزب النور وقت الانقلاب كان لا يمثل السلفيين
    فقد انفض عنه الكثير منهم وأسسوا أحزابا أخرى
    أما الليبراليين فمع الأسف أنهم انخدعوا بحركة تمرد

    قد نلوم بعض التصرفات الاحادية للاخوان ولكن الليبراليين قتلوا التجربة

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول رياض- المانيا:

    ان نجاح اي ثورة في مصر، يعني على المدى البعيد الحاق الاذى بالكيان الصهيوني والمصالح الغربية في المنطقة، لذلك تامر الجميع على اجهاض الانتفاضة الشعبية في مصر التي لم تصل الى غاية الان الى مرحلة يمكن ان تسمى فيها ثورة ، فلم تقم محاكم ثورية وبقيت الدولة العميقة تعمل وكأن شيئا لم يحدث، بل ان ضباط الشرطة بقوا يؤدون التحية العسكرية لمبارك واولاده امام عدسات الكاميرات. الجميع اخطأ ، منهم لعدم الخبرة السياسية ومنهم لمصالحه الشخصية ومنهم متامرا مع الخارج ضد البلد ومنهم فقط للمكايدة السياسية. لقد وجد الكيان الصهيوني والغرب عدة نوافذ مفتوحة للدخول الى البيت المصري واللعب فيه. هذا اللعب تم بطريق مباشر او عن طريق انظمة عربية اخرى لم ترد للاسلام السياسي ان يحكم اكبر دولة عربية. هذه الظروف السابقة وبعض اخطاء للاخوان ادت الى انقضاض الدولة العميقة على ما انجز والرجوع بمصر في كافة المجالات وعلى كافة الاصعدة الى مرحلة اسوء من الوضع الذي كان قائما ايام مبارك. السؤال الذي يطرح نفسه هل ضاعت فرصة التغيير واحداث ثورة حقيقية في مصر، الجواب لا، ولكن يجب على القوى الثورية وخاصة الشباب وكذلك على الاخوان المسلمين وغيرهم ان يتنازل كل منهم عن مصالحهه الشخصية والحزبية وان يضع مصلحة مصر العليا التي تسرق الان فوق كل اعتبار، لو تحقق هذا فهناك امل، والا اقول لاخواننا المصريين ولكن من يحب مصر من العرب، تصبحون على وطن

  3. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم تحت عنوان (مصر: سنة رابعة ثورة) ظهر رأي القدس اليوم واختتم المقال بالعبارة ادناه(نتيجة عمى المصالح الكبير للنخب الليبرالية والسلفية، والتي قبلت قمع الجيش لحرّيات الجميع حين قبلت بذبح الإخوان، دخل المجتمع المصري في دوّامة عنف هائلة، ولكنّه أعاد أيضاً أسئلة الثورة إلى بداياتها، وهي أن لا نظام يقبل بتسليم سلطاته دون عنف.لكنّ العنف وحده لم يعد قادراً على حماية نظام بعد أن ذاق الشعب طعم الحرية.)
    اكثر من سنة ونصف على عنف ودموية اركان الانقلاب الاسود على ثورة يناير 2011 بقيادة السيسي ،والثورة مستمرة بوتيرة متفاوته من الصعود والنزول.وبعد ان اعاد كثير من الاحزاب والفعاليات المصرية النظر في موقفها المؤيد للانقلاب واخذت الامور تتوضح امام اعين المصريين وهو ان هذا الانقلاب هو عودة بمصر لحكم العسكر واجهزته الامنية المعادية للحرية والمعادية كذلك وبشراسة لاشراك الشعب في حكم نفسه عبر صناديق الاقتراع الحرة والنزيهة .واكثر ما يؤجج روح الثورة على انقلاب السيسي هو هذه المهازل التي جعلت من القضاء المصري اضحوكة امام الشعب المصري والعالم ؛هذا القضاء الذي ينعته الانقلابيون (بالشامخ!!!)حكم ببراءة اركان نظام مبارك من كل العنف والدموية والانبطاح للاعداء الالد وعلى رأس هؤلاء الاعداء اسرائيل. وحكم على المئات الكثيرة بالاعدام في جلسات هزلية مضحكة وفي اقل من ساعة لبعض هذه الجلسات.
    اركان الانقلاب ومؤيدوهم في الداحل والخارج هم بالضرورة والواقع اعداء للشعب المصري وطموحاته في الحرية والعدالة والتنمية واستفلال القرار،وهذا الوضع الانقلابي المتغول سيسحقه شعب ثورة يناير المجيدة ولو بعد حين .وان غدا لناظره قريب.ولا حول ولا قوة الا بالله.والظلم مرتعه وخيم على الظالمين؛وعلى الباغي تدور الدوائر

  4. يقول رضوان الشيخ - السويد:

    تحياتي لقدسناالعزيزة
    الثورة مستمرة
    رحم الله شهداءكم ياأحرار مصر

  5. يقول سامح // الامارات:

    * من الآخر : لا عنف الشارع ( يبني وطن ) ولا الظلم والإستبداد
    ( يبني وطن ) .
    * ( مصر ) بحاجة الى ( مصالحة ) شاملة بين جميع فئات المجتمع .
    * على جميع الأحزاب ومريديهم تغليب ( مصلحة الوطن ) على
    مصالحهم الحزبية والشخصية .
    ** ليكن شعار جميع شرائح المجتمع المصري و ( أي مجتمع ) :
    *** ( الوطن فوق الجميع ويسع الجميع ) .
    شكرا والشكر موصول لقدسنا العزيزة ( بارك الله فيها ) .

  6. يقول جزوة النار لازالت ملتهبه:

    جزوة النار لازالت ملتهبه

  7. يقول عثمان -المغرب:

    تحليل موضوعي.

  8. يقول مبارك الصالح عمان:

    بلا شك، مطالب الثورة المصرية عادلة مثلها كمطالب الثورات في سوريا والبحرين وليبيا واليمن وغيرهم، لكن الله لا يستجيب دعاء أناس ذوي قلوب لا تتمنى الخير لشعوب مثلهم في الخلق لأنهم على مذهب ديني مختلف أو فكر مختلف، أو كما قال الإمام علي عليه السلام “الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق” . فالمطالبة بالحقوق والثورة ضد الظلم يجب لا تتشابك مع الرياء والنفاق، أو كما يقول الحديث الشريف “لا يطاع الله من حيث يعصى”. الأصلاح والنصر في الثورات لا يأتي إلا بأخلاص النية وطهارة القلوب قبل كل شيء، فالله لا يجيب دعاء قوم من خلطوا إيمانهم بالظلم (الذين أمنو ولم يلبسوا أيمانهم بظلم أولائك لهم الأمن وهم مهتدون)

  9. يقول د. اثير الشيخلي - العراق:

    ببساطة ولفهم الفولة على رأي المصريين انفسهم؛ فتش عن التحالف الشيطاني بين جمهورية الضباط في مصر التي هي دولة فوق الدولة المصرية وبين حيتان رجال اﻷعمال و مصالحهم التي تلاقت دوما مع جمهورية الضباط تلك في مصالح دائمة و متبادلة بين النفوذ و المال ؛ آدي كل الحكاية ببساطة
    هذان الطرفان لم يكونا ليسمحا البتة ﻹي طرف كان بخرق و تكسير هذه المعادلة التي لم يفهمها جماعة اﻷخوان أو ربما فهموهما لكن غرور القوة و مشهد الشارع المضلل خدعهم فأندفعوا خلف بريق السلطة قبل اﻵوان وهم الذين أعلنوا إبتداءا انهم لن يرشحوا مرشحا منهم للرئاسة و يكتفوا بممارسة المعارضة التي اجادوها أكثر من 80 سنة
    لكنهم فجأة و بسبب ذلك التضليل تكالبوا على الرئاسة لسفينة غارقة تحفها الحيتان واسماك القرش بدل من انتظار تلك الرئاسة ل تأتيهم طوعا؛ و حين يحين اﻵوان ؛ فضاعوا و ضيعوا و هاهي السفينة مستمرة بالغرق تتغذى عليها و على من عليها تلك الحيتان و أسماك القرش بلا رحمة

  10. يقول Mohamad , USA:

    راحت عليكو ياولاد مصر الطيبين
    ادامكو ٥٠ سنه تانيه من حكم العسكر
    ولي وصلكم للحالة دي هو الطمع والجشع والانانيه وحب الدنيا والتعلق بها

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية