تشهد الساحة المصرية هذه الأسابيع، تجاذبا حادا بين الحكومة والمعارضة، أو بين الإسلاميين والليبراليين، أو بين محور تيار الإخوان المسلمين وقطر وبلدان الربيع العربي، وبين محور المملكات والتيار الليبرالي، تجاذبا أشبه ما يكون بالحرب الباردة، نزاع محلي ذو امتداد إقليمي، إلا أن أخشى ما نخشاه أن التجييش والتجييش المضاد، والمظاهرات المؤيدة والمضادة للنظام القائم، والمواجهات المحتدمة اليومية قد تحولها إلى حرب حامية الوطيس، لا منتصر فيها، والضحية الشعب المصري المسكين.
لا بد من القول ان نظام الإخوان المسلمين قد ارتكب أخطاء جوهرية في ممارسته للحكم، باعتراف أصحاب الشأن أنفسهم، شعب عانى من الحكم الفردي لمبارك، ومن تسلط عائلته على الاقتصاد والسياسة، وهيمنة الحزب الوطني على مقاليد الحكم والإعلام والمؤسسات، لا يمكن إلا أن يرى بعين الريبة إلى الإستراتيجية التدريجية المهيمنة على مقاليد الحكم، لا يمكن لهذا الشعب أن يستغبى وأن يقال له ان ‘موسى الحاج’ غير ‘الحاج موسى’. الضرورة السياسية جعلت أيضا الإخوان المسلمين، استرضاء لحلفائهم السلفيين، يتحولون من وسطيتهم الإسلامية إلى حدة تلتمس في الجفاء المعترف به من طرف الرئيس مرسي بينهم وبين الأقباط المصريين، أو يتحولون أيضا من موقف متوازن بين الأطراف السورية يؤهلهم للعب دور الوسيط، والمسهل بين فئات الشعب السوري، إلى موقف أكثر حدة وأقل إنتاج لبلورة مخرج سياسي للأزمة السورية.
ثم إن الإخوان المسلمين، بدل أن يقرأوا الواقع العربي، والواقع المصري، وأهمية الاقتصاد الخليجي في حلحلة الكثير من صعوبات الاقتصاد المصري، وفي استيعاب عمالة مصرية هامة جدا، بدل هذا الإبصار المتوقع، تلخبطت عقولهم وسكرت أذهانهم بنشوة نصر سياسي طال انتظاره، ، لما بدأوا يحملون أحلامهم التوسعية محمل الجد، فصاروا بسرية معهودة يريدون أن تسقط الدولة بعد الدولة والإمارة بعد الإمارة والمملكة بعد المملكة عبر أسر وخلايا سرية، ليس لها علاقة بثقافة أو دين، مما أدى إلى استعداء أكثر من جهة خليجية لهم. ستبقى فكرة ‘التنظيم العالمي’، التي يمكن أن يكون لها تبرير في زمن قديم ما، أكبر عامل لعدم قدرة تنظيم الإخوان المسلمين على النجاح السياسي في ظل الدساتير الوطنية الجديدة، المانعة للتدخلات الأجنبية حتى وإن كانت عربية أو إسلامية، التخلي عن التنظيم العالمي مؤسسة سياسية ستكون أعظم حكمة قد يهدى لها الإخوان المسلمون، وإلا سيكون زوالهم أو تشتتهم.
كما أنه لا بد من القول ان المعارضة المصرية قد ارتكبت هي كذلك أخطاء إستراتيجية، لما صار في صفوفها، أكثر من وجه للنظام البائد، ليس على المستوى القاعدي فحسب، ولكن على المستوى القيادي أيضا، مما أعطى انطباعا لتقاطع مصالح بين معارضة ‘ثوار’ ومعارضة ‘فلول’، وقد ارتكبت أخطاء أعظم لما أعطت صورة لمعارضة ضعيفة مختلفة بين أقطابها ‘الرئاسيين’، مما جعل المشهد السياسي يبدو أكثر بين اللوبي الإخواني ولوبي الحزب الوطني البائد، عدم بروز قيادات جديدة للثوار ذات كاريزما ومصداقية، قلل من ثقلها الشعبي والسياسي. إن التظاهر السلمي مكسب ديمقراطي أساسي لا غبار عليه ولا رجعة عنه، إلا أن تجاوز الحد في استعماله من هذا الطرف أو ذاك قد تكون له النتائج العكسية، إن المصطادين في المياه العكرة كثر، والذين لا يحبون استقرار وازدهار مصر كثر أيضا، حبذا لو يعلو شأن العقلاء بمصر على الحمقى والبلداء السياسيين من كل صوب.
يحبس المصريون ومعهم العالم أنفاسهم يوم 30 يونيو حول مآل المظاهرات المطالبة برحيل نظام الرئيس محمد مرسي بعد عام من انتخابه رئيسا لأول مرة لفترة ما بعد ثورة يناير، يوم مفصلي في تاريخ مصر المعاصرة، إما صدام يخطط له أعداء الأمة العربية عموما، لا يخدم الشعب المصري في شيء، وإما انتصار على فتنة مستشرية، وحلحلة توافقية وإعادة مصر لسكة الاستقرار، على كل الأحوال ما بعد 30 يونيو لن يكون أبدا مثل قبله، قد تسقط حكومة عنوة أو بالتراضي أو بالعافية وتأتي أخرى، ولكن ستبقى أزمة البنزين والسولار والرغيف والكهرباء إلى أن تصبح التحركات السياسية لتحقيق مصالح الشعب وليس لتحقيق مصالح شخصية أو حزبية أو إقليمية.
عبد الكريم رضا بن يخلف
[email protected]
بدلا من السهر على أمن مصر والمصريين قام العسكر المصري بزعزعة أركان النظام المصري وذلك بنشر الفوضى والإستيلاء على السلطة. يعتبر الجيش المصر قد وقع اختراقه من قبل قوى الشر التي لا تريد الخير لمصر ولشعبها وبذلك لا يمكن له أن يحمي مصر وهو لم يقدر أن يؤمن نفسه من التجسس عليه. العسكر المصري مطالب بإعادة الحكم لأصحابه الشرعيين وإعادة هيكلته ذاتيا.