القاهرة ـ «القدس العربي»: ما زالت السلطات المصرية تواجه انتقادات محلية ودولية بشأن ملف حقوق الإنسان، رغم الإجراءات التي أعلنت عنها خلال الأشهر الماضية، ومنها إطلاق «المفوضية الوطنية لحقوق الإنسان» التي تهدف لحلحلة هذا الملف الشائك. الانتقادات تتعلق باحتجاز نشطاء وحقوقيين وصحافيين، بعضهم تخطى مدة الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا، وآخرون جرت إحالتهم لمحاكمات عاجلة.
وسألت خمس منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان، في بيان، الثلاثاء، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن مصير الناشط السياسي المصري الفلسطيني، رامي شعث، الموقوف في مصر منذ أكثر من عامين، والذي تؤكد باريس أنها تعمل على تحريره.
وشعث (48 عاما) هو أحد وجوه ثورة كانون الثاني/ يناير 2011 ومنسّق حركة (بي دي أس) الحركة التي تدعو لمقاطعة إسرائيل، في مصر، وهو موقوف منذ تموز/ يوليو 2019 ومتّهم بإثارة «اضطرابات ضدّ الدولة». وقد رُحّلت زوجته الفرنسية سيلين لوبران، إلى باريس في اليوم الذي أوقف فيه.
وسألت منظمة «العمل المسيحي من أجل إلغاء التعذيب» (فرع فرنسا) ومنظمة «العفو الدولية» ومركز «القاهرة لدراسات حقوق الإنسان» و«الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان» و«رابطة حقوق الإنسان» في بيان مشترك «هل لا يزال الإفراج عن رامي شعث أولوية بالنسبة لفرنسا؟».
وقالت المنظمات غير الحكومية إن «الزيارات على أعلى مستوى تكثّفت، وتم توقيع عقود اقتصادية وتسلّح جديدة، لكن بالنسبة لرامي شعث لم يتغيّر شيء تقريبًا، في وقت يحدد القانون المصري المدة الأقصى للحبس الاحتياطي بسنتين».
وجاء في البيان: «إذا تمكنت سيلين لوبران من الذهاب لبضعة أيام إلى القاهرة في شباط/ فبراير الماضي لزيارة زوجها، إلا أن هذا الأخير لا يزال ينام على أرضية صلبة وباردة في زنزانة مكتظة تبلغ مساحتها 25 مترًا مربعا».
وسألت المنظمات: «لماذا فرنسا التي تفتخر بشراكة استراتيجية مميزة مع مصر، غير قادرة على الحصول على الإفراج عن رجل مدافع عن حقوق الإنسان وزوج مواطنة فرنسية؟».
«يخضع للمتابعة»
وسبق أن أكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أنه تحدث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أثناء زيارة للأخير إلى باريس، عن عدة «حالات فردية» بينها رامي شعث. لكنّه رفض ربط التعاون الاقتصادي والعسكري مع مصر بـالخلافات بين البلدين على خلفية حقوق الإنسان، معتبرًا أنه «من المجدي أكثر انتهاج سياسة حوار صارمة بدلامن سياسة مقاطعة».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، آن كلير لوجاندر، الثلاثاء، خلال مؤتمر صحافي، إن وضع رامي شعث «يخضع للمتابعة عن كثب وتتم مناقشته بانتظام بما في ذلك على أعلى المستويات»».
وأضافت أن فرنسا «كثفت جهودها» لتحقيق «نتيجة إيجابية ونهائية» واصفة الحوار مع مصر حول حقوق الإنسان بأنه «متطلب وملموس».
إلى ذلك، كشفت أسرة المحامي محمد الباقر، أنها تقدمت بطلب لإعادة القضية رقم 1228 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ مرة أخرى للمرافعة بعدما قررت المحكمة حجز القضية للحكم في جلسة 20 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وكتبت نعمة هشام، زوجة الباقر، عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «اليوم قدمنا طلب فتح باب المرافعة لباقر».
وكانت جهات التحقيق أسندت لباقر والناشط علاء عبد الفتاح في القضية رقم 1228 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ التجمع الخامس تهما بـ «نشر وبث وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي».
كما وجهت لهما تهما بـ«مشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها وجرائم الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة الى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها».
في السياق، واصل الناشط السياسي محمد عادل، أحد أبرز وجوه ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، إضرابه عن الطعام، احتجاجا على التنكيل به من قبل إدارة سجن المنصورة في دلتا مصر.
وأعلنت المبادرة المصرية أنها تقدمت ببلاغ إلى النائب العام حمل رقم 118920 لسنة 2021 عرائض المكتب الفني، بشأن ما تعرض له عادل من تعسف داخل سجن المنصورة العمومي من قبل القائمين على إدارة السجن. وأوضحت المبادرة، في بيان، لها أن عادل يشكو من تحريض رئيس مباحث السجن للسجناء الجنائيين ضده، ومن منع الصحف والكتب عنه.
محام يقدم طلبا لإعادة المرافعة بعد حجز قضيته للحكم
وقالت المبادرة في بلاغها إنه في تاريخ 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ضمّن عادل هذه المعلومات في شكوى، بهدف تقديمها إلى النائب العام من خلال رئيس المباحث بسجن المنصورة العمومي، لكنه فوجئ برد فعل رئيس المباحث الذي مزق الشكوى أمامه، بدلا من إثباتها في السجل المعد للشكاوى وفقا للمادة 80 من قانون تنظيم السجون، والتي تنص على (يجب على مدير السجن أو مأموره قبول أي شكوى جديدة من المسجون.، شفوية أو كتابية، أو إبلاغها إلى النيابة العامة أو الجهة المختصة بعد إثباتها في السجل المعد للشكاوى.)
وطالبت المبادرة في بلاغها بالتحقيق في هذه الوقائع واتخاذ اللازم قانونا ضد رئيس مباحث السجن. كما طالبت احتياطيا بنقل محمد عادل من سجن المنصورة العمومي لوجود خصومة مع رئيس المباحث.
وبينت رفيدة حمدي، زوجة الناشط محمد عادل، أن النيابة انتقلت إلى سجن المنصورة لأخذ أقوال محمد عادل في البلاغ المقدم لها.
وأضافت أن عادل رفض الإدلاء بأقواله والتعاون مع جهة التحقيق، بسبب إصرار رئيس مباحث السجن، المشكو في حقه، على حضور التحقيق، بل والتدخل فيه.
وأشارت زوجة الناشط السابق في حركة 6 أبريل، إلى أنها تقدمت والمحامي بطلب لزيارة عادل، وهو الطلب الذي استقبلته النيابة بالرفض لكليهما.
وكانت رفيدة علمت بشأن إضراب زوجها عن الطعام في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أثناء زيارتها له واستمراره فيه حتى الآن.
وقالت: «محمد ما زال مضربا عن الطعام ولا يزال رئيس مباحث سجن المنصورة يسيء معاملته».
يذكر أن محمد عادل محبوس احتياطيا منذ 18 يونيو/ حزيران 2018، حيث تم القبض عليه أثناء استعداده لمغادرة قسم شرطة أجا في محافظة الدقهلية، في دلتا مصر، بعد انتهاء مراقبته اليومية، وما زال أمام عادل عام ونصف في عقوبة المراقبة والمحكوم عليه بها كعقوبة تكميلية لمدة 3 سنوات منذ يناير/ تشرين الثاني 2017 في القضية رقم 9597 لسنة 2013 جنح عابدين، التي اتهم فيها مع الناشطين أحمد ماهر وأحمد دومة، بالتجمهر واستعراض القوة.
ولفتت المبادرة إلى أن «محمد عادل محبوس على ذمة ثلاث قضايا، وأخلي سبيله فقط في القضية الأولى رقم 5606 لسنة 2018 إداري أجا ـ الدقهلية بتهمة نشر أخبار كاذبة، بضمان مالي قدره 10 آلاف جنيه، وهو الآن محبوس احتياطيا على ذمة القضية الثانية رقم 4118 لسنة 2018 إداري شربين ـ الدقهلية ».
وأوضحت أنه «في حالة إخلاء سبيل محمد عادل في القضية الحالية لن يتم إطلاق سراحه بشكل فعلي، ولكن سيبدأ فترة حبس احتياطي أخرى في القضية الثالثة رقم 467 لسنة 2020 حصر تحقيق نيابة أمن الدولة العليا، بتهمة «الانضمام إلى جماعة إرهابية مع علمه بأغراضها وتمويلها وإمدادها بمعلومات من داخل محبسه، وقد قررت نيابة أمن الدولة حبسه 15 يوما تبدأ حين الإفراج عنه في القضية المحبوس على ذمتها الآن».
إخلاء سبيل
إلى ذلك أخلت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ قسم ثان المنصورة، سبيل باتريك جورج زكي، الباحث في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وأجّلت محاكمته إلى جلسة 1 فبراير/ شباط.2022.
يأتي ذلك على ذمة القضية المتهم فيها بـ«نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لهذا الغرض».
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض عليه في 7 فبراير/ شباط 2020، من مطار القاهرة أثناء عودته من إيطاليا لقضاء الإجازة مع أسرته في مصر
ويواجه نظام السيسي اتّهامات من قبل منظمات غير حكومية بقمع المعارضة ومدافعين عن حقوق الإنسان.
وأكدت هذه المنظمات في تموز/ يوليو الماضي أنّ هناك حوالى 60 ألف سجين سياسي في مصر، لكن القاهرة تنفي قطعياً هذه الاتّهامات، وتؤكّد أنّها تخوض حرباً ضدّ الإرهاب وتتصدّى لمحاولات زعزعة استقرار البلاد.