■ بعد القرار الذي اتخذته وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم قبل مرور شهرين، بتحديد المهرجانات الفنية الرسمية للحد من تزايد الاحتفالات ومعرفة هوياتها ووظائفها، بدأ الحديث عن الدعم المنتظر للمهرجانات الكبرى المعتمدة والمعترف بها، حيث يطمح كل مهرجان في الحصول على الدعم المأمول، ولهذا تسعى الجهات الثقافية التي تقيم المهرجانات الفنية على مدار السنة، لتدشين الدعاية المطلوبة لتثبيت نشاطها كحالة احتفالية حقيقية جديرة بالحصول على الدعم المالي الذي يمكنها من الاستمرار.
وقبل الكلام عن أحقية كل مهرجان في التمتع بالمزايا التي تخصصها وزارة الثقافة من تسهيلات وتوفير ما يلزم للنجاح والبقاء، تجدر الإشارة إلى أن معظم هذه المهرجانات التي يُختزل نشاطها كله في مجرد العروض الفنية السنوية، هي في طبيعة الحال تحصل على الدعم الكافي والفائض عن طريق الجمعيات التي تُطلقها وتتولى مسؤولياتها، إذ أن الجمعيات الأهلية تتلقى دعماً ماليا تحصل عليه بشكل دوري لتنفيذ أهدافها الثقافية، التي يأتي على رأسها النشاط الفني والإبداعي، وبالتالي فإن الحديث عن دعم جديد خاص بالمهرجانات لا بد أن تُراعى فيه الدقة،
يتمتع مهرجان القاهرة السينمائي بالصفة الدولية ولأجل ذلك فالجهود كلها منصبة لإنقاذه من العثرة المالية التي يمر بها منذ سنوات
ويجب أن لا يكون إلا في حال إنفاق المخصص المالي للجمعيات على أنشطة مختلفة، والتأكد من هذه المسألة قبل الشروع في إضافة أعباء تُضعف ميزانية الوزارة، فتعود الشكوى من عدم القدرة وعدم الإمكانية وتتوقف الأنشطة والمهرجانات جميعها بلا استثناء.
يأتي مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بالتأكيد، على رأس قائمة المهرجانات المهمة التي تعتني بها الدولة مُمثلة في وزارة الثقافة، ولأنه المهرجان الرسمي الذي يتمتع بالصفة الدولية فالجهود كلها منصبة لإنقاذه من العثرة المالية التي يمر بها منذ سنوات، التي كانت سبباً رئيساً في تراجعه ونشوب خلافات كثيرة حول أزمته الإدارية وتناوب عدد غير قليل من الشخصيات على رئاسته في أزمنة قصيرة وعجز كل منها عن إيجاد حل لمشكلاته المستعصية التي نتج معظمها عن عدم توفير الميزانية المطلوبة والكافية للعودة به إلى سابق عهده، إبان ازدهاره وتألقه وريادته كأهم المهرجانات السينمائية، العربية والشرق أوسطية، وقد بُذلت محاولات كثيرة للاستعانة برعاة رسميين له لتخفيف الأعباء، ولكن بدون جدوى فالرعاة عملوا على الاستفادة الدعائية منه، ولم يفيدوه بشيء، ومنهم من ذهب لإقامة مهرجان منافس له وسخروا كل الإمكانيات تحت غطاء دعم السياحة ليكون المبرر مقنعا وهاجس المؤامرة بعيدا عن التصور.
أيضاً تفتقت أذهان القائمين على إدارة مهرجان القاهرة قبل سنوات عن طريقة مبتكرة وجديدة للترويج الدولي، فعملوا على استضافة دولة أجنبية كبرى أو عربية صديقة لتكون ضيف شرف في كل دورة لتحسين الصورة والمحافظة على الطابع الدولي والعالمي، وبالفعل كانت أمريكا وفرنسا وإيطاليا وروسيا والصين والجزائر وتونس والمغرب ضيوفاً في الدورات السابقة، وغير ذلك انفتح المهرجان أيضاً على القارة الإفريقية السمراء، وتم تعزيز المشاركات السينمائية للدول المتميزة منها لخلق بعد استراتيجي مهم يكون داعماً لمهمة الإنقاذ، أي أن كل الحلول طُرحت لتحقيق الغرض المنشود، وهو المحافظة على المهرجان المصري العربي الكبير.
وليس مهرجان القاهرة وحده الذي ينتظر الدعم، ولكن هناك العديد من المهرجانات السينمائية الدولية والمحلية تضع عينيها على المرصود من ميزانية وزارة الثقافة لتجنب الأزمات والعمل على تأمين نشاطاتها كي تنجو من مأزق الإفلاس وتحافظ على تاريخها وتواصلها الفني والثقافي، ومن بينها مهرجان الإسكندرية ومهرجان جمعية الفيلم ومهرجان أسوان ومهرجان السينما المصرية والمهرجان الكاثوليكي وغيرها من المهرجانات المختلفة، سواء السينمائي أو المسرحي أو بقية المهرجانات والكرنفالات الفنية الأخرى.