مطالبات بإقالة وزير التعليم المصري بسبب كثافة الفصول ونقص المدرسين

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: قرارات عديدة اتخذها وزير التعليم المصري، طارق شوقي، بعد أن كشفت صور تداولها مصريون على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتفاع كثافة الطلاب في الفصول الدراسية. القرارات أثارت جدلا واسعا، باعتبار بعضها جاء كمحاولة لإخفاء المشكلة من جهة، ومحاولة علاجها على حساب الطلاب من جهة أخرى، ما دعا خبراء وكتاب للمطالبة بإقالة الوزير، على رأسهم الكاتب الصحافي أنور الهواري، الذي كتب على صفحته على «فيسبوك»: «إقالة وزير التعليم طارق شوقي خطوة تصحيحية للأزمة قبل فوات الأوان».

منع التصوير

القرار الأول الذي اتخذه شوقي تمثل في منع تصوير المنشآت التعليمية، إلا بعد التنسيق مع المستشار الإعلامي للوزارة. وجاء القرار بعد تداول صور على مواقع التواصل الاجتماعي أثارت جدلا واسعا، تضمنت فصولا دراسية بلا مقاعد، وازدحاما في المدارس، آثار مخاوف من انتشار كورونا، خاصة أن مصر تواجه الآن ذروة الموجة الرابعة من الفيروس.
وسار شوقي، في الطريق نفسه الذي يسلكه كل المسؤولين المصريين، عندما تكشف عدسات الكاميرات عن أزمات في الأماكن التي يديرونها، فسبقته لذلك وزيرة الصحة المصرية، هالة زايد، عندما اتخذت قرارا في يناير/ كانون الثاني الماضي بحظر التصوير تماما داخل المستشفيات، بعد أن تداول مواطنون صورا تظهر أزمات في غرف الرعاية المركزة في مستشفيات العزل المخصصة لعلاج مصابي فيروس كورونا.

«مصلحة الطلاب»

التعليم، قالت في بيانها: «حرصاً من الوزارة على مصلحة الطلاب بجميع مراحل التعليم قبل الجامعي ولتحقيق ضوابط تنظيم العمل داخل المدارس للعام الدراسي الجديد، فقد تقرر وضع مواعيد محددة لدخول أولياء الأمور لمقر المدرسة لإنهاء الأمور المتعلقة بذويهم، يتم الاعلان عنها من خلال الصفحة الرسمية للمدرسة على الفيسبوك، مع ضرورة تنظيم عملية الدخول والخروج للحفاظ على الصحة العامة».
وأضافت الوزارة في بيان: «منع التصوير داخل المنشآت التعليمية (المدارس، الإدارات، المديريات، الهيئات، المراكز) إلا بعد التنسيق المسبق مع المستشار الإعلامي للوزارة أو مدير المديرية أو الهيئة أو المركز، للحفاظ على هيبة المؤسسات التعليمية واحترام السادة العاملين بها وكذا منع تصوير الطلاب إلا بعد موافقة كتابية من ولي الأمر».
ومنعت الوزارة «العاملين في المؤسسات التعليمية، من الإدلاء بأي تصريحات لوسائل الإعلام بشأن السياسات العامة للوزارة دون الرجوع إلى الوزارة، على أن يقتصر التصريح للإعلام على مديري المديريات والهيئات والمراكز التابعة في حدود الاختصاص دون تجاوز ذلك إلى اختصاصات الغير».

كثافة طلابية

وفي شأن الكثافة الطلابية، قالت الوزارة في بيانها: «يتولى مدير المديرية التعليمية إيجاد الحلول المناسبة لتقليل الكثافة الطلابية خاصة في المدارس التي تعمل بنظام الفترتين، ويمككن إتاحة العمل لفترة ثالثة إذا تطلب الأمر، أما بالنسبة للمدارس التي يتم العمل فيها بنظام الفترة الواحدة يحق لمدير المديرية الموافقة على تشغيلها بنظام الفترتين، مع عدم المساس بعدد أيام الدراسة المقررة في الخريطة الزمنية المعتمدة».

على حساب من؟

الخبير التعليمي كمال مغيث، تساءل على صفحته على الفيسبوك: «على حساب من؟ التحرك السريع لحل مشكلة التكدس في الفصول». وأضاف: «سارعت وزارة التعليم بالتنبيه على مديري المدارس لحل مشكلة التكدس في الفصول بتحويل مدرسة الفترة الواحدة إلى فترتين، فكيف ستوفر الوزارة مدرسين لهذه الفترة، أم ستجعل المدرس يعمل ضعف عدد ساعات عمله بالراتب نفسه، أم سيجري تخفيض زمن الحصة الدراسية».
وتابع: «كثافات للطلاب غير مسبوقة حتى في زمن الكوارث والحروب، وفصول بلا مقاعد يجلس عليها التلاميذ ككل التلاميذ على سطح الكوكب، وفصول بلا معلمين في عجز فاضح يصل لنحو ثلث مليون معلم، ومعلمون أصبحوا أفقر معلمي الأرض، ودعاوى تخريبية لشغل فراغ الفصول مثل التدريس بالتطوع أو بالحصة أو باليومية، وتابلت أنفقت عليه المليارات ولا أحد يعلم إفادة واحدة وحيدة عن امتحاناته، ومزاعم بلا دليل بأن الدول المتقدمة تريد أن تقتبس منا هذا الخراب».

قرار بمد العمل في المدارس لثلاث فترات… ومنع التصوير في المنشآت التعليمية

وزاد: «كل هذا يبدو أنه يعجب الرئيس، ورئيس وزرائه، ولكن يبقى السؤال إذا كان عندنا برلمان، وفيه لجنة تعليم، أليس أول وأوجب واجباتها أن تستجوب وزير التعليم حول تلك الكوارث أم أنهم لم يتلقوا التعليمات بعد».
لم تكن كثافة الطلاب، هي الأزمة الوحيدة التي تواجهها العملية التعليمية في مصر، فأزمة العجز في المدرسين، أثارت مخاوف أولياء الأمور على دور المدرسة في تعليم أبنائهم. شوقي بين أن الوزارة «لن تفتح باب التعيين حاليا لأنه ليس هناك توجه لضم موظفين جدد إلى الجهاز الإداري للدولة، لأن ذلك تترتب عليه أعباء مادية كبيرة».
وساهمت أسباب عدة على مدار السنوات الماضية في زيادة العجز في أعداد المعلمين في مصر، فمنذ أن ألغى رئيس الوزراء السابق، كمال الجنزوري عام 1998 ما كان يعرف بـ «تكليف» خريجي كلية التربية ـ أي التعيين المباشر بعد التخرج بشكل إجباري ـ بسبب عدم تحمل ميزانية الدولة لذلك، والأزمة تتطور عاما بعد عام. ومع تدني رواتب المعلمين، فإن أعدادا كبيرة منهم سعت للسفر إلى الخارج، أو الانتقال داخليا لمدارس خاصة، فمتوسط راتب المعلم في مصر يصل إلى 3000 جنيه، أي ما يعادل تقريبا 190 دولارا شهريا، إضافة إلى تحول كثير من المعلمين إلى الوظائف الإدارية والإشراقية، والسماح لمعلمين بإجازات خاصة بدون راتب، فهناك ما يزيد على 45 ألف معلم في إجازات طويلة بدون راتب، ويضاف إلى ما سبق التوسع في إنشاء المدارس، فقد بنت الحكومة المصرية ما يقرب من 60 ألف فصل دراسي منذ عام 2014.
ووفقا لخلف الزناتي، نقيب المعلمين ورئيس اتحاد المعلمين العرب، يخرج من الخدمة ما يقرب من 40 ألف معلم سنويا بعد بلوغ سن التعاقد.
وقد ذكر محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم السابق، أن عام 2018 شهد خروج 60 ألف معلم للتقاعد، وهي عوامل أيضا تسهم في زيادة هذا العجز.

تطوع لسد العجز

النائب أيمن محسب، عضو مجلس النواب، توجه بسؤال للمستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، موجه لرئيس مجلس الوزراء، ووزير التربية والتعليم، بشأن فتح باب التطوع لسد أزمة عجز المعلمين في بعض المدارس في الوقت الذي يتم تجاهل حل أزمة الـ 36 ألف معلم القائمة منذ فترة. وأوضح أن منظومة التربية والتعليم الجديدة التي شرعت الدولة في تطويرها قائمة على عدد من المحاور الرئيسية والهامة لضمان التطوير والتجديد، ويعتبر المُعلم من أهم وأبرز هذه المحاور، بداية من حل أزمة العجز في المدارس، مرورا بالتدريب طوال الوقت لمواكبة الأدوات الحديثة للتعليم عن بُعد.
وتساءل، عن آليات حل أزمة عجز المعلمين في عدد من المدارس على مستوى الجمهورية بالتزامن مع بدء العام الدراسي الجديد، ففي الوقت الذي يوجد 36 ألف معلم مؤهلين وجاهزين للعمل في المنظومة بشكل عاجل وسريع بعد اجتيازهم جميع الاختبارات اللازمة التي أشرفت عليها الوزارة بنفسها يتم فتح باب التطوع لسد العجز.
وتابع: «فوجئنا خلال الأيام القليلة الماضية إعلان وزير التربية والتعليم فتح باب التطوع للعمل في المدارس ممن لديه خبرة سابقة في أعمال التدريس من حملة المؤهلات العليا التربوية بتفعيل القرار الوزاري 202 لسنة 2013، لكي يقوموا بمساعدة المعلمين في تنفيذ المهام التي تم إسنادها لهم من قبل مشرف المادة ويشترط أن لا يكون للمتطوع أقرباؤه حتى الدرجة الثانية في المدرسة كما يتم سد العجز في الحالات القصوى في المدارس بالموجهين، في الوقت الذي لم يتم حل أزمة الـ36 ألف معلم».
وطالب عضو مجلس النواب، وزير التربية والتعليم، بـ«تقديم تفسير لهذا الأمر، خاصة وأن الوزارة هي التي سبق وأن أعلنت عن مسابقة الـ36 الف معلم ذلك الأمر الذي كلف الوزارة الكثير وفى نفس الوقت حتى تكون هناك مصداقية في التعامل مع المسابقات فيما بعد وفي قرارات الوزارة بشكل عام».
عمرو الشوبكي الكاتب الصحافي في مركز دراسات الأهرام، كتب: حين يقول وزير التربية والتعليم أن العجز في عدد المعلمين يبلغ 25٪ وأن هناك عجزا يبلغ 250 ألف فصل، فإننا أمام أوضاع عملية على الأرض تنسف أي كلام عن إصلاح المنظومة التعليمية عبر التابلت أو غيرها، فالخطوة الأولي كان يجب أن تكون هي سد النقص في اعداد المعلمين وتأهيلهم مهنيا وعلميا وماديا، والثانية وضع خطة لسد النقص في أعداد الفصول التي وصلت إلى نسبة كارثية.
وزاد: البنية التحتية لإصلاح منظومة التعليم غير موجودة أو على الاقل فيها مشاكل جسيمة، وحلها لن يتحقق إلا إذا وضع التعليم كأولوية قصوى في خطة هذا البلد وموازنته، الاستثمار في البشر قبل الحجر ومواجهة سوء حال مدارسنا الحكومية وفصول الـ130 تلميذا وغيرها من مشاكل المنظومة التعليمية هو طريقنا الوحيد للتقدم.

منع الكتب

يضاف إلى كل ذلك، قررت وزارة التربية والتعليم، عدم تسليم الكتب المدرسية لطلاب المدارس في المراحل التعليمية المختلفة إلا بعد سداد المصروفات الدراسية والمحدد فئاتها بالقرار الوزاري 119 لسنة 2021 بشأن تحديد الرسوم والاشتراكات ومقابل الخدمات الإضافية التي تحصل من طلاب وطالبات المدارس في مختلف مراحل التعليم العام والفني للعام الدراسي الجديد 2021 / 2022.
وهو الأمر الذي رفضه المحامي الحقوقي خالد علي وقال: «منع الكتب عن الطلبة غير القادرين على دفع المصاريف المدرسية إجرام واغتيال لكرامة هؤلاء الطلبة أمام زملائهم وعقاب لهم على ضيق حال أولياء أمورهم.
وانطلق العام الدراسي الجديد في مصر الأحد الماضي، وسط انتقادات واسعة للإجراءات التنظيمية والعجز في المعلمين وارتفاع كثافة الطلاب في الفصول الدراسية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية