رونيت زلبرشتاين
“لا أنام الليل، أخاف على أطفالي. ليس بعيداً اليوم الذي يتسلل فيه منفذ أردني إلى إحدى قرى العربا فنرى جنازات مع توابيت أطفال، لأن أحداً ما غفا في الحراسة على حدود الأردن. لا شيء يمكنه أن يوقف المنفذ من التسلل إلى إسرائيل ليذبحنا ويذبح أطفالنا. هذه صورة الوضع منذ سنوات طويلة، ولا أحد يهتم لوقوع المصيبة، ووقوعها مسألة وقت ليس أكثر”.
هذا ما يقوله سكان العربا لـ “إسرائيل اليوم”، بعد شهر من تسلل مخرب عبر ثغرة في جدار الحدود بين إسرائيل ومصر ليقتل ثلاثة من جنود كتيبة باردلس. منذئذ والسكان ينامون وسلاحهم تحت المخدة خوفاً من حدوث أمر مشابه.
“أ” الذي يسكن في إحدى قرى العربا، يقول بصوت مختنق: “الوضع فظيع. بخلاف جدار الحدود العالي بين مصر وإسرائيل، لا جدار هنا، وحدود إسرائيل – الأردن فالتة تماماً من منطقة “كيبوتس يودفات” في العربا الجنوبي وحتى البحر الميت. رؤساء الأمن والحكومة ومن هم مؤتمنون على الحراسة، كلهم يعرفون هذا ولا يفعلون شيئاً. واضح أن عملية تخريبية على الحدود ستحصل، وسيقولون لم نعرف، فعلنا كل شيء كي نمنعها.
“إذن، نحن هنا لنقول لكل سكان إسرائيل، بمن فيهم أولئك الذين يسافرون على طريق 90 إلى البحر الميت أو إلى إيلات أو إلى العربا: جهاز الأمن والجيش الإسرائيلي يعرفون بالمخاطر ويسكتون ويسمحون لهذا أن يحصل – مثلما سمحوا للعملية على طريق 12 أن تحصل رغم الإخطارات المركزة، ومثلما سمحوا بورديات جنود 24/7 على حدود مصر، ومثلما عرف الجميع عن الثغرات في جدار الحدود المصرية”.
“هم يعرفون بوجود تهريب سلاح من الأردن، ومخدرات ورجال. لا قوة توقفهم، ومن يحاولون جنود شبان يعرضون حياتهم للخطر، وهم قليلون جداً. ليس هناك ما يكفي من التكنولوجيا ووسائل الرقابة. حصل هذا في حدود مصر، وسيحصل في حدود الأردن. هذا ترك تام للجبهة الجنوبية لمصيرها. يستثمر الجيش الإسرائيلي في مواقع السياحة في البحر الميت وإيلات، لكن حدود الأردن والعقبة في الوسط، وباقي الجبهة كله متروك”.
“مع كل تهريب للسلاح أو للمخدرات يشارك بدو متعاونون وخلايا من ثمانية أشخاص، لكن كلما نجح الجيش في إحباط التهريب، إنما يمسك بمهرب أو اثنين بالإجمال، والباقون يهربون، وحتى لو أمسك بهم يبقون نصف سنة في السجن، في أفضل الأحوال، ثم يتحررون. ويدور الحديث عن تهريبات ضخمة على أساس يومي”.
“الطرف الآخر يعرف عنا كل شيء”
وعلى حد قول “ر”، من سكان العربا منذ عشرات السنين، استيقظت الحدود للحياة منذ سنوات كورونا وأصبحت نشطة جداً عقب تهريبات من كل الأنواع. “المهربون تجاسروا، والعبور من الأردن إلى إسرائيل حر دون أي عراقيل”، يقول. “نحن في العربا على مسافة 500 متر عن الحدود ونخاف جداً.
“هناك بلدات بينها وبين الحدود مسافة بضع خطوات، ومن يعنى بالتهريبات في الطرف الآخر يجمع المعلومات ويعرف عنا كل شيء. هو ذكي جداً، بل ويستعين بكثير من الناس. ولن تقتصر الحالة لاحقاً على تهريب سلاح، بل سيقرر أحد ما تنفيذ عملية. في النهاية، كل من ينقل السلاح إلى جهة معادية داخل إسرائيل، قد يصبح منفذاً لعملية.
سكان العربا الذين تحدثنا معهم يروون أن الكتيبة المسؤولة عن حماية الحدود صغيرة، وحتى لو أرادت فهي غير قادرة بقواتها الحالية على حماية الجميع – لا إيلات التي تحتوي على 330 ألف من السكان والمستجمين، ولا البحر الميت وفنادقه التي فيها نحو 100 ألف مستجم في كل لحظة معطاة، ولا سكان قطاع “إيلوت والعربا” الأوسط.
“لنا علاقات طيبة مع الأردن، وثمة اطلاعات استخبارية من الطرفين”، يقول “ر”، “لكننا نفهم، بما في ذلك حسب المعلومات التي تصلنا، بأن حدثاً معادياً سيقع في العربا أو في البحر الميت أو في إيلات، مثلما حصل في “هار حريف” على حدود مصر. إذا ما حصل حدث معاد في منطقة فنادق البحر الميت، فلن ترد سوى سريّة صغيرة تسيطر على كل العربا.
“زمن الرد قصير جداً، لا توجد قوة بشرية كافية فضلاً عن أنه لا وجود لجدار في منطقة البحر الميت. هؤلاء جنود طيبون يخدمون في الصحراء في ظروف قاسية، ويقومون بأعمال الدورية على طول الحدود، لكن الحدود فالتة لدرجة أن يمكن بسهولة تمرير كتيبة من الأردن والعودة دون أن ينتبه أحد في الجيش الإسرائيلي أو ينجح في وقفها. لا توجد تغطية كافية ولا تكنولوجيا أيضاً”.
“أ” إحدى سكان العربا، تخاف على أولادها: “أصحاب القرار يأخذون مخاطرة على حسابنا. إذا حدث أمر معاد سيتعين على السكان الدفاع عن بيوتهم وحدهم. نحذر منذ سنين بأنه يجب التعاطي مع هذا الجانب بجدية”.
البدء ببناء الجدار
حسب أقوال “ر”، فإن “الحل بسيط وربما يعطي جواباً صباح غد، فإلى جانب بناء الجدار يمكن جلب قوات أكبر، وألا نعطي كتيبة واحدة لتكون مسؤولة عن جبهة واسعة بهذا القدر، وألا نكتفي بدوريتين في اليوم على الجدار. الجنود على طول الحدود المصرية يخاطرون بحياتهم في كل لحظة، وهكذا أيضاً الذين يسكنون في الجنوب. أدعو القيادة العليا للجيش وكذا وزير الدفاع أن يروا بعيونهم كم هي مكشوفة هذه الجبهة، وكم يتعرض السكان للخطر”.
مئير تسور، رئيس المجلس الإقليمي “العربا الأوسط”، يطالب الحكومة بالبدء بالأعمال لبناء جدار الحدود بين إسرائيل والأردن: “نعرف السياق. هذا يبدأ بتهريب المخدرات والسلاح، وبعد لحظة نصل إلى أحداث معادية في العربا. فليست سوى مسألة وقت لحدوث هذا. الجيش يمسك قدر ما يستطيع، لكن ثمة اجتيازاً يومياً، لعدم وجود جدار أو عائق. وثمة تسلل إلى إسرائيل في كل يوم.
“في العربا وحدة قتال ضد الإرهاب تتشكل من أبناء القرى الزراعية. كلهم متطوعون يتدربون دائماً، وإلى جانبها قوات تأهب وكتيبة عسكرية إسرائيلية مسؤولة عن الحراسة. هم جنود ممتازون، لكنهم ليسوا العنوان لخيبة أمل السكان. على الحكومة أن تخصص مقدرات لمنع التهريب والتسلل من الأردن وأن تبني جداراً يضمن سلامة سكان دولة إسرائيل”.
إسرائيل اليوم 9/7/2023