اذا كان ثمة شيء ما يجدر التفكير فيه، بل وربما الدخول ايضا معه في حالة من الهلع، فهو دور روسيا في الحرب الاهلية في سورية. السؤال هو هل روسيا، وهذه المرة في صيغتها البوتينية، تحاول مرة اخرى دفع المنطقة الى الحرب. في كل الاحوال، فانها توجد في زخم سيطرة مهم على الشرق الاوسط. وفي ظل عقدة المسألة الروسية، يتعين على الاستخبارات الاسرائيلية ان تجد جوابا واضحا قدر الامكان على سؤال، ما هو مدى القرب والسيطرة الروسية على حزب الله؟ مراسل ‘لوس انجلس تايمز’ انتزع التصريح التالي من لسان قائد صغير في حزب الله، في اعقاب انتصار الحلف بين سورية وحزب الله في القصير: ‘الخطة التي أعدوها، فشلت’، قال عن اعدائه، اي الثوار، الذين وصفهم بانهم مدعومون من اسرائيل والولايات المتحدة. ‘كان هناك تفكير لتقسيم سورية وضرب ‘المقاومة’ (…) هذه الخطة انتهت. ليس فقط في القصير، بل في كل سورية. فكرة روسيا انتصرت، نحن الان محور واحد مقاتل يبدأ في ايران، يمر عبر سورية، لبنان والعراق ـ ويصل حتى غزة’. ‘اقتراح’ بوتين في أن تحل قوات روسية محل قوات الامم المتحدة في معابر الحدود في هضبة الجولان يبعث على القشعريرة. فهو ينبغي أن يذكرنا بتهديد الروس في نهاية حرب يوم الغفران في 1973 بادخال قواتهم لفرض وقف اطلاق النار. الامريكيون في حينه، بقيادة هنري كيسنجر، لم يكونوا محبين عظماء لصهيون، ولكن كانت لا تزال تفعم في قلوبهم غريزة قوة عظمى معافاة فردعوا على الفور الروس بتهديد مضاد. اما اليوم فالامريكيون يتصرفون بفتور والاسرائيليون، غير مبالين. فانتصار نظام الاسد ليس مثابة الشيطان المعروف المفضل على الشيطان الجديد وغير المعروف المتمثل بمنظمات الثوار. وبانتظار اسرائيل لاحقا جبهة سورية حزب الله ايران باسناد ودعم روسي. وفي وصفه لعناصر المحور المطوق المشعل للشرق الاوسط حول اسرائيل، أحصى رجل حزب الله اياه كل عملاء روسيا في المنطقة. حماس وحزب الله هما ظاهرا على جانبي المتراس الاسلامي، ولكن الرابط الروسي الايراني يجعلهما حليفين. هكذا أيضا ابو مازن وسلطته الفلسطينية بقيادة فتح، فهو وحماس بالكاد يتحدثان في ما بينهما، ولكنهما كليهما يلعبان في ذات المنتخب الروسي على لوحة الشطرنج النازفة. وابو مازن، بمعونة جون كيري، يؤدي دوره في القوة الروسية: الشقاق بين النخبة الاسرائيلية داخليا، والشقاق والانقسام بين اسرائيل وحليفتها الكبرى، الولايات المتحدة. دوامة من الرصاص تحوم فوق رأس اسرائيل. ولما كان من الصعب منع الحرب، فان على اسرائيل أن تفكر بالتوقيت وكيف تمسك بحزب الله وهو في وضع دون للغاية. احد الدروس التي يجب أن نسجلها أمامنا هو أن حزب الله أظهر في القصير ان لديه ايضا خيارا هجوميا. وانه يفكر هجوميا ايضا. فماذا نعرف نحن عن القدرات القتالية التي أظهرتها المنظمة هناك؟ هذا يستحق فحصا دقيقا. وفي كل الاحوال، فقد أظهر حزب الله هنا تصميما وتمسكا بالهدف حتى الحسم. نقطة للتفكير في الجيش الاسرائيلي: لا توجد فقط مواجهة محدودة، وبنك اهداف وآثار وصور انتصار. اليوم ايضا يوجد في المعارك العسكرية انتصار وحسم. مرة اخرى، مثلما هو الحال دوما، يجب ان نشكر حزب الله على هذا الاكسير المنبه للجيش الاسرائيلي. اذا كان محكوما على اسرائيل أن تتدهور الى حرب بسبب الشقاق الدائم الذي تثيره روسيا في المنطقة، فان التوقيت يجب أن يكون في ظل تواصل الحرب الاهلية في سورية. ولا سيما اذا كانت اسرائيل تفكر بجدية بمهاجمة النووي الايراني. وهذا ليس فقط لان حزب الله في سورية مكشوف واكثر عرضة للاصابة منه في لبنان، بل بالاساس لانه بعد أن ينهي الاسد حربه، سيأتي اوباما والاوروبيون ليتهموا اسرائيل بانها تحاول بالقوة اعادة اشعال النار في سورية. حقنة على نمط حزب الله صغيرة من الدلع لن تضر.