محاكمة أفيغدور ليبرمان، التي استؤنفت مرحلة الشهادات فيها في القدس أمس، لن تنتهي حسب التقديرات الا في شهر تشرين الاول/اكتوبر، بعد نحو عشرة اشهر من اضطرار ليبرمان الاستقالة من منصب وزير الخارجية، مع بيان المستشار القانوني للحكومة عن رفع لائحة اتهام ضده. وفي هذه الفترة تودع الحقيبة في يد رئيس الوزراء، في وظيفة جزئية فقط وبشكل يبث استخفافا بوزارة الخارجية، بصلاحياتها وموظفيها. لقد أجبر ليبرمان بنيامين نتنياهو على أن يحفظ له حقيبة الخارجية، بشكل مشكوك في دستوريته، وعدم النظامية العامة لهذه الخطوة يصرخ الى السماء. ليبرمان كان وزير خارجية اشكاليا، مثلما يتضح من قضية السفير في روسيا البيضاء زئيف بن آريه، التي توجد في مركز محاكمته، ولكن حسبما افادت به ‘هآرتس’ أول امس، من الصعب منذ الان معرفة ما هو اسوأ، وزير خارجية اشكالي ام حقيقة أنه لا يوجد وزير مسؤول عن وزارة مهمة ومركزية بهذا القدر. السياسة الخارجية لاسرائيل يديرها اليوم رئيس الوزراء وجهاز الامن، مع شريك كبير، البيت الابيض في واشنطن. ويدحر الدبلوماسيون الاسرائيليون الى مواقف هامشية من الوساطة والدعاية؛ وهم لا يحظون بشروط أجر مشابهة لتلك التي تمنح لوزرائهم الذين يخدمون في الجيش الاسرائيلي، في المخابرات، في الموساد وفي الشرطة او لعاملي الصناعات الامنية. وفي المداولات في المواضيع الاستراتيجية المحملة بالمصائر تبرز وزارة الخارجية في غيابها، فالمسائل المهمة حقا العلاقات مع الامريكيين، الفلسطينيين، الاردنيين والمصريين تتقرر في أماكن اخرى ومن خلال مبعوثين شخصيين ووزراء مسؤولين عن وزارات مختلفة. حجاي هداس يعمل في افريقيا، بتكليف من رئيس الوزراء، لايجاد دولة تستوعب طالبي اللجوء؛ يوسف تشخنوفر كان مبعوث نتنياهو الشخصي الى تركيا في كل ما يتعلق في اتصالات المصالحة؛ اسحق مولخو تولى الملف الفلسطيني. وزارة الخارجية تطلع على الامور من الصحف في مواضيع عملها. ولا يتذكرون في الحكومة اهميتها الا عندما يحتاجون الى خدماتها الادارية، قبيل زيارات للوزراء أو ترتيبات لشؤون الضباط. ان اعادة بناء وزارة الخارجية هو أمر حيوي، من دون صلة بهوية رئيس الوزراء او خطه السياسي. نتنياهو، وزير الخارجية عمليا، زار وزارة الخارجية مرة واحدة فقط في الاشهر الثلاثة التي مرت منذ اداء الحكومة اليمين القانونية. هذا الوضع لا يمكن أن يستمر. على نتنياهو أن يعين وزير خارجية، رغم أنف واستياء المتهم ليبرمان.