تشغل المظاهرات المستمرة في إسطنبول بسبب تعيين رئيس جامعة بوغازيتشي، جدول أعمال تركيا منذ حوالي 20 يومًا. وبينما يقرأ البعض هذه المظاهرات من خلال العلاقة بين الحكومة والسلطة، يواصل البعض الآخر قراءتها من خلال نظريات المؤامرة. تأسست جامعة بوغازيتشي في عام 1863 من قبل الأمريكيين سايروس هاملين وكريستوفر روبرت، تحت مسمى كلية روبرت. وفي 10 سبتمبر/أيلول من عام 1971 جرى تسليمها للجمهورية التركية، ليتحول اسمها من كلية روبرت إلى جامعة بوغازيتشي. وظل تأثير الولايات المتحدة مستمرًا على هذه الجامعة التي تدرس باللغة الإنكليزية.
كان موضوع المظاهرات في الأيام الأولى متمثلًا في الاحتجاج على تعيين رئيس الجامعة، لكن بعد إعلان بعض الكيانات التي كانت متربصة، وفي حالة تأهب منذ شهور للمشاركة في أي تحركات من هذا القبيل، انحرفت المظاهرات من سياقها نحو مجرى مختلف تمامًا. وقد كشفت الرموز المسيئة المطرزة على صورة الكعبة المشرفة بشكل خاص عن القبح الموجود داخل بعض الأفراد والجمعيات. ومن الأدلة على ذلك، صورة شاهماران الذي يمثل الفكر الزرادشتي، وكذلك الرموز العائدة لليونان القديمة وروما. ومن المعلوم أنه بعد حدوث مثل هذه المظاهرات، تكثر الاتهامات والأكاذيب المتبادلة بشكل كبير، ما يجعل من الصعب على كثير من الناس رؤية الحقيقة.
يشهد العالم من جهة تطورات لافتة في المجال التكنولوجي، ومن جهة أخرى تندلع حركات اجتماعية في جميع البلدان تقريباً. فهناك مظاهرات تندلع في شوارع جميع المدن الكبرى في العالم، بدءا من لندن حتى دلهي وموسكو وباريس، بعضها بسبب وباء كورونا، أو عدم المساواة الاجتماعية، وأخرى لأسباب سياسية. ولكن عند إلقاء نظرة عامة على هذه المظاهرات، نرى أن هناك في الواقع اضطرابات غامضة في العالم، تدفع الناس للنزول إلى الشوارع، في ظاهرة تسارع القوى العالمية والإقليمية للاستفادة منها في فترة قصيرة، على الرغم من التطورات التكنولوجية في جميع أنحاء العالم وجودة الأدوات والمعدات التعليمية، يصبح من المستحيل تفسير تجربة مثل هذه الأزمة الكبيرة في مجال التعليم، فكل دول العالم تقريباً تتحدث عن انخفاض جودة التعليم، وقد باتت مشكلة التعليم مطروحة لدى أجندة الجميع، سواء في الولايات المتحدة أو كندا أو أوروبا أو آسيا. ولم تعد الجامعات قادرة على توفير ما هو مطلوب منها على صعيد الإصلاح والتحديث، لذلك نرى كثافة الطلاب الجامعيين المنخرطين في هذه التحركات الاجتماعية عالمياً. وما يجري في جامعة بوغازيتشي التركية يشكل في الواقع انعكاساً لأزمة التعليم التي تشهدها جامعاتنا كلها، وشكلت أزمة بوغازيتشي حالة الانفجار، رغم تحول الأمر إلى معاداة للحكومة إثر انخراط المعارضة وبعض المنظمات فيها لاحقًا. يقول العالم الألماني ماكس بلانك، أحد فلاسفة نظرية الكم، إن «الأنظمة المنصهرة تتسرب من شقوقها أشكال غريبة» فجامعة بوغازيتشي ليست هي الطرف المنصهر هنا، بل الجامعات كافة، بمعنى آخر نظامنا التعليمي بالكامل. كما أن هذا الوضع لا يقتصر علينا وإنما هو وضع يعيشه العالم أجمع.
في خضم ذلك، تنصحنا الأزمات الحاصلة في في شتى المجالات، من التعليم وحتى السياسة، بأن هناك جنازة ملقاة على الأرض، ويتعين رفعها إلا أنه لا أحد يبذل جهدًا لرفع هذه الجنازة، ويحاول الجميع الاستفادة من لحمها وعظمها. ولا يقتصر الأمر على الحكومات أو المعارضة بل إن القوى الخارجية أيضًا تصارع لفرض مطالبها السياسية والاقتصادية على الدول الأخرى، وهو ما تجلى بشكل واضح في بيانات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقب مظاهرات بوغازيتشي. ولأجل ذلك، يحرص الجميع على استغلال المظاهرات بما يوافق مصلحته، سواء في تركيا أو بقية بلدان العالم. الليبراليون يرفعون صوتهم باستخدام حركات مجتمع الميم والنسوية، في حين تصرخ الكيانات اليسارية عبر الفصائل المناصرة للفكر اليساري، أمّا الكيانات السياسية المعارضة والحكومات، فإنها تحاول جذب الشباب إلى طرفها، أو ترسيخ قاعدتها من خلال رد فعل المتظاهرين. وتبذل جميع دول العالم جهودًا لتسييس الشباب غير الاجتماعي وغير السياسي، الذين يبدون محايدين، عبر جذبهم إلى الساحة السياسية. وهي تسعى لظهور جيل الأيديولوجيات الفاسدة القديمة إلى إشراك هؤلاء الشباب في هالتهم السياسية.
ذهب الرئيس أردوغان إلى إجراء تغييرات في فريقه، تلبية لطلب الغالبية العظمى من الشعب، ليكافح الأزمات بطريقة سريعة
علينا أن ندرك بأن العالم لا يشهد أزمات في مجال التعليم فقط، وإنما هناك أزمات كبيرة أيضًا في المجال السياسي. فنحن نرى كيف تغرق البلدان التي تتمتع ببنية سياسية قوية وسط الفوضى والأزمات الاقتصادية، في الوقت الذي تحدث فيه تغيرات كبيرة في العالم. ولا شك في أن وباء كورونا أدى إلى تسريع هذه العملية. شهدت البلدان صاحبة الزعماء الأقوياء مثل ميركل وبوتين وشي جين، تحولات سريعة في أوقات الأزمات، وعرفت كيفية التعامل مع هذه الأزمات. ومهما قيل، تعد «تركيا أردوغان» من النماذج الناجحة في هذا الصدد. وأظهر استطلاع داخلي في حزب الشعب الجمهوري، أن حكومة حزب العدالة والتنمية كانت ناجحة في كفاحها ضد وباء كورونا. يتطور العالم الآن إلى حقبة جديدة في الساحة السياسية، وسوف يتعين على السياسة العالمية التي هيمنت عليها السياسات الأمنية في السنوات الماضية، أن تنتج ردودا سياسية جديدة في الحقبة الجديدة، فأقوى دول العالم تلجأ، إما إلى تغيير اللعبة، أو الفريق الذي هو عنصر فيها، بسبب عدم تمكنها من إنتاج ردّ سياسي. ونظرا لعدم تمكنه من تطوير خطاب سياسي جديد أمام المعارضة، فإن حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، الزعيم القوي في السياسة التركية، أصبح يمثل الحكومة والمعارضة في الوقت نفسه في كيانه الداخلي. ولهذا السبب، ذهب الرئيس أردوغان إلى إجراء تغييرات في فريقه، تلبية لطلب الغالبية العظمى من الشعب، ليكافح الأزمات بطريقة سريعة. وهنا يمكننا اختصارًا القول إن العالم يحتاج إلى خطاب سياسي جديد.. والسؤال هو: من الذي سيطرح هذه السياسة الجديدة في العالم؟
كاتب تركي
هناك في تركيا من يقدس أتاتورك أكثر من تقديس خالقه!
متى ينتهي هذا التقديس؟ ولا حول ولا قوة الا بالله
لا نرى في بلاد الغرب صرحا حضاريا عربيا أو إسلاميا كمسجد أو اي مؤسسة تحركه دولة عربية أو مسلمة لزعزعة أمن واستقرار تلك البلاد. بالمقارنة الأقلية المسلمة في فرنسا والنمسا وألمانيا تتعرض لاضطهاد وتعسف فاشي متصاعد هناك ومداهمات واعتداءات متكررة على النساء المحجبات والأطفال. كما ان التهديدات تطال القائمين على المساجد ورمي جيف الخنازير ورؤوسها في المساجد من أبرز سمات الاعتداءات على مراكز خاصة بأماكن العبادة الخاصة بالمسلمين حصريا. ولكن الدول الغربية تقيم مراكز مشبوهة مسيسة تسمى ثقافية في بلاد المسلمين وتستقطب أقليات “معدودة على الأصابع” وتبث من إذاعات مثل “سوا” وقليل من يخطر ببالهم أو يتساءلوا عن أهداف تلك المؤسسات أو البؤر التروجانية!
القضية تركية داخلية ولا علاقة لها بما يجري في العالم وطلاب الجامعات عموما هم شباب مندفع ومتحمس لاهدافه قد يكونون على حق او قد يكونون على خطا هم رافضين لتعيين رئيس جامعة لا علاقة له بالتعليم الجامعي
ما يجري في تركيا لأنها بلد مسلم وتناصر قضايا المظلومين والمضطهدين في العالم ما لا يرضي الآخرين، هو محاولات كالانقلاب لزعزعة أمنها وتقدمها وإضعافها. نجاح هذه الدولة واستقلالها لا يروق لدول غربية اعتادت ان ترى الشرق الأوسط مصفق وتابع لها ولعسكرها. فالغرب يريد حقوق “انسان” لراقصة او مفكر او فيلسوف او معارض ضد بلده ولصالح الغرب. وهذا يذكرنا بال”خمير روج Khmer Rouge” مع اني لا اؤيد منهجهم ولكنهم درسوا وتعلموا في فرنسا مثل الفيتنامي “هو شي منه”، ولم يرضى عنهم الغرب لأيديولوجيتهم الاشتراكية (اثناء الحرب الباردة) وطموحهم النهضة ببلدهم فزج الغرب صحفييه ونساءه لإثارة القلاقل والبلبلة دافعين “بول بوت” للرد بعنف على القلاقل والإضطرابات فاصطادوا في المستنقع الدموي الذي تسببوا به مما أدى لإسقاط الحكومة، وفعلوا ذلك ايضا في بنما ويحاولون في فنزويلا الخ.