غزة– “القدس العربي”: أكدت مصادر فلسطينية مطلعة لـ “القدس العربي” أن سلطات الاحتلال لم ترد حتى اللحظة على مطالب حركة “الجهاد الإسلامي”، التي نقلها الوسطاء لخفض التوتر الحاصل تحديدا على جبهة غزة، بعد اعتقال القيادي في الحركة بسام السعدي، فيما أبلغت إسرائيل الوسطاء أن لديها معلومات بأن الحركة لا تزال تضع نصاب عينها شن هجوم من منطقة قريبة من حدود القطاع، ما دفعها إلى استمرار فرض الإغلاق الشامل.
وعلى خلاف ما نقل في بداية التوتر، بأن سلطات الاحتلال لا تنوي معاقبة سكان قطاع غزة بفرض الإغلاق الشامل على المعابر، سواء المخصص للأفراد “بيت حانون– إيرز”، أو المخصص للبضائع “كرم أبو سالم”، وأن إغلاقها جاء بسبب الخطة الأمنية في محيط غزة التي تمنع الحركة، كشفت قيادة جيش الاحتلال أن الإغلاق لن يرفع، إلا في حال شعر سكان مستوطناتها القريبة من الحدود بالأمن، ما يعني أنها تقايض تخفيف حصار غزة بعودة الاستقرار.
وقد عبر عن ذلك صراحة وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، حين قال “إنه لا يمكن الاستمرار في وضع تتعطل فيه الحياة في محيط غلاف غزة، بينما يبقى في قطاع غزة روتينيا”.
وقد نقلت إسرائيل رسالة جديدة، عبر الوسطاء هددت بها بتشديد الحصار على غزة، في حال لم يتغير الوضع الأمني المتوتر والتهديدات، كما أنذرت بأنها ستتجه بعد ذلك لإجراءات أخرى، فهم أنها ستكون من خلال عمل عسكري.
وعلمت “القدس العربي” أن الوسطاء كثفوا، مساء الأربعاء ويوم الخميس، من اتصالاتهم مجددا، بهدف نزع قتيل تصعيد محتمل على جبهة غزة، وقدموا مقترحات جديدة، في إطار الوساطة القائمة، بسبب عدم رد إسرائيل على المطالب التي قدمتها حركة “الجهاد الإسلامي”.
ويتردد أن الوسطاء دعوا لعودة الهدوء أولاً، وعودة الحياة الطبيعية في غزة ومناطق المستوطنات الإسرائيلية القريبة، والتي تشمل إنهاء عملية الإغلاق للمعابر، وتعهد حركة “الجهاد” بعدم القيام بأي عمل عسكري، على أن يبدأ بعد هذه المرحلة البحث بشكل جدي في إيجاد حل لمسببات الأزمة، والتي تشمل التعامل مع مطالب الحركة بشكل جدي، وأبرزها الإفراج عن الأسير المضرب عن الطعام خليل عواودة، فيما يتردد أن الحركة ترفض اعتقال القيادي السعدي، أو فرض حكم اعتقال إداري ضده.
كما طلبت حركة “الجهاد الإسلامي”، وفق المعلومات المتوفرة، إلزام إسرائيل بعدم القيام بعمليات عسكرية ضد مخيم جنين شمال الضفة، خاصة أن هذه العمليات المتكررة ينجم عنها كل مرة سقوط شهداء.
وفي هذا الوقت يضغط الوسطاء المصريون، وكذلك المنسق الأممي تور وينسلاند، من أجل إنهاء التوتر، خاصة أن الاستمرار في حالة التأهب العسكرية على جبهة غزة من قبل نشطاء “الجهاد الإسلامي”، وكذلك قوات جيش الاحتلال، قد يفجر تصعيداً مسلحاً في أي لحظة.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة “الجهاد الإسلامي” خالد البطش، إن حركته تتعاطى إيجابًا مع الجهود المصرية بشأن الأحداث الأخيرة في قطاع غزة “على قاعدة وقف الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة”.
كذلك شدد على ضرورة أن تقوم سلطات الاحتلال بالتعاطي مع مطالب الحركة التي قدمت عبر الوسيط المصري، محملا في ذات الوقت سلطات الاحتلال المسؤولية عما يجري، وطالب أيضا بـ “إيضاحات أكثر حول صحة وسلامة الشيخ بسام السعدي”.
وكان أحد عناصر سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة “الجهاد” قال في مؤتمر صحفي، ليل الأربعاء، عقد في مخيم جنين، متوعدا الاحتلال ردا على هجومه الأخير على المخيم واعتقال القيادي السعدي: “لن نقف مكتوفي الأيدي”، وأضاف “لن نمرر هذا الحدث مرور الكرام”، وتوعد برد بـ “حجم هذه الجريمة النكراء”.
وفي سياق الوساطات، كان إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، تلقى اتصالًا هاتفيًا من منسق الأمم المتحدة تور وينسلاند، بحث خلاله التطورات السياسية والميدانية الأخيرة، والاعتقالات التي يقوم بها الاحتلال، وعمليات الاقتحام والاعتقال والاستيطان في الضفة المحتلة، وإغلاق المعابر في غزة.
وأكد هنية على ضرورة وقف الاحتلال لكل اعتداءاته على الشعب الفلسطيني، والتوقف عن سياسة الاستيطان واقتحام المسجد الأقصى المبارك، معتبرًا أن هذه الإجراءات من شأنها التضييق على الشعب الفلسطيني، وتؤدي إلى تردي الحالة الإنسانية في الضفة والقطاع.
وأضاف أننا أمام سياسة إسرائيلية ممنهجة يقوم بها الاحتلال من شمال الضفة إلى جنوبها، وتكريس حصار قطاع غزة، وهي سياسة مدانة ومرفوضة، داعيًا الأمم المتحدة إلى ممارسة دورها في “وقف هذه الإجراءات والجرائم التي يقوم بها الاحتلال وتحمل مسؤوليتها أيضا في إيصال الوقود والدقيق إلى الشعب الفلسطيني، وخاصة اللاجئين، محذرًا من ارتفاع أسعار هذه السلع الرئيسة وتداعيات هذا الأمر”.
وشدد هنية على أن التهديدات التي يطلقها قادة الاحتلال وخاصة غانتس “غير مقبولة”، وأضاف “يجب لجم الاحتلال ومنعه من الإضرار بالشعب الفلسطيني ومواصلة هذه السياسة التي ينتهجها، مشددًا أن على الأمم المتحدة دورا رئيسا في هذا الإطار”.
وميدانيا، ورغم عدم قيام الجناح العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي”، سرايا القدس، الذي أعلن حالة الاستنفار منذ اعتقال السعدي ليل الإثنين، بأي عملي عسكري على جبهة غزة، التي تشهد هدوءا حذرا، إلا أن سلطات الاحتلال، أبقت على تدابيرها الأمنية التي بدأتها منذ فجر الثلاثاء الماضي.
وإلى جانب إغلاق معابر قطاع غزة، وما رافقها من منع خروج العمال ودخول البضائع، أبقت سلطات الاحتلال، على إجراءاتها الأمنية الأخرى في المناطق القريبة من الحدود ، والتي تمثلت في إغلاق الطرق القريبة، ووقف حركة القطارات هناك، وتحذير سكان مستوطنات “غلاف غزة” من الظهور في أماكن مكشوفة، والطلب منهم أخذ الحذر، والبقاء قرب الغرف المحصنة، وكذلك إغلاق منطقة شاطئ زكيم، القريبة من حدود شمال غزة.
كما اشتملت قرارات الاحتلال أيضا، على رفع درجة التأهب في منظومة “القبة الحديدية” التي تنصبها في مناطق الحدود، للتصدي لصواريخ المقاومة، بعد استدعاء مئات الجنود.
وكشف النقاب عن أن سلاح الجو الإسرائيلي، غطى سماء قطاع غزة بطائرات مسيرة مسلحة، ضمن محاولاته للبحث عن فرصة لاستهداف خلايا مسلحة تحمل أسلحة مضادات الدروع.
وبعث جيش الاحتلال برسالة جديدة لسكان غلاف غزة جاء فيها: “بناءً على تقييم جديد للأوضاع الأمنية تقرر تمديد حالة التأهب ليوم آخر مع إغلاق الكثير من الطرق المكشوفة للنيران من غزة”.
وذكرت تقارير عبرية أن الجيش الإسرائيلي لن يحتمل الإبقاء على حالة التأهب في غلاف غزة، لفترة طويلة ويدرس فرض عقوبات اقتصادية مثل منع الصيد في بحر غزة وإغلاق المعابر.
وكان المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي رونين مانيليس قال: “إن قرار إغلاق منطقة غلاف غزة غير مألوف للغاية اتخذته الجهات الأمنية استنادا الى إنذار محدد”.
وأضاف “إذا كان هذا الإنذار صحيحا، فهذا يعني أن “الجهاد الإسلامي” مستعدة للمخاطرة بتنفيذ عملية كبيرة وتدهور أمني واسع على خلفية اعتقال السعدي”.
كما نقل موقع “واللا” العبري عن مسؤول أمني إسرائيلي قوله “إن الحديث يدور عن نية حركة “الجهاد” تنفيذ هجوم قد يؤدي لمقتل جنود أو مستوطنين”.
وفي إطار التعامل مع الوضع القائم، نصب جيش الاحتلال غرفا محصنة، كما وضع سواتر من حاويات لمنع رصد أي حركة داخل المستوطنات المحاذية لحدود القطاع.
وبسبب الحالة الأمنية، ذكرت تقارير عبرية رصدت الوضع في مناطق الحدود القريبة من غزة، أن هناك مستوطنات لا يمكن الدخول أو الخروج منها، بسبب الإجراءات الأمنية وحالة إغلاق الطرق، وهو أمر دفع بسكانها للإعلان عن عدم رضاهم عن الوضع القائم.
وكشف النقاب في إسرائيل عن أن عددا من سكان مستوطنة “سديروت” القريبة من حدود غزة الشمالية، غادروا منطقتهم في مسيرة باتجاه منطقة “ياد مردخاي” احتجاجا على الحصار والإغلاق المفروض عليهم، بسبب حالة التأهب الأمني.
وتعقد قيادات سياسية وأمنية إسرائيلية أكثر من اجتماع بشكل يومي، يتم خلالها تقييم الوضع الأمني مع غزة، إذ يشرف على هذه الاجتماعات وزير الجيش بني غانتس.
ووصل الخميس رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي إلى منطقة غلاف غزة، وعقد جلسة تقييم أمني جديدة للأوضاع، برفقة قائد فرقة غزة الجنرال نمرود ألوني.
ومن المتوقع أن يوافق رئيس أركان جيش الاحتلال على خطط هجومية بغزة في حالة أي تصعيد، وحسب ما كشف عقب جلسة التقييم الجديدة، فإن حالة التأهب والاستعداد ريما تستمر عدة أيام، حتى ينجح الوسطاء في المهمة الحالية.
من جانب آخر، نقلت الإذاعة العبرية عن الوزير الإسرائيلي في حزب “هناك مستقبل” يوئيل رازبوزوف قوله إن “السلطات تعمل في المستويين العسكري والسياسي، لإنهاء التوتر الحالي”.
وأوضح الوزير الإسرائيلي أن القرار بتقييد الحركة في المنطقة اتخذ بعد الإمعان في دراسة الأوضاع وبالتشاور مع جهات استخباراتية.
وزعم أن حكومته تريد تهدئة الأوضاع ولن تسمح للجهاد الاسلامي وللفصائل بتصعيد الأوضاع، وتوعد بالرد على أي عمل عسكري من القطاع.
وخلال اجتماع للمجلس الوزاري المصغر في تل أبيب، عرض قادة الأمن ورئيس “الشاباك” ورئيس الأركان ورئيس الأمن القومي إحاطة عن الوضع الأمني في القطاع، خاصة في ظل الوساطات القائمة، وتقرر أن يستمر قادة الأمن في إحاطة رئيس الوزراء يائير لبيد، بالتحديثات المنتظمة للوضع في غلاف غزة.