معرض «صور لعمال شركة القطن» للسوداني صلاح المر: المخيلة وصياغة أساطيرها

محمد عبد الرحيم
حجم الخط
0

القاهرة ــ «القدس العربي» : في معرضه المعنون بـ«صور لعمال شركة القطن» المقام في غاليري مشربية في القاهرة، يواصل الفنان صلاح المر ــ من مواليد الخرطوم عام 1961 ــ خلق شخوصه وتصاويره، التي تتراوح ما بين المخيلة الفنية وأساطير تعود للحياة بفضلها. ينتهج المر عدة أساليب فنية، وكذلك خامات متنوعة كالتصوير والنحت، والتشكيل من خلال الفوتوغرافيا، إو إعادة صياغتها في لوحات. أقام المر معارض عدة سواء في القاهرة أو دول عربية وأوروبية، مؤكدا على رؤية بصرية محسوبة ومُستمدة من بيئة لم تزل حيّة في الذاكرة، إضافة إلى حكايات شخوص متعلقة تفاصيلها بين أبيض وأسود لقطة الفوتوغرافيا، مَن هؤلاء وكيف صاروا، وأين انتهت حكاياتهم؟ هذه الأسئلة التي تمتد إلى لوحات ومنحوتات المعرض بالكامل.

عالم الاستديو

تبدأ الفوتوغرافيا من شخوص حاولت تخليد بعض لحظاتها، من خلال الأبيض والأسود، هذه اللقطات التي يحتفي بها الفنان ويستعرضها في الكثير من معارضه، أكثر اللقطات تبدو لرجل وامرأة في لحظة خط تاريخهما المُشترك (صورة الزفاف)، ومن الوجوه والملابس نستطيع أن نلمح البيئات المختلفة لهؤلاء، وكذلك الموضات، هذا بخلاف بعض اللقطات العائلية المعهودة، أو شخص يتم التقاط صورة له وخلفه ما يمثل النهر والنخيل ــ الصورة الأساس هنا هي ما كان يقوم به والد الفنان في الاستديو الخاص به ــ حتى أن الفنان نفسه يذكر قائلا «نشأت على الصور الفوتوغرافية، والنيجاتيف، استلهمت من الصور التي أتذكرها منذ طفولتي صورا جديدة مُتخيّلة». ومن هذه الوجوه وهذه البيئة تنتقل الفوتوغرافيا إلى لوحات أسطورية.

عالم الطفولة

تأتي الشخوص هنا من خلال طقس احتفالي، ليست مفردة بل أغلبها في مجموعات تتمثل عادات الميلاد وتفاصيل هذا الاحتفال، ولكن ليست في صورة مباشرة، بل بعض من تفاصيل معروفة لدى المتلقي، ثم بعد ذلك تتواتر العلامات التي تبتعد تماما عن الطقس المباشر، سواء في الملابس وتكوينات الشخوص ومساحات اللون، حتى تعتقد أن لحظة الميلاد ما هي إلا موت، وما هي إلا لحظة تثير الدهشة، هذا التباين أو الثنائية تتكرر في العديد من اللوحات، أجساد أطفال بملامح رجال، وحتى لحظات اللهو الطفولي لا تفرّق ما بين طفل يعتلي ظهر حصان، أو آخر يستلقي فوق ظهر بقرة. أما فكرة اللون، فهي بدورها تستمد وجودها من البيئة التي يحملها معه الفنان، الجنوب وناسه والنهر وعالمه، وبالطبع بدون مباشرة، ولكن لتبدو كمخلوقات تظهر في حلم، أو أجنّة لم تخرج من رحم، وكأن اللوحة صورة لم تزل تحت رحمة إضاءة حجرة التحميض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية