قرب باخموت (أوكرانيا): يتواصل القتال في محيط مدينة باخموت في شرق أوكرانيا منذ مدة طويلة إلى حد أن علامات التلف بدأت تظهر على أسلحة غربية تم تسليمها مؤخرا مثل مدافع “هاوتزر بي زي اتش2000” Pzh2000 الألمانية.
سقطت المدينة في أيدي القوات الروسية في أيار/مايو بعد مقاومة تواصلت ثمانية أشهر أسفرت عن العديد من الضحايا من الجانبين، خصوصا في صفوف قوة فاغنر التابعة لموسكو التي قادت الهجوم. لكن القتال لم يتوقف عند هذا الحد.
ومع سقوط باخموت في أيدي الروس، سارعت الوحدات الأوكرانية لتغيير نهجها متقدّمة باتّجاه مداخل المدينة الشمالية والجنوبية.
بينما تستعد كتائب تم تدريبها مؤخرا ومزودة بدبابات قدّمها حلف شمال الأطلسي للانضمام إلى هجوم مضاد أوسع في مناطق أوكرانية أخرى، تواصل وحدات منهكة وأقدم لكنها اكتسبت خبرة كبيرة القتال خارج باخموت.
تتقدّم ألوية مشاة هجومية بشكل بطيء ومطرد حاليا في الغابات والحقول في محيط المدينة، مدعومة بمدفعية ثقيلة تستهدف خنادق ومواقع روسية.
ومن بين هذه القوات كتيبة المدفعية الـ43 المزودة بمدافع هاوتزر الألمانية من طراز “بانزرهاوبيتزه 2000” Panzerhaubitze 2000 الذاتية الدفع والتي تبدو أشبه بدبابة ضخمة مزودة بمدفع من عيار 155 ملم.
أثبتت المدافع التي تبرّع بها حلفاء كييف الغربيون لأوكرانيا العام الماضي بأنها قادرة على إطلاق النار بشكل أدق على مدى أبعد من تلك السوفياتية التي كانت تملكها البلاد.
لكن تم تسليم أقل من 30 مدفع “بي زي اتش2000” حتى الآن وحافظت القوات الأوكرانية على معدل إطلاق نار أعلى بكثير من ذاك الذي كان يراهن عليه المهندسون الألمان.
وأرسلت وحدات على غرار فرقة المدفعية بقيادة ضابط شاب يستخدم لقب “برافدا” (الحقيقة) مدفع هاوتزر واحدا على الأقل للصيانة ويتعيّن على ميكانيكييها العمل بجد لتشغيل بديله.
وتبدو آثار الشظايا التي خلفتها قذيفة روسية انفجرت وسط الأشجار جلية على برج المدفع، بينما يحتاج نظام التلقيم الآلي المعقّد لصيانة دائمة.
وعلى غرار باقي الجنود، يشتكي عناصر فرقة برافدا الذين تدرب عدد كبير منهم في ألمانيا من معداتهم، مشيرين إلى أنها صُممت للطرقات الألمانية، لا غابات أوكرانيا الموحلة.
ولم يحظ أفراد المجموعة إلا بإجازة مدتها 10 أيام على مدى أكثر من عام من القتال ظلوا خلاله قابعين في خنادق ومخابئ حفروها بأيديهم.
وقال برافدا “كلما انتهى الأمر بشكل أسرع، عدنا بسرعة إلى ديارنا. سنطرد المحتلين ونعود إلى ديارنا. هل لدينا حل آخر؟”.
وأضاف مازحا “أريد أن أمشي على طرق معبدة من جديد، لكنني لربما نسيت كيفية القيام بذلك”.
– علاج بالمجرفة –
يبحث عضو آخر في الكتيبة يستخدم لقب “كراسافتشيك” أو “شاب وسيم” باللغة الروسية منذ العام 2015 عن العزاء في أمور أبسط.
وينده على زائر للموقع قائلا “لا تلمس هذه المجرفة”، موضحا أن “هذه المجرفة أشبه بعلاج. تنسى نفسك عندما تحفر بها”.
لكن رغم الإرهاق الذي يشعرون به، يستخدم الجنود المدافع بأكبر قدر من الفاعلية الممكنة.
ويعيش الرجال في مواقع محصنة محفورة في الغابة حيث تخفيهم التربة والشباك المموهة عن المسيّرات الروسية.
وعندما يتلقون إحداثيّات هدف من القيادة، يسارعون إلى تشغيل محرّك المدرعة “بي زي اتش2000” بقوة ألف حصان ويخرجون من تحت ستار الأشجار باتّجاه مرج ليبعدوا موقع إطلاق النار عن مخبئهم المعرّض للخطر.
ترتفع الفوهة الضخمة لمدفع “بي زي اتش2000” ويُسمع دوي أربع ضربات بين التلال.
لا يعرف فريق إطلاق النار الهدف على الدوام إذ يعتمدون على إحداثيات تصل إلى هاتف لديهم، لكن الاستخبارات العسكرية ترسل لهم أحيانا صورا التقطتها المسيّرات لآثار الهجوم.
وعلى شاشة هاتف ذكي متصدعة، يري برافدا مراسلي فرانس برس صورة غير واضحة لموقع روسي تعرّض للقصف حيث يظهر جندي واحد ميت على الأقل.
(أ ف ب)