البعض أسماها حرباً، لكن سأكتفي بوصفها «معركة»، تلك الفكرة التي يقودها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) للترويج لفكرة اقامة كأس العام كل عامين بدءاً من مونديال 2026.
رئيس الفيفا جاني انفانتينو يتعامل مع هذه الفكرة وكأنها طرحت عليه من الخارج، ولا علاقة له بتنسيقها وتشجيعها، ليتفادى وصول قذائف المعارضين صوبه، كي لا يتهم بـ»الجشع» وتضخيم الروزنامة الكروية لادخال المزيد من المال الى منظمته العالمية على حساب راحة اللاعبين الجسدية والنفسية، مطلقا العنان لمدرب أرسنال السابق ومدير التطوير في الفيفا حاليا الفرنسي أرسين فينغر، بطرح الفكرة علناً ومناقشتها مع كوكبة من النجوم السابقين من مختلف الجنسيات، لتبدو انها تلقى قبولاً. ووفقا لفينغر، ستكون الفكرة بإقامة نهائيات كل صيف انطلاقا من موسم 2025-2026، بالتناوب بين كأس العالم والبطولات القارية مثل كأس أوروبا وكوبا أميريكا، مع تجميع التصفيات في شهر واحد، يكون تشرين الأول/أكتوبر، أو في شهري أكتوبر وآذار/مارس.
وفي حين أن الفكرة ذكرها فينغر للمرة الاولى قبل نحو 6 شهور، الا أن انفانتينو ظل محايداً، قائلاً إنه منفتح على «كل شيء» لإصلاح الروزنامة، متظاهرا بأنه حصن واحد ضد عدم المساواة في كرة القدم. فمن الناحية السياسية، هذه هي الحجة الرئيسية للفيفا، لأن اقامة كأس العالم كل عامين يعني المزيد من الدخل المعاد توزيعه على وجه الخصوص على الاتحادات الإفريقية أو الآسيوية أو الأمريكية الجنوبية والتي تعتمد على هذه الأرباح أكثر من كرة القدم الأوروبية المزدهرة، وهذأ أمر ايجابي بحد ذاته. ورغم ان النقطة الرئيسية للمعارضين تستند على انهاك اللاعبين، الا ان فينغر تفادى معضلة مخاطر إرهاق اللاعبين الدوليين، باعتبار أنهم سيخوضون عددا أقل من الرحلات الطويلة وسيستفيدون من «25 يوما على الأقل» من الراحة بعد منافساتهم الصيفية مع منتخباتهم. لكن رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) ألكسندر شيفيرين دان هذا الاقتراح في منتصف حزيران/يونيو الماضي، واعتبره «مستحيلا»، واندلع الجدل مجددا وبشكل خاص هذا الأسبوع، قبل شهور من «القرار» الذي وعد باتخاذه إنفانتينو في كانون الأول/ديسمبر المقبل. وأكد شيفيرين أن إقامة كأس العالم كل عامين «من شأنها أن تضعف جوهر كرة القدم» التي تعتمد جاذبيتها التي لا مثيل لها على إيقاعها الرباعي الثابت منذ عام 1930 للرجال و1991 للسيدات. فيما قالت رابطة الأندية الأوروبية إنه لا يوجد «مكان» في الروزنامة الحالية لبطولة نهائية كل عام، مبينة أنها لم تتلق «أي اقتراح ملموس» من الفيفا لمناقشته. ووعد المنتدى العالمي لرابطات كرة القدم بـ»معارضة» مثل هذا المشروع الذي يخدم «المصالح قصيرة المدى» للفيفا على حساب «اقتصاد كرة القدم وصحة اللاعبين». لكن فينغر ومجموعة من اللاعبين والمدربين السابقين وسفراء الهيئة العالمية الذين اجتمعوا في الدوحة أشادوا بإقامة كأس العالم كل سنتين، وكانت لهم حججهم القوية، لدعم الفكرة.
بالنسبة لي فكرة اقامة المونديال كل 4 سنوات، المستحدثة منذ 90 سنة، عفى عليها الزمن، خصوصا انه الى اليوم هناك 133 دولة عضواً في الفيفا لم تتأهل مطلقا الى نهائيات كأس العالم. ورغم انني كنت أحبذ استحداث فكرة التصفيات العالمية عوض رفع عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات الى 48، لكنني أميل أكثر الى تقبل هذه الفكرة من منطلق أن النجوم الذين لم يحصلوا على فرصة المشاركة في المونديال بسبب الاصابة او الاخفاق في التأهل سيفقدون الفرصة بسبب تباعد زمن المشاركة في المونديال التالي، على غرار مع حصل مع أفضل مدافع في العالم فيرجيل فان دايك الذي شارك مع منتخب بلاده في سن متأخرة (26 عاماً) وعندما بزغ نجمه أخفق منتخب هولندا في التأهل الى مونديال 2018، ولو يخفق مجدداً في التأهل لمونديال الدوحة العام المقبل، فان هذه الموهبة البالغة اليوم 30 عاما لن تعرف طعم المشاركة في كأس العالم، بالاضافة الى نجوم كثير مثل الويلزي غاريث بيل، وزملائه السابقين راين غيغز وايان راش ومارك هيوز، فالفرصة تبقى أكبر لو أقيم المونديال كل عامين، ومثلما قال الظاهرة البرازيلي رونالدو، وهو أحد المجتمعين في الدوحة أنه «إذا سأل أحد ميسي ورونالدو عن رأيهما في هذه الفكرة سيقولان نعم».
وفي حين ان بعض الاصوات المعارضة، تعتبر أن اقامة المونديال كل عامين سيفقده سحره وهيبته، فان الجواب ببساطة هو النظر الى دوري أبطال اوروبا، الذي يقام كل عام، ويسير من نجاح الى نجاح، وتزداد شعبيته، لكن قبل كل شيء، ومهما كانت ردود الفعل، فإن الفيفا يحمل مفتاح القرار النهائي الذي سيتخذه في نهاية العام، وسيعود إما إلى مجلسه التنفيذي أو إلى الكونغرس، اعتمادا على التغييرات المعتمدة في نظامه الأساسي، والمعارضون المعلنون للمشروع هم أقلية في الوقت الحالي. لكن حتى لو نجح الفيفا، فلا شيء يقول إن الأندية الأوروبية، حيث يلعب أغلب اللاعبين الدوليين، ستوافق على الاستغناء عن خدمات لاعبيها لعدة شهور في السنة وتتحمل مخاطر إضافية للإصابة، فلننتظر ونرى ان كانت هذه المعركة ستتحول الى حرب ضروس في الأسابيع المقبلة.
هناك لجنة للتشريع في الفيفا ، يبدو أنها تعيش بطالة طويلة الأمد، ويكثر فيها المغامرون الذين جعلوا كرة القدم حقل تجارب في السنوات الأخيرة، ويقل فيها المحافظون الذين يهمهم الابقاء على سحر اللعبة، حيث رأينا تغييرات جوهرية تم إدخالها على اللعبة ك var, والحكم الخامس و…..وأغلب هؤلاء المتحمسين للتجريب يكونون من فرنسا….
كرة القدم بكل بطولاتها الاوروبية والعالمية فقدت رونقها و جمالها واصبحت مجرد مكاسب مادية للاعبين والاتحادات الدولية