غزة– “القدس العربي”: استمر الأسرى الإداريون المضربون في معركة الإضراب المفتوح عن الطعام لليوم الخامس، رافضين تقديم أي تنازلات دون الحصول على مطالبهم، والمتمثلة بإنهاء هذا النوع من الاعتقال، في وقت أعلنت فيه هيئة شؤون الأسرى أن الأسير المريض ناصر أبو حميد، المصاب بالسرطان، دخل مرحلة حرجة.
ويواجه هؤلاء الأسرى أوضاعا صعبة، بسبب العقوبات التي تفرضها سلطات الاحتلال ضدهم، لثنيهم عن الإضراب، حيث يتواجد 28 من الأسرى المضربين في سجن عوفر، وتم تجميعهم في 4 غرف بأحد الأقسام، فيما هناك أسير مضرب في سجن النقب، وآخر في سجن هداريم.
وكان هؤلاء الأسرى، وجميعهم ينتمون لتنظيم “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، صعدوا من خطوات الاحتجاج قبل يومين، وقرروا مقاطعة محاكم الاحتلال الإسرائيليّ بدرجاتها المختلفة، وذلك في سياق نضالهم ضد جريمة الاعتقال الإداريّ.
وأكدت “الجبهة الشعبية”- فرع السجون، أن الاحتلال حاول الانقضاض على هذه الخطوة بالتواصل مع بعض المعتقلين الإداريين من أجل تقديم عرض لهم، لكنهم تشبثوا بموقفهم، الذي يقضي بإنهاء الاعتقال الإداري بحقهم، وهناك المزيد من المعتقلين سيلحقون بركب رفاقهم على دفعات حتى تحقيق مطالبهم.
وأعلنت “الجبهة الشعبية” دعمها وإسنادها لأسراها المضربين، وقالت إنهم بإضرابهم “يحملون على أكتافهم ملف الأسرى الإداريين، ويوجهون صرخةً مدويةً في وجه الاعتقال الإداري، صرخةً نضاليةً تَحوّلت لمظاهرة عارمة عززها شعبنا البطل ومؤسسات الأسرى وقوانا الوطنية ولجان التضامن الدولية المنتشرة في العالم”.
وأضافت، وهي تشرح واقعهم المؤلم: “هي جريمة الاعتقال الإداري التي يعاني منها شعبنا الفلسطيني ليس بأطفالهم وعائلاتهم فحسب، بل هي سياسة لمحاربة وملاحقة النضال الفلسطيني والثقافة الفلسطينية والنضال المجتمعي، محاربتهم جميعهم لحبهم لفلسطين، وعليه، فإنّ النضال ضد الاعتقال الإداري يجب أن يتكامل من أسرى وجماهير ومؤسسات وفصائل، ويجب تحويله من نضال مؤسسات إلى نضال إستراتيجي وتحويل مقاطعة الأسرى الثلاثين للمحاكم مقاطعة شاملة للاحتلال، يقع في مركزها مقاطعة المحاكم الصهيونية بمختلف أشكالها”.
وقال مسؤول العلاقات الدولية في “الجبهة الشعبية” ماهر الطاهر، إن قضية الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال يجب أن تبقى على رأس جدول أعمال كل الأحرار والشرفاء من أبناء أمتنا العربية، وطالب كل القوى والأحزاب والفعاليات الشعبية والعربية والعالمية، بالتحرك الجاد وعلى مختلف المستويات السياسية والإعلامية والجماهيرية للقيام بأوسع حملة لإطلاق سراح الأسرى في سجون الاحتلال.
وكان المعتقلون الإداريون، بعثوا رسالة مع بداية إضرابهم، أكدوا فيها أن مواجهة الاعتقال الإداري مستمرة، وأن ممارسات إدارة سجون الاحتلال “لم يعد يحكمها الهوس الأمني كمحرك فعليّ لدى أجهزة الاحتلال، بل باتت انتقامًا من ماضيهم”، وعبروا عن أملهم في أن تتدحرج خطوة الإضراب عن الطعام بانضمام كافة المعتقلين الإداريين لها.
وأكد نادي الأسير أن هذه الخطوة تأتي في ظل استمرار محاكم الاحتلال بدرجاتها المختلفة في ممارسة دورها التاريخي المتمثل في ترسيخ سياسة الاعتقال الإداري، التي تُنفّذ ما يصدر عن جهاز مخابرات الاحتلال “الشاباك”.
وجل الأسرى المضربين هم أسرى سابقون، وتقوم سلطات الاحتلال بتجديد اعتقالهم الإداري.
وفي السياق، قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن الأسير المريض بالسرطان ناصر أبو حميد، دخل مرحلة حرجة جدا، بسبب تفشي المرض في جسده، وعدم استجابته مؤخرا للدواء الكيميائي.
وقالت إن الفحوصات الأخيرة أظهرت انتشار السرطان في الفقرة الثانية والثالثة والرابعة والسابعة من عموده الفقري، إضافة الى دماغه وباقي أنحاء جسده.
وأشارت إلى أن الأسير أبو حميد يعاني من نزول حاد في الوزن، وآلام شديدة في أنحاء مختلفة من جسده، إلى جانب ضعف مستمر بالعضلات وكأنه مصاب بضمور، ولا يستطيع المشي إلا بواسطة كرسي متحرك وتلازمه أنبوبة الأوكسجين بشكل مستمر، وهو بحاجة ماسة إلى علاج طبيعي حتى يستطيع تحريك أطرافه، في ظل مماطلة متعمدة من عيادة السجن والاكتفاء بإعطائه المسكنات فقط، خاصة بعد وقف العلاج الكيماوي له.
وكان الفريق الطبي في المشفى الإسرائيلي، الذي أشرف على علاجه، قال إنه دخل مرحلة الاحتضار منذ أكثر من أسبوعين، وأنه يتوقع موته في أي لحظة، فيما لا تزال سلطات الاحتلال ترفض طلب إطلاق سراحه لقضاء آخر أيامه بين أسرته.
وإسنادا للأسرى المضربين، وكذلك الأسرى المرضى، وبالأخص الأسير ناصر أبو حميد، استمرت الفعاليات الشعبية في العديد من المدن الفلسطينية، حيث شارك أهالي الأسرى ونشطاء فلسطينيون وقادة التنظيمات في وقفات نظمت في غزة وطولكرم ونابلس ورام الله، ورفع المشاركون في الوقفة صور الأسرى، ورددوا هتافات تدعم مطالبهم، وتنادي بتدخل دولي عاجل من أجل إطلاق سراحهم.
وكانت اللجنة الوطنية والنضالية لإسناد الحركة الأسيرة أعلنت عن البدء في برنامج دعم وإسناد للأسرى الإداريين المضربين عن الطعام، يتمثل بالشروع في نصب خيام اعتصام في المدن الرئيسية في كافة المحافظات.
ودعا عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة شؤون المغتربين فيصل عرنكي، مختلف الجاليات والمؤسسات الفلسطينية في الشتات إلى أوسع حراك شعبي وإعلامي وقانوني لإسناد الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال والتعريف بقضيتهم.
وأكد، في نداء عاجل وجهته دائرة شؤون المغتربين للجاليات في العالم، أهمية فضح ممارسات الاحتلال بحق الأسرى، والقيام بحملات إعلامية تتناول قضية الأسرى وإعطاء قضاياهم المساحة الكافية في مختلف وسائل الإعلام، لإطلاع الرأي العام الدولي على درجة المعاناة التي يعانيها الأسرى وذووهم، وحجم الانتهاكات التي يتعرضون لها، والتي ترقى في كثير منها إلى مصاف الجرائم التي تستوجب الملاحقة والمحاسبة الدولية.
وأشار عرنكي إلى أن معركة الأسرى النضالية، التي يخوضها 30 أسيراً بالإضراب المفتوح عن الطعام، مع احتمالات متزايدة بالتحاق المزيد منهم رفضا لاستمرار اعتقالهم الإداري، تستدعي من أبناء الشعب الفلسطيني على الساحة الدولية توحيد العمل والبدء بخطوات عملية لإسناد الأسرى ومطالبهم المشروعة، عبر القيام بدور أوسع وتشكيل لوبيات ضغط في مختلف الدول للتواصل مع الجهات الفاعلة فيها من أحزاب ومؤسسات وشخصيات مؤثرة.
وتعتقل إسرائيل من ضمن الـ 4500 أسير، 760 معتقلاً إداريا، بينهم أربعة قاصرين وأسيرتان، ويقبع أكبر عدد منهم في سجني النقب وعوفر، وهذه النسبة هي الأعلى منذ عام 2015. ولفت نادي الأسير إلى أن المعتقلين الإداريين نفذوا منذ أواخر عام 2011، حتى نهاية العام الجاري، ما يزيد عن 400 إضراب فردي، كان جلّها ضد الاعتقال الإداري.