غزة- “القدس العربي”: لا تزال معركة الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام، تتواصل رغم اقترب بعض الأسرى من دخول الشهر الخامس في الإضراب المفتوح، وهو ما أثر على أوضاعهم الصحية، وجعلهم يقتربون من “الموت المفاجئ”.
والأسرى هم كايد الفسفوس المضرب منذ 116 يوما، والأسير مقداد القواسمة الذي يواصل الاضراب منذ 109 يوما، وعلاء الأعرج منذ 92 يوما، وهشام أبو هواش منذ 82 يوما، ولؤي الأشقر المضرب منذ 28 يوما، فيما يخوض الأسير راتب حريبات إضرابا عن الطعام منذ 30 يوما، تضامنا مع الأسرى الستة.
وقال الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه “إن الأسرى الستة يعانون أوضاعا صحية غاية في الخطورة، من نقص كمية السوائل والفيتامينات، وعدم انتظام في دقات القلب، وانهاك وإعياء شديدين، خاصة الأسيرين القواسمة، والفسفوس”، لافتا إلى أن هناك احتمالية لتعرضهم لانتكاسة صحية مفاجأة، الأمر الذي يؤثر على الجهاز العصبي والدماغ.
وأوضح أن الوضع صعب جدًا، وتابع “في أي لحظة قد يرتقي أحد هؤلاء الأسرى شهيدًا، إذا استمرت المعاناة والألم، خاصة في ظل تعنت ورفض الاحتلال الإفراج عنهم”، مطالبا بضرورة تدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل لإنقاذ حياتهم، وذلك في ضوء تدهور حالتهم الصحية والخطر المحدق بهم.
وقد أعادت نيابة الاحتلال الأسبوع الماضي، تفعيل أمر الاعتقال الإداريّ بحق الأسير القواسمة، كما قررت إدارة سجون الاحتلال نقله من العناية المكثفة في مستشفى “كابلان” وإعادته إلى “عيادة سجن الرملة”، في حين أعادت تعليق الاعتقال الإداري للأسير كايد للمرة الثانية، بعد التماس تقدم به محامي الهيئة لمحكمة الاحتلال العليا لإنهاء اعتقاله.
وتعليق الاعتقال الإداري لا يعني إلغاء الاعتقال، حيث يتحوّل الأسير إلى “أسير غير رسمي” في المستشفى، بحيث يبقى تحت حراسة “أمن” المستشفى بدلًا من حراسة السّجانين.
يشار إلى أن سلطات الاحتلال نقلت الأسير عياد الهريمي، من سجن “عوفر” إلى “عيادة الرملة”، لتدهور وضعه الصحي، وهو معتقل إداريا منذ شهر نيسان 2021، وأسير سابق تعرض للاعتقال المتكرر، وأعاد الاحتلال اعتقاله مجدداً بعد الإفراج عنه بفترة وجيزة، وكان قد أضرب سابقًا ضد اعتقاله الإداريّ عام 2016 استمر لمدة (45) يوماً. وبلغ مجموع سنوات اعتقاله نحو تسع سنوات.
واسنادا للأسرى المضربين، أعلنت الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال كافة، عن خطوات اسنادية للمضربين، تمثلت بشكل أولي إرجاع وجبتي الغداء والعشاء، ليوم الأحد.
إرجاع وجبات الغذاء والعشاء في كافة السجون إسنادا للمضربين
من جهتها حذرت قيادة الفصائل الوطنية والإسلامية، الاحتلال من الاستمرار في انتهاك حقوق الأسرى والتنكيل بهم، مؤكدةً أن هذا الملف سيكون “صاعقاً مفجراً لمواجهة شاملة”، وجاء ذلك خلال مناقشات للملف أجرتها خلال اجتماع لها بمدينة غزة، حيث دعت جميع مكونات الشعب الفلسطيني الوطنية لاتخاذ مواقف ضاغطة تجاه قضية الأسرى، وتدشين حملة تضامن وطنية جامعة لدعم الأسرى، كما وجهت اللجنة نداءً لأحرار العالم بضرورة التحرك العاجل للضغط على الاحتلال لاحترام المواثيق الدولية المتعلقة بالأسرى، وقالت “إن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير الأسرى”.
وبسبب خطورة أوضاع الأسرى المضربين الصحية، توعدت حركة الجهاد الإسلامي الاحتلال، بدفع الثمن حال مسهم أي مكروه، وقال عضو المكتب السياسي للحركة خالد البطش “العدو سيدفع ثمنا غاليا حال استشهاد أحد الأسرى المضربين عن الطعام”، وأضاف “نحذر العدو من أننا لن نترك الأسرى المضربين، وأنه حال استشهادهم سيدفع العدو ثمناً مهما كلف الأمر”.
وأكد على ضرورة تدخل الوسطاء بشكل عاجل وفوري لإنقاذ الأسرى المضربين ووقف التعسف المستمر بحق الأسرى في السجون، وقال “نجدد التزامنا بعدم ترك أسرانا وسنعمل كل جهدنا لإطلاق سراحهم”، مطالباً أبناء شعبنا في كل الساحات للتحرك الجماهيري الداعم للأسرى والخروج في مسيرات دعم الأسرى والضغط على العدو ميدانيا”.
ودعما للأسرى، استمرت الفعاليات الشعبية المساندة في الكثير من المدن الفلسطينية، حيث أمام خيمة الاعتصام الدائمة في مدينة غزة والمقاومة أمام مقر الصليب الأحمر عدد من مسئولي الفصائل، ونشطاء فلسطينيين وأهالي الأسرى، كما شاركت فصائل العمل الوطني والإسلامي، وذوي الشهداء، وذوي الأسرى، ووفد من أراضي الـ48، في خيمة الاعتصام بميدان عميد الأسرى كريم يونس في مدينة جنين.
وفي سياق الحديث عن معاناة الأسرى، طالب مركز حماية لحقوق الإنسان، بتشكيل لجنة تحقيق دولية للوقوف على ظروف معاملة واحتجاز الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي في ضوء المشاهد الإعلامية الأخيرة، التي بثت على “قناة الجزيرة” الفضائية.
وجاء ذلك في رسالة وجهها المركز إلى مدير بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في فلسطين وعدد من الشخصيات الدولية الفاعلة، حول المشاهد الإعلامية التي عرضت تنكيل قوات الاحتلال بالأسرى والمعتقلين الفلسطينيين بشكلٍ همجيّ وتعسّفي وخارج عن إطار القانون.
وأكدت الرسالة أن قوات الاحتلال تمارس ضد الأسرى والمعتقلين أعمالًا انتقامية وترتكب بحقهم عقابًا جماعيًا على خلفية هروب ستة أسرى من سجن “جلبوع” في وقت سابق من هذا العام، لافتا إلى أن هذه الممارسات “تنبئ عن مساعي سلطات الاحتلال الرامية إلى قتل الأسرى، والانتقام الجماعي منهم”.
وشددت على وجوب التزام الأسرة الدولية بحماية المعتقلين والأسرى، وعلى حظر أعمال التعذيب والانتقام والعقوبات الجماعية والممارسات الحاطة بالكرامة الإنسانية، وأكد أن تلك الممارسات “تمثل شكلًا من أشكال النازيّة الجديدة، وصورةً من صور الانتقام والعقوبات الجماعية التي حظرتها قواعد القانوني الدولي، إضافةً لكونها تشكل تصاعدًا لسياسة إذلال وإهانة الأسرى”، وقال إنه يخشى من استغلال سلطات الاحتلال للصمت المطبق من قبل المجتمع الدولي إزاء هذه الانتهاكات لـ”فرض المزيد من الإجراءات العقابية والانتقامية بحق الأسرى والانتقاص من حقوقهم المكفولة بموجب قواعد القانون الإنساني الدولي”.
وكان إسماعيل رضوان القيادي في حركة حماس، قال في تصريح صحافي معقبا على ما ورد من توثيق لجرائم الاحتلال ضد الأسرى “إن الجرائم الموثقة التي شاهدها العالم لهي دليل على حجم الإجرام الصهيوني الذي يرتكب بحق أسرانا البواسل في سجون الاحتلال، والإرهاب الممارس ضدهم”، محذرا الاحتلال من الاستمرار في هذه السياسة التي وصفها بـ”العنصرية الفاشية الإرهابية”، وقال “على الاحتلال أن يعي دروس الماضي جيدًا”، مؤكدا أن قيادة حماس وكتائب القسام “تجدد وعدها وعهدها لأسرانا البواسل بأن حريتكم أمانة في أعناقنا، وأن الاحتلال سيرضخ لشروط المقاومة”.