معضلة القرار الإسرائيلي:ما الذي تريده حماس؟

حجم الخط
0

شرعت حماس مطلع آب في عنف محدود تجاه إسرائيل، وذلك بعد نحو نصف سنة من الهدوء النسبي أوقفت حماس في أثنائها كورونا في القطاع. ووجد العنف المحدود تعبيره أساساً في إطلاق البالونات الحارقة بشكل يومي، إطلاق صواريخ بين الحين والآخر وأعمال إخلال قليلة بالنظام قرب الجدار. لم ترد إسرائيل في الأيام الأولى لإطلاق البالونات، وسمحت للحرائق بالعربدة، ولسكان الغلاف بالاختناق بالدخان. وبالتدريج، بدأت ترد بشكل محدود، دون إلحاق خسائر في الأرواح لحماس، وذلك بخلاف التصريحات الحازمة عن ضربات أليمة إذا لم تتوقف حماس عن إطلاق البالونات. وهي لم تتوقف.

المشكلة التي تقف أمامها إسرائيل عند التصدي لعنف حماس لا ترتبط بهذا الحزب أو ذاك، بل هي مشكلة دائمة وتضع المعاضل أمام أصحاب القرار.

أتذكرون كيف اتهم “أزرق أبيض” قبل الانتخابات حكومة نتنياهو بأنها تعطي خاوة لحماس كي تحسن السلوك؟ والآن ينتظر بيني غانتس بعينين تعبتين هو وكل الحكومة أن تأتي قطر “بالخاوة” إلى القطاع، ما يدلنا على أن المشكلة التي تقف أمامها إسرائيل عند التصدي لعنف حماس لا ترتبط بهذا الحزب أو ذاك، بل هي مشكلة دائمة وتضع المعاضل أمام أصحاب القرار.

ما الذي تريده حماس الآن؟ أن تبتز من إسرائيل تنازلات، غير كبيرة، في المجالات الإنسانية والاقتصادية، بما في ذلك زيادة المساعدة المالية من قطر وضمانها لزمن طويل. لهذا الغرض تجدها قبل كل شيء تتخذ ما يسمى “المقاومة الشعبية بالوسائل السلمية”- إطلاق البالونات. وهي مستعدة لترتفع درجة حيال الهجمات الإسرائيلية “المحتملة”، وتنقيط نار الصواريخ، مفترضة أن إسرائيل لن تتوجه إلى التصعيد، وهي أيضاً غير معنية به. وإذا ما سارت إسرائيل عكس هذا النحو، فحماس مستعدة لتحمل الضرر.

نشر “مركز معلومات الاستخبارات والإرهاب” الأسبوع الماضي مقالاً تحليلياً نشر في موقع الأخبار لدى حماس، وهو مقال ينير العيون لفهم سياسة حماس والمعاضل التي تطرحها على إسرائيل. ولتجسيد الفكرة نأتي بمقطعين: “رغم هذه التهديدات (الإسرائيلية)، واضح أن ليس لإسرائيل مصلحة في جولة تصعيد شاملة، لأن أصحاب القرار في إسرائيل يفهمون بأنهم سيعودون إلى ذات النقطة في نهاية الجولة. وذلك إذا أخذنا بالحسبان بأن ليس للقطاع ما يخسره بسبب وضعه الإنساني والاقتصادي، وعليه ستضطر إسرائيل للعودة إلى تفاهمات التهدئة.

“توجد أسباب أخرى لعدم لجوء إسرائيل إلى الحرب: انعدام اليقين في الساحة الشمالية، واقتراب السنة الدراسية، وانعدام جاهزية الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في أعقاب تفشي كورونا”.

ثمة نهج يقول: “ينبغي الحديث مع حماس، وينبغي رفع الحصار”، وإعادة بناء القطاع مقابل تجريده، وبناء ميناء ومطار، يا له من نهج جميل، باستثناء أنه ليس عملياً، وحماس تعود لترفضه باحتقار. في سلسلة مقابلات صحافية وحملة إعلامية في أعقاب خطة القرن. وشرحت حماس: عرضوا علينا 15 مليار دولار مقابل التجريد؛ هذا لن يكون أبداً، فأولويتنا العليا هي التعاظم العسكري والصراع ضد إسرائيل على حساب مقدرات احتياجات السكان.

هذا موقف أساسي لحماس وأيديولوجيتها، وهو يفرض معاناة وفقراً على سكان القطاع، وفي الوقت نفسه حياة قاسية على سكاننا في الغلاف. وهذا موقف يستدعي من إسرائيل منع وصول السلاح. وعندها تصرخ حماس و “منظمات الحقوق”: ارفعوا الحصار! دائرة سحرية شيطانية.

بقلم: عاموس غلبوع
 معاريف 27/8/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية