الناصرة ـ «القدس العربي»: إن معظم الإسرائيليين لا يقيمون اعتبارا للأخلاق ولا يكترثون بالقوانين الدولية الخاصة بالحرب.
هذا ما تؤكده أكاديميتان إسرائيليتان، الدكتورة عيديت شفران غيتلمان من «معهد دراسات الأمن القومي» في جامعة تل أبيب، والبروفيسور في القضاء تومر هوستفسكي – برندس.
وفي مقال مشترك، قالت الأستاذتان الجامعيتان: «استمراراً للسؤال: ما هو هدف القتال في قطاع غزة، يجب التوضيح أولاً ما إذا كان هناك هدف يبرر ما يحدث فيه وأيضاً كيف أن السردية القائلة إن قواعد القانون الدولي والقيم الأخلاقية للجيش هي التي تمنع نهوض الدولة، أصبحت متجذرة في الوعي الإسرائيلي إلى حد أنه لم يعد ممكناً طرح هذه الأسئلة من دون التعامل مع طارحها على أنه خائن».
وفي رأيهما هناك إجابة واحدة واضحة، وهي أن «حجم المأساة وأبعاد الشر، سيطرا على الوعي الإسرائيلي، حتى إن الذي لا تدفعه مشاعر الانتقام، يواجه صعوبة في الحديث عن أخلاقيات القتال في الوقت الذي ترافق صور «وحشية « العدو و»الانحطاط الإنساني» كل مواطن في الدولة».
وطبقا للباحثتين الإسرائيليتين، فإن أحد الفيديوهات الذي يظهر فيه المتحدث باسم جيش الاحتلال وهو يطلب من الجنود عدم نشر فيديوهات تكشف انتهاكات للقانون الدولي، يقدّم صورة إضافية: «إذ يوضح الناطق العسكري دانييل هغاري في الفيديو أن هذه الفيديوهات تتعارض مع قيم الجيش، لكنه في الأساس، يشرح للجنود أنهم «يخلقون مشاكل للجيش»، ويجعلون تحقيق أهداف الحرب أصعب».
وتتابع الباحثتان: «عندما يوضح الناطق العسكري أن هذه الفيديوهات مسيئة للجيش، فإنه يشدد في هذا السياق، على الاعتبار النفعي المتمثل في احترام القانون الدولي، والحفاظ على الشرعية الدولية للعملية، والدفاع عن جنود الجيش أمام المحاكم الدولية».
وتشيران إلى أن هناك «مبرّرين آخرَين للحفاظ على هذه القواعد: الأول، بُعد قيَمي جوهري، وهو الرؤية أن هذه القواعد تعكس رؤى أخلاقية يجب الحفاظ عليها، وتهدف إلى تقليص المعاناة الإنسانية جرّاء الحرب؛ والتفريق ما بين المقاتلين والمدنيين، ومنع أيّ ضرر مقصود بالمدنيين، والسماح بأضرار جانبية، إذا كان الضرر الجانبي متناسباً».
وتضيفان: «وحتى لو كانت هناك انتقادات مبرّرة لصعوبة تطبيق قوانين الحرب في واقع من عدم المواجهة غير المتساوية في صراع ما بين دولة وتنظيم «إرهابي»، فإن الدول الديمقراطية تقبل هذه القوانين كنقطة انطلاق لاعتبار الحرب ليست مجالاً من دون قوانين، وسلطة القانون مهمة حتى خلالها».
أما المبرّر الثاني الذي تسوقانه فنفعي، فـ»أحد الدوافع الأساسية للحفاظ على قوانين الحرب هو التداعيات المحتملة لخرقها وتقولان إنه في السياق الإسرائيلي، التخّوف من العقوبات الدولية، وبصورة خاصة المحاكمات الجنائية للجنود والضباط».
وحسب الباحثتين الإسرائيليتين فإنه خلال الحرب على غزة، «يبدو أن هناك مَن هو مقتنع بأن القيمة الجوهرية للقواعد تركز على التبريرات النفعية، ويدّعي أن الحفاظ على قواعد القانون الدولي ضروري من أجل الحماية، ويمنع تدخّل الجهات الدولية، ويحمي جنود الجيش».
وتخلصان للقول إنه «في مقابل هذه السردية التي تروّجها قوى لديها عزيمة، يظهر صمت الجمهور الإسرائيلي الليبرالي. هذا الجمهور الذي يحتج، أسبوعاً بعد أسبوع، على «ضياع الديمقراطية»، وإذا استمر هذا الجمهور في ترك الملعب الأخلاقي فارغاً، وبقيَ مختبئاً خلف اعتبارات نفعية، مثل «حاجات العلاقات العامة والدعاية»، فمن غير المؤكد أن صورة الدولة في اليوم التالي للنصر المطلق ستكون الشيء الذي يستحق أن نقاتل من أجله» .