معهد بروكينغز: تعيينات الملك سلمان مثل عملية “خلط كراسي الحديقة” وتؤكد تقديم الولاء على التجربة

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن-“القدس العربي”:
في مقال مشترك لكل من تامارا كوفمان ويتس وبروس ريدل، الخبيران في شؤون الأمن والسياسة الخارجية في معهد بروكينغز ، نشر على موقع المعهد تحدثا فيه عن عملية التعديل الحكومي التي أعلن عنها العاهل السعودي الملك سلمان وقالا إنها مثل عملية “خلط كراسي الحديقة”. وشملت التعديلات تنحية عادل الجبير وتعيين إبراهيم العساف بدلا منه. وخفضت رتبة الوزير المعروف لمجرد وزير دولة. وأعلن في المراسيم الملكية عن إنشاء هيئتين لصناعة القرار برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان أو “م ب س”. وكان الهدف من وراء التعديلات معالجة الأزمة التي وترت علاقة المملكة مع واشنطن والمستثمرين الدوليين في الأشهر الأخيرة. وفي الوقت الذي أصرت فيه المملكة على عدم وجود أزمة إلا أن التحركات هي “بمثابة اعتراف من”م ب س” بالوضع السيء الذي يواجهه”. وأشار الكاتبان إلى أن عمق المشكلة واضح من هروب المستثمرين والتغطية الإعلامية السيئة والتحرك غير المسبوق من مجلس الشيوخ الذي حمل بن سلمان مسؤولية مقتل جمال خاشقجي وتعهد السناتور ليندسي غراهام بمنع أي صفقات أسلحة طالما بقي محمد بن سلمان في موقع السيطرة.

 معهد بروكينغز: “التغيرات في العملية والرموز لن تقدم التطمين المقصود، ولكي تعبر عن تغير حقيقي في التوجه، على المملكة أن تظهر تحولا في السياسة التي تبتعد عن المبالغة التي أدت إلى هذا الوضع الصعب”.

ويعلق الكاتبان أن “التغيرات في العملية والرموز لن تقدم التطمين المقصود، ولكي تعبر عن تغير حقيقي في التوجه، على المملكة أن تظهر تحولا في السياسة التي تبتعد عن المبالغة التي أدت إلى هذا الوضع الصعب”.
ويشير الكاتبان إلى تعيين محمد بن سلمان وزيرا للدفاع عام 2015 وقلق المراقبين للشأن الخليجي ورجال الدولة المجربين الذين قالوا إنه صغير لهذا المنصب وغير مجرب وأنه قد يجد منفعة من نصح الرجال المجربين في السياسة.
ولكنه لم يسر في هذا الطريق، واعتمد على علاقاته مع ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد وأغلق البلاط الملكي أمام الجميع باستثناء حفنة من المستشارين الشخصيين مثل سيء السمعة سعود القحطاني، الذي يعتقد أنه الذي نظم فريق اغتيال وتقطيع جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول وهدد ناشطة معتقلة بالاغتصاب.
ولاحظ الكاتبان اختيار الملك الجديد لرئاسة الحرس الوطني، والذي يعتبر حامي العائلة المالكة ويقدم الأمن الداخلي للمملكة. وظل الحرس الوطني ولنصف قرن تحت سيطرة الملك عبد الله الذي عين فيه الموالين له وقام بتحويل القيادة لابنه متعب بن عبدالله حتى اعتقاله في حملة الريتز كارلتون، التي اعتقل فيها ولي العهد المئات من الرموز البارزة بدون توجيه اتهامات وأجبرهم على دفع مال لشراء الحرية.
وعين الملك سلمان الأمير خالد بن عبد العزيز المقرن في المنصب عام 2017. وكان خالد من المخضرمين في الحرس الوطني وعمل فيه 10 أعوام وكانت عائلته على علاقة معه. وأصبح خارج الحرس بعد عام واحد. والقائد الجديد هو الأمير عبد الله بن بندر بن عبد العزيز وعين نائبا لأمير منطقة مكة في نيسان (إبريل) 2017. ومثل ولي العهد فهو متخرج من جامعة الملك سعود ولا خبرة عسكرية لديه. وهو نسخة كربونية عن ولي العهد. ويرى الكاتبان أن تعيين قائد جديد للحرس الوطني-الحرس الإمبراطوري يعني ثمة مشاكل، فثلاثة قادة في عام واحد يعني عدم وجود استقرار. كما أن تعيين قائد لا تجربة لديه أو تدريب يؤكد أن الولاء لا الخبرة هي الطريق للإمام. ويطرح التغيير أسئلة حول قدرة الحرس الوطني السعودية لحماية البلد من التهديدات الداخلية والخارجية.
ولاحظ الكاتبان أن منصبا مهما لم يتم ملئه في التعديلات الأخيرة وهو منصب نائب ولي العهد. فالمنصب الثالث ظل شاغرا منذ تحرك محمد بن سلمان ضد ابن عمه، ولي العهد، محمد بن نايف ووضعه منذ حزيران (يونيو) 2017 تحت الإقامة الجبرية. ومن الواضح أن ولي العهد الحالي لا يريد أن تضم الحلقة المصغرة حوله وريثه.
وبعيدا عن هذا فقد تم فتح الحلقة المغلقة لولي العهد من خلال تعيين وجوه قديمة. فبالإضافة إلى قائد الحرس الوطني أعلن الملك عن تعيين مستشار الأمن القومي وهو مسعد العيبان. كما شملت المراسيم إنشاء “مجلس للشؤون السياسية والأمنية” والذي قد يكون بمثابة الوكالة التي تقدم اراء ونصائح تغذي سياسة الأمير في الشؤون الأمنية.
ويتساءل الكاتبان إن كانت هذه التعديلات مهمة؟ والجواب أنها ستكون مهمة لو أدت إلى تغييرات حقيقية في السياسات السعودية والتي تستجيب لمظاهر القلق الدولي والاستقرار الإقليمي.
وتساءل الباحثان إن كانت السعودية ستغير من مواقفها المفرطة من مثل الإفراج عن عشرات الحرفيين وناشطين في المجتمع المدني،والذين اعتقلوا في العامين الماضيين بمن فيهم الناشطات اللاتي طالبن بحق المرأة في قيادة السيارة واعتقلن في الربيع والصيف. وهل ستحد التعديلات من إساءة استخدام السلطة التي أنتجت اعتقالات الريتز التي كان وزير الخارجية أحد ضحاياها. وكذا اختطاف وقتل جمال خاشقجي واختطاف رئيس الوزراء اللبناني وإجباره على الاستقالة. وتنهي مناخ الخوف والاستفزاز المنتشر في السعودية اليوم.
وهناك مصير رؤية 2030 والتي كانت تعاني من مشاكل حتى قبل اغتيال خاشقجي التي أثارت انتباه العالم والتركيز على فشل الخطة وحذر المستثمرين الخارجيين. ويقول الكاتبان إن إبراهيم العساف قضى وقتا طويلا في واشنطن كممثل لبلاده في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وكوزير للمالية. ويحل محل الجبير المعروف بواشنطن الذي خفض لمرتبة وزير دولة. وكان العساف من الداعين للتطوير الذي تقوده الدولة أثناء فترة الازدهار وسيكون فرحا بترفيعه لمنصب وزير الخارجية. وقد يلعب دورا في هيئة الاستثمار العامة في دفع التنمية الاقتصادية المحلية، وهذا يعني أخبارا سيئة “لليبرلة” السوق والمستثمرين السعوديين والأعمال الخاصة الموجودة التي تعاني من السياسات الحكومة وضريبة القيمة المضافة.

إن رؤية 2030 كانت ستواجه معارضة من النخبة السعودية التي شعرت أنها تهدد نظام الرعاية الاقتصادي من القمة للأسفل الذي أثرى الجميع.

ويختم الكاتبان بالقول إن رؤية 2030 كانت ستواجه معارضة من النخبة السعودية التي شعرت أنها تهدد نظام الرعاية الاقتصادي من القمة للأسفل الذي أثرى الجميع. وربما استثمرت هذه النخب الأخطاء التي ارتكبها ولي العهد في السياسة المحلية والخارجية وحاولت تعويق عمليات تحرير السوق. وبهذه المثابة فسيكون الإصلاح الاقتصادي السعودي بطيئا، وأكثر من كل هذا قائما على الإجماع.
وفي النهاية لا يزال محمد بن سلمان لاعبا في السياسة السعودية ومقررها. ورغم أن التغييرات تستحق النظر لكن الحكم عليها لا يزال قائما، فربما قرر ولي العهد أن “طريقي أو الطريق السريع” لم يعد نافعا ويجب التخلي عنه مقابل مدخل بنتائج أفضل للمملكة والمنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية