معولة على “استسلام” السنوار قبل رمضان.. إسرائيل: خطابات نصر الله تحرق عباءته

حجم الخط
0

ألون بن دافيد

في آخر 20 أسبوعاً من الحرب، بات الجيش الإسرائيلي قريباً جداً من هزيمة حماس في القطاع. بات ذراع حماس العسكري ملقياً نازفاً على الأرض، بعد أن ضُرب بشدة في كل مكان التقى فيه بالجيش الإسرائيلي. مثل ملاكم في الجولة الأخيرة، بعد أن أسقط في كل الجولات السابقة، تتردد حماس فيما إذا كانت ستنهض لتتلقى ضربة قاضية مؤكدة، أم تلقي الورقة الأخيرة المتبقية لها إلى الحلبة: المخطوفين.

فقدت حماس القدرة العسكرية، والسيطرة المدنية. تنتشر في شمال القطاع، وكذا في أجزاء من جنوبه، ظواهر الجريمة، ويد حماس قصيرة على فرض القانون والنظام هناك. منذ الآن يجد رجالها صعوبة في تحقيق سيطرة على توريد الغذاء والوقود الذي تتيح إسرائيل إدخاله.

في الأيام القريبة القادمة، سيتعين على حماس أن تقرر إذا كانت ستتقدم نحو صفقة مخطوفين توقف القتال أم تخاطر بفقدان الكتائب الستة الأخيرة المتبقية لها – وتقاتل في أيام رمضان. هذا قرار ستتخذه قيادة حماس في غزة، التي بخلاف تقارير كثيرة في الأيام الأخيرة، حية، تؤدي مهامها، وعندما يجب عليها ذلك – تعرف كيف تتصل أيضاً. دائرة التأثير في الجيش الإسرائيلي تريد لقيادة حماس في الخارج مثلما لسكان غزة أيضاً، أن تؤمن بأن قيادة المنظمة في غزة لم تعد تدير مهامها، وهذا على ما يرام. هذا دورها. لكن الغريب أن أجزاء واسعة في وسائل الإعلام الإسرائيلية تشارك هي أيضاً في هذه الحملة.

إذا قرر السنوار بأن الوقت قد نضج للسير الآن إلى صفقة مخطوفين، فسيتطلب هذا قرارات صعبة في الجانب الإسرائيلي، عن تحرير مخربين وعن وقف القتال. من ناحية العملية العسكرية، يأتي هذا في وقت مريح نسبياً: من المتوقع أن ينهي الجيش الإسرائيلي قريباً عمليته القوية في خان يونس. إذا ما فرض عليه توقف، فمن الأفضل أن يأتي قبل عملية جديدة ويضطر لوقف القتال في خطوط أقل راحة.

حماس – ومثلها أيضاً حزب الله – ستسرها هدنة في أيام رمضان الذي سيبدأ في 11 آذار. وقد يستغل الجيش الإسرائيلي توقف القتال على أن يكون واضحاً بأن يعود ليطفئ كل جمرة مشتعلة تبقت في شعلة غزة، كي لا تبث فيها أي ريح لهيب حماس من جديد.

الجرس المنقذ

وبينما يتقدم القتال في الجنوب نحو حسم بالضربة القاضية، يحقق الجيش الإسرائيلي في الشمال حالياً تصدراً بالنقاط فقط. الطرفان، إسرائيل وحزب الله، اختارا حالياً ألا يصلا إلى حسم في هذه المعركة. حزب الله سجل إنجازاً مهماً في الأسبوع الأول، حين نجح في إخلاء كل خط المواجهة من سكانه، وينجح في تعزيز هذا الإنجاز، لكنه يدفع عليه ثمناً متزايداً.

لكن الخطابات الأخيرة للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، التي كانت قتالية على نحو خاص، عكست الضائقة التي هو فيها. فقد غاب عنها الاعتداد والتهكم اللذان ميزا خطاباته. فقد أكثر من الحديث عن الثمن الذي تجبيه الحرب من رجاله ومن سكان جنوب لبنان، وسمع كمن يتمنى سماع الجرس الذي ينقذه من مواصلة المعركة.

حتى الشهر الأخير تباهى بقدرته على إبقاء شمال إسرائيل فارغاً من سكانه بثمن كان محتملاً من ناحيته، لكن توسيع هجمات الجيش الإسرائيلي وقتل رجال مهمين لحزب الله بدأت تؤلمه وتغير المعادلة. في الشهر الماضي، صفي صهر نصر الله الحاج طويل، قائد قوة الرضوان ومن كان مرشحاً ليحل محل قائد جهاز العمليات في المنظمة، إبراهيم عقيل. كما تم تصفية كل قيادة القوات الخاصة في الرضوان هذا الشهر: علي الدبس، المسمى حيدر، قائد فوج القوات الخاصة وصهر عقيل، صفي في النبطية مع ضابط الأمن وضابط العمليات لديه.

يشعر نصر الله بأن النار بدأت تمسك بهوامش عباءته. الأشخاص الذين صفوا كانوا احتياطي القيادة في حزب الله، الجيل المرشح لاستبدال القيادات الشائخة في المنظمة. حتى أكتوبر كان عقيل، قائد جهاز العمليات، يعتبر أحد القادة اللامعين في حزب الله. هو ابن 65، نجا من محاولة اغتيال إسرائيلية في العام 2000 وقاتل ضدنا منذ أكثر من 30 سنة.

بعد أربعة أشهر من القتال، بدا مخفقاً في توفير النجاحات التي وعد بها: خلايا مضادات الدروع لديه باتت تستصعب المس بالجيش، بل تصاب هي بنفسها، والصواريخ التي يطلقها ليست دقيقة، ويسقط قسم منها في أراضي لبنان. وحتى الإيرانيون لا يخفون خيبة أملهم من أداء حزب الله حتى الآن. فقد توقعوا أداء أكثر نجاحاً وجرأة، فعلينا أن نفترض بأن تكون محاولات من حزب الله قريباً كي يثبت بأنه لا يزال يعرف كيف ينفذ حملة ناجحة من التسلل لإسرائيل أو اختطاف جندي.

لشدة الأسف، ينجح حزب الله في سفك دم إسرائيلي هنا وهناك. فالرشقة الفتاكة لقيادة المنطقة الشمالية والتي جبت حياة المجندة عومر ساره بنجو، نفذها رجال “أمل”. بعث حزب الله بمُسيرة غير ناجعة، نجحت في اختراق منظومات دفاعية وسقطت قرب بحيرة طبريا.

رداً على ذلك، قرر الجيش الإسرائيلي العمل ضد هدف نوعي لحزب الله في عمق لبنان، ودمر مخازن سلاح في صيدا. هذا نوع من الأهداف التي تحفظ للحرب الشاملة. هجوم على هدف كهذا في إطار مواجهة محدودة، يبعث على التردد: من جهة، يطلق رسالة قدرة استخبارية للعمل في عمق لبنان. من جهة أخرى كفيل بأن يدفع حزب الله لتوزيع مخازن ذخيرته بحيث يصعب ضربها في الحرب.

يصعب تقدير مدى استيعاب الرسالة، فقد حذر نصر الله هذا الأسبوع رجاله من استخدام الهاتف الخلوي. ويواصل إطلاق النار في إطار “قواعد اللعب” في المعركة المحدودة في الشمال، لكن كما أسلفنا، ينبغي الافتراض بأنه يخطط لمفاجآت.

ينضم إلى الإصابات الأليمة والإخفاقات العملياتية، ضغط سكان جنوب لبنان الذي بدأ يعطي مؤشراته. فالقرى المجاورة للحدود أخليت منذ بداية الحرب، لكن بدأت تخلى أيضا بلدات أكبر في الأسابيع الأخيرة، مثل بن جبيل والخيام. أكثر من 120 ألف لبناني تركوا بيوتهم حتى الآن، لكن لا توجد في هذا مواساة لأكثر من 80 ألف إسرائيلي يعيشون كلاجئين منذ أربعة أشهر.

إذا وصلنا إلى صفقة مخطوفين في غزة، قد تؤدي أيضاً إلى تسوية في لبنان تسمح لسكان الشمال بالعودة إلى بيوتهم. ستكون هذه تسوية لا تقدم سوى ضمانات جزئية ومؤقتة لأمنهم، لكن باستثناء وزير الدفاع يوآف غالنت، من الصعب أن نرى في القيادة الإسرائيلية التصميم اللازم لإزالة التهديد في الشمال بالقوة. إذا ما أنهينا معركة المناوشات في الشمال بدون حسم، سنعرف بأن المعركة الحقيقية لا تزال أمامنا.

 معاريف 23/2/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية