الثلاثاء الماضي في الساعة 18:41 نشر بنيامين نتنياهو فيلماً قصيراً، كان فيه مستعجلاً ومتباكياً، توسل فيه إلى إجراء حوار. في الساعة 19:42 نشر الليكود البيان التالي: “لبيد مستعد للتحدث مع مؤيدي الإرهاب، مستعد للجلوس معهم في الحكومة، مستعد لإعطاء ممتلكات قومية لـ”حزب الله”، لكنه غير مستعد للدخول في حوار معنا من أجل التوصل إلى اتفاق وطني واسع حول الإصلاح لتعزيز الديمقراطية. هذا سخيف!”. يقف على رأس الليكود نتنياهو آخر. الفجوة بين الدعوة للوحدة، والعودة إلى اتهام الطرف الثاني بالخيانة والإرهاب والخضوع لـ”حزب الله”، بلغت ساعة. “أريد مساعدتك”، قال اريئيل شارون لنتنياهو ذات مرة. “لكني لا أعرف إذا كنت سأصدق يدك اليمنى أم اليسرى”.
هذا ليس انفصاماً في الشخصية. يقف على رأس الليكود فعلياً نتنياهو آخر، هو يئير نتنياهو. التغريدات والردود لـ “الليكود” يصوغها طاقم صغير يتكون منه ومن بعض أصدقائه الذين يتم تشغيلهم كمستشارين إعلاميين. أشخاص لا يعرفون المحيط المجنون الموجود في حصن يعمل منه الآن رئيس الحكومة على تخريب إسرائيل. هذا هو نفس يئير الذي اتهم “الشاباك” في هذا الأسبوع، الذي يعتبر والده المسؤول عنه، بمحاولة القيام بانقلاب.
سارة في بريطانيا منذ أسبوع، سافرت في ظروف غامضة. لم يتقرر بعد موعد عودتها. الابن العاقل، افنر، هرب إلى هناك لدراسة اللقب الثاني، كما هي العادة في أوساط عائلات إسرائيل الثانية. ليس عبثاً أن طلب الزوجان نتنياهو من الدولة مضاعفة ميزانية الماكياج وتصفيف الشعر والملابس لهما، إضافة إلى تحويل شقة بملكية الدولة إلى صالون تجميل خاص: نحن بحاجة إلى كثير من الوحل لتغطية الحقيقة.
الحقيقة أن نتنياهو في حالة ذعر: الشيكل يهبط، والتضخم يرتفع، والفائدة ترتفع، ورؤوس الأموال تهرب، والاستثمارات تتوقف، والجمهور يخرج إلى الشوارع وإلى المفترقات حيث المليشيات المضادة تتكون من حفنة تحمل لافتات مكتوباً عليها “يساريون خونة”، أو إرهابيون يهود من حركة كاخ يلصقون لافتات تحذيرية على باب مقهى مغلق في “كفار سابا”.
إعادة تبني العلم الوطني في المظاهرات تخرج الأبواق والمساعدين عن أطوارهم. والاستطلاعات تظهر بأن نسبة كبيرة من مصوتي الليكود غير معنيين بفرض الانقلاب. في القريب، سيشعرون بالثقب الموجود في جيوبهم. التوسل الفارغ لـ “الحوار” استهدف أذنهم، وبالطبع استهدف الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وقوى السوق التي تنظر بدهشة إلى الهستيريا وتستخلص الدروس.
سيأتي شهر رمضان حاملاً خطر الاشتعال. إسرائيل في بداية أزمة قانونية واقتصادية وأمنية. وإسحق هيرتسوغ يستمر في محاولة ترتيب شرعية لنتنياهو؛ ثورة مخملية. في هذا الأسبوع، يشعر “بالحزن”. الرئيس الذي التفوا عليه يشعر بالإهانة والغضب. وهذا ما يشعر به الجمهور الإسرائيلي الذي هب للدفاع بجسده عن الديمقراطية. لقد حان الوقت للمعارضة البرلمانية في الكنيست بجميع أعضائها أن تكون إلى جانبهم. لا حاجة للصدمة من كل مناورة، والأخبار الكاذبة من تالي غوتلب وعميت سيغل، يكفي أن تسقط مثل غبي في مصائد نصبت لك قبل تصويت مصيري. كفى للصور المبتسمة مع نتنياهو، كفى للعناق مع كرعي والانفجار بالضحك مع لفين. لا يجب أن تمزح الضحية مع الجلاد.
عليهم أخذ الإلهام والمثال من المستوى المهني والعملي. المستشارة القانونية للحكومة ورجالها يظهرون صموداً مثالياً أمام الهجمات والتهديدات لهذه المافيا. المفتش العام للشرطة وقيادته العليا يرفضون التأثر من وزير شؤون الأرغفة والحمامات. لا حاجة للاستقالات، بالعكس، هذا ما يأمله الطرف الثاني.
غداة دعوة نتنياهو إلى “الحوار هنا والآن” واصل قطار التشريع السفر الحثيث نحو الانقلاب: فقرة الاستقواء، تسويغ درعي، تحييد جهاز التحقيق مع رجال الشرطة، قانون استخدام الخميرة، توسيع صلاحيات المحاكم الحاخامية. في موازاة ذلك، أي في الوقت الذي يختنق فيه شعب إسرائيل من فوائد القروض السكنية، ها هي اللجنة المالية تجتمع. جدول الأعمال: المصادقة لعائلة نتنياهو على تمويل كامل لمنزلين خاصين وتغطية رحلات سارة إلى الخارج ومضاعفة ميزانية الماكياج والملابس. لقد تم إعلان الحرب علينا، ومن يمد يده لهؤلاء الأشخاص يعتبر مجرم حرب.
بقلم: أوري مسغاف
هآرتس 23/2/2023
آخر مسمار سيدق في نعش آل صهيون، ??