لم يتكبد أحد حتى الآن عناء شرح سبب عدم اطلاعنا على اعتبارات وزراء الحكومة في فترة كورونا، إلا بعد 30 سنة. فالمادة 35 من القانون الأساس للحكومة يقضي بأنه يمكن بسط الحصانة حين يدور الحديث عن شؤون تتعلق بأمن الحكومة وعلاقاتها الخارجية. ولكن القرار بفرض الحصانة على المعلومات التي جاءت كجزء من مكافحة كورونا لا يتعلق بأمن الدولة أو بعلاقاتها الخارجية. ولهذا يثور اشتباه أن يكون ما قرروه لنا لم يكن وفق شفافية كاملة، وثمة من وجدوا من الصواب أن يخفوا الأسباب الحقيقية عن ناظر الجمهور.
إن حركة حرية المعلومات التي تخوض كفاحاً شجاعاً ضد هذا القرار الغريب تشير في توجهها إلى سكرتير الحكومة بأن المادة 10 من قانون حرية المعلومات اعترفت بأهمية المعلومات المتعلقة بصحة الجمهور، وقضى بأن اعتبارات الحفاظ على صحة الجمهور تشكل وزناً في صالح تسليم معلومات عامة حتى لو كانت هناك مصالح ينبغي إعطاء وزن فيها ضد تسليم المعلومات.
في دول أخرى مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان، التي كافحت فيها بنجاح ضد الفيروس، وضع مقررو السياسة خطاً من الشفافية القصوى ضمن الثقة والتعاون. وأدى النشر إلى أن المعلومات المصداقة غير المراقبة قللت الحاجة بالاعتماد على أنباء تبينت غير مصداقة.
في توجه أرسل إلى القائم بأعمال مدير عام ديوان رئيس الوزراء من مجموعة محامين ومحافل مؤيدة لشفافية المعلومات ومعارضة للصلاحيات الشاذة التي أعطيت للحكومة، أشير إلى الأهمية الكبيرة في نشر المعلومات المتعلقة بتفعيل الصلاحيات الشاذة في فترة الوباء. والمقصود مثلاً التبليغ عن مواضع الخلل في المنظومات المختلفة، بما في ذلك تطبيق “همغين”، الذي طورته وزارة الصحة. ومن يؤيدون شفافية المعلومات يطالبون الحكومة بأن تبلغ الجمهور بمبادرتها عن مواضع خلل وقعت وعن مصدرها. وبالتوازي، فإن الحكومة مطالبة بالتبليغ عن حجم الاستخدام الذي قامت به المخابرات لمعطيات التعقب، وعن جودة المنفعة التي أدى إليها استخدام معطيات التعقب التي يرى فيها كثيرون تجاوزاً لخط أحمر ومساً بالديمقراطية.
منذ نشوب الوباء غيّر العالم وجهه، ونشعر بهذا التغيير جيداً في الساحة السياسية في إسرائيل أيضاً، حين تتهم الحكومة بأنها تتصرف بشكل سياسي حزبي. وثمة من لا ينسون الانتقاد الشديد الذي وجه للحكومة عندما تبين ان بعضاً من كبار رجالات الصحة، بمن فيهم المدير العام السابق موشيه بار سيمان توف والبروفيسورة سيغال سيدسكي رئيسة خدمات الصحة العامة، فضلوا اعتزال مناصبهم بعد أن فهموا بأن المسؤولية والصلاحيات لا تسيران معاً. ولم توفر البروفيسورة سيدسكي النقد عن وزير الصحة يولي ادلشتاين، وقالت إنه أدى إلى فتح الاقتصاد بخلاف موقفها. كما أن البروفيسور ايتمار غروتو أعلن بأن في نيته ترك السفينة الغارقة، إلى جانب مسؤولين آخرين سبق أن تركا رغم أنه تقرر حالياً تأخير اعتزاله.
ما الذي لا يخفيه عنا السياسيون الذين يديرون الوباء؟ هل يزعجهم مثلاً أن نعرف من يقف خلف سلم أولويات وزارة الصحة حين يقرر بوجوب البدء بتطعيم طواقم التعليم الخاص في حين لم يطعم كل موظفي التعليم في إسرائيل؟ هل يريدوننا البقاء في ركن يجهل سبب التسهيلات التي كانت في الوسط العربي والأصولي، حيث معدل الإصابة يزداد؟ وهل ثمة صلة في ذلك بحملة الانتخابات القادمة؟
وسؤال الأسئلة: من هو وزير الصحة الحقيقي الذي يدعي الكثيرون، رغم السرية التي فرضت على بروتوكولات مداولات كورونا؟ إنه الحاخام حاييم كاينبسكي ابن الـ 93 من زعماء الجمهور الأصولي الليتواني، والذي تتقرر الأمور بناء على موقفه منذ بدء كورونا. عندما تفتح البروتوكولات بعد 30 سنة، لا شك عندي بأن من سيقرأها سيجد صعوبة في تصديق كيف تحول الوباء الصحي إلى وباء سياسي.
بقلم: موشيه نيستلبوم
معاريف 11/1/2021