مع ترقب قرار خامنئي واستعداداً لـ “رقصة النار” من الشمال.. غالانت من حدود غزة: “دخلنا حرب اللا مفر”

حجم الخط
0

كلما اقترب موعد الحملة البرية، يؤشر “حزب الله” لإسرائيل – وهو يفعل هذا بالنار وليس بالدبلوماسية، بأنه مستعد لتعميق التحدي الذي يقف أمامه الجيش الإسرائيلي في الجبهة الشمالية. السؤال الكبير الذي لا جواب عليه حتى الآن هو: كم سيسير الأمين العام للمنظمة في مساعي التصعيد؟ يشخص الجيش -حتى قبل التصعيد – تغييراً في ثقة نصر الله بذاته، الذي رغم خطئه الجسيم في 2006 يستمد التشجيع من نجاح ضربة حماس.

الذي لا يقل أهمية عن ذلك هو ما تقرره طهران. في النهاية، مع كل التصدر لحسن نصر الله في عهد ما بعد تصفية قاسم سليماني، فالإيرانيين هم الذين بنوا “حزب الله”، كضربة ثانية إذا ما هاجمت إسرائيل منشآت النووي. وكما تعلمنا بالطريقة الأصعب، فإن حماس هي التي أخذت الصدارة، وعليه فإن تفعيل “حزب الله” كأمر ناشئ عنها فقط هو قرار دراماتيكي، وبالتأكيد بعد التحذيرات الصريحة من رئيس الولايات المتحدة بالنسبة لآثار انضمام كامل لـ”حزب الله” وإيران.

رقصة النار والرد تواصلت أمس بقوة أكبر: أطلق من لبنان 30 صاروخاً نحو الشمال، وهو أكبر عدد منذ بداية الحرب. تحملت حماس المسؤولية عن قسم من النار، رغم أن كل طرف يعرف أنه لا يمكن لعملية كهذه أن تتم دون إذن “حزب الله”. عملياً، تقسيم العمل بين المنظمتين هو أن يطلق “حزب الله” صواريخ مضادات الدروع ضد أهداف عسكرية، بينما تسمح حماس لنفسها بمحاولة المس بالسكان المدنيين. الأنباء الطيبة من ناحيتنا – ونحن بحاجة إليها كهواء التنفس – هي أن الجيش الإسرائيلي اليوم في مستوى التأهب الأعلى: القوات في النظامي والاحتياط تنتشر حتى الحد الأقصى، وسلاح الجو في تأهب أعلى إلى جانب منظومات الدفاع الجوي. وخصصت هيئة الأركان احتياطات خاصة لقيادة الشمال.

للجبهة الشمالية علاقة مباشرة ووثيقة مع ما لا يزال يعتبر الجهد الأساس – قطاع غزة، حيث تنتظر القوات -وهذه عبارة دون مستوى التعبير – الأمر المنشود الذي سيأتي من القيادة السياسية، وفقاً للخطط التي أقرتها قيادة المنطقة الجنوبية. أمس، وصل وزير الدفاع إلى إحدى مناطق الدخول، وقال أمرين مهمين: الأول هو “أنا مسؤول عن جهاز الأمن حتى في الأحداث القاسية في الأسبوعين الأخيرين”، وهكذا أصبح يوآف غالنت السياسي الأعلى والأول في سلسلة المسؤولين عن الأمن القومي الذي أخذ المسؤولية عن النتائج الصادمة للهجوم المفاجئ.

الأمر الثاني الناشئ عن أقوال غالنت كان رفع المستوى قبيل ما هو متوقع في القطاع: “نحن في حرب اللا مفر”، قال غالانت. “قبل نحو أسبوعين، هاجم مخربون وقتلوا الأهالي، الأطفال، النساء والأصدقاء. دولة إسرائيل ستمحو منظمة حماس. لن تكون معركة سهلة، ولن تستمر يوماً ويومين، بل ستستغرق زمناً”.

من يفترض أن يترجم التصريحات إلى أفعال هو قائد المنطقة الجنوبية، يرون فينكلمان؛ فهو يعرف أنه يتحمل أيضاً المسؤولية عن الفشل الذي أدى إلى الهجوم المفاجئ، لكن كل من لديه هذه الأيام – من هيئة الأركان عبر رجال الاحتياط وكذا مرؤوسيه – يأخذ انطباعاً جيداً من أدائه المهني ورباطة جأشه. لكن هذا لا ينظفه، ويخيل أنه ليس لديه توقع لذلك، لكن من المهم جداً أن يعرف الجمهور بأن من يقود المعركة أهل ومصمم على الانتصار فيها. “فرضت علينا حرب مفاجئة مع عدو وحشي، ضربنا ضربة شديدة”، قال فينكلمان أمس. أوقفناه، صددناه، ونحن نهاجمه هجوماً شديداً. هذه المناورة ستنقل الحرب الآن إلى أراضيه، سننتصر عليه في أراضيه. سيكون هذا قاسياً، طويلاً، مكثفاً. أفضل قادة الجيش هنا، أفضل مقاتلي الجيش هنا، القيادات الأفضل عندنا، القوات الأفضل لدينا، أنتم”.

وبين الشمال والجنوب من الجدير فتح العين نحو جبهة “يهودا والسامرة”، التي تسخن كما كان متوقعاً، أو في واقع الأمر تعود رويداً رويداً إلى الوضع الإشكالي الذي ساد هناك قبل 7 أكتوبر، حين كانت هي الجبهة التي تشغل القيادة السياسية والعسكرية أكثر من غيرها. في الليلة السابقة، تم اعتقال أكثر من 80 مطلوباً في أرجاء الضفة، بينهم مسؤول حماس الكبير في رام الله، حسن يوسف. ووفقاً للناطق العسكري، منذ بداية الحرب اعتقل 523 مطلوباً في أرجاء فرقة “يهودا والسامرة” ولواء “الغور والسهول 330″، منهم ينتمون لحماس. كما صودرت في المنطقة أكثر من 50 قطعة سلاح.

يقدر الجيش الإسرائيلي أنه منذ نشوب الحرب، قتل بضع عشرات من الفلسطينيين المسلحين في هذه الجبهة، بينهم ستة مخربين صُفّوا في طولكرم في عملية معقدة ومركبة قام بها المستعربون من حرس الحدود الذين تعرضوا لعبوات ناسفة. في هذا الحدث، لشدة الأسف، هناك قتيل في صفوفنا أيضاً، الرائد مكسيم رجنيكوف إلى جانب تسعة جرحى بإصابات طفيفة. كما شاركت في العملية مُسيّرات، وهو مشهد شاذ حتى وقت أخير مضى، لكن مثلما يفهم كل الشرق الأوسط: في هذه الأيام الصعبة، تكتب كل القواعد الآن من جديد، وغير المتوقع أمس هو مفهوم من تلقاء ذاته غداً، مثلما تشهد القصة التالية التي تقشعر لها الأبدان: رئيس شعبة القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي، اللواء ينيف عاشور، زار أمس غرفة حرب قسم المصابين حيث يجري نشاط مكثف ومهم لا مثيل له بإدارة ضابطات احتياط يقضين الليل مع النهار لمعالجة حدث لم يشهد الجيش الإسرائيلي مثيلاً له منذ خمسين سنة.

يتبين أن اللواء عاشور طلب قبل بضعة أشهر تنفيذ مناورة تمثل أربعين جنازة عسكرية في اليوم. كان هناك من ظن أنه جن: متى اضطررنا لدفن هذا العدد الكبير من الجنود؟ هذا الأسبوع، في يوم واحد، دفن 80 جندياً من الجيش الإسرائيلي.

يوسي يهوشع

يديعوت أحرونوت 20/10/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية