جرائم العنف ـ على وجه العموم ـ تعد من أبشع الجرائم التي يمكن اقترافها في حق البشر على اختلاف ألوانهم وأجناسهم، لكن أبشع الجرائم على الإطلاق هي تلك التي يكون الاغتصاب فيها هو العنصر الأساسي، ثم يتم اختتامها بعملية قتل واع، الغرض منه ليس فقط طمس الجريمة السابقة، ولكن أيضاً فرض ضرب من ضروب الهيمنة العنيفة، على نفس بشرية تم انتهاكها بلا رحمة أو شفقة.
والغريب، أن الاغتصاب الجسدي الذي يردفه قتل مع سبق الإصرار والترصد، لا يمكن أن يصل لمدى بشاعة انتهاك أكثر المناطق خصوصية لدى البشر أجمعين، ألا وهو: العقل. ففي هذه الحالة، يتم الزج بمجموعة من الأفكار داخل عقل أحدهم قسرياً، حتى يتبعها دون وعي. والأغرب من هذا، أن الشخص المكلوم لا يجد ملجأ أو ملاذا له – في نهاية المطاف- سوى الجاني، فنجده يتبعه بخوف وخنوع، بدون حتى أن يعي لماذا يفعل ذلك، وفي الوقت نفسه لا يستطيع الاستغناء عنه، أو التمرد عليه. والاسم الدارج لهذا الانتهاك المريع هو «غسيل المخ» Brainwashing.
فعند بدء غسيل المخ البشري ـ بالتأكيد من خلال حيل نفسية – يتم محو ما يوجد به من أفكار وثوابت، سواء أكانت تختص بفكرة بعينها، أو محو ما يحمله هذا العقل من أفكار وثوابت، على الإطلاق. وتعد تلك مرحلة الاغتصاب، التي يتحول فيها العقل البشري كلوح إردواز نقي لم يسطّر عليه حرف Tabula Rasa. وعند بلوغ تلك المرحلة، تبدأ عملية القتل الممنهج – أو القتل مع سبق الإصرار والترصد. وللقتل أنواع عدة، فإما يتمثل في شكل «سيطرة على الأفكار»، أو «هيمنة على العقل» بأكمله، لتوجيه الشخص الذي تم غسل مخه لفعل أشياء محددة، تبعاً لرغبه من قام بزرع تلك الأفكار في داخله. وتسمى أيضاً عملية البرمجة تلك «بالاقناع القسري». أما عندما تنال من الإنسان وتجعله حتى غير قادر على التصرف، تسمى حرفيا بـ«الفتك بالعقل»، التي أيضاً تتم ترجمتها تحت مسمى «غسيل المخ»، بدون النظر للفرق بين المسميين.
وقد ظهر مصطلح «غسيل المخ» – على وجه العموم ـ في خمسينيات القرن الماضي لتفسير عدة ظواهر بدت غريبة، مثل نجاح الصين في كسب تأييد شعبي كامل عند تحولها للشيوعية، ويضاهي ذلك كيف اكتسحت المبادئ النازية عقول الشعب الألماني المستنير. أضف إلى ذلك، وجود بعض ممارسات يجدها كل من يشاهدها غريبة وشاذة، لكن المنغمسين فيها يجدونها عين الصواب، مثل ما يحدث من أفعال شاذة في التجمعات الطائفية Cults، عندما يتم إقناع المنتمين إليها بالقيام بعدة جرائم، وكذلك ينطبق الحال على اقناع البعض على احتراف البغاء، أو الاتجار بالبشر.
ومن الجدير بالذكر أنه في سبعينيات القرن الماضي، تم اختطاف فتاة تنتمي لإحدى العائلات الثرية في الولايات المتحدة من قبل إحدى الطوائف الاجتماعية. وكان الغريب هو القبض عليها بعد عام من اختطافها وهي تمارس السرقة بمحض إرادتها، وتبرر فعلتها بأنها شئ مشروع، بالتأكيد جاء التبرير وفقاً لتعاليم الطائفة التي صارت تنتمي لها وتقدسها بعد خطفها.
فكل شركة تحاول بشتى الوسائل إقناع أكبر عدد بشراء منتجاتها، من خلال تسليط الضوء على مزايا المنتج، وكأنه خال من العيوب. وقد يندهش المرء عند ملاحظة انحياز المستهلك لمنتج ما دون غيره، على الرغم من وجود سلع أخرى بديلة له تماثل خواصه.
وكان أول ظهور للمصطلح في الصين لوصف عملية الاقناع القسري Coercive Persuasion التي تستخدمه حكومة ماو تسي تونغ، لإقناع من تمت تسميتهم «بالرجعيين» ـ نظراً لأنهم يعارضون تحويل الصين لدولة شيوعية ـ لاعتناق مبادئ الفكر القويم. وقد تم دس منظومة الأفكار الجديدة من وجهة نظر دينية من خلال الطقس الديني المستخدم لغسل وتطهير الروح والقلب قبل الاشتراك في الطقوس الدينية أو الاحتفالات. وقد بلغ الأمر من القوة للسيطرة على العقول والأفكار، أن العديد من الجنود الأمريكيين من أسرى الحرب أثناء الحرب الأمريكية – الكورية (1950-1953) تعاونوا مع جانب العدو من الكوريين، وأعطوهم وصفاً تفصيلياً للأهداف الأمريكية، أضف إلى ذلك، صاروا يتعاطفون وينحازون للجانب الكوري.
وبدون شك، لم تترك الجهات البحثية هذا الموضوع ليمر ببساطة، بدون الاستفادة منه، فقد استعملته أجهزة الاستخبارات لتجنيد عملائها، ولبث مواد، سواء أكانت مكتوبة أو مرئية موجهة للشعب، تعمل على السيطرة على مسار الأفكار لديه، لتحويله لتأييد ما ترغب تحقيقه من أهداف اجتماعية وسياسية. وتسمى تلك الممارسة بـ«التقويم» Reform أو «إعادة التعليم»Re-Education. وعلى هذا، صارت حياتنا تعج بأمثال كثيرة لغسيل المخ، سواء عن طريق الإقناع القسري، أو إعادة التعليم، أو التقويم، وجميع هؤلاء يصبون في بوتقة الإقناع القسري. وعلى الرغم من أن غسيل المخ يعد من أبشع الجرائم، لكنه صار ممارسة شائعة نراها في الإعلانات المرئية، والمسموعة، والمصورة، لبث أفكار بعينها في عقول جمهور المشاهدين. فكل شركة تحاول بشتى الوسائل إقناع أكبر عدد بشراء منتجاتها، من خلال تسليط الضوء على مزايا المنتج، وكأنه خال من العيوب. وقد يندهش المرء عند ملاحظة انحياز المستهلك لمنتج ما دون غيره، على الرغم من وجود سلع أخرى بديلة له تماثل خواصه. وبالطريقة نفسها، ولكن بطريقة إيجابية – يتم تقويم المساجين حتى يعدلوا عن تكرار جرائمهم، وكذلك هو الحال بالنسبة للشعوب. فانتشار الأفكار التي تحض على الإصلاح، ونبذ العنف والجرائم، تكون من خلال عملية محو للأفكار السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية. فلا عجب عندما نرى شعوباً غربية تسير وفق نسق تنظيمي يحض على الاجتهاد والسماحة، ويتم ذلك من خلال إعادة تأهيل العقول وفق منظومة من الإصلاح، وإعادة التعليم، e-Education نسق تنظيمي يحض على الاجتهاد والسماحة، ويتم ذلك من خلال إعادة تأهيل العقول وفق منظومة من الاصلاح ةاً عال شاذة في النبذ العادات السيئة، ويكون ذلك من خلال نشر مواد مصورة ومكتوبة وتسجيلية، وروائية في كل مكان. وأبلغ دليل على ذلك ما يتم نشره حالياً من مواد لنبذ العادات السيئة، في المأكل والمشرب، والحض على النحافة والرشاقة وممارسة الرياضة، وتناول الأكل الصحي حتى لا يصاب الأفراد بالسمنة التي تؤدي للإصابة بالأمراض.
لقد صار «غسيل المخ» هو الأساس حالياً في حكم الشعوب، فاستخدامه في حالة الحرب بين طرفين متقاتلين، لم يعد هو الهدف الأسمى. لكن المخيف في الأمر، قد يتحـــول غسيل المـــــخ الإيجــــابي إلى سلاح فتاك يحول البشر إلى أنماط، ومنها إلى آلات من لحم ودم. وتصير السيطرة على المسار النفسي Psychic Drive وسيلة لإفراغ البشر من ذاتهم الإنسانية، التي ـ بالتالي – تمنع التفكير والإبداع، لأنه يتم محو القدرة على التخييل. الموضوع غاية في التشابك، فالحد الفاصل بين الكمال والفناء في طريقه للتلاشي.
٭ كاتبة من مصر
بالتوفيق
الأمر مازال مستمراً يا أستاذة! فالشعب الأمريكي تعرض لغسيل مخ من ترامب, وكذلك الشعب المصري من السيسي!! ولا حول ولا قوة الا بالله
عنوان خطير (مع سبق الإصرار) وتفاصيل أخطر عن غسيل الدماغ، أو الاقناع القسري، أو البرمجة اللغوية العصبية، الذي ثبت فشله في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتحديد إمارة دبي عام 2008 كنظام رأسمالي، كما هو حال فشله في مصر عام 1967 كنظام اشتراكي، على أرض الواقع، في دولنا العربية،
من درس برمجة الآلة، مثلي في جامعة الملك عبد العزيز في جدة ورقم تسجيلي فيها هو 808033، يعلم أن في علم البرمجة اللغوية، هناك نوعان:
الأول لبرمجة الإنسان ليعمل عمل الآلة (النظام البيروقراطي)،
الثاني لبرمجة الآلة، لتعمل عمل الإنسان (الروبوت)،
دولة الإمارات العربية المتحدة، موّلت، وصرفت الكثير على الإدارة والحوكمة للحكومة الرقمية (الإليكترونية)،
وهناك مؤتمر قمة الحكومات دوري (سنوي)، ويتم تكريم كل مسؤول، يعمل على تطويع الآلة من أجل زيادة الإيرادات السنوية للدولة، في أجواء العولمة والإقتصاد الرقمي الإليكتروني،
في عام 2016، قامت دولة الإمارات العربية المتحدة، بتعيين أول رجل أمن (روبوت)، وتعيين أول طبيب (روبوت)، وفي التسابق معها في دول مجلس التعاون في الخليج العربي، قامت السعودية في عام 2017 عند تقديم مشروع نيوم، بتجنيس أول روبوت (كمواطن)،
وفي عام 2018، تم تكريم رئيس وزراء الهند (مودي)، بحجة أنه استطاع إثبات أنه أكثر خباثة، من أخبث رجل أعمال في القطاع الخاص، من خلال إصدار عملة نقدية جديدة،
لا يتم تغيير ما لديك إليها، بدون فتح حساب مصرفي، وتسجيل كل ما لديك من أموال في حسابك المصرفي،
وفي تلك الحالة، لن يستطيع أحد أن يتهرّب من دفع الضرائب والرسوم والجمارك، على ما موجود في حسابه المصرفي؟!
فهذه طريقة تفكير عقلية الجباية أولاً، أو المال أولاً، أو خمس آل البيت أولاً، دون إلتزام بتقديم أي شيء مقابل ذلك، للإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمُنتجات الإنسانية،
ومن هذه الزاوية تفهم سر هروب أصحاب العقول والأموال المُنتجة، حتى من ألمانيا الديمقراطية وبقية دول المعسكر الإشتراكي، والتي أدت إلى انهيار كل دول المعسكر الإشتراكي بعد عام 1989،
ولذلك الصين بعد موت (ماو تسي تونغ)، بدأت تبحث عن حلول، وخرجت بمفهوم جديد (بمعاونة بروفيسور عراقي (د گورگيس)) دولة بنظامين نجح في الاستمرار إلى 1/7/2019 وهو تاريخ، اقتحام مجلس النواب الديمقراطي في هونغ كونغ، سبحان الله.